ازدهار البرازيل يرفع الملايين الى الطبقة الوسطى
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
ريو دي جانيرو: مد باولو يده ليفسح مكانا بين زجاجات الجعة الفارغة وبسط اعلانا مطبوعا على ورق فاخر لامع عن مشروع للتطوير العمراني يليق بطوكيو أو سنغافورة لا بالحي العشوائي الذي يعيش فيه في ريو دي جانيرو منذ 50 عاما.
ويظهر في الاعلان جسر للمشاة على شكل قوس بجوار حوض للسباحة باللون اللازوردي تحفه أشجار النخيل. وسيقام مستشفى ومركز رياضي على مسافة غير بعيدة من مئات الوحدات السكنية التي سيجري تشييدها لمواطنين يعيشون الان في بيوت أشبه بالاكشاك على سفح التل.
ويمثل المشروع عالما مختلفا عن الحياة اليومية التي يعيشها أكثر من مليون شخص في أحياء ريو الفقيرة مرت عليهم السنوات دون أن تهتم بهم الحكومة وكثيرا ما كانوا يجدون أنفسهم ضحية في الصراعات بين عصابات المخدرات التي لا تأخذها بهم شفقة وبين أساليب الشرطة العنيفة.
وقال باولو وهو أحد الزعماء المحليين في حي روسينها انه يصدق أن هذا المشروع حقيقي. لكنه بدا متشككا بعض الشيء في الحكومة البرازيلية وقال "اذا لم تنجزه فربما تعاني."
ولم يشأ باولو أن يستخدم اسمه الحقيقي خوفا من انتقام عصابات المخدرات.
ومشروع تطوير روسينها جزء من برنامج اتحادي تبلغ استثماراته 315 مليار دولار يهدف الى تحسين البنية التحتية المتداعية في البلاد وهو مجرد مظهر واحد فقط من مظاهر استفادة ملايين الفقراء من فترة غير مسبوقة من النمو الاقتصادي في أكبر اقتصاد بأمريكا الجنوبية.
وقد قال البنك الدولي ان دخل أفقر عشرة في المئة من السكان نما بنسبة تسعة في المئة تقريبا سنويا فيما بين 2001 و2006 بالمقارنة مع ما بين اثنين وأربعة في المئة فقط لمن هم أيسر حالا.
ومع ذلك فمازالت البرازيل تمثل بعضا من أسوأ حالات التفاوت الطبقي في العالم لكن هذا الوضع يتغير بسرعة حيث ابتعد عشرات الملايين عن الجوع وأصبح بامكانهم اقتناء أول براد ( ثلاجة) أو تلفزيون أو جهاز كمبيوتر.
وتحقق جانب كبير من التقدم في السنوات القليلة الماضية بفضل برنامج لصرف رواتب للاسر وسع نطاقه الرئيس لويس ايناسيو لولا دا سيلفا يربط صرف معونات الرعاية الاجتماعية بعدم الغياب عن المدارس وهو برنامج بدأ يطبق في مناطق أخرى من العالم.
ومع ذلك فمازالت العوائق كبيرة أمام حياة أفضل بالنسبة للكثيرين في المناطق الريفية النائية والاف الاحياء الفقيرة حول المدن الكبرى. وتتمثل هذه العوائق في تردي حال المدارس وارتفاع معدلات الجريمة والتمييز وتفاوت تطبيق النظم القانونية والضريبية.
وفي ريو لا يشمل البرنامج الاتحادي لتطوير الاحياء الفقيرة العشوائية سوى حفنة من الاحياء من بين أكثر من 600 منطقة في المدينة. وأدت مقاومة عصابات المخدرات التي تخشى ان يهدد التطوير تجارتها الى تأخر تنفيذ مشروعات.
وقالت ليريانا فيجيريدو التي تعمل بمركز رياضي تموله مجموعة فايت فور بيس (الكفاح من أجل السلام) البريطانية في حي نوفا هولندا الفقير الذي لا يشمله برنامج التطوير "هذا النمو ليس لكل السكان."
وأضافت "الاغلبية هنا ليست لديها وظائف."
وعلى مقربة من المركز وقف شبان مسلحون يبيعون الكوكايين على مناضد على جانبي الطريق وكأنهم يبيعون الفاكهة.
ويطلق على حي روسينها أكبر الاحياء الفقيرة في أمريكا الجنوبية ويعد من أكثر من جانب أرقى الاحياء الفقيرة في ريو اذ توجد به ثمانية بنوك ومجموعة كبيرة من منظمات المساعدات الاجنبية.
وهذا الاستقرار خادع لانه يرجع الى القبضة القوية التي تطبق بها واحدة من أقوى عصابات المخدرات في ريو على المنطقة لا لوجود مؤسسات الدولة. لكن مظاهر النمو الاقتصادي الذي تشهده البلاد بادية للعيان في الشوارع المزدحمة والمتاجر الزاخرة بالحركة.
وينوي بنك ازتيكا المكسيكي المملوك لرجل الاعمال ريكاردو ساليناس فتح فرع في روسينها بعد أن بدأ نشاطه في البرازيل هذا العام في الشمال الشرقي مستهدفا المدخرين من محدودي الدخل. ويمكن للعملاء استخدام تكنولوجيا بصمات الاصابع للتغلب على مشكلة الامية وفتح حساب بمبلغ ثلاثة دولارات فقط.
وخارج أحد متاجر كازاس باهيا الراقية بوسط ريو قالت نارا ماسيدو موريرا (27 عاما) ان مرتبها الشهري البالغ 600 ريال (375 دولارا) فقك لم يمنعها من شراء تلفزيون بشاشة مسطحة ومشغل دي.في.دي.
قالت موريرا "أعمل على تأثيث بيتي بالكامل بهذه الطريقة."
وتقول موريرا التي كانت تزور المتجر لسداد أقساط مستحقة عليها ان الجهاز التالي على قائمتها هو الكمبيوتر.
ورغم أن معدلات البطالة على مستوى البلاد انخفضت الى مستويات شبه قياسية فمازالت العزلة تحدد جانبا كبيرا من شكل الحياة في الاف الاحياء التي يغيب عنها القانون حول المدن الكبرى.
وتقول فيجيريدو ان أغلب الاطفال في نوفا هولندا يتغيبون عن المدارس عند سن الثانية عشرة أو الثالثة عشرة فلا تصبح أمامهم فرصة للحصول على وظائف ويصبحون عرضة للانضمام الى عصابات المخدرات التي تتيح لهم المال والمهابة.
ومن العوائق الاخرى التمييز الذي يعاني منه سكان الاحياء الفقيرة وكثيرون منهم من السود. ويدون كثيرون من الباحثين عن عمل من المناطق الفقيرة عناوين زائفة عندما يتقدمون لشغل وظائف.
ويقول برونو سيلفا وكارول بيلو انهما كانا يأملان دخول الجامعة ذات يوم لكنهما يشعران ان سوء حال المدارس التي كانا يذهبان اليها مقارنة بمدارس أبناء الطبقة الوسطى كان عائقا أمامهما.
وقال الاثنان ان الكتب المدرسية كانت تنقصها صفحات أو فصول بل وكانت نادرة حتى أن التلاميذ يضطرون لتصوير نسخ من فصول الكتب فصلا فصلا