بارود: اللامركزية الادارية أساسية لتحقيق الانماء المتوازن في لبنان
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
شدد وزير الداخلية والبلديات اللبناني زياد بارود أمس الجمعة على أن "اللامركزية الادارية اساسية لتحقيق الانماء المتوازن في لبنان"، وأعلن أن الوزارة "تعمل على اعداد مسودة مشروع للامركزية الادارية"، كاشفاً أن عن "مشروع مدته سنتان لبناء القدرات البلدية" يرمي الى "تمكين المجالس البلدية التي سيتم انتخابها في سنة 2010، والى تعزيز قدراتها التخطيطية والادارية".وألقى بارود كلمتة في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الدولي حول المد العمراني ومستقبل المدن العربية الذي يقام في الجامعة الأميركية في بيروت على مدى يومين، وينظمه اتحاد خريجي جامعة ييل (YALE) العرب، بالتعاون مع جامعة ييل ومركز دراسات الشرق الأوسط فيها، ويستضيفه في لبنان معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية في الجامعة الأميركية في بيروت. كما حضر المؤتمر وزيرة التعليم اللبنانية بهية الحريري.
بيروت:اشار بارود الى أن أكثر من 85 في المئة من سكان لبنان يعيشون في مدن، لافتا الى أن "ثمة تحديات تنموية كبيرة في المدن اللبنانية، كالنفايات والتدهور البيئي والبطالة والتفاوت الاجتماعي المتزايد، لكنها في المقابل تعكس التنوع الثقافي للبنان وتعدده الطائفي وديموقراطيته النابضة". واعتبر بارود أن لبنان يشكل "حالة نموذجية تستحق ان يدرس العالم العربي جوانب نجاحها، وكذلك أن يتعلم من اخفاقاتها".ولاحظ بارود أن "النمو الديموغرافي المتزايد في المدن يشكل احد التحديات الضاغطة في القرن الحادي والعشرين، وهو يعتبر تحدياً ملحّاً على مستوى العالم كله وخصوصاً على مستوى العالم العربي". وأضاف "لا نستطيع بعد اليوم ان نتعامى عن عن ان الفقر والفوارق الاجتماعية في المدن تتزايد في العالم وخصوصا في العالم العربي (...) وبالتالي فان تطوير مدننا ودولنا العربية وتنميتها يجب ان يعتبر مسؤولية جماعية تجاه مجتمعاتنا"، على أساس مفاهيم "العدالة والمساواة والديموقراطية".
وتحدث بارود عن "الجهود التي بذلتها وزارة الداخلية في الاشهر الاخيرة"، فقال "اننا نؤمن بشدة بان اللامركزية الادارية اساسية لتحقيق الانماء المتوازن في لبنان، وهو ما لا يمكن ان يتحقق الا اذا تم تمكين للسلطات والمجتمعات المحلية لكي تتمكن من لعب دور رائد في التخطيط الريفي". وأشار الى أن "الوزارة تعمل على اعداد مسودة مشروع لللامركزية في لبنان، سيتم اطلاع الجهات المعنية عليه في مرحلة لاحقة، وهذه الخطوة سيتم استكمالها بمشروع مدته سنتان لبناء القدرات البلدية، بتمويل من ايطاليا وتنفيذ من UN-HABITAT، وهي مبادرة تهدف الى تمكين المجالس البلدية التي سيتم انتخابها في سنة 2010، والى تعزيز قدراتها التخطيطية والادارية". وشدد بارود على ضرورة أن "يحدد المؤتمر توجهات لاصلاح التخطيط المدني في الددول العربية كادارة استراتيجية للتنمية المستدامة لمدننا". ألقت وزيرة التربية والتعليم العالي بهية الحريري، رئيسة مؤسسة الحريري للتنمية المستدامة، كلمة في الجلسة الافتتاحية رحبت فيها بالمشاركين في المؤتمر في بيروت، "هذه المدينة العربية التي دُمّرت، وحُورِبت، وحوصِرت، واحتُلّت، وفَقدَ أهلُها في نهايات القرن العشرين أبسط الحقوق الإنسانية، من أمنٍ واستقرارٍ ومياهٍ وكهرباء وهاتف وتواصلٍ وطرق، واستطاع أبناؤها بإرادتهم وثقتهم بأنفسهم وثقة أشقائهم وأصدقائهم بهم، أن يعيدوا بناء ما تهدّم، ويجمعوا ما تفرّق، ويحرّروا ما احْتُل، ويعيدوا خلال سنواتٍ قليلة ما خسروه عَبر أعوامٍ طويلة".
وأشارت الحريري الى أنّ "المدرسة الرسمية الوطنية في لبنان هي أول مدرسة في العالم العربي تحصل على أول حزمة تربوية في التّنمية المستدامة. واضافت "يؤسفني أن أقول إنّنا عندما أعلنا في برنامجنا الحكومي عن رغبة وزارة التربية بدمج مفاهيم التنمية المستدامة في صلب المناهج التربوية بعد أن كنّا قد شاركنا وتابعنا عشرات المؤتمرات والقرارات حول التنمية المستدامة، لم نجد أيّ نِتاج تربوي معرفي يمكننا أن نضعه في تصرّف هيئاتنا التعليمية وطلابنا في المدارس، فعمدنا إلى إنتاج أول حزمة تربوية من خلال مركز البحوث والإنماء التربوي في وزارة التربية والتعليم العالي، واستطعنا أن نطبع هذه الرزمة ونؤمّنها لتكون مادة تربوية إنمائية صالحة للتّعامل مع المفاهيم المستجدة للتنمية المستدامة".
وشددت الحريري على الحاجة الى "تعميق مفاهيم التنمية البشرية المستدامة وعلى وجه الخصوص التنمية المدنية"، مشيرة الى أن "هذه التنمية المدنية أُهمِلت كثيراً من خلال برامج التنمية الحكومية والدولية والأهلية، وتُرِكت مسؤولية المدن للقطاع الخاص وتطوّر مفهوم المسؤولية الإجتماعية لديه". وأملت الحريري في ختام كلمتها بـ"أن تحظى بيروت وتجربتها بإعادة بناء ذاتها وانتصارها على جراحها وانقسامها ودمارها وأعدائها"، داعية المشاركين "الى تأسيس منتدى بيروت للمدينة العربية المستدامة والى أن نجعل من التنمية مرحلةً إنتقالية بين التّعثّر والنّهوض، وأن نجعل من استدامة الوجود وأسبابه البيئية والطبيعية والإنسانية أساساً في تطوّرنا واستثمارنا، ليبقى الإنسان في مدننا ووطننا العربي يتمتّع بكل أسباب البقاء الكريم وبالأمن الإنساني الضروري".أما أمين سر جامعة ييل المساعد للشؤون الدولية جيمس كوهن، فأشار خلال كلمته الى أن خطة الجامعة 2009-2012 تقوم على ثلاث نقاط رئيسية، هي "اعداد طلابها للقيادة والخدمة، وجذب الطلاب الموهوبين من العالم كله، وتأكيد موقع الجامعة كجامعة عالمية". وشدد على "الاهمية التي توليها الجامعة لتعزيز دراسات الشرق الاوسط فيها"، مشيراً الى أنها "استحدثت شهادة في دراسات الشرق الاوسط المعاصر".
وقال مخطط المؤتمر عمر كريستيديس ان "اكثر من نصف سكان الارض يسكنون في مدن"، مشيراً الى أن "عدد سكان المدن في آسيا وافريقيا وحدهما، يزيد بمعدل مليون نسمة أسبوعياً". ولفت الى أن "النمو العمراني المتزايد يشكل ضغطاً على البنى التحتية القديمة، ويؤدي الى نشوء مناطق فقر شديد، ويتسبب بزيادة انبعاثات الكربون التي تهدد البيئة"، لكنه قال ان هذا النمو "يوفر امكانات كبيرة للاقتصاد". ورأى أن "ان انتقال البشر والاموال والثقافات والافكار عبر الحدود وبين الدول، يجعل مستقبل المدن العربية مترابطا". وقال ان "السؤال الرئيسي للمؤتمر هو كيفية تطوير اطار شامل للتطور العمراني يعزز الاندماج ويركز عل الحلول البعيدة المدى ويعزز الرخاء الاجتماعي".واشارت ممثلة جمعية خريجي جامعة ييل العرب في لبنان، مديرة المؤتمر، ليا حكيم، الى أن "المؤتمر سيتناول كيفية تنسيق الجهود الاقليمية للافادة من امكانات المنطقة في مجال الطاقة الشمسية، وسيتطرق الى الاستثمارات المطلوبة في مجال التخطيط المدني والتعليم والثقافة والنقل والبيئة، لتوفير مقاربة شاملة وبعيدة المدى للاستدامة". وأملت في أن "تساهم مناقشات هذا المؤتمر في زيادة الوعي، وأن تطلق نقاشاً حول امكانات العمل المشترك بين حكومات المنطقة ومؤسساتها التعليمية وقطاع التطويرالعمراني والمستثمرين فيها".
الجلسة الاولى
ثم عقدت جلسة أولى أدارها تود رايز، وشارك فيها المدیر العام لشركة "موارد "الأردنیة أكرم أبو حمدان، ورئیس قسم التنمیة الحضریة في "سولیدیر" أنغس غافین، ومدیرالتخطیط في شركة "استدامة" الإماراتیة غریغوري أكر، والمهندس سنان حسن من سوريا.وتحدث أولاً غافين، فقال ان "سوليدير" تعتبر حالياً "أكبر شركة عقارية في الشرق الأوسط"، مشيراً الى أنها قدمت أخيراً مشاريع في مؤتمر "يوروميد" في مدينة مرسيليا الفرنسية، تتعلق بالتنمية العمرانية المستدامة، وطلب منها، مع بلدية بيروت، أن تستضيف السنة المقبلة في بيروت مؤتمراً اقليمياً مماثلاً لـ"يوروميد".ودعا الى "الانتقال سريعاً من "الاسراف في استهلاك الطاقة والامتداد العمراني ونموذج ناطحات السحاب المستوحى من الغرب، ومن موضة العولمة الهندسية ("دالاس في الصحراء")، الى مدن "ذات كثافة عالية نسبياً، مع مبان منخفضة أو متوسطة الارتفاع" والى مدن "تراعي وجود مساحات عامة للمشاة، توضع لها خطة نقل مرنة، من الضروري أن يتوافر فيها النقل العام للجميع وليس فقط للفقراء". وشدد على أهمية مفهوم الشراكة بين القطاعين العام والخاص (PPP) في المشاريع العمرانية الكبيرة، وخصوصاً في ظل الركود الاقتصادي الذي يشهده العالم في الوقت الراهن. كذلك أبرز أهمية الحفاظ على المباني التراثية، ووجود مناطق للمشاة، و"حياة شارع".
بدوره، شدد أبو حمدان في مداخلته على أهمية "توفير أنظمة نقل عام نظيفة وفاعلة، وخدمات بنى تحتية ملائمة، ومساحات مفتوحة تتيح التفاعل الاجتماعي، ويستحسن أن تكون في محيط مراكز الاستقطاب الثقافية والتعليمية والتجارية". وعرض لحسنات وسيئات "المباني العالية، والمخططات التوجيهية الكبرى". وامتدح أبو حمدان نظام الشراكة بين القطاعين العام والخاص عارضاً لنماذج ناجحة في هذا المجال.أما سنان حسن، فقال انه "باستثناء مدينتي اسطنبول التركية واصفهان الايرانية، ليس في المنطقة سوى تجمعات لاشخاص، وما من مدن بالمعنى الحقيقي للكلمة"، مشيراً الى ثقافة ابناء الشرق الأوسط "فردية أكثر منها جماعية"، ورأى تالياً أن "ثمة حاجة لزيادة الوعي في شأن أهمية الحياة العامة قبل أن نبدأ الحديث عن مدن".وتحدث مدیرالتخطیط في شركة "استدامة" الإماراتیة غریغوري أكر، فشدد على اهمية مسألتي المياه والطاقة في منطقة الشرق الاوسط، وعرض لبعض التجارب في هذا المجال. وقال ان الناس "يأتون الى المدن سعيا الى العمل والرعاية الصحة والعلم والأمان".