الأزمة الاقتصادية والمباحثات حول المناخ توحد دول أوبك
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
القاهرة: تلاشت الاختلافات بقوة داخل منظمة أوبك بين "المتشددين" وحلفاء الغربيين منذ سنتين، لأن التهديد المزدوج للأزمة الاقتصادية والمباحثات حول المناخ تلزم المنتجين باعتماد البراغماتية والوحدة.
فقبل سنتين، عندما كانت أسعار النفط تقفز إلى قرابة مئة دولار للبرميل، كان المعسكران يميلان إلى المواجهة داخل منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك"، التي تضم 12 دولة عضواً ذات مصالح متمايزة، وأحياناً متضاربة.
فمن جهة، كان الأعضاء "المتشددون" أو "الصقور" في الكارتل، مثل إيران وفنزويلا والجزائر أو ليبيا، يدفعون إلى اتخاذ قرارات تحفز ارتفاع الأسعار، لجمع أكبر قدر ممكن من العائدات النفطية.
ومن جهة ثانية، كانت دول الخليج وأبرزها المملكة العربية السعودية، أول منتج عالمي للنفط وحليفة الولايات المتحدة، تريد أن تكون الزيادة معتدلة، بهدف مراعاة مصالح الدول المستهلكة.
ومنذ ذلك الوقت، هدأت أصوات "المتشددين" بشكل كبير، وبدا أن الاختلافات في المواقف بين المنتجين تقلصت إلى حدود الصفر تقريباً. وقبل أقل من ثلاثة أسابيع على اجتماع أوبك المقبل في لواندا (أنغولا)، اعتبر وزراء النفط دون استثناء، أنه يتعين الإبقاء على حصص إنتاج المنظمة عند مستواها الحالي (24.84 مليون برميل في اليوم). ووافقت إيران وفنزويلا والجزائر على الوقوف إلى جانب هذا الرأي.
وفي حين يجري التداول بسعر برميل النفط عند حدود 75 دولاراً، لم يعد يجرؤ أي شخص على المطالبة بسعر برميل من 100 دولار. وتعود هذه الوحدة أولاً إلى البراغماتية التي اعتمدتها الدول المنتجة بشكل كبير، بسبب أحداث العام 2008: ارتفاع غير مسبوق للأسعار إلى حدود 147.50 دولاراً، والتي فشل المنتجون في وقفه، تلاه تدهور خيالي إلى حدود 32.40 دولاراً للبرميل في كانون الأول/ديسمبر الماضي.
وأوضح فرانسيس بيرين من مجلة "غاز ونفط" "أن ما حصل يدفع إلى التفكير. فإن سعر برميل نفط بـ75 دولاراً هو سعر لا يحلم به أحد على الإطلاق. حتى إن الدول "الصقور" اعتبرت أنه من الصعب المطالبة بأكثر". وأعلن جوليان لي المحلل في "مركز دراسات الطاقة الشاملة" اللندني "أن المنتجين لا يزالون يخشون من انهيار الأسعار".
وهناك سبب آخر لتهدئة "الصقور"، يتمثل في أن الدول التي كانت تمارس سياسة الأسعار المرتفعة تبين أنها الأقل فعالية في تطبيق الإجراءات التي اتخذتها أوبك لحمل الأسعار على الارتفاع.
وأثناء اجتماعها في وهران (الجزائر)، تعهدت أوبك بسحب إنتاج 4.2 ملايين برميل في اليوم من السوق. ذلك إن القسم الأكبر من التضحية قدمته السعودية، في حين لم تطبق إيران، وهي إحدى الدول "الصقور"، خفض الإنتاج الذي طلب منها.
وأوضح ديفيد ولش، المحلل لدى مؤسسة "جي بي سي اينرجي" أن "تأثير الصقور محدود" لأنهم "إذا طالبوا بأسعار أكثر ارتفاعاً، فسيأتي الرد عليهم بمطالبتهم باحترام أفضل لحصصهم الإنتاجية".
وأخيراً، وفي حين لا يزال انعكاس الانكماش قائماً على حركة الطلب على النفط، فإن تحدياً آخر لا يقل أهمية بالنسبة إلى المنتجين، يلوح في الأفق، وهو أن إجراءات خفض انبعاثات الكربون قد يجري التوقيع عليها في قمة كوبنهاغن هذا الأسبوع.
ولاحظ بيرين "عندما نرى في نشرات أوبك ازدياد القلق المرتبط بالتغير المناخي، فإننا ندرك أن المنتجين يشكلون كتلة مشتركة". ثم إن الإجراءات الرامية إلى الحد من حصة الطاقات الأحفورية في إجمالي استهلاك الطاقة، تهدد مباشرة مصالح منتجي الذهب الأسود. واختصر بيرين الوضع بالقول "تميل أوبك في أكثر الأوقات صعوبة في تاريخها، إلى التكاتف".