اقتصاد

الوضع النفطي للعراق في 2007

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

وليد خدوري
تبقى معلومات الإنتاج والريع المالي في معظم الأقطار المصدرة للنفط غير علنية، ومن الصعب جداً، بل من المستحيل، ان يحصل عليها المواطن، بل حتى أعضاء المجالس النيابية في الكثير من الدول، على رغم أهميتها ودلالاتها.

وصدر الأسبوع الماضي ملخص التقرير السنوي للمجلس الدولي للمشورة والرقابة في العراق، وهو الجهة التي حصلت على صلاحية دولية (قرار مجلس الأمن الرقم 1483) لمراقبة إنتاج النفط العراقي وصادراته ووارداته بعد الاحتلال عام 2003. ويتكون من ممثلين عن الأمين العام للأمم المتحدة والبنك الدولي والصندوق العربي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية. وعيّن مكتب المحاسبة "إرنست أند يونغ" لمراجعة أرقام صناعة النفط العراقية وأدائها. وفُتحت أوراق وزارتي المال والنفط وملفاتهما أمام المكتب، لذلك تُعتبر أرقامه واستنتاجاته اشمل وأدق ما هو متوافر لدينا عن صناعة النفط العراقية منذ العام 2003. لكن على رغم الصلاحيات التي يتمتع بها المجلس، تبقى أمور كثيرة في هذه الصناعة الإستراتيجية والحيوية غامضة وغير دقيقة.

يفيد التقرير أن مجموع ريع العراق من صادرات النفط الخام عام 2007 بلغ نحو 35.883 بليون دولار، مقارنة بنحو 28.311 بليون دولار عام 2006. وبلغ معدل إنتاج النفط الخام نحو 713.594 مليون برميل خلال عام 2007، مقارنة بنحو 713.595 مليون برميل عام 2006 (نحو 1.956 مليون برميل يومياً خلال العامين المذكورين، وهو طبعا أقل بكثير من معدلات الإنتاج في السنوات الأخيرة من النظام السابق، على رغم الحصار الدولي المفروض على العراق عندئذ). ويُقال الشيء ذاته بالنسبة إلى معدلات صادرات النفط الخام، إذ لا توجد أي زيادة أو نقصان، فقد استمر معدل التصدير على المستوى ذاته خلال العامين المذكورين، والرقم الوارد في التقرير لصادرات النفط الخام في كل من عامي 2006 و2007 هو 550.986 مليون برميل (ما معدله 1.51 مليون برميل يومياً).

وهذا يعني ان العراق لم يستطع الاستفادة من الزيادة الكبيرة في الأسعار خلال هذين العامين، واضطر إلى ان يبقي على هذا المستوى المنخفض من التصدير على رغم توافر الطاقات الإضافية لديه، إذا قارناها بفترة ما قبل الاحتلال. ولم يتطرق التقرير إلى الجهات التي يُصدر النفط الخام إليها، والكمية التي تُصدر إلى كل جهة، والمعطيات المتبناة في المعادلات السعرية الشهرية، على رغم ان هذه الأمور معروفة وعلنية، وتُتداول في النشرات النفطية المتخصصة.

وأشار التقرير إلى الكثير من المخالفات المحاسبية في طريقة إيداع الريع النفطي، ما بين هذا الحساب أو ذاك ضمن مؤسسات الحكومة العراقية. لكن الملفت، وغير المفهوم، هو استمرار إخفاق السلطات المسؤولة في تركيب أجهزة للقياس في الحقول أو في منشآت التصدير، على رغم اقتراح المجلس على الحكومة العراقية في آذار (مارس) 2004 بهذا الخصوص، لكي يتم التأكد من كمية النفط الذي يُنتج من كل حقل، ناهيك عن حجم الريع الذي تجنيه الدولة من خلال التصدير. وهذا تقصير كبير ويؤدي إلى الكثير من التساؤلات.

فمن دون معرفة دقيقة لكمية النفط الذي يُنتج ويُصدر، لا يمكن تحقيق معرفة دقيقة عن دخل العراق المالي من النفط، علماً ان القضية تتضمن بلايين الدولارات سنوياً. فلماذا التأخير في تركيب معدات القياس في الحقول وفي منشآت التصدير؟ ويضيف التقرير ما يلي: "اقترح المجلس في آذار 2004 الإسراع في تركيب أكبر عدد ممكن من معدات القياس، بحسب النظم المتبعة والمعروفة في الصناعة النفطية العالمية. وبينما نجد ان الحكومة العراقية تدعم تركيب معدات القياس هذه، فإن تنفيذ هذا الاقتراح يتسم بالبطء الشديد. ورُكب بعض معدات القياس في بعض منشآت التصدير، ولا تزال هذه المعدات مفقودة في الحقول النفطية. ومن ثم، فإن غياب نظام شامل ومتكامل لقياس الإنتاج سيبقي على فروق واختلافات بشأن معدلات الإنتاج والتصدير والاستعمال الداخلي".

والتقرير هو محاسبي في نهاية المطاف، أي أنه لا يتطرق إلى الأمور الأساسية التي يواجهها قطاع النفط في العراق، مثل مراحل المفاوضات مع الشركات النفطية العالمية التي تهدف إلى الاستثمار في الحقول العراقية وطبيعتها، وأسباب هجرة أعداد كبيرة من الكادر المهني النفطي إلى الخارج، ناهيك عن تأثير الأزمة الأمنية في الطاقة الإنتاجية العراقية بسبب أعمال الإرهاب والتخريب للمنشآت النفطية وتعرض أعداد كبيرة من المسؤولين للخطف والاغتيال، ومدى الخسارة التي تلحق بالعراق نتيجة عمليات التهريب، والتي قدرتها مصادر عراقية وأميركية بنحو 10 ملايين دولار يومياً.

وفي النهاية، لا يمكن إلا ان ننوه بأهمية هذا النوع من التقارير وخطورتها. فمنذ سنوات ودول منظمة "أوبك" تحاول ان تحصل على معلومات دقيقة لمعدلات الإنتاج والتصدير في الدول الأعضاء. ويجب ان نعترف ان المنظمة أخفقت في تبني برنامج عملي ذي صدقية يمكن ان يؤمّن للأمانة العامة المعلومات اللازمة التي تساعدها في عملها. الآن، ومع الأسف الشديد، اضطر العراق الذي كان يحافظ على سرية تامة لمعلوماته هذه، إلى الإفشاء عنها، من خلال الاحتلال الأجنبي.


* كاتب متخصص في شؤون الطاقة

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف