اقتصاد

منطقة "علي منجلي" نموذج للمدن الجديدة في الجزائر

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

تتجه الجزائر اليوم لخلق مدن جديدة، تتمتع بعمران رشيق وتنظيم أعلى من المدن القائمة أصلا، والفوضى التي تعتري منظومتها العمرانية، إضافة إلى التركيز على توافر الخدمات ومناسبتها لعدد السكان الذين يعيشون فيها في خطوة لتعميم نمط معين من المدن في البلد ككل، ويسعى المسؤولون من وراء ذلك إلى إزالة فوضى منظومة العمران المحلية، وما يعتريها من نواقص أخلّت بفاعلية الإسكان وبنية المدينة الحديثة في الجزائر، بالإضافة إلى الروافد الاقتصادية التي ستشكلها المدن الجديدة للاقتصاد الجزائري.

الجزئر: تشكل منطقة "علي منجلي" التابعة لمحافظة قسنطينة الجزائرية (400 كلم شرق العاصمة) وواقعاً عمرانياً مستحدثاً يؤكد على البعد المستقبلي للجزائر."إيلاف" تبرز من خلال هذا الاستطلاع نمطية المدن الجديدة في الجزائر المرشحة لاتخاذها كنسق اجتماعي اقتصادي قابل للتعميم خلال السنوات المقبلة.

يبلغ عمر مدينة "علي منجلي" تسع سنوات، حيث أنشئت بموجب مرسوم رئاسي في مايو- أيار من العام 2000،ويقول المهندس كمال يعيش إنّ إنشاء المدينة سعى إلى الاستفادة من تجارب الماضي، لذا جرى تنفيذ دراسات عمرانية أنجزها مصممون، برهنوا على وعي يحول دون الوقوع في فخ "المدينة المرقد".

ويشير يعيش إلى أنّ الدراسات المتعلقة بمخطط شغل الأراضي، التي شرع فيها العام 1992 أعطت أولوية قصوى لشروط الراحة التي تتطلبها الحياة العصرية من خلال احتضان 50 ألف مسكن بإمكانه استيعاب ثلاثمائة ألف نسمة بالإضافة إلى عشرات التجهيزات العمومية ذات الطابع الاجتماعي التربوي، ما مكّن أيضا من تحويل الأراضي الزراعية على مستوى المنطقة ووضع نظام خاص للتزوّد بخدمات الماء والكهرباء والغاز، إلى جانب طريق اجتنابي يربط المدينة الجديدة علي منجلي بالطريق السيار شرق-غرب.


من ناحية تقنية، يلاحظ "سليم لعجايلية" أنّ المدينة الجديدة علي منجلي قضت بشكل كبير على ظاهرتي "الأكواخ القصديرية" و"البنايات الفوضوية" بعد أن ظلت مواجهة الأخيرة مقصورة في السابق على مبادرات محلية محتشمة، ويقول أحد المسؤولين المحليين أنّ المنطقة تمكّنت أيضا من امتصاص أكثر من 70 بالمائة من السكنات الهشة التي بقيت تشوّه محافظة قسنطينة لسنوات طويلة، وما رافقها من معاناة لما لا يقلّ عن سبعة آلاف عائلة كانت تعيش في ظروف قاسية للغاية، أبانت عنها آلاف الأكواخ والبيوت القصديرية (الصفيح) المحيطة بمحافظة قسنطينة من كل الجهات مشكلة حزاما للبؤس والفقر.


وتجمع آراء خبراء على أنّ ظروف الحياة في المدينة الجديدة التي يقطن فيها مئة ألف ساكن صارت أفضل، علما أنّ المدينة استفادت من برنامج قوامه حوالى 50 ألف وحدة سكنية من مختلف الأنماط، بينها أكثر من 17 ألف سكن جرى إنجازه، 19.303 في طور البناء، فضلا عن 11.905 وحدة سكنية أخرى سيُشرع في إنجازها قريبا، وقد نال السكن الاجتماعي حصة الأسد بـ12.260 وحدة منجزة، و4.300 قيد الإنجاز، فيما سيُشرع في بناء 6.110 وحدة سكنية خلال الفترة القليلة المقبلة، مع الإشارة إلى أنّه في الشق الخاص بصيغ أخرى مثل البيع بالإيجار أو السكن الترقوي، تمّ استلام 2.530 وحدة سكنية من مجموع 3.500 مبرمجة، وزيادة على الشركاء العموميين الممثلين في وكالة تطوير وتحسين السكن، وكذا ديوان الترقية والتسيير العقاري، فقد سمحت الورش العديدة عبر المدينة الجديدة بإقحام أكثر من 40 مقاولا خاصا يعملون بشكل دائم، وتشغيل الآلاف من الأيدي العاملة في مجال البناء.


ويلفت مسؤولو مدينة "مدينة منجلي" إلى اندراج ضمن ديناميكية عامة، تظهر جليا من خلال إنشاء قطب جامعي بها يتسع لـ16 ألف مقعد بيداغوجي وعشرة آلاف سرير لإيواء الطلبة، ومركز رياضي بألفي مقعد، وهما مشروعان يُرتقب تجهيزهما في أبريل-نيسان 2010، في انتظار مشروع المدينة الجامعية المصممة لاحتضان عشر كليات ستتسع في مجموعها لـ52 ألف مقعد بيداغوجي و19 إقامة جامعية وحظيرة علمية.


بالموازاة، استفاد قاطنو مدينة علي منجلي من إنجاز ثانويتين و12 مجمعا دراسيا و6 مؤسسات للتعليم المتوسط ومركزا للتكوين المهني، ما يسمح حاليا بتمدرس أكثر من 11 ألف تلميذ، في وقت تم إنجاز مستشفى عسكري من طراز رفيع بطاقة خمسمائة سرير وقاعات متعددة الاستخدامات ومقرات إدارية وفنادق حضرية، وهي منجزات تسمح بمواجهة متطلبات الضغط الديموغرافي الملحوظ في السنوات الأخيرة، ويراهن عرابو المدينة الجديدة على مشروع الملعب الأولمبي والربط المرتقب بخط الترامواي لكسب رهان استكمال قطب حضري حقيقي، رغم الانتقادات التي كادت تصادر الطموح الكبير بإخراج هذا التجمع الحضري، حيث أبدى متشائمون مخاوفهم من حدوث ما سموه "فوضى عمرانية وسلوكية".ويتطلع "رياض"، "عبد الحميد"، زهية" و"سعاد" وغيرهم من سكان المدينة الجديدة، أنّ الأخيرة تستطيع أن تتطور أكثر وتتعزز بمنشآت من شأنها أن تجعل منها في المستقبل" قطبا مشعا"، خصوصا مع قدوم مائتي ألف ساكن إضافي ستحتضنهم هذه المدينة عما قريب.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف