تقرير: الرياض تترك حقل خريص النفطي يسكت المتشككين
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
الرياض: قبل عامين فقط كانت هذه المنطقة مجرد امتداد آخر للصحراء التي تعبرها الجمال من حين إلى آخر. أما اليوم فقد ارتفعت منشآت فولاذية ضخمة من على الرمال وأصبحت تسد الأفق وهناك نحو 20 ألف رجل يعملون في جو حارق في مشروع تقول المملكة العربية السعودية إنه أكبر مشروع صناعي في العالم.
من المتوقع أن يضيف تطوير حقل خريص النفطي إلى احتياطيات الرياض 1.2 مليون برميل يومياً من الخام الخفيف، المرغوب بشدة. إنها لحظة على قدر كبير جداً من الأهمية في خطة استثمار الطاقة في البلاد، التي كان من المتوقع مبدئياً أن تكلف 70 مليار دولار، لكنها تضخمت فيما بعد.
الخطة التي قطعت شوطا يزيد قليلاً عن نصف الطريق نحو الاكتمال، تزيد طاقة المملكة العربية السعودية النفطية من 9.5 مليون برميل يوميا إلى 12.5 مليون برميل يوميا حسبما هو مستهدف بنهاية عام 2009، أي ما يغطي نحو 15 في المائة من الطلب العالمي الحالي.
كذلك قطعت الخطة مسافة في الطريق نحو إسكات المتشككين في قدرات المملكة. فأحد الأسباب في ارتفاع أسعار النفط إلى مستويات قياسية تجاوزت 140 دولارا للبرميل ـ ضعف مستواها في العام الماضي ـ أن المتعاملين في السوق تساورهم مخاوف من أن المملكة العربية السعودية تواجه صعوبات تحول دون بلوغ ذلك المستوى المستهدف من الإنتاج في وقت تواجه فيه صناعة النفط بشكل عام نقصا في العمالة المدربة وفي المعدات.
وهذه المخاوف تستند إلى أسس قوية. فحقل الخرصانية البالغة طاقته 500 ألف برميل يوميا، الذي كانت السعودية تتوقع أن يبدأ تشغيله في أيلول (سبتمبر) الماضي، ثم تأجل إلى وقت مبكر من هذا العام، تغير الآن موعد البدء في تشغيله إلى آب (أغسطس)، حسبما ذكر مسؤولون في أرامكو السعودية، شركة النفط الوطنية التي تحتفظ بسيطرة تامة على مشاريع النفط في البلاد.
وفي قمة نفطية عقدت في جدة أخيرا، أعلن علي النعيمي، وزير النفط السعودي، أن المملكة سوف تزيد الطاقة الإنتاجية فوق 12.5 مليون برميل يوميا، فقط في حال ضمان الطلب.
ومعظم التقديرات، بما في ذلك تقديرات الوكالة الدولية للطاقة، وهي الجهة التي تراقب الطاقة في الدول المتقدمة، لا تترك مجالاً للشك في أن زيادة إنتاج النفط أمر مطلوب.
إذا بدأ الإنتاج في خريص في وقت مناسب، فمن شأنه أن يساعد في الرد على المتشككين في قدرات أرامكو السعودية وسيكون أمراً مهماً لتحقيق طموحات الرياض في أن تظل البنك المركزي للنفط، من خلال الاحتفاظ بوسادة من الطاقة الاحتياطية تستطيع أن تستخدمها عندما يظهر نقص في أجزاء أخرى من العالم.
لكن هذا المشروع من الضخامة بحيث لا يوجد سوى القليل من الشركات الأخرى في العالم التي تستطيع تنفيذه. ويقول المسؤولون إن المشروع الذي تبلغ تكلفته عشرة مليارات دولار، استخدمت فيه خطوط أنابيب تكفي - نظرياً ـ لربط هذا الجزء النائي شرقي المملكة العربية السعودية بموسكو، وأن كميات الفولاذ المستخدمة فيه تكفي لبناء جسر البوابة الذهبية في سان فرانسسكو مرتين. وعدد الشركات التي لديها عقود في المشروع تبلغ نحو 26 شركة، وهي بدورها لديها مقاولون من الباطن يزيد عددهم عن 100 مقاول.
يقول أمين ناصر، أحد المديرين في الشركة السعودية: "نحن ندرك أننا نتعرض للانتقاد أحياناً بسبب أننا لا نتحدث كثيراً عن عملنا، لكننا في أرامكو السعودية لدينا تقليد متبع هو أن نجعل أعمالنا وإنجازاتنا تتحدث عن نفسها".
وتابع: "على الرغم من كل المنتقدين وكل الساخرين، فقد شهدنا نظريات عديمة الضمير تتحدث عن أخبار سيئة كانت تأتي وتذهب، تظهر وتخبو، ترتفع وتتضاءل وتتراجع، بينما نستمر نحن في العمل بدلاً من الادعاءات".
المسؤولون في أرامكو السعودية في حقل خريص يحاولون الرد على هذه الانتقادات من خلال إيراد قائمة بمواعيد بدء التشغيل لمشاريع التوسعة الرئيسية للشركة.
وإضافة إلى مشروع الخرصانية، تقول أرامكو إن هناك كمية إضافية تبلغ 250 ألف برميل يوميا من النفط الخام سيوفرها حقل الشيبه في كانون الأول (ديسمبر) 2008، و900 ألف برميل يوميا من حقل المنيفة الذي يتوقع أن يبدأ الإنتاج في كانون الأول (ديسمبر) 2011.
ثم هناك مشروع خريص. وفي داخل الموقع يوجد عمال يرتدون خوذات صلبة يعكفون على بناء الهياكل الفولاذية ويعملون على إنشاء مركز تحكم ذي ثمانية أضلاع مقاوم للمتفجرات. فالأمن له أهمية عظمى، وتأمين المنشآت في المملكة العربية السعودية مرتبط ارتباطاً وثيقاً بأمن الطاقة العالمية. وأوضحت الجماعات المرتبطة بالقاعدة بجلاء أن البنيات الأساسية للنفط تعتبر هدفاً.
وفي شباط (فبراير) 2006 وقع هجوم انتحاري فاشل على مصفاة بقيق، التي يتم فيها تكرير ثلثي الإنتاج اليومي للمملكة. ومنذ ذلك الوقت بدأت الحكومة في إنشاء وتدريب قوات أمن خاصة قوية قوامها 35 ألف فرد لحماية هذه المنشآت.
هل تقطع جهود المملكة ومشاريعها الضخمة مسافة كافية لإقناع المتشككين في السوق بأنها تستطيع بلوغ الأهداف في المواعيد المحددة وتلبية الطلب العالمي؟ هذا أمر لا يزال الناس بانتظار أن يرونه.
يقول رعد القادري من شركة بي. إف. سي إنرجي، وهي شركة استشارات في هذا القطاع يوجد مقرها في واشنطن: "هذا أكثر من كونه علاقات عامة، إنه يذهب إلى قلب دورهم في السوق. إنه يتعلق بإقناع الناس على المدى البعيد بأن الخام سيكون هناك، وأنه إذا ظل الطلب موجوداً فبإمكانهم أن ينتجونه ويحافظون مع ذلك على طاقتهم الاحتياطية".