الركود الاقتصادي يفاقم مشكلة الفقر في اليمن
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
يبدو أن ازمة الحرب التي شهدها اليمن مع الحوثيين في محافظة صعدة وحرف سفيان ليست الوحيدة التي تهدد استقرار اليمن وأمنه، إذ ان الدراسات الاخيرة تشير الى ان البلد يواجه أزمة انحدار شريحة جديدة من اليمنيين إلى مستوى أدنى من خط الفقر خاصة بعد وقوع العالم تحت وطأة الازمة المالية العالمية، وتشير تقارير أخرى الى عجز اليمن عن مواجهة أزمة شح المياه إذ إنه من المتوقع أن يكون اليمن أول بلد في العالم تستنفذ فيه المياه مما سيؤدي إلى صراعات داخلية كبرى.
صنعاء: أظهرت مؤشرات بحثية ودولية مختصة تهاوي شريحة جديدة من اليمنيين إلى مستوى أدنى من خط الفقر، فيما توضح دراسة حديثة اجراها مركز متخصص ان الغذاء لا يزال في اليمن بعيد المنال بالنسبة إلى الفئات الأشد فقرًا، كما أن أكثر من واحد من بين كل ثلاثة يمنيين يعانون من الجوع المزمن.
ويؤكد "مركز اليمن للدراسات والإعلام" انه وعلى الرغم من الآثار الإيجابية لجهود التخفيف من الفقر وتراجع نسبة الفقراء إلى 34 في المئة في العام 2007، فإن اليمن تلقى ضربات موجعة بدءًا من ظروفه الاقتصادية الصعبة، إضافة إلى أزمة الغذاء العالمية العام الماضي، والتي تركت أثرًا سلبيًا على تلك الجهود ليرتفع معها أعداد الفقراء اليمنيين بنسبة 6 في المئة.
تجلت آثار هذه الأزمة مع التراجع الكبير في عائدات البلاد من صادرات النفط الخام بنسبة 75 في المئة عما كانت عليه في العام 2008، ولجأت الحكومة بفعل هذه الأزمة إلى تخفيض موازنتها للعام 2009 إلى النصف.
وأشارت الدراسة البحثية إلى "قصور في الإجراءات والسياسات الاقتصادية في احتواء آثار وتداعيات الأزمة المالية على الاقتصاد اليمني" ولاسيما أنّ السياسات الاقتصادية الحالية أفضت إلى تزايد عدد الفقراء وتسببت في انخفاض الدخل جراء ارتفاع الأسعار وتدهور قيمة العملة المحلية ( الدولار يساوي 200 ريال).
وعلى الرغم من هذه الأزمة والركود الاقتصادي الحالي - وهو الأسوأ من نوعه منذ الكساد العظيم في ثلاثينيات القرن الماضي- فإن أسعار الغذاء الآن أعلى مما كانت عليه في العام 2008.
وفي هذا الصدد أظهر تقرير التنمية البشرية للعام 2009 أن 41.8 في المئة من اليمنيين يعيشون تحت خط الفقر الوطني، فيما يعيش 46.6 في المئة على أقل من دولارين في اليوم وهو مستوى خط الفقر الدولي.
ويشير "مركز الدراسات والإعلام" -مقره صنعاء- إلى أن الدراسة الأخيرة التي أجراها حول الإنفاق الاستهلاكي عند اليمنيين أظهرت اتساع حجم الطبقة المسحوقة والتي تكابد الحياة المعيشية وظروفها القاسية، إذ إن 82 في المئة من الأسر اليمنية لا تغطي أدنى نفقات الحياة المعيشية اليومية، مقابل 17في المئةمن اليمنيين يتنعمون بالثروة.
وتظهر نتائج دراسة الإنفاق الاستهلاكي عند اليمنيين التي أجراها المركز أن مستوى دخل 74.4 % من الأسر اليمنية تراجع خلال العام الجاري مقارنة بمستوى دخلها العام الماضي، وأن 82.6 % من الأسر اليمنية لا تغطي إيراداتها نفقاتها الشهرية، في حين تغطي 17 % من الأسر إيراداتها الشهرية نفقاتها.
الا انها نوهت إلى أن 85.14 % من موظفي القطاع الحكومي لا تغطي إيراداتهم الشهرية نفقاتهم، مقابل 78.5 % من موظفي القطاع الخاص لا تغطي إيراداتهم الشهرية نفقاتهم أيضا.
أول بلد في العالم يستنفذ المياه
من ناحية ثانية، نشرت صحيفة "التايمز البريطانية" تقريرا عن مشكلة المياه في اليمن أوضحت فيه أن اليمن سيكون أول بلد في العالم تستنفذ فيه المياه، وهو ما سيؤدي إلى صراعات وانتقال واسع للسكان، الذين من الممكن أن ينتشروا في العالم إذا ما تجاوز حجم السكان حجم الموارد الطبيعية.
وأشار معد التقرير"جوديث إيفانس" إلى أن الحكومة اليمنية والخبراء يتفقون بأن العاصمة صنعاء يمكن أن تستنفد فيها المياه في غضون 10 أعوام، وأن تعداد السكان سيتزايد في المدينة التي تضم 2 مليون نسمة في الوقت الذي يرغم الناس على مغادرة مناطقهم بسبب النقص في المياه.
ولفتت "التايمز" إلى أن النقص في المياه أصبح يشكل خطرًا ويثير الاضطرابات المدنية، وأن المياه المتوفرة في اليمن تصل من 100 إلى 200 متر مكعب للفرد سنويًا، وهو أقل بكثير من خط الفقر المائي الدولي الذي يبلغ 1000 متر مكعب.
وأضافت الصحيفة ان "احتياطات المياه الجوفية تستخدم بشكل أسرع من الحد الذي يمكن تعويضه، وبخاصة في حوض صنعاء حيث كان يتم التوصل إلى المياه في السابق بعد حفر 20 مترًا، بينما لا يتم الوصول إلى المياه في الوقت الراهن إلا بعد حفر 200 متر، على الرغم من خزانات مياه الأمطار على سطوح معظم المنازل".
ونوهت الصحيفة إلى أن تهور بعض المواطنين الذين يحفرون آبارًا غير مرخصة فاقم من مشكلة المياه في اليمن. ونقلت الصحيفة عن مدير برنامج "حوكمة المياه في الدول العربية"، التابع لبرنامج التنمية في الأمم المتحدة، حسني الخردجي قوله" إذا لم يتم إيجاد حلول لذلك، فإننا سنرى الناس يعتدون على المدن الكبيرة، وتًشكل أحياء للفقراء وزيادة في الجريمة والأمراض التناسلية والعنف، إضافة إلى العصبية، كما سيجد المتعصبون أرضية خصبة للتجنيد وتعزيز بنيتهم التحتية".
واستطردت الصحيفة قائلة" عاش المواطنون اليمنيون على موارد مائية شحيحة لآلاف السنين لكن المشكلة تفاقمت بالتوسع في زراعة شجرة القات، والتي تستنزف أكثر من 40 بالمائة من المياه. اذ ان ما يقارب 70في المئةمن اليمنيين يتعاطون هذه النبتة يوميًا، وأشجار القات الكثيفة هي البقع الخضراء الوحيدة في المناظر الطبيعية القاحلة".
واختتمت الصحيفة البريطانية تقريرها بالقول "تأخذ الحكومة اليمنية بعين الاعتبار إنشاء محطة لتحلية المياه، لكن مثل هذا الحل مكلف وربما يأتي متأخرًا جدًّا، الخيار الآخر الوحيد يتمثل في تقليص الصناعة الزراعية واستيراد الغذاء".