مشروع وطني مناخي في البرازيل لمنع قطع الأشجار في الأمازون
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
بدأت البرازيل تعي أهمية حماية الطبيعة لديها، خاصة الغابات الأمازونية، التي تعتبر الرئة لملايين الكيلومترات من الغابات، ليس فقط في البرازيل، بل أيضًا في بلدان لديها امتداد لهذه الغابات، لذا أعلنت الحكومة البرازيلية قبل فترة قصيرة عن مشروع وطني لمواجهة التغييرات المناخية، حيث قررت للمرة الأولى تخفيض قطع الأشجار في غابات الأمازون. وحسب القرار الصادر، سوف تخفض رخص قطع التجار للأشجار حتى الـ70 % لفترة تمتد حتى عام 2018، أي أقل بعشرة أضعاف مما هو معمول به منذ سنوات طويلة.
نهى أحمد من سان خوسيه: بررت وزارة حماية الثروات الطبيعية في البرازيل إجراء قرار تخفيص رخص بتر الأشجار، بأنه وعبر منع قطع الأشجار في الأمازون، ستنخفض نسبة الانبعاثات، خاصة من أوكسيد الكربون حتى 4.800 مليون طن، التي تسبب تلوث الأجواء. وهذا يشكل ثلاث مرات أكثر مما وعدت به البلدان الصناعية في بروتوكول كيوتو.
ولقد تلقى حماة وعلماء البيئة القرار بتحفظ، مع ذلك يأملون أن يفتح مجالاً لمنع قطع الأشجار تمامًا في غابات الأمازون، فهذا يساعد أيضًا على حماية سكّان هذه الغابات وملايين من أنواع الحيوانات والطيور والنباتات. وتريد البرازيل الآن، من خلال حضورها مؤتمر المناخ في كوبنهاغن، طرح فكرة نسب معينة من الانبعاثات لتلتزم كل البلدان بها، من أجل حماية البيئة، لكن ليس على حساب الدول النامية، وليس بشكل يعوق تطورها وتقدمها.
من جانب آخر، تسعى جمعية حماية الأمازون، التي أسّسها الرئيس البرازيلي لويس أغنازيو لولا دا سيلفا هذه السنة، إلى جمع تبرعات من كل العالم، بهدف تغطية تكاليف حملات محاربة تقطيع الأشجار في الأمازون، فهذه المشكلة جعلت من البرازيل بلدًا متسبّبًا لانبعاث ثاني أوكسيد الكربون. إلا أن هذا البلد من ناحية أخرى يسلك سياسة على حساب المزارعين الصغار، ببيعه كميات كبيرة من محاصيل قصب السكر والحنطة لإنتاج الإيتانول البديل، ليكون الوقود العضوي بدلاً من الوقود العادي من النفط، بهدف تخفيف ثاني أوكسيد الكربون، وتسجل حاليًّا البرازيل أرباحًا كثيرة. وعلى الرغم من الاعتراضات الشعبية الكبيرة، زادت مساحات زراعة قصب السكر والذرة في السنوات المقبلة، بهدف إنتاج هذا النوع من الوقود.
وفي آخر خطاب له، ذكر الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا أنّه وضع برنامج نمو اقتصاديًا جديدًا، يعتمد في الكثير من نواحيه على الطاقة البديلة وحماية البيئة، وتصل تكاليفه للسنوات العشرة المقبلة إلى 180 مليون دولار، لذا تنظر مؤسسات تحليل اقتصادية إلى هذا البرنامج بعين التقدير، وتعتقد أنه سوف يزيد نسبة النمو الاقتصادي 4 %.
وتريد كوستاريكا، هذا البلد الصغير الواقع في وسط أميركا، تحسين شروط حماية البيئة، لما لديه من غابات ماطرة تعود بالفائدة الكبيرة على اقتصادها، لذا وقّعت الشهر الماضي مع الولايات المتحدة الأميركية اتفاقية مهمة، يقضي بموجبها شطب واشنطن ما تبقى لها من ديون عليها مقابل حمايتها ومحافظتها على البيئة والطبيعة والحدائق، التي تعتبر من الحدائق المميزة في العالم. وهذا يعني أن الأموال التي سوف تشطبها الإدارة الأميركية، وتصل إلى 13.548 مليون كولون (عملة كوستاريكا) أو ما يعادل 26 مليون دولار، ستكون لتمويل مشاريع من أجل حماية الطبيعة حتى عام 2024.
ودامت المباحثات بين البلدين، التي نتج منها شطب الديون، أكثر من ستة أشهر، وضعت خلالها خريطة عن الأماكن التي سوف تتحول إلى محميات طبيعية يمنع الدخول إليها، لذا اعتبرتها حكومة كوستاريكا مبادرة جيدة خاصة، وأنها بلد تتوافر فيه مساحات شاسعة من الغابات الماطرة والحدائق العامة والجزر الصغيرة التي تعيش فيها أنواع نادرة من الطيور، وينمو فيها أنواع من الأزهار، والأعشاب الغريبة أوشكت على الانقراض، بسبب تلوث الطبيعة وعدم توافر الأموال الكافية لحمايتها.
في الوقت نفسه، قررت حكومة كوستاريكا وضع خطة، سوف تباشر في تنفيذها مع مطلع العام المقبل، من أجل الحفاظ على البيئة والطبيعة والتقليل من انبعاث الغازات السامة. وكما قال رئيس الجمهورية أوسكار أرياس "اليوم حتى عام 2021، سوف نكون بلدًا لا توجد فيه أي نسبة من غاز ثاني أكسيد الكربون، ويريد بذلك أن تكون بلده مثالاً لبلدان أميركا الوسطى، وأول إجراء سيتم وقف عمل المصانع العاملة على المواد المسببة للغازات الضارة مثل الفحم الحجري. والإجراء المقبل، سيكون تشجيع السيارات التي لها محركات تحافظ على البيئة، مع فرض تزويد السيارات بالعوادم الجيدة.
ولن تقف الخطة عند هذا الحد، بل يسعى أرياس إلى تخفيض الانبعاثات التي يسببها القطاعان الزراعي والصناعي، وزرع المزيد من الأشجار، على الرغم من توافر الغابات الماطرة في بلاده. وتخفيض الانبعاثات السامة ليس بالأمر الجديد على كوستاريكا، فهي تعتمد منذ سنوات على محطات مائية لتوليد حوالي 76 % من استهلاكها للطاقة الكهربائية. وبفضل البحوث الكثيرة، فإن 51 % من أراضيها تكسوها الغابات.
وتريد باناما، ولها حدود مع كوستاريكا، سلوك سياسة لحماية البيئة لديها. وأكّدت السلطات هناك أنه تمّ تأجيل بناء مركز سياحي على شاطىء سايغون في جزيرة كولون بالمحافظة الكاريبية بوكاس ديل تورو، الواقعة على الحدود مع كوستاريكا، بعد رفض مجموعات من حماة البيئة المشروع لأنه لا يخضع لشروط حماية البيئة، وسوف ينفذ عندما تتوافر الشروط اللازمة، منها التقويم البيئي الضروري، وإثبات أنه مشروع لا يلحق الضرر بالبيئة. وسبب الرفض أن المشروع كان من المقرر أن يبنى على شواطىء مرجانية، تعتبر من المحميات الطبيعية.
وفي تقريره السنوي، الذي شارك فيه أيضًا العديد من خبراء البيئة في أميركا الوسطى، قال ألفونسو فاندورا، خبير حماية المناخ في جامعة العالم في سان خوسيه، "بالوسائل البسيطة ذات التكاليف القليلة جداً، يمكن لكل بلدان وسط أميركا الحفاظ على الغابات والبيئة، ومواجهة التغييرات المناخية، لإنقاذ البشرية والطبيعة. فهي لا تكلف سوى قوانين تحمي البيئة من التجار والعابثين بالطبيعة. جاء ذلك تأكيداً على ما ورد في اجتماع عقد نهاية الشهر الماضي في مدينة سان بيدرو دي سولاعلى في هندوراس من أجل تسخير كل الطاقات لحماية الغابات في أميركا الوسطى، التي تتعرض للدمار السريع. ولقد شارك في الاجتماع عالِم الجيولوجيا الأميركي براين فاينغن الباحث البيئي في معهد the nature conservancy. ووضعت خلال الاجتماع خطة، تضم مقاييس طارئة، تنفذ على مرحلتين، بالتعاون مع علماء بئويين في العالم.
وذكّر فاينغن أن التغييرات المناخية تجري بسرعة أكثر مما كان منتظرًا، وتأثيراتها أصبحت أكثر خطرًا وأكثر تأثيرًا على الحياة واقتصاد بلدان أميركا الوسطى، والتقلبات الجوية التي تشهدها المنطقة من أمطار غزيرة في غير وقتها إشارات يجب أخذها بعين الاعتبار. والمقاييس الطارئة التي وضعت يجب أن تتركز على الحفاظ على مساحات شاسعة من الغابات الإستوائية والماطرة في المنطقة، لهذا سوف تشكل مجموعات من المراقبين تنتشر في كل مكان، وعلى الحكومات توفير الضمانات لعملها وكل الإمكانيات اللوجستية والتقنية، فهذه المقاييس ستكفل إنقاذ أنواع كثيرة من الحيوانات والنباتات.
وحسب شرح فاينغن، فإن بقاء الغابات هو الإجراء الوحيد الذي يضمن التخفيف من حدة التغييرات الطقسية، لأن الغابات تخزن الغاز وتمتصه وتحمي من التأثيرات الطقسية، وتساعد أيضًا على إصلاح الطقس، وتؤمّن الماء، وتعطي السكان قيمة جمالية وثقافية واقتصادية. ومن أجل دعم هذا المشروع قررت بريطانيا التبرع بـ 2.3 مليون دولار.
وقضية البيئة وحماية الطبيعة تحول إلى فيلم بعنوان "من المايّا إلى القطب الشمالي"، عرض الأسبوع الماضي، في العشرات من دور السينما في أميركا اللاتينية، بتمويل من مؤسسات حماية البيئة في غواتيمالا، يتحدث عن قبائل المايّا القديمة، التي سكنت مناطق عديدة هناك، قبل أكثر من ثلاثة آلاف سنة. والملفت للنظر أن الذين نفذوا هذا المشروع استندوا في مضمونه على وجهة نظر حكماء من قبائل المايا، الذين حذّروا يومها شعوبهم من عدم احترام الطبيعة.
ففي بداية الفيلم، تظهر المدينة الأكبر لقبائل المايا، والتي تسمى "المرقب"، والموجودة في شمالي بيتين في غواتيمالا، فهذه المدينة تعتبر الأكثر جمالاً، وفيها منبع حضارة المايا مع أهرامها.
لكن لماذا الذهاب أولاً إلى مدن قبائل المايا، وبعد ذلك إلى القطب الشمالي، والجواب هو من أجل إظهار تأثيرات ارتفاع درجة الحرارة على الكرة الأرضية بالكامل، فالجيولوجيون برهنوا على أن حضارة المايا قد اختفت بسبب استهلاك سكانها الزائد وغير المتزن للموارد الطبيعية، خاصة القمح والحنطة، والاستهتار بالطبيعة، مما سبب تغييراً في المناخ، كما هو الحال في يومنا هذا. فاستخفاف الإنسان بالطبيعية ومواردها يتكرر، وبطريقة مماثلة، أي إن القصة تتردد حاليًا مع الأخطاء نفسها. كما يظهر مدى فادحة تأثير التغيير المناخي على أرصفة المرجان وعلى الدبب القطبية في القطب الشمالي، فالشيء نفسه حدث تقريبًا قبل انهيار حضارة المايا مع حيوانات كانت موجودة يومها.
لكن الفيلم ليس صوراً وكوارث، بل ينقل مناظر بديعة عن الطبيعية التي يجب حمايتها، فقد تدفع بالإنسان للشعور بالمسؤولية حيالها. وبعد حضارات المايا، انتقلت مشاهد الفيلم إلى أعماق القطب الشمالي، فصوّرت الأعمال التي يقوم بها علماء حماية البيئة لتحديد مدى ذوبان الجليد هناك، والمعدات التي يستخدمونها لقياس تأثيرات زيادة الحرارة على الأرض المرتفعة، والتي سوف تؤثر مع الوقت في بلاد الجنوب.
وفي النهاية، يعود الفيلم إلى طرح النقاش حول ارتفاع الحرارة على الأرض لدى الحضارات القديمة من ملايين السنين، والتي تشبه تغييرات الطقس اليوم، ثم يطرح سؤالاً آخر "لماذا يجب أن نعطي الانتباه إلى التاريخ، والجواب بكل بساطة كان من أجل تفادي تكراره".
وفي العديد من بلدان أميركا الجنوبية، سوف يخصص عام 2010 يوماً من دون سيارة، وآخر من دون كهرباء. وسبق أن نفّذت هذا المشروع بعض البلدان، منها كوستاريكا في شهر نيسان (إبريل) الماضي، حيث لبّت دعوة 72 منظمة عالمية لحماية البيئة للاستغناء عن التيار الكهربائي لمدة خمس دقائق مساء في الساعة الثامنة بتوقيت غرينتش، وذلك احتجاجًا على تأثير التغييرات المناخية والانبعاثات الحرارية، وعدم اهتمام الدول الصناعية بالبيئة والحفاظ عليها. ولقد تزامن هذا الحدث يومها مع نشر الأمم المتحدة تقرير جديد عن زيادة الحرارة في كوكب الأرض وإهمال الإنسان للطبيعية.
ويقول الاقتصادي الكاتالان خوان مارتينيس الليير، من الجامعة الوطنية في كوستاريكا في محافظة إيريديا، "تنبعث اليوم في العالم غازات احتباسية، تصل كميتها إلى سبع مرات أكثر من تلك التي كانت تنبعث قبل مئة سنة، وهناك إنتاج وصناعة أكثر، وبالتالي تلوث أكثر، والناس مازالوا يواصلون شراء الذهب من دون الاكتراث بموت سمكة، لأسباب تتعلق بالتلوث البيئي، وسوف يموتون يوماً من التلوث، مثل هذه السمكة. وكل ما يمكنني قوله هو أننا نمشي بخطى سريعة باتجاه الكوارث الطبيعية، لكن في المقابل هناك من يطالب بالإسراع بتغيير الكثير من عاداتنا".
وفي محاولة منهم لحماية المناخ بعد تقرير الأمم المتحدة الأخير الذي أدخل الخوف في النفوس والمتعلق بالتغيرات المناخية في العالم، قرّر أكثر من 20 % من سكّان عاصمة كولومبيا بوغوتا، وعددهم يصل إلى 6.7 ملايين، ترك سياراتهم الخاصة في منازلهم، يوماً كل شهر، والذهاب إلى عملهم سيراً على الأقدام أو بوساطة الدراجات. وهذه هي المرة الثانية التي يخصص فيها سكان بوغوتا يوماً من دون سيارة، والمرة الأولى كانت عام 2000.