اقتصاد

«سابك»... و«متلازمة» سعر السوق!

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

عبدالله بن ربيعان
حينما ارتفعت أسعار الرز بادرت بعض المتاجر الكبرى بإعلانها "البيع بسعر الاستيراد" طمعاً في كسب ثقة المواطن وولائه، للتعبير عن وقوفها بجانب المواطن وتنازلها عن أية أرباح من بيع الرز، والاكتفاء بأرباح البضائع الأخرى، وهي طريقة تسويقية جيدة نالت الاستحسان بغض النظر عما قيل من تلاعب بعض هذه المتاجر في حينه.

وعلى النقيض من ذلك فلم تحاول شركة سابك أن تستفيد من "أزمة الحديد" وتركت المواطن يواجه ما يواجه من دون أن تتحمل أدنى مسؤولية وطنية أو حتى نجاح في الجانب التسويقي لكسب ولاء المواطن لمنتجها من الحديد الذي تنتجه في شركة "حديد" التابعة لها، بل ومع الأسف كانت "سابك" آخر من تحرك بعد أن نافس الحديد المستورد من الصين وأوكرانيا وتركيا المنتج المحلي لـ "سابك" وغيرها بأسعاره الجيدة، مقارنة بأسعار حديد "سابك" ومثلها فعلت شركة الاتفاق التي تنتج الحديد في المملكة فلم تتحركان لا بدافع وطني ولا تسويقي لكسب ثقة المواطن والتنازل عن بعض الأرباح في مقابل كسب ثقة وولاء الزبون.

وللشهادة فقد كانت شركة حديد الراجحي وهي الشركة الثالثة الكبرى في صناعة الحديد أكثر تجاوباً مع المواطن ووسائل الإعلام من "سابك" و"الاتفاق"، وإن كان تركيز هذه الأسطر على الدور الوطني المفقود لسابك خلال الأزمة على رغم ما تناله الشركة من دعم الحكومة وعنايتها وهو ما لا تناله غيرها من الشركات.

وبالعودة لأزمة الحديد الذي شهدت أسعاره ارتفاعات كبيرة وبلغ سعر الطن ما يصل إلى 7 آلاف ريال، وخلت بعض الأسواق من الحديد، وهو ما دعا مجلس الوزراء إلى حظر تصدير حديد الخردة، فقد كانت شركة الراجحي هي الأفضل سلوكاً وتحملاً لمسؤوليتها حينما أعلنت خفضاً مقداره 500 ريال للطن في أوائل شهر آب (أغسطس) الماضي في حين كانت "سابك" تلتزم الصمت، وهو ما دعا كثيراً من الاقتصاديين والمختصين إلى التساؤل بغرابة عن الدور الوطني الذي كان يجب أن تتحمله "سابك" خلال الأزمة، ولو بالتضحية بجزء من أرباحها، ولكن الرد كان مزيداً من الصمت في المبنى الواقع على طريق مطار الملك خالد الدولي، فلم يخرج أحد من موظفي "سابك" الكبار للتعليق على الأزمة، واكتفى رئيس مجلس إدارتها بالقول إنه لا يجد حديداً لمنزله الخاص. وعلى رغم أن "سابك" حينما أنشأتها الحكومة كان هدفها دعم المصانع الوطنية بمدخلات الإنتاج بأسعار مناسبة إلا أن سابك عاملت السوق المحلية بأسعار السوق العالمية، وهو ما يشكو منه أهل صناعة البلاستيك منذ سنوات بأن "سابك" تبيعهم مدخلات الإنتاج بأسعار السوق العالمية، على رغم أن "سابك" نفسها تحصل على المادة الخام من "أرامكو" بأسعار تشجيعية تقل بنسبة 800 في المئة عن سعر المادة الخام في السوق العالمية.

وعلى رغم أن التأثير على السوق كان ضئيلا في منتج البلاستيك نظراً لضآلة سعر المنتج النهائي في كل الأحوال، إلا أن تمسك "سابك" بأسعار السوق العالمية في أزمة الحديد كان موضع استياء المواطنين والاقتصاديين والمختصين، لأن "سابك" لم تتحمل أي واجب وطني في سوق الحديد التي تعتبر من أكبر المنتجين فيها، ولم تستثمر الأزمة تسويقياً بكسب ولاء المواطن وثقته، واستمرت حالة متلازمة سعر السوق العالمية هي المسيطرة على عقول مديري "سابك" ومتخذي القرار فيها، ما جعل المواطن يلجأ للحديد المستورد من الصين وتركيا وأوكرانيا، والتي دهمت السوق بأسعار مناسبة بلغت حوالى4500 ريال، وهو ما جعل "سابك" تتحرك أخيراً مع شريكيها الكبار لتعلن عن خفض قدره 75 ريالاً فقط لطن الحديد.

وفي الختام كيف نطلب من المواطن السعودي أن يكون ولاؤه للمنتج السعودي وشركاته تعامله بسعر السوق العالمية، بل إن المستورد أرخص من المنتج المحلي على رغم ما فيه من زيادة كلفة النقل والجمارك والسمسرة، وبالتأكيد فقد كان تصرف المواطن منطقياً، ففي حالات الأزمات لا ولاء إلا للمحفظة الشخصية.


* اقتصادي سعودي - بريطانيا

rubbian@yahoo.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف