البطالة قنبلة موقوتة في إسبانيا
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
سونيا دوسيت من مدريد: ستشتد التوترات المتنامية بين طالبي العمل من السكان المحليين والمهاجرين الذين يتنافسون على عدد متراجع من الوظائف خلال عام 2009 حيث تنتهي المدة المُحددة التي يحق للموظفين الذين تم تسريحهم الحصول خلالها على إعانات البطالة السخية.
ويقول محللون ان معدل البطالة بلغ 12.8 في المئة في نوفمبر تشرين الثاني وهو أعلى معدل خلال 12 عاما كما أنه أعلى معدل بفارق كبير في الاتحاد الاوروبي وقد يصل الى 20 في المئة من القوة العاملة عام 2010 مع امتداد ركود قطاع البناء الى الاقتصاد الأوسع.
ولم تشهد البلاد هذا المستوى منذ التسعينات ومع اتجاه اسبانيا نحو أسوأ كساد تواجهه خلال 50 عاما قد يؤدي هذا الى اضطرابات اجتماعية مثلما حدث في الثمانينات حين أدى ارتفاع معدل البطالة وانخفاض الأجور الى مظاهرات وإضرابات عنيفة في أنحاء البلاد.
وتقدم اسبانيا إعانات تصل الى 70 في المئة من الرواتب لما يصل الى عامين ويتوقف هذا على المدة التي سدد خلالها العمال أقساط نظام التأمين الاجتماعي.
ومع وجود نحو ثلاثة ملايين عاطل فان صرف إعانات البطالة للكثير ممن تم تسريحهم عام 2008 سيتوقف العام القادم وسيكافحون لتدبير أمورهم في سوق عمل يعاني من الكساد ولا توجد به علامات على وجود وظائف بأجر.
وقال سانداليو جوميث استاذ العلاقات العمالية بكلية التجارة الاسبانية "في هذا العام الجديد سيتوقف تلقي الكثير من الناس للاعانة... قد ينتهي بنا الأمر الى اضطراب اجتماعي حيث يخرج الناس الى الشوارع للتظاهر."
وتغير تكوين قوة العمل في اسبانيا تغيرا كبيرا بوصول نحو خمسة ملايين مهاجر زادوا من عدد السكان بنسبة 15 في المئة على مدار العقد المنصرم.
ويقبل الاسبان اليائسون الذين فقدوا وظائفهم في مجال البناء بأعمال كانوا يرفضونها سابقا من تنظيف الحانات الى جني الفواكه مما يزيح المهاجرين الذين يكافحون للحصول على أعمال بديلة.
وتقدم آلاف من الاندلسيين بطلبات لجمع محصول الزيتون هذا العام من ديسمبر كانون الأول الى يناير كانون الثاني حسبما ذكرت وكالة توظيف اندلسية مما يترك قوة العمل السابقة من المهاجرين الافارقة بلا وظائف.
وعلى الرغم من عروض من السلطات المحلية بسداد تكاليف رحلات عودتهم الى افريقيا يعيش المهاجرون في العراء أو في ملاجيء المشردين في وضع وصفته احدى المؤسسات الخيرية بأنه مشكلة اجتماعية حقيقية. وقد يصبح محصول الفراولة في هويلفا على الحدود مع البرتغال حيث يعثر المهاجرون عادة على عمل نقطة أخرى مثيرة للاضطراب في المنطقة الجنوبية.
ويقول فيليكس فيليز وهو عامل بناء سابق من الاكوادور يتخذ من مدريد مقرا له وعمل لحساب شركة كورمان التي تقوم بتركيب معدات السلامة في مواقع البناء ان الكثير من زملائه اضطروا الى العيش في العراء حين طلبت شركته وضعها تحت الحراسة القضائية لحمايتها من الدائنين.
ولا يستطيع فيليز (49 عاما) الذي جاء الى اسبانيا منذ نحو عشرة أعوام المطالبة باعانة أو السعي للحصول على عمل آخر اذ انه بموجب القانون الاسباني ما زال مرتبطا بشركته السابقة بينما هي متقدمة بطلب لوضعها تحت الحراسة.
وقال لرويترز في محكمة تجارية بمدريد حيث تقدم هو وموظفون سابقون غيره بالتماس لفك ارتباطهم بالشركة "هذه قضية خيرية الان." واضاف "كل ما نريده هو ان يتوصل القاضي والسلطات العمالية الى قرار في أقرب وقت ممكن حتى يمكننا المطالبة باعانة أو الحصول على عمل لدى شركة أخرى."
وأضاف فيليكس المتزوج وله طفلان بالغان انه كان يكسب 1300 يورو (1869 دولارا) شهريا. ويكلفه قسط الرهن العقاري الان 1300 يورو في الشهر.
وتابع قائلا "بدأوا يخفضوا رواتبنا في مايو... في يوليو توقفت الشركة عن الدفع تماما. مر على هذا حوالي ستة أشهر حتى الان. نعيش على الاقتراض من الاهل والاصدقاء."
وامتدت تداعيات انهيار قطاع البناء الى الاقتصاد الاوسع نطاقا حيث أدت ايضا الى انهيار الاعمال الكمالية مثل شركات تركيب اجهزة تكييف الهواء وصناع القرميد.
وقال المعهد الوطني للاحصاء ان عدد الشركات الاسبانية التي وضعت تحت الحراسة في الربع الثالث للعام وصل الى نحو أربعة أمثال ما كان عليه في الفترة نفسها منذ عام مضى.
ويقول خوسيه لويث كوريل باديا وهو محام يتخذ من بلنسية مقرا له ورئيس قسم اعادة هيكلة الشركات في مؤسسة ارنست اند يانج ابوجادوس "انه التأثير الذي ترتب على (ما حدث) بقطاع البناء... لا أرى ضوءا في اخر النفق. انه دمار للوظائف."
وقالت كريستينا باليستروز (29 عاما) وهي سكرتيرة سابقة لنائب رئيس شركة اسمنت متعددة الجنسيات ان المنافسة على الوظائف محتدمة الى حد أن أرباب العمل المحتملين يسألونها ان كانت تعتزم انجاب أطفال على الرغم من أن هذا غير قانوني.
وهي تعيش مع صديقها لكنها دأبت على قول انها عزباء لتحسين فرصها.
وأضافت "أشترك في شقة مستأجرة ولولاها لعدت لاعيش مع أمي."
وتابعت قائلة "درست لاصبح سكرتيرة لكنها ليست شهادة جامعية انها دبلومة مدة دراستها سنتان لكنني الان أجد الكثير من المستخدمين يريدون شهادة جامعية ممن يطلب وظيفة سكرتيرة. الناس يتقبلون هذا لانه ليس لديهم خيار. انهم يطلبون المزيد والمزيد في حين لا داعي لهذا."
أمام المحكمة التجارية في مدريد يكافح اخرون لتسلم المبالغ التي يحق لهم الحصول عليها. وفصل رافايل بليجو (54 عاما) من عمله كحارس أمن في الاونة الاخيرة وقد تقدم بالفعل بطلب للحصول على الاعانة لكنه لم يتلق الشيك بعد.
ويقول "أنا مريض وأبلغوني أنني لا أستطيع الاستمرار في العمل ثم فصلوني. حدث هذا في 30 من اكتوبر. لم أعمل معهم سوى خمسة أشهر."
وأضاف "بالتأكيد أنا مستمر في البحث عن عمل. لسوء حظي مرضت وحدث هذا."
وحققت حكومة اسبانيا ثاني أعلى فائض في الميزانية بمنطقة اليورو عام 2007 يعادل 2.2 في المئة من اجمالي الناتج المحلي لكن العائدات الحكومية تراجعت بدرجة خطيرة حيث انخفضت عائدات الضرائب وارتفعت أعداد الاشخاص الذين يطالبون باعانات البطالة.
وقفز عجز الميزانية للحكومة المركزية الى 14 مليار يورو في الاشهر الاحد عشر الاولى لعام 2008 او ما يعادل 1.28 في المئة من اجمالي الناتج المحلي. وعجز ميزانية الحكومة المركزية جزء من ميزانية القطاع العام الاوسع لاسبانيا والتي تشمل نظام التأمين الاجتماعي والحسابات الاقليمية والبلدية.
وتقول مؤسسة فونكاس للاستشارات ان اعانات التأمين الاجتماعي وحدها عام 2009 ستتضاعف الى ثلاثة في المئة من اجمالي الناتج المحلي.
ويقول انجيل لابورد االمحلل بالمؤسسة "ارتفعت هذا العام بمعدل لا يصدق."
وأضاف أن توقعات فونكاس لعجز الميزانية عامي 2009 و2010 قديمة وقد تبلغ نحو ستة في المئة من اجمالي الناتج المحلي عام 2009 و7.5 في المئة عام 2010.