اقتصاد

ثقافة الإدارة التنفيذية.. مشكلة الخطوط السعودية

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

عبدالرحمن بن ناصر الخريف
على الرغم مما ينشر بصحفنا عن شكاوى المسافرين على الخطوط السعودية وتنوعها ما بين التأخير والإلغاء ومستوى التعامل مع العملاء، إلا انه من المؤكد أن تلك الشكاوى - في حال الاهتمام بها - يتم التعامل معها كحالات فردية واستثنائية لبحث مصداقية حدوثها وليس لتعويض المتضرر او رد اعتباره! وهذا بالتأكيد سبب رئيس في استمرار الشكوى من مشاكل أصابت المسئولين بالخطوط بحالة من التبلد تجاهها، بل ان ذلك تسبب في عدم وصول حقيقة ما يحدث للإدارات العليا بالمؤسسة ومن جهة مختصة بتقييم الخدمة لتحديد أوجه القصور حتى تصبح القرارات التي تتخذ لتحسين وضع المؤسسة المالي والخدمي ذا جدوى وفعالية! فالواضح أن المشكلة الأساسية تتمثل في عدم تحليل الشكاوى والمشاكل التي تواجهها بشفافية عالية للتعرف على أسبابها لضمان عدم تكرارها!


إنني أريد أن أتوقف عند موقفين حدثا خلال الأسبوع الماضي لفهم الفكر الإداري الذي يسير الإدارات التنفيذية للخطوط السعودية وهو الفكر او الإدارة الحكومية لقطاع يعمل تجاريا! فمؤسسة الخطوط السعودية تعتبر مؤسسة تجارية اعتمدت الدولة لها نظاماً محاسبياً على أساس تجاري، إلا أن خطوطنا العزيزة مازالت تشعرنا بقراراتها وتعامل إداراتها التنفيذية وموظفيها بأنها تقدم خدماتها لنا مجانا! وانه يجب أن نرضى بأي مستوى حتى وان كنا قد دفعنا قيمة تلك الخدمة مقدما وبأسعار عالية! فالتوازن بين مشترٍ ومقدم الخدمة يمثل مطلباً أساسياً في أي عمل تجاري، إلا أن الوضع مع خطوطنا يختلف تماما، فإذا ركزنا على عبارات التهديد التي أطلقها مدير عام المؤسسة قبل أيام بفرض غرامات مالية على المتخلفين عن السفر لعدم إبلاغ الخطوط بإلغاء حجوزاتهم وان ذلك تسبب في حرمان ركاب آخرين من السفر وألحق بالمؤسسة خسائر فادحة! سنجد أن هذا الإجراء يهدف الى رفع مستوى الوعي بأهمية الإبلاغ عن إلغاء الحجز لإتاحة الفرصة للغير، وان هذا القرار حق للمؤسسة خاصة وانه يتفق مع الأنظمة الدولية! ولكننا سنجد أيضا بأن هناك انتقائية في اختيار مايتفق مع مصالح المؤسسة وإغفال لحقوق المسافرين التي كفلتها لهم ذات الأنظمة عند تأخر الرحلات او إلغائها! فالخطوط - وفق نظرتها الإدارية - رأت بأنها الجهة الأقوى لكونها جهة حكومية ستفرض القرار وستنفذه بدون أي معارضة من أي جهة! وتناست بأنها جهة تجارية يجب أن يحظى عميلها بقدر مقبول من الاحترام لشخصه وحقوقه! فليست دعوة ركاب الرحلة التي يتأخر إقلاعها ساعات طويلة الى شرب عصير "ابو ريال" هو الحق الذي كفلته الأنظمة الدولية! ومن جانب آخر فهناك أيضا ما يتعلق بالمنطق الإداري الذي تتعامل معه مع عملائها ومن خلال اعتبار أنها صاحبة سلطة وليست شركة! فقد سبق قبل أسابيع ان قامت بتغيير إحدى الطائرات قبل إقلاعها بيوم الى طائرة مستأجرة ليس بها مقاعد للدرجة الأولى، لتلغي حجوزاتنا ولنسافر على درجة الضيافة بتذكرة الدرجة الأولى! وعند مطالبتنا بالفرق (كتذكرة ) بعد يومين من السفر ووفق نموذج تخفيض الدرجة المعتمد لديها، رُفض الطلب بحجة إن التذكرة الكترونية وصادرة من جهة حكومية! مع العلم بأن مستحقاتها تسدد أولا بأول! إذا هناك ثقافة إدارية تتمثل في فرض القرار في ظل عدم وجود جهة محايدة تحدد حقوق كل من المؤسسة والعميل!

أما الموقف الآخر الذي يكشف الفجوة في الثقافة الإدارية بين الإدارة العليا وطموحاتها وبين الإدارات التنفيذية، فقد وقع لركاب الرحلة المغادرة من الرياض الى جدة الساعة السابعة صباح يوم السبت الماضي والذي سأطرحه ليس لإيصال شكوى الركاب مما حدث، وإنما للتعرف على احدى المشاكل التي تحدث بمطاراتنا ومن أين تبدأ وكيف تنتهي؟ فالركاب لديهم حجوزات مؤكدة وحاولوا الحصول على كرت صعود الطائرة من مكتب المروج مساء يوم الجمعة وتعذر عليهم ذلك بسبب انتهاء ورق آلات طباعة الكروت! وفجر يوم السبت وقبل موعد الإقلاع بساعتين تم الحضور للمطار وكانت هناك طوابير طويلة من الركاب ولمختلف الوجهات أمام كاونتر به فقط عدد (2) موظف لتسليم كروت صعود الطائرة لكل الرحلات لكون جميع آلات طباعة الكروت المتعددة بالمطار متعطلة! ولأن الوقت قارب على موعد إقلاع الرحلة فقد طالب الركاب من موظفي الخطوط بتخصيص موظفين إضافيين للاستعجال في تسليم بطاقات صعود الطائرة فلم يستجب لهم! ولكون الخطوط دقيقة في مواعيدها! فقد أقلعت الطائرة في موعدها وباقي الركاب بعدد كبير يتجاوزون ال (40) راكبا مازالوا يقفون في تلك الطوابير الطويلة! فهل نسمي ذلك عدم اهتمام من موظفي الخطوط بالعملاء وان انتماء الموظف لمؤسسته أصبح مفقودا! إن الأمر ببساطة هو أن موظفي الخطوط يديرون أعمالهم بفكر حكومي بحت ومن منطلق "حلال دولة" ولا تعنيهم الخسارة من إقلاع رحلة بدون ركابها المنتظرين بالمطار لساعات ولا ما حدث لتلك الآلات وفي أكثر من موقع!

إن المشكلة تكمن في مستوى تعامل الخطوط السعودية بشكل عام مع موظفيها وعملائها، فقرار تحويل موظفيها الى نظام التأمينات لم يعطِ مرونة لمن لم يكمل العشرين عاما مثلما تم لموظفي وزارة البرق والبريد والهاتف بإيجاد فرصة الإعارة لإكمال المدة اللازمة للتقاعد مما سبب ذلك في إحباط كثير من موظفيها! فالمؤسسة تعتقد بأنها جهاز حكومي يتمتع بقوة فرض القرار وان قراراتها لا تقبل الانتقاد وهو أمر لايتفق مع نظرة الحكومة للمؤسسة التي ترى بأنها مؤسسة يجب أن تدار بفكر تجاري سواء مع موظفيها او عملائها فالتخصيص تم للاستفادة من مميزات فكر وإدارة القطاع الخاص للرفع من مستوى الخدمة والكفاءة في استخدام الموارد المالية، إلا أن واقع خطوطنا لا يعكس هذا التوجه، فقد تم افتتاح مكاتب للخطوط في عدد من الأحياء وهو إجراء تشكر عليه، إلا أن تشغيلها يؤدى بفكر حكومي وليس تجارياً! فتلك المكاتب تم استئجارها بمبالغ عالية إلا أنها تغلق قبل الساعة الرابعة عصرا! فمن ستخدم إذا كان الطلاب والمدرسون والموظفون في أعمالهم خلال فترة عمل تلك المكاتب؟ كما ان آلات كروت صعود الطائرة تقع داخل تلك المكاتب ويغلق عليها! في الوقت الذي تقع فيه آلات صرف النقود بالشوارع! والأهم هو محدودية الصلاحية لموظفي تلك المكاتب وضرورة مراجعة مكتب المروج لإنجاز الكثير من الأعمال! فكر حكومي يسير قطاعاً تجارياً!

ان البدء في تخصيص المؤسسة وتحويلها الى شركات تجارية واستقطاب احدى القيادات الإدارية المشهود لها بالنجاح في تحويل القطاع الحكومي الى قطاع خاص لا يضمن لنا نجاح التخصيص إذا استمرت الإدارة التنفيذية بنفس الفكر السابق والذي سيفشل كل الجهود التي تبذلها الإدارة العليا للمؤسسة بسبب تشرب مسئولي وموظفي المؤسسة لتلك الثقافة! والمشكلة هي في تسرب تلك الثقافة الى شركات الطيران الأخرى(سما وناس) التي يعاني المسافرون معها من مشاكل عديدة بسبب ثقافة عدم مراعاة حقوق الركاب وكأنها تقدم خدماتها ايضا مجاناً!

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف