خبراء إقتصاديّون: المشكلة تتجاوز الطاقة الماديّة للمغرب
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
تزايد الاهتمام، في السنوات الأخيرة، بقضايا المحافظة على البيئة، عبر تقديم برامج توعية، وخطط مدروسة من قبل القطاع العام، ووضع قوانين يمكنها أن تحصّن البيئة، وتخفّف من حدة القلق الذي بدأ ينتاب العلماء. وتحوّل الحفاظ على البيئة إلى رهان في المغرب، حيث ارتفع مستوى ضغط الورش التنموية والاقتصادية على البيئة والموارد الطبيعية، ما دفع إلى تعزيز ترسانته القانونية، خاصة أن كلفة التدهور البيئي تفوّقالـ 13 مليار درهم سنويًّا، أي ما يمثل 3.7 في المئة من الناتج الداخلي الخام، في حين تقدّر تكلفة حماية البيئة بـ 1.8 في المئة من هذا الناتج.
الدار البيضاء: تنكب حاليًّا لجنة وزارية على وضع اللمسات الأخيرة على مشروع الميثاق الوطني للبيئة، الذي دعا العاهل المغربي الملك محمد السادس، قبل أيام، إلى إعداده.
ويروم هذا الميثاق، الذي من المنتظر أن يكون جاهزًا في آذار (مارس) المقبل، بالأساس زيادة الوعي الجماعي بالجانب البيئي، والانخراط الواسع لمختلف الفاعلين، والحفاظ على التنوع البيولوجي وجودة التراث الطبيعي والتاريخي والتنمية المتوازنة، وتحسين جودة الحياة والشروط الصحية للمواطنين. وتتمثل السياسة البيئية، حسب ما يهدف إليه المشروع، في ثلاثة محاور أساسية. أولها اعتماد مقاربة تنخرط فيها مجموع الجهات، والمحافظات، وعمالات المملكة، ثم مقاربة تشاركية تتطلب مشاركة مجموع الفاعلين الاقتصاديين والمنظمات غير الحكومية، وأخيرًا مقاربة تقوم على إنجاز مشاريع ذات أهمية حيوية بالنسبة إلى المغرب، كالبرنامج الوطني للصرف الصحي (50 مليار درهم في أفق سنة 2020)، والبرنامج الوطني للنفايات المنزلية (37 مليار درهم في أفق سنة 2023)، والبرنامج الوطني لمكافحة تلوث الهواء والبرنامج الوطني للوقاية من الأخطار الصناعية.
وقال الدكتور لحسن الداودي، الخبير الاقتصادي، إن "التدهور البيئي لديه تكلفة اجتماعية أكثر منها اقتصادية"، مشيرًا إلى أن "المغرب لا يمكنه لوحده أن يواجه التكلفة المادية لحماية البيئة". وأكد الخبير الاقتصادي، في تصريح لـ "إيلاف"، أن "موارد المملكة غير كافية لمواجهة التكلفة المادية للمحافظة على البيئة"، مبرزًا أن حكومة الرباط "يمكن أن تقوم بقدر المستطاع في هذا المجال لأن الموارد قليلة".
وأوضح لحسن الداودي أن "السؤال الجوهري، هو على حساب أي قطاع ستجري هذه العملية؟ أي ما هو القطاع الذي سيعاني من هذه الخطوة؟"، مشيرًا إلى أن "المغرب سيعتمد على الدعم الدولي، لأن الموارد الذاتية غير موجودة". وذكر المحلل الاقتصادي أن "الدول النامية والفقيرة لا تستطيع أن تواجه هذه المعضلة لوحدها"، مضيفًا أن "ذلكمشكلة كبيرة تتجاوز طاقة المغرب". من جهته، قال رضوان زهرو، الخبير الاقتصادي المغربي، إنه "يجب التفريق بين حالة البيئة الناجمة عن ظاهرة الاحتباس الحراري، كالجفاف، وضعف منسوب المياه، وغيرها، وهو الوضع الذي تتدخل فيه الدول الصناعية الكبرى، التي تتحمل فيه المسؤولية الأولى، وبين الوضع البيئي الوطني الناجم عن تصرفات غير سليمة، من قبل المقاولات والأشخاص".
وأكد رضوان زهرو، في تصريح لـ "إيلاف"، أن "معالجة الوضع يحتاج إلى سياسة عمومية، تكلف الدولة موارد مالية مهمة"، مشيرًا إلى أن "تكلفة الحفاظ على البيئة كبيرة جدًّا، في وقت نعرف فيه أن المغرب ليست لديه الإمكانات والموارد الضرورية للقيام بذلك، خاصة في ظل الأزمة المالية العالمية". وأضاف الخبير الاقتصادي المغربي "أعتقد أن جانب تدخل الدولة سيعرف بعض التراجع نتيجة قلة الموارد المالية"، مبرزًا أنه "توجد هناك مسؤولية أيضًا للمقاولات، إلى جانب مسؤولية الأشخاص".
ويترقب إنشاء مراصد جهوية للبيئة، التي أدرجت ضمن الإتفاقيات الموقعة مع الجهات، إذ سيجري خلق مرصد بكل جهة. وتتولى هذه المراصد مهمة إصدار تقارير سنويّة حول الأوضاع البيئية، وتتبع الوضع البيئي عن قرب، وتصحيح الاختلالات الحاصلة في هذا المجال بطريقة سلسة. وتشهد المدن المغربية توسعًا بكيفية عشوائية على حساب المناطق الخضراء، وإنشاء مدن أخرى على أراضٍ زراعية خصبة، إضافة إلى أن القطاع الغابوي هو الآخر يحتضر جراء الجفاف والنهب.