اقتصاد

أزمة دبي العالمية ناقوس إنذار لآخرين

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

إيلاف: تواصل الصحف الاميركية متابعتها تداعيات الأزمة التي احدثها طلب شركة دبي العالمية لجدولة ديونها. وهذا الشأن كتبت صحيفة "واشنطن بوست" تحليلا جاء فيه:

يتوقع غالبية المحللين ان تتخلف دبي العالمية عن سداد أكثر من 30 مليار دولار مستحقة وليس 26 مليارا كما تعلن الشركة ، لكنها أقل ربما من نصف ما تراكم على الامارة من ديون تبلغ 80 مليار دولار. وستكون أزمة دبي اكبر من الأزمة التي فجرتها اعادة هيكلة ديون كوريا الجنوبية في عام 1998 التي كانت ناجمة عن قروض قدرها 22 مليار دولار ، وليست أقل كثيرا من الأزمة التي أحدثها تخلف روسيا عن الإيفاء بالتزاماتها المالية (بالارتباط مع قروض قدرها 40 مليار دولار).

وكانت ازمتا كوريا الجنوبية وروسيا اشاعتا موجة ذعر في انحاء العالم. أما اليوم فان المستثمرين يتثاءبون مملا إذا لم تكن الخسائر بمئات المليارات. ولكن هذه قد تكون ثقة في غير محلها.

كما تشير قضية دبي الى ان لاعبين آخرين في سوق العقارات قد يكونون غارقين في متاعب كبيرة. وكانت دبي العالمية اقترضت لشراء فنادق في نيويورك وميامي وحصة في احدى كازينوهات لاس فيغاس. وعندما حانت ساعة السداد وجدت الشركة نفسها عاجزة. في هذه الاثناء يقدر بنك جي. بي. مورغان الاستثماري ان اسعار العقارات التجارية ستواصل هبوطها حتى اواخر العام المقبل منذرا بخطر المزيد من الشركات التي تتخلف عن الايفاء بالتزاماتها المالية واضعاف الضمانات التي تغطي نسبة كبيرة من قروض البنوك. وستبقى البنوك تنزف مالا بما يحد من قدرتها على تقديم قروض جديدة الى نشاطات تجارية أخرى.

ثم هناك الرسالة الأكبر التي توجهها أزمة دبي العالمية وهي ان الحكومات سأمت القيام بدور الاطفائي. ولعل العام الماضي عوَّدنا على مشهد حكومات تهب لنجدة بنوك وشركات تأمين وصناديق مالية وشركات لانتاج السيارات ، ولكن التاريخ زاخر بالأزمات التي كانت الحكومات مصدر المشكلة فيها ـ هي التي تخلفت عن السداد. وفي شباط/فبراير هرع حكام ابو ظبي المجاورة الى انقاذ دبي بقرض قيمته 10 مليارات دولار. ولكن ابو ظبي رفضت هذه المرة فقالت دبي للمقرضين ألا يراهنوا على تسلم القسط المستحق التالي.

في غضون ذلك يمكن ان تكف حكومات ليست مثقلة بالديون عن توفير شبكات أمان لشركاتها. فان روسيا مثلا لديها احتياطات من القطع الأجنبي تزيد على 450 مليار دولار لكنها رفضت سداد ديون شركة "فاينانس ليسنغ كو" Finance Leasing Co. ـ احدى شركات قطاع الدولة ـ رغم ان المستثمرين الذين ابتاعوا صكوك الشركة ظنوا انهم كانوا يشترون دينا شبه سيادي. بل ان حكومات تبدي احتراما أكبر لمقرضيها قد تتوقف عن القيام بدور المنقذ.

إزاء هذه المتاعب كان من المفروض ان تكون قضية دبي العالمية ناقوس انذار ولكن بدلا من ذلك سجلت اسواق الأسهم صعودا منذ نهاية الاسبوع الماضي ، ونشهد ذلك النوع من الانتعاش الذي يعرفه المتعاملون حق المعرفة: حيث المستثمرون لا يعيرون آذانا صاغية للأنباء السيئة فيفكر آخرون في الانضمام الى الجوقة. وعندما تترسخ هذه الطريقة في التفكير يكون من المحتم ان ترتفع الأسهم. وفي نهاية المطاف يكون هذا الاتجاه عادة فقاعة.

صحيفة "نيويورك تايمز" من جهتها تناولت ازمة دبي العالمية بتسليط الضوء على دور الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي الذي قالت انه "اصبح معروفا بوصفه ملكا في عالم السوق العقارية وصاحب رؤية عقد العزم على بناء حديقة غنَّاء في الصحراء رغم حشد من المنتقدين الذين قالوا ان ذلك متعذر. وكان كثيرا ما يقول لزواره "ان ما حققته في دبي ليس إلا 10 في المئة من رؤيتي"، بحسب الصحيفة.

وتنقل "نيويورك تايمز" عن مستشارين حاليين وسابقين لحاكم دبي "انهم يعتقدون ان معاوني الشيخ محمد أبقوه في الظلام طيلة اسابيع أو حتى اشهر فيما كانت مشاكل دبي تتفاقم. إذ جُمدت مئات المشاريع العقارية وأخذ الممولون الغربيون الذين كانوا يتوافدون على الامارة ، يرحلون افواجا".

وتعتبر نيويورك تايمز "ان كثيرا سيعتمد على معالجته للأزمة ، ابتداء من دور دبي بوصفها مثالا ساطعا على النجاح الاقتصادي العربي والاستقرار الى النظام السياسي الاتحادي للامارات الذي يعتبره البعض نموذجا يُقتدى".

وتتابع الصحيفة "ان احلام الشيخ محمد لإمارة دبي تتعدى جعلها عاصمة مالية عالمية. وهو يقول انه يريد ان يقود نهضة عربية تحول المنطقة. ونموذجه في ذلك ليس لاس فيغاس ـ كما قد يظن بعض الزوار ـ بل قرطبة الاسبانية يوم حكمها العرب وكانت حينذاك أكثر مدن اوروبا تنويرا".

ولكن "حتى معجبيه يعترفون بأنه حاول ان يفعل الكثير بسرعة فائقة. إذ كان الشيخ محمد يلح على تنفيذ مشاريع تدر عائدا للتعويض عن افتقار امارته الى النفط. وكثيرا ما تعرض الى الانتقاد لاعتماده على جيش من عمال البناء الأجانب ذوي الأجور المتدنية الذين يعيشون في ظروف بائسة" ، بحسب نيويورك تايمز.

وتلاحظ الصحيفة ان من الاستراتجيات الادارية المركزية التي اعتمدها الشيخ محمد في السنوات الأخيرة كانت "الاعتماد على اربعة مستشارين كبار يسمون "الفرسان الأربعة". وأناط بكل منهم شركة مختلفة ودفعهم الى التنافس فتنافسوا بحمية متفوقين على احدهم الآخر المرة تلو الأخرى وهم يبنون مناطق صناعية وأعلى ناطحة سحاب في العالم". ولكن الصحيفة تنقل عن مستشارين وموظفين سابقين وحاليين "ان قلة من مستشاري الشيخ كانوا مستعدين للدعوة الى الحذر ، حتى عندما هبطت اسعار العقارات وقيم الأصول. وقال مدير تنفيذي سابق في احدى شركات دبي الكبرى ان الموقف في دوائر الأعمال والحكم كان يذهب الى ان الأنباء السيئة لا تُنقل الى الشيخ".

وتعيد الصحيفة الى الأذهان ان الشيخ محمد "قبل ايام فقط على اعلان دبي العالمية طلبها جدولة الديون في 25 تشرين الثاني/نوفمبر ، عزل ثلاثة من مستشاريه الأربعة الكبار من عضوية مؤسسة دبي للاستثمار التي تشرف على كل نشاطات الحكومة التجارية. ويتألف مجلس ادارتها الآن بأكمله من افراد الأسرة الحاكمة".

"وعندما خرج الشيخ محمد أخيراعن صمته بشأن دبي العالمية يوم الثلاثاء الماضي خلال الاحتفال بالعيد الوطني ، قلل من حدة مشاكل المديونية واتهم وسائل الاعلام بتضخيمها".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف