اقتصاد

معايير الجودة تربك إنتاج زيت الزيتون في الجزائر

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

يشهد إنتاج زيت الزيتون في الجزائر تراجعاً محسوساً في السنوات الأخيرة، حيث أنتجت الجزائر 40 ألف طن، ما يمثل تراجعاً في الكميات المنتجة مقارنة بسنوات سابقة شهدت إنتاج 70 ألف طن، علماً أنّ الجزائر تتوفر على حوالي 12 مليون شجرة زيتون، وهي مؤهلة بحسب خبراء إلى إنتاج 90 ألف طن كل عام، مع الإشارة إلى أنّها تحتل المركز الثالث عربياً في قائمة الدول المنتجة للزيوت، بعد تونس والمغرب. كما سجلت أسعار زيت الزيتون في الجزائر ارتفاعاً محسوساً أخيراً، حيث تضاعفت 30 % مقارنة عن الأسعار التي ظلت سائدة لأواخر الخريف الماضي.

الجزائر: تنتج الجزائر العديد من المنتجات الزراعية، من ضمنها الزيتون، الذي يتم إنتاجه بكميات كبيرة، حتى أصبح زيت الزيتون الجزائري معروفاً، وسلعة يصدرها الجزائريون، إلا أن هذه الصناعة تواجه العديد من المشكلات والمعوقات التي تمنع تطوره وازدهاره. ويؤكد منتجو الزيتون في الجزائر أنّ الإنتاج المحلي لزيت الزيتون لا يزال يعاني هزال معايير الجودة، بشكل ألقى بظلاله، ولا يزال، على منظومة زيت الزيتون في الجزائر. وأفاد مهنيون تحدثوا لـ"إيلاف" بأنّ إنتاج زيت الزيتون بقي "رهين" ممارسات قديمة بعيدة من معايير الجودة، ما يشكل خطراً، ليس على راهن هذه الزراعة فحسب، بل يطال أيضاً الجانب الصحي العام.

فيقول "أحمد عجراد"، وهو مستثمر جزائري، ومهندس مختص في المواد الدسمة، إنّه يتعيّن على سلطات بلاده التدخل فوراً لفرض رقابة على ظروف الإنتاج والتسويق. ويوافق عجراد رفاقه "أحمد جنادي"، و"لطفي بن حركات" و"جمال كيواني"، في معاناة القطاع من ممارسات مشينة، تتواصل في مراحل الإنتاج كافة، بدءاً بالاعتناء بشجرة الزيتون إلى غاية تعليب زيت الزيتون.

ويفيد المهنيون الأربعة أنّ وضعاً مزرياً كهذا، دفع كثيراً من المزارعين والمنتجين التقليديين إلى الانسحاب، بعدما أبدوا رفضهم الامتثال إلى المعايير التي صار معمولاً بها، وهو سيناريو دفع أيضاً ببعض المستثمرين إلى "رمي المنشفة"، فيما فضّل فريق آخر مغادرة المناطق التقليدية لزارعة الزيتون والاستقرار في جنوب البلاد، على غرار "أحمد عجراد" الذي قرر تحويل نشاطاته الخاصة بزراعة الزيتون من مسقط رأسه في محافظة البويرة (120 كلم شرقي الجزائر) إلى منطقة بسكرة (560 كلم جنوب)، وبرّر أحمد ذلك لكون زراعة الزيتون قطاعاً جديداً في ولايات الجنوب الجزائري، ومن السهل تلقين السكان المحليين المناهج العصرية والسليمة لإنتاج زيت زيتون ذي نوعية.

وتتردّد أنباء قوية عن تسويق "نوعيات رديئة ومغشوشة" من زيت الزيتون في الجزائر، لكن مسؤولي وزارة الزراعة الجزائرية ينفون هذا بشدة، ويجزمون أنّ 70 % من الزيوت "جيدة ومن النوع الرفيع"، في وقت تحذر جهات غير رسمية من إقدام بعض المزارعين والتجار على تسويق زيوت غير قابلة للاستهلاك، نظراً إلى ارتفاع نسبة الحموضة بها التي تتجاوز 3.3%، ورغم أنّ تلك الزيوت لا تشكل خطراً على صحة المستهلكين، إلاّ أنها تبقى رديئة، وينصح باجتنابها، لما تفرزه من روائح قوية.

ويعرف إنتاج زيت الزيتون في الجزائر تراجعاً محسوساً في السنوات الأخيرة، حيث أنتجت الجزائر 40 ألف طن، ما يمثل تراجعاً في الكميات المنتجة مقارنة بسنوات سابقة شهدت إنتاج 70 ألف طن، علماً أنّ الجزائر تتوفر على حوالي 12 مليون شجرة زيتون، وهي مؤهلة بحسب خبراء إلى إنتاج 90 ألف طن كل عام، مع الإشارة إلى أنّها تحتل المركز الثالث عربياً في قائمة الدول المنتجة للزيوت، بعد تونس والمغرب.

وتتوافر في الجزائر أكثر من 35 مليون شجرة زيتون، إلاّ أنها لا تصدر إلاّ القليل جداً من زيتها، وتسعى الحكومة هناك إلى رفع الإنتاج المحلي من زيت الزيتون إلى مستوى دول الجوار كالمغرب وتونس، فكلا الدولتين صارتا تعتمدان على زراعة زيت الزيتون كمصدر مهم لمداخيلها من العملة الصعبة، رغم أنّ تونس والمغرب لا تتمتعان بالإمكانيات الطبيعية نفسها التي تتوافر في الجزائر.

ويرى متابعون، أنّ تراجع إنتاج الزيتون في الجزائر، له علاقة أيضاً بسلسلة الحرائق التي شهدتها البلاد منذ فترة ليست بالقصيرة، لاسيما في منطقة القبائل المشتهرة بكونها المحضن الأساس لهذه المادة الحيوية. وللدلالة على حجم الخسائر المسجلة يكفي الكشف عن حالة محافظات تيزي وزو وبجاية والبويرة وبومرداس الواقعة على الشريط القبائلي، التي فقدت مجتمعة نحو 160 ألف شجرة، بسبب حرائق مهولة، هشمتها على مدار الصائفة المنقضية.

ويعزو "أحمد منديل" المدير العام للمعهد الجزائري للأشجار المثمرة في تصريح لـ"إيلاف"، عامل ارتفاع نسبة الماء في الزيتون على حساب الزيت إلى غزارة الأمطار التي تساقطت في الجزائر خلال فترة ماضية، وهو ما أثر في مردود القنطار الواحد من زيت الزيتون، فبعدما كان يمنح من 18 إلى 20 لتراً، صار لا يقوى سوى على 14 إلى 16 لتراً.

وسعت الحكومة الجزائرية عبر مخططها للتنمية الزراعية إلى تحسين نوعية زيت الزيتون الجزائري المعروف بجودته، وأقرت قبل ثماني سنوات، خطة لتوسيع رقعة المساحات المغروسة بأشجار الزيتون، وهو ما مكّن من غرس خمسة آلاف شجرة، حيث تحقق في هذا الإطار في منطقة وادي سوف وحدها وخلال 2006 فقط غرس 2500 شجرة، بواقع أربعمائة شجرة في كل هكتار، مع الاعتماد على المناطق السهلية بعدما كان التشجير مقصوراً على المناطق الجبلية، وسمح الإجراء بالانتقال من 165 ألف هكتار إلى 300 ألف هكتار في عام2007، كمساحات مغروسة بأشجار الزيتون.

وتراهن الدولة الجزائرية على برنامج موسّع لزرع 500 ألف هكتار إضافية من أشجار الزيتون في 15 محافظة، ويوضح "عبد السلام شلغوم" المسؤول البارز في وزارة الزراعة الجزائرية لـ"إيلاف"، أنّ الاهتمام جار بغرس أشجار الزيتون في المناطق السهبية وشبه الصحراوية لتعويض المساحات التي أتلفتها الحرائق، وتسعى الخطوة إلى رفع إنتاج البلاد من زيت الزيتون إلى مستوى كبار منتجي الزيتون عالمياً، من خلال تشجيع المزارعين على الاهتمام أكثر بزراعة الزيتون، حتى يتحقق الاكتفاء الذاتي والنوعية الجيدة.

وسجلت أسعار زيت الزيتون بالجزائر، ارتفاعاً محسوساً في الفترة الأخيرة، حيث تضاعفت بنسبة 30 % مقارنة عن الأسعار التي ظلت سائدة إلى غاية أواخر الخريف الماضي، واحتكاماً للمعطى المذكور، أصبح اللتر الواحد من "زيت الزيتون" متاحاً في الأسواق بما لا يقل عن خمسمائة دينار جزائري (بحدود 50 دولاراً)، لكن مسؤولاً حكومياً جزائرياً وصف ارتفاع سعر زيت الزيتون بـ"الطبيعي"، ورفض المسؤول عينه في مقابلة مع "إيلاف"، ربط غلاء سعر زيت الزيتون بقلة الإنتاج، بل عزاه إلى ارتفاع الطلب عليه، وعدم تمكن جمهور المنتجين من سدّ الطلبات المتزايدة محلياً ودولياً، ما يقتضي بحسبه تحديث القطاع وزيادة مستوى الاستيعاب العام، ومراجعة نمط تصدير الجزائر لزيت الزيتون الموسوم بـ"المحتشم".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف