اقتصاد

ضعف مصادر المياه وندرة الأمطار يأذن بـ"عطش الفلسطينيين"

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

نجلاء عبد ربه من غزة : تعد المياه واحدة من قضايا المفاوضات النهائية الصعبة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، إلى جانب القدس واللاجئين والحدود والمستوطنات. ويقول مفاوضون فلسطينيون إن المياه قد تكون عقبة أخرى في طريق التوصل إلى اتفاق سياسي، مشيرين إلى تمسك إسرائيل بكل قطرة مياه تسيطر عليها في الأراضي الفلسطينية.

وأكد الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني تقريرًا إحصائيًا حول إحصاءات المياه في الأراضي الفلسطينية عام 2007، أطماع إسرائيل في المياه الفلسطينية، وزيادة سيطرتها وسرقتها للمياه من أحواض المياه الجوفية في فلسطين، وحرمان الشعب منها وذلك من خلال ممارساتها المختلفة من إقامة الجدار الذي يتطابق مساره مع مسار الأحواض الجوفية، ومصادرة آبار المياه، ومنع حفر الآبار الإرتوازية.

وقال تقرير صادر عن المركز إن مصادر المياه في الأراضي الفلسطينية تنحصر في مصدرين رئيسين، الأول: المياه الجوفية المتمثلة بالمياه المضخوخة من الآبار والمستغلة من الينابيع، والثاني: عبارة عن المياه المشتراة من شركة المياه الإسرائيلية (ميكروت)، حيث بلغ مجموع كمية المياه التي تم توفيرها من هذين المصدرين 335.4 مليون متر مكعب عام 2007، مقارنة مع 319.1 مليون متر مكعب للعام 2006 و315.2 مليون متر مكعب للعام 2005 و295.8 مليون متر مكعب للعام 2004.

ويواجه الفلسطينيون منذ بدء صيف العام الحالي عطشًا استثنائيًا بسبب تناقص مياه الامطار من جهة، وسيطرة اسرائيل على 89 في المئة من مصادر مياههم من جهة أخرى.

ومع استمرار الحصار الإسرائيلي الخانق على قطاع غزة تتفاقم يومياً الأزمة الإنسانية للسكان الفلسطينيين هناك بفعل توالي انهيار القطاعات الحيوية، ومن بين أهمها القطاع المائي الذي تعرض إلى خطر التلوث، وهو ما حرم قطاعات واسعة من هذا المصدر الحيوي. ويحذر خبراء ومختصون في مجال المياه والبيئة من انعكاسات تغلغل مياه الصرف الصحي إلى الخزان الجوفي، وصعوبة حصول السكان على المياه الصالحة للشرب، جراء منع الوقود وتوقف عمليات معالجة المياه ونقلها إلى المنازل.

ويطالب الفلسطينيون في المفاوضات بتحييد ملف المياه عن الصراع وتحويله إلى ملف إنساني يعالج حاجات سكان البلاد كبشر بصرف النظر عن جنسيتهم، يهودا كانوا أم فلسطينيين. بيد أن اسرائيل تقترح على الفلسطينيين حلولا أخرى تخلي مسؤوليتها القانونية وتبقي سيطرتها على المصادر المائية للضفة، منها استيراد المياه من تركيا، وتحلية مياه البحر.

وتشير بيانات التقرير للعام 2007 إلى أن آبار المياه الجوفية تعتبر أكبر مصدر للمياه حيث تم ضخ حوالي 241.2 مليون متر مكعب من المياه، يليها المياه المشتراة من شركة المياه الإسرائيلية (ميكروت) حيث بلغت كميتها 49.4 مليون متر مكعب وبتكلفة قدرها 129 مليون شيكل إسرائيلي، وأخيرا الينابيع حيث بلغ تصريفها السنوي 44.8 مليون متر مكعب (الدولار= 3.5 شيكل)

ويؤكد التقرير أن كمية المياه المضخوخة من الآبار الجوفية عام 2007 قد بلغت في باقي الضفة الغربية (الضفة الغربية باستثناء ذلك الجزء من محافظة القدس والذي ضمته إسرائيل عنوة بعيد احتلالها للضفة الغربية عام 1967) حوالي 68.7 مليون متر مكعب تم ضخها من 306 آبار، وقد توزعت هذه الكمية ما بين 38.1 مليون متر مكعب للاستخدام المنزلي مقابل 30.6 مليون متر مكعب للاستخدام الزراعي، وبلغت كمية المياه المضخوخة في قطاع غزة 172.5 مليون متر مكعب منها 85.5 مليون متر مكعب للاستخدام المنزلي و87 مليون متر مكعب للاستخدام الزراعي.

وفي قطاع غزة، الوضع أكثر سوءًا منه في الضفة، فالطاقة الإنتاجية لحوض المياه الوحيد في القطاع تبلغ 50 مليون متر مكعب، لكن نظرًا إلى الحاجة الزائدة عن الكميات المتاحة، فإن أهالي القطاع يضخون كميات اكبر من المياه المتجددة، ما يؤدي إلى زحف مياه البحر إلى الحوض، وتالياً ملوحة مياه الشرب.

ودفعت خطورة الوضع المائي في غزة سلطة المياه الفلسطينية إلى حض المواطنين على غلي المياه قبل شربها للحد من خطورتها على الصحة العامة، غير أن تقليص الاحتلال كميات الغاز التي يمد بها قطاع غزة بغاز الطهي حال دون تمكن الكثير من الغزيين من العمل بتوصيات السلطة.

وبدأت جمعيات فلسطينية خيرية مختلفة بإنشاء خزانات كبيرة وتزيدها بمياه صالحة للشرب، الأمر الذي خفف عن كاهل المواطنين الفلسطينيين في البحث عن مصادر مياه صالحة للشرب.

وعكفت جمعية دار الكتاب والسنة في قطاع غزة على تزويد عشرات الأحياء المتفرقة في القطاع بخزانات ذات سعة كبيرة، تزود المواطنين يومياً بالمياه. وقال محمود أبو الحسن، احد القائمين على هذا المشروع الكبير، لإيلاف، إن تلك المشاريع بحاجة إلى عناية مستمرة، فمعظم تلك الخزانات مزودة بفلاتر لتنقية المياه، وهي بحاجة إلى صيانة مستمرة.

وأشار أبو الحسن إلى أن جمعيته وبالتعاون مع جمعيات عربية عديدة، وخاصة خليجية، قامت بإنشاء عشرات الخزانات للتخفيف عن المواطنين الفلسطينيين العطشى. ونوه إلى أن المعاناة عادة ما تصاحب فصل الصيف، فالإنسان بحاجة إلى كمية مياه أكثر منها في فضل الشتاء.

وعلى صعيد الينابيع فتبين البيانات أن أعلى معدل لكمية التصريف السنوي للينابيع للسنوات (2005-2007) كان عام 2005 حيث بلغ 53.6 مليون متر مكعب، بينما أدنى معدل لكمية التصريف السنوي للينابيع كان عام 2007 حيث بلغ 44.8 مليون متر مكعب، أما عام 2006 فقد بلغ معدل التصريف السنوي للينابيع حوالي 51.7 مليون متر مكعب والجدير بالذكر انه لا يوجد ينابيع في قطاع غزة.

وبلغت كمية المياه المزودة للاستخدام المنزلي في الأراضي الفلسطينية عام 2007 حوالي 175.6 مليون متر مكعب توزعت بين 85.5 مليون متر مكعب في باقي الضفة الغربية وحوالى 90.1 مليون متر مكعب في قطاع غزة.

ويقول المختار أبو محمود عنابه، مختار حي الأمل غرب مدينة خان يونس، إن هناك ثلاثة أماكن في الحي مزودة بخزانات مياه صالحة للشرب. وأضاف لإيلاف ' هذا الأمر يعد حلاً مناسباً في ظل شُح مصادر المياه المختلفة، وفي ظل إستحواذ إسرائيل على 89% من مياه فلسطين'.

ولا تقتصر مشكلة المياه في غزة على مياه الشرب، وفق ما أفاد به الناطق باسم اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار رامي عبدو، بل يتعداه إلى تعطيل الاحتلال الإسرائيلي إدخال مادة الكلور اللازم لتطهير المياه التي تزود بها المنازل، ما ينذر بزيادة نسبة التلوث وانتشار الأمراض والأوبئة. وأعرب عن خشيته من تلوث الخزانات الجوفية بفعل تسرب المياه العادمة في الشوارع أكثر من مرة وعدم قدرة البلديات والمجالس المحلية على إدارة وتشغيل محطات معالجة مياه الصرف الصحي.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف