ضعف مشاركة المرأة الفلسطينية في سوق العمل
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
مع تزايد فرصهن بالإعتكاف في المنازل
ضعف مشاركة المرأة الفلسطينية في سوق العمل
نجلاء عبد ربه من غزة
المجتمع التقني الفلسطيني لم يعط مجالا للمرأة في العمل. فبالإضافة لقلة فرص العمل في الأراضي الفلسطينية بسبب الإحتلال الإسرائيلي، فإن المرأة الفلسطينية لم تأخذ حقها بما يجب رغم تحصيلها العلمي الذي يؤهلها لتلك الفرص.
وتعترف الكثير من السيدات الفلسطينيات لـ إيلاف أن بعضاً من المهن لا يليق بهن للعمل، فالعديد من تلك المهن تحتاج لمهارة وقوة وعضلات الرجل، إلا أنهن صبّين غضبهن على مهن بعينها شاركها فيها الرجل، بل وتهمشن لدرجة كبيرة.
هن يقلن أن التمريض مثلاً مهنة مناسبة للسيدة، وكذلك التعليم والسكرتاريا والمحاسبة، إلا أن الرجل إقتحم تلك المهن بقوة، وبات مستقبلهن مهدد بالإعتكاف في منازلهن والعودة إلى سيادة الرجل المطلقة عليهن.
الغريب في الأمر كما تقول سوسن (28 عاماً) وتعمل سكرتيرة في مؤسسة وسط مدينة غزة، أن الشباب الخريجين حديثاً مستعدون للعمل دون مقابل لمدة سنة، على أن يضمنوا بعد ذلك عملا مستمراً داخل المؤسسات أو الجمعيات. وتوضح لـ إيلاف أن الكثير من الشباب الذين تخرجوا حديثاً يأتون يومياً لطلب العمل في المؤسسة التي تعمل بها كـ تطوع، أي دون مقابل.
وكشفت الدكتورة خلود دعيبس، وزيرة شؤون المرأة، إن المرأة الفلسطينية تعاني العديد من المعيقات، فشكل المعدل السنوي لمشاركة المرأة في سوق العمل حوالي 12.1في المئة مقابل 68.1 في المئة للرجل خلال 1995-2006، الأمر الذي يعتبر الأقل على مستوى الشرق الأوسط.
وإعتمدت دعيبس على دراسة تحليلية قام بها المركز الفلسطيني للإحصاء. وأكدت أن تقارير البنك الدولي أكدت أن المجتمعات تمارس التمييز على أساس النوع الاجتماعي، الأمر الذي يكبد الاقتصاد خسائر جمة، خاصة في الدول النامية.
وأوضحت أن هناك ارتباطا وثيقا بين إسهام المرأة بالبناء المجتمعي وتعزيز قدرتها، وبين التطور الاقتصادي والتنموي. وأشارت إلى أن نشاط المرأة يتركز في قطاع الخدمات التي تمثل فيه 50.2 في المئة ، والزراعة 32.5 في المئة ، منوهةً إلى أن تواجد المرأة بالقطاعات الاقتصادية الأخرى هو شبه معدوم، ولا يتجاوز 2 في المئة وهي بالمقارنة مع نسبة الخريجات تشكل 51 في المئة من مجمل الخريجين.
وتقول فداء عيسى، متزوجة منذ 4 أعوام وأكملت بكالوريوس محاسبة، "قبل زواجي بعامين، كنت أذهب يومياً إلى المؤسسات والبنوك والوزارات لأبحث لي عن فرصة عمل، إلا أن الحظ لم يحالفني، غير بطالة واحدة أخذتها من مؤسسة الـ CHF لمدة ثلاثة أشهر فقط، وبطالة أخرى من وزارة العمل في العام 2004م.
وتضيف لـ إيلاف، "أنا لست مقتنعة بتاتاً في العمل في غير مجال تعليمي، فلقد عُرض عليّ عمل سكرتيرة في مكتب براتب متوسط، إلا أنني رفضت الفكرة من حيث جوهرها. لقد تعلمت المحاسبة من أجل العمل بها، لا كي اعلق شهادتي الجامعية كبرواز على الحائط".
وتتحدث سارة "24 عاماً"، تخرجت بتقدير جيد جدا قسم تاريخ، عن معاناة الخريجات اللاتي وصلت ذروتها منذ سنتين تقريباً. وتقول لـ إيلاف "الوضع المادي لسيء في بيتي يحتم عليّ البحث عن أي عمل، حتى لو سكرتيرة بأجر متدني جدا، إلا أن هذه الأمنية أيضاً لم يحالفني الحظ بها". وتقول "أصحاب المكاتب والمؤسسات الخاصة متغيرو المزاج دوماً، ويغيرون السكرتيرات بإستمرار. ومع هذا فلم أجد مكاناً أعمل فيه".
وبلغ معدل البطالة للنساء المتعلمات 13 سنة فما فوق، بلغ 76.8 في المئة, بينما الرجل 14.8 في المئة ، إلى جانب أن معدل الأجرة اليومية كمجموع عن كل القطاعات للرجل بلغ 79.8 في المئة.
وتعترف فداء أن أهلها منعوها من العمل في المكاتب الخاصة. فهي كما تقول "هم لا يريدون أن تتشوه سمعتي بأي كلمة". وتؤكد "نحن مجتمع شرقي مسلم، فسمعة المرأة مهمة للغاية، وقد يتلسن احدهم علينا دون أن نقترف ذنباً، فيسيء لنا ويتوقف حالنا" .
يقول أيمن، وهو شاب يعمل في مجال هندسة الحواسيب داخل إحدى الوزارات الفلسطينية، "الحقيقة ان الناس هنا ينظرون إلى المرأة العاملة داخل المؤسسات والمكاتب الخاصة بنظرة سيئة. إلا أن عمل المرأة مدرسة مثلاً هو أفضل وأنسب لها، وكذلك عملها في المؤسسات العامة، فهذا الأمر لن يعيبها أبداً، بل على العكس تماماً. الجميع يحترمها ويساعدها في عملها هذا".
من جانبه، أعترف الدكتور سمير عبد الله وزير العمل، أن الأرقام المتوفرة عن وضع المرأة مزعجة جدا ولا تعكس المتأمل من دور المرأة. وأضاف أن هذه الأرقام تعكس واقع البطالة وتهميش اقتصادي غير الموجود في أي مكان في العالم، والتي تعد المرأة ضحيته الأكبر فيها، لافتا إلى أن الوضع يتطلب تحقيق تقدم ومشاركة أوسع.
وأكد وزير العمل الفلسطيني أن قانون العمل منصف للمرأة ويعطيها الكثير من الميزات، ليس من جانب المساواة فقط وإنما من جانب الحقوق أيضا ما خلق تذمر لدى أصحاب العمل وباتت تشكل عبئا على الشركات وخلقت تحفظا لديها، الأمر الذي يستوجب دراسة القانون ليتناغم مع طبيعة العمل.
وانعكست الأوضاع المعيشية للنساء الفلسطينيات، والتي بلغت حداً كارثياً، على مختلف المستويات جراء الحصار الجائر المفروض على قطاع غزة للعام الثالث على التوالي، والذي طال جميع مناحي الحياة لمليون ونصف المليون فلسطيني، نحو مليون منهم من النساء والأطفال، وانتزع من المواطن الفلسطيني كل ما يمكن أن يضمن له العيش بحياة آمنة.
وتأثرت حياة النساء الفلسطينيات بسياسة العقاب الجماعي وإجراءات الحصار المشدد الذي تواصل السلطات الإسرائيلية تطبيقه بحق سكان قطاع غزة على وجه خاص.
وكانت دراسة للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني استخدام كل من الأسلوبين الكمي والنوعي في إعداد هذه الدراسة، حيث استندت عملية الأسلوب الكمي على دراسة البيانات الإحصائية المتوفرة من أحدث مسوح القوى العاملة التي نفذها الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني خلال الفترة 1995-2007.
ولفتت الدراسة إلى أن واقع المرأة في سوق العمل الفلسطيني يظهر أن المشاركة الفعلية للذكور بالقوى العاملة يزيد عن عدد الإناث المشاركات بأربعة أضعاف، وأن ما لا يزيد عن 6 إناث من كل 100 أنثى في المجتمع يشاركن في عملية الإنتاج مقابل 34 ذكر من كل 100 ذكر. وقالت "إن الحالة العملية للربع الرابع لعام2007، شكلت نسبة أرباب العمل من بين العاملين الذكور5.1 في المئة مقابل1 في المئة من مجموع الإناث، ونسبة العاملين لحسابهم من بين العاملين الذكور2.4.2 في المئة مقابل10.7 في المئة من الإناث، ونسبة أعضاء الأسرة بدون أجر من بين الذكور تبلغ 6.8 في المئة مقابل 33.2 في المئة.