اقتصاد

جرائم السطو الإلكتروني تخرق أميركا رغم تصدي السلطات

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

تعدت هواجس الجرائم المنتشرة في أميركا تلك التيتفرضها ممارسات السطو المسلح أو النشل العلني إلى خوف من نوع آخر فرضته الشبكة العنكبوتية كابوساً يهدد شركات ودولاً. وتتجسد هذه الجرائم عبر اختراق المعلومات والبيانات السرية للأشخاص والأفراد والمؤسسات الموجودة على الانترنت فقرصنتها، وقد تجد شركة نفسها بين ليلة وضحاها منهارة جراء هكذا نوع من الجرائم، خصوصاً حين تكشف الأرقام أنالخسائر الناجمة من السرقات الالكترونية زادت 33% عام 2008 في أميركا عما كانت عليه قبل عام لتصل إلى 265 مليون دولار.


نسرين حلس من واشنطن: ازدادت في السنوات الأخيرة معدلات الجرائم الإلكترونية المصرفية عبر شبكة الإنترنت حول العالم.
وساهم في ذلك التطور في مجال الحاسبات، ودخول برامج أكثر حداثة، وتحول الشركات والمؤسسات المالية والبنوك إلى المجال الإلكتروني، واستخدام الإنترنت السهل والمتاح للجميع.

لم تكن المؤشرات الأخيرة فقط دليلاً على ازدياد تلك الجرائم، بل وعلى تطورها أيضاً. فيوم بعد آخر، يزداد قراصنة الجرائم الإلكترونية، كما يطلق عليهم، تقدماً وتطوراً ملحوظاً في َكيفية اختراق المجال الإلكتروني، وابتكار الأساليب للإيقاع بالضحايا على الرغم من تصدي السلطات وإحباط محاولات عديدة والقبض عليهم.

وكانت آخر العمليات، التي تم تفكيكها، قد حدثت قبل أيام عدة، عندما اعتقلت السلطات الفيدرالية الأميركية "أف بي أي" 100 أميركي ومصري، 53 منهم من الأميركيين المقيمين في ولايات مختلفة، في حين أن 47 هم مصريون ومقيمون في جمهورية مصر العربية، ويشتبه بعلاقتهم بشبكة دولية لسرقة الهويات وقرصنتها، في أكبر جريمة في الفضاء الإلكتروني تاريخياً، وذلك على حد تعبير السلطات الفيدرالية، التي راح ضحيتها مصرفان وحوالي 5000 مواطن أميركي، بلغ إجمالي خسائرهم حوالى 2.000.000 دولار، بحسب شبكة سي إن إن.

وعادة ما يكون ضحايا جرائم الإنترنت والسرقة الإلكترونية هم من البنوك والشركات والمؤسسات المالية، التي تتسبب لها هذه العمليات بخسائر كبرى فادحة، ربما يهتز لها الاقتصاد عينه.

وفي تقرير صادر من مركز لمتابعة الشكاوي المتعلقة بجرائم الإنترنت لعام 2008، لوحظ أن أعداد جرائم السرقة والاحتيال عبر الإنترنت قد زادت عن عام 2007 إلى 33% في الولايات الأميركية المتحدة، وأن حجم الخسائر المترتبة على مثل هذه الجرائم وصل إلى 265 مليون دولار. حيث بلغ معدل خسائر كل ضحية 931 دولارًا، ووصل عدد الشكاوى إلى 275284 شكوى، وهو أعلى معدل منذ إنشاء المركز.

ويرى نائب مدير قسم الكومبيوتر في مكتب المباحث الفيدرالي الأميركي شون هنري أن التقرير يظهر أن وسائل الإحتيال المعقدة إلكترونياً، لا تزال تنمو، طالما يتم تناقل المعلومات المالية على الإنترنت. كما يؤكد التقرير أهمية الحذر في استخدام الإنترنت، وضرورة استعمال برامج وطرق آمنة ناجحة، تحول دون وقوع الشركات في شراك المحتالين "الإلكترونيين".

وفي دراسة، كانت الأمم المتحدة قد قامت بها حول جرائم الحاسب الآلي والإنترنت، تبين أن حوالي 24 إلى 42 من منظمات القطاع الخاص والعام على حد سواء كانت ضحية جرائم متعلقة بالحاسب الآلي والإنترنت. وقد قدرت خسائر الولايات المتحدة وحدها من جرائم الإنترنت ما بين 3 إلى 5 ملايين دولار شهرياً. ولم تكن تلك هي الدراسة الوحيدة، ففي دراسة أخرى أجراها أحد مكاتب المحاسبة الأميركية أظهرت أن 240 شركة أميركية تضررت من جرائم الغش باستخدام الكومبيوتر. وفي دراسات أخرى سابقة، أظهر مسح آخر أجراه معهد حماية الكومبيوتر عام 1999 أن خسائر 163 شركة أميركية هي من الجرائم المتعلقة بالكومبيوتر، التي بلغت حينها 123.000.000 دولار أميركي،في الوقت الذي يكشف فيه مسح مختلف أجري عام 2000 أن ارتفاع عدد الشركات الأميركية المتضررة من تلك الجرائم وصل إلى 273 شركة، وبلغ إجمالي خسائرها 256.000.000 دولار أميركي.

من جهة أخرى، كانت إحصائيات الجمعية الأميركية للأمن الصناعي أشارت إلى أن الخسائر التي قد تسببها جرائم الحاسوب الآلي للصناعات الأميركية تصل إلى حوالى 63.000.000.000 بليون دولار أميركي، وأن 25% من الشركات الأميركية تتضرر من جرائم الحاسب الآلي، كما إن ما يقارب 63 % من الشركات الأميركية والكندية تتضرر بفيروسات حاسوبية وصل حد خسائرها السنوية إلى 555.000.000 دولار أميركي.

على غرار ما حدث في أميركا، أكد تقرير مصرفي في بريطانيا أن تبني القراصنة تقنيات وبرمجيات جديدة لقرصنة المعلومات المصرفية عبر شبكة الإنترنت، ساهم بشكل كبير في ازدياد معدلات السطو الإلكترونية للبنوك في المملكة المتحدة، وذلك بأكثر من الضعف لعام 2008. وأوضح أن إيجاد برمجيات للحماية من القرصنة الإلكترونية أقل قدرة على مجاراة هذه البرمجيات. ما ساعد على ارتفاع قيمة الخسائر الإجمالية والإئتمانية في المملكة المتحدة بنسبة 14% قبل عامين، لتصل إلى 609 ملايين جنيه إسترليني.

هذا، ويلفت التقرير إلى ارتفاع قيمة جرائم الإحتيال المصرفية لتصل إلى 52.5 جنيهاً إسترلينياً خلال عام 2008، مقارنة بمستوى 22.6 مليون جنيه إسترليني المسجل عام 2007، بحسب تقرير كونا.

وفي دراسة كندية، أجريت للمقارنة بين خسائر السطو المسلح والسطو الإلكتروني، تبين أن معدل الخسارة الناجمة من السطو المسلح يصل إلى 3200 دولار للحالة الواحدة، وترتفع إلى 22500 دولار في حالة السطو عبر الغش والخداع، في حين يقفز معدل الخسارة إلى 430 ألف دولار في حالة السطو الإلكتروني، ومعدلات ضبط الجناة تهبط من 95% في حالة السطو المسلح إلى 5% في حالة السطو الإلكتروني. أما ملاحقة الجناة قضائياً فلا تتجاوز 1% من حالات السطو الإلكتروني.

وما يحدث اليوم من عمليات سطو مقرصنة في أميركا وبريطانيا ما هو إلا جزء بسيط لما يحدث في العالم كافة من عمليات سطو إلكترونية معقدة، تؤدي إلى خسائر كبيرة جداً، تتكبدها مؤسسات وبنوك وأفراد، ولا يعود ضررها فقط على من سُرِق، وإنما قد ينعكس على اقتصاد الدول أيضاً.

ومع التقدم التقني الحاصل في العالم، دعت الكثير من الدول إلى سن القوانين والتشريعات، التي من شأنها أن تحمى حقوق المواطن والفرد والمؤسسات من السرقات، عبر هذه الشبكة، لذلك سنّ قانون جديد، يسمّى قانون الكومبيوتر، وكان له أثر كبير على فروع القانون المدني والجزائي أو (جرائم السيبر أو الإنترنت). وهذا القانون يتضمن قواعد تتعلق بالمسؤولية الجزائية على الإساءة في استخدام نظام المعلومات.

وكنوع من الحماية، قامت أميركا ودول أوروبا بسنّ تشريعات حماية البيانات أو حماية الخصوصية من مثل هذه الأنشطة وتلزم مواقع الإنترنت بأن تكون مسجلة لأغراض جمع المعلومات، وأن تخضع عمليات الجميع لرقابة مفوض الخصوصية في الدولة وهي الجهة القضائية، التي يتعين عليها حماية الأفراد من أي اعتداء عليهم.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف