اقتصاد

أي رياح ستحملها الأسواق الموازية في رمضان الجزائر؟

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

كامل الشيرازي من الجزائر: مع إقتراب شهر رمضان في الجزائر، بدأت ملامح "التهاب الأسعار" تتأكد، على الرغم من الوفرة الظاهرة لعموم المواد الغذائية في الأسواق المحلية، حيث بدأت أسعار اللحوم البيضاء والحمراء والبقول الجافة وحتى العجائن في تسلق السلم، تمامًا مثل الجزر والبطاطا حتى وإن بدا ذلك بشكل محتشم، على الرغم من الميكانيزمات التي اتخذتها السلطات لضبط الأسعار، ومع بروز هذا السيناريو التقليدي عشية شهر الصيام، يرمي كثيرون باللائمة على الأسواق غير المشروعة أو ما يُطلق عليها محليا بـ(الموازية)، ويحملونها مسؤولية ما قد يحصل في الأيام القادمة، بحكم تداول 80 في المئة من السلع والبضائع في نحو خمسمئة سوق يطلق عليها مسمى (موازية)، وهو واقع غريب ينطوي على مفارقات أفرزت حياة اقتصادية تتميّـز بمناطق شعبية تشبه الدول، تبيع وتشتري كما تشتهي ولا تعرف مفهوم الضرائب الدولة.

هكذا تتمظهر السوق الموازية
تشهد رقعة السوق الموازية في الجزائر اتساعًا ملحوظًا، حيث باتت تشهد نموًا مطردًا، بشكل جعل الأخيرة تستقطب 60 في المئة من إجمالي التجار على المستوى المحلي، ناهيك عن آلاف الآخرين من اليد العاملة الناشطة في هذه الأسواق، علمًا أنّ تقديرات الهيئات المتخصصة، تتحدث عن تشغيل السوق الموازية لحوالي مليوني شخص، وهو ما حوّل السوق الموازية إلى قوة ضاربة وعنصر محرك لقطاع هام من التوازنات التجارية في البلاد، بحكم سيطرتها لوحدها على 40% من الكتلة النقدية المتداولة.

ويمكن للمتجول في مدن جزائرية عديدة بدءا من الأحياء الشعبية في العاصمة الجزائرية مرورًا بولايات داخلية، وصولاً إلى مدن الجنوب الكبير، أن يلحظ عشرات التجمعات الاقتصادية المتناثرة هنا وهناك، هذه الأخيرة تسيرها مجموعة من (البارونات)، وفق قوانينها الخاصة بعيدًا عن أي سيطرة أو وصاية من طرف الدولة التي أعيتها الحيل فيما يبدو، إذ استمرّ بقاء السوق الموازية لسنوات طويلة في الجزائر على الرغم منتوالي 12 حكومة، ما يعدّ مؤشرًا على سطوة هذه السوق وقوة عرّابيها، علمًا أنّ "إبرهيم بن جابر" رئيس الغرفة الجزائرية للصناعة والتجارة، يقدّر قيمة (رقم أعمال) هذه السوق الموازية بحدود عشر مليارات دولار، تدور في فلك لا يعترف بالتحصيل الضريبي.

ويخشى مستهلكون من خضوع أسعار المواد الواسعة الاستهلاك لأهواء ونزوات تجار ليسوا خاضعين لأي رقابة ولا تطالهم أي محاسبة، ويبدي حمدان موظف في سكك الحديد قلقه إزاء القفزة التي شهدها سعر الكيلوغرام من الدجاج حيث صعد من 180 دينارًا إلى 260 دينارًا، تمامًا مثل لحوم الأغنام التي صارت بمستوى 530 دينارًا للكيوغرام بعد أن كانت لا تتعدّ 480 دينارًا.

ضغط بسبب الخضر واللحوم
يتوقع متحدث باسم الاتحاد العام للتجار والحرفيين الجزائريين، أن تعرف الأيام الأولى لشهر رمضان إقبالاً كبيرًا من طرف المواطنين على الخضر واللحوم ذات الاستهلاك الواسع، الشيء الذي سيخلق ضغطًا على هذه المنتجات، وأوضح "محمد مجبر" رئيس جمعية تجار الجملة للخضر والفواكه بسوق الكاليتوس، إنّ تزامن شهر الصيام لهذه السنة مع نهاية فصل الصيف وهي فترة انتهاء جني المحاصيل الزراعية الصيفية وبداية تهيئة الأراضي للبذر، عوامل ستكون لها تبعاتها، حيث ينتظر أن تشهد الأسواق المحلية تراجعًا منطقيًا، على الرغم من وفرة بعض المنتجات ذات الاستهلاك الواسع كالجزر والفاصولياء والفلفل والقرع.

ويربط مختصون ارتفاع الطلب بنسبة قد تصل إلى 60 في المئة، على منظومة الأسعار، خصوصًا في الأسواق الموازية، بينما يذهب آخرون إلى أنّ (العاصفة) قد تنتهي بانقضاء الأسبوع الأول من الشهر الفضيل، ما سيسمح بمحاسبتهم في استرجاع الأسواق المحلية لتوازناتها خلال ما تبقى من هذا الشهر.

نداءات لقمع الغش
حث الاتحاد العام للتجار والحرفيين، وكذا تنظيمات تجارية أخرى مختلف المشتغلين بتجارة المواد الغذائية والخضر وكذا الجزارين، أن يجعلوا من شهر رمضان شهرا للرحمة وأن "يفوتوا الفرصة على الذين يتربصون بالتجارة في شهر رمضان" لتحقيق الربح السريع، وجاءت هذه النداءات متزامنة مع ارتفاع ملحوظ لأسعار المواد الاستهلاكية بمختلف أنواعها قبل أسبوع من أول يوم من شهر رمضان، حيث عرفت أسعار الخضر والفواكه وحتى البقول الجافة والعجائن زيادة لم تكن متوقعة، وهي العنوان الكبير الذي يرتسم في رؤوس المتجولين في أسواق الجملة أو محلات البيع بالتجزئة هذه الأيام.

وقال "مراد بولنوار" المتحدث باسم الاتحاد العام للتجار والحرفيين الجزائريين لـ"إيلاف"، إنّ تنظيمه طالب جميع التجار بـ"التبصر" وإبداء روح "التعاون" مع جميع المصالح المختصة لتنظيم الأسواق خلال شهر رمضان، حتى يتم قطع الطريق على "التجارة الموازية والتجار الطفيليين".

من جهتها، عززت الحكومة من تدابيرها، من خلال استحداث جهاز خاص بالتحكم في أسعار بعض المواد الاستهلاكية، مستندة في ذلك إلى تخزينها كميات ضخمة من المواد الغذائية الأساسية، وكانت من أهم تلك العمليات تخزين 150 ألف طن من مادة البطاطا، وأطنان أخرى من الطماطم ومواد أخرى، حتى تتحكم باستقرار الأسعار وتكون هي صاحبة القرار في توقيت طرح الكميات المخزنة في السوق.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف