الديون السيادية مرشحة لتفجير الأزمة المالية المقبلة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
هل الديون السيادية فتيل أزمة مالية جديدة، بعدما كانت القروض العقارية فتيل الأزمة الأخيرة. سؤال يطرح في وول ستريت، خشية أن تعجز دول العام المقبل عن سداد ديونها.
قسم الترجمة - إيلاف: هل الديون السيادية فتيل أزمة مالية جديدة، بعدما كانت القروض العقارية فتيل الأزمة الأخيرة؟. هذا هو السؤال الذي يطرحه كثيرون في وول ستريت مع اقتراب عام 2009 من نهايته. ومثلما عجز كثير من مستلفي القروض العقارية عن سداد الأقساط المستحقة عليهم في 2007 و2008، يخشى مستثمرون الآن أن تعجز دول معينة عن سداد ديونها في العام المقبل.
ويشير موقع "ياهو فايننس" إلى أن تزايد حالات التخلف عن سداد القروض العقارية والمستحقات المترتبة على استخدام البطاقات الائتمانية، وضع العديد من المصارف على حافة الإفلاس في عام 2008، دافعاً الاقتصاد العالمي إلى أزمة عميقة. ولكن التخلف عن سداد الديون السيادية ينطوي على مخاطر أشد كارثية، لأن هذه الديون يمكن أن تؤدي إلى انعدام الاستقرار الجيوسياسي واضطرابات اجتماعية وحتى إلى حروب. كما ستكون هناك تداعيات اقتصادية بالنسبة إلى المستثمرين في أنحاء العالم، مهددة الانتعاش الهش، الذي أخذت تلوح بوادره في أميركا (والعالم) بأخطار جسيمة.
وبدرجات متفاوتة، فإن اليونان وأسبانيا وأوكرانيا والنمسا ولاتفيا والمكسيك، إن هي إلا حفنة من الدول التي تُعد معرضة إلى خطر العجز عن سداد ديونها. في هذه الأثناء، بالكاد أفلتت دبي من مصير مماثل، بفضل إنقاذها بعشرة مليارات دولار، قدمتها جارتها الغنية بالنفط أبوظبي.
فمن هي الدول المرشحة لإحداث الهزة التالية في عالمنا، الذي يتزايد ترابطاً بين أجزائه؟. وبحسب "ياهو فايننس"، تتركز بؤر التأزم المحتملة في الدول الآتية:
ـ اليونان: انضمت مؤسسة فيتش ريتنغز إلى وكالات أخرى للتصنيف الائتماني في التعبير عن القلق بشأن متانة الاقتصاد اليوناني. فإن "اليونان تواجه خطر الغرق في ديونها"، كما أعلن رئيس الوزراء جورج باباندريو يوم الاثنين الماضي، متعهداً بخفض عجز الميزانية، من خلال إصلاح النظام الضريبي، وتقليل الإنفاق العام.
- الأكوادور: تخلفت عن السداد في كانون الأول/ديسمبر 2008، عندما قال الرئيس رفائيل كوريا إن أكوادور لن تدفع فوائد تربو على 30 مليون دولار عن سندات بقيمة 510 ملايين دولار. ودرجة تنصيف أكوادور الآن "سي سي سي زائد" في تقويم وكالة ستاندارد آند بورز. ويعني هذا التقويم بعبارة مختصرة أن البلد مقبل على أوقات عصيبة على الأرجح.
ـ الأرجنتين وغرنادا ولبنان وباكستان وبوليفيا: تُعتبر أوضاعها الاقتصادية أفضل قليلاً من البلدين السابقين، ولكنها مثقلة بدرجة تصنيف "بي ناقص"، التي ما زالت تشكل سبباً للتوجس. إذ يعني تصنيف "بي" المنفرد عند ستاندار آند بورز أن هذه البلدان "أكثر انكشافاً لظروف مالية واقتصادية سلبية، لكنها حالياً قادرة على الإيفاء بالتزاماتها المالية. بعبارة أخرى إن أوضاعها ليست جيدة، ويتعين أن تقوم بإصلاح بعض الأمور، ويُفضل أن يكون ذلك سريعاً.
المكسيك: خفضت وكالة ستاندار آند بورز درجة تصنيفها للاقتصاد المكسيكي هذا الأسبوع، ولكنها قالت إن آفاق تطوره مستقرة. لماذا التخفيض؟.. لأن الوكالة ترى أن محاولات المكسيك جمع المال من مصادر أخرى، غير عائدات النفط، ورفع كفاءة اقتصادها "من المرجح ألا تكون كافية للتعويض عن ضعف أوضاعها المالية".
أسبانيا: خفضت وكالة ستاندار آند بورز درجة تقويمها لآفاق تطور الاقتصاد الأسباني في وقت سابق من كانون الأول/ديسمبر إلى "سلبي" من "مستقر"، بسبب المخاوف من أن أسبانيا ستتعرض إلى تردٍ أشد وطأة، وأبلغ أثراً في أحوال ماليتها العامة، وإلى فترة أطول من الضعف الاقتصادي بالمقارنة مع نظيراتها.
ماذا يعني الدين السيادي؟
يشير الدين السيادي إلى مديونية الدول. وكما تصدر الولايات المتحدة سندات الخزانة، مدعومة "بوفاء الحكومة وائتمانها الكاملين"، فإن دولاً أخرى تصدر سندات لجمع المال، بغية تمويل برامج، تمتد من الجيوش إلى الخدمات الصحية العامة.
ويعني "التخلف" عجز دولة من الدول عن سداد دينها (أو رفضها سداده). وسواء أرسل مالك عقار مفاتيح بيته بالبريد إلى مقرضه لأنه سُرّح من العمل ولم يعد قادراً على سداد أقساط القرض العقاري، أو لأن هبوط قيمة العقار يجعل التسديد عملية غير مجدية اقتصادياً، فإن النتيجة واحدة بالنسبة إلى المصرف، وهي أنه قدم قرضاً، وهذا القرض لا يُسدد له الآن. ويصح الشيء نفسه على مستثمرين ابتاعوا ديوناً سيادية. وتتسم مثل هذه الصفقات بأهمية بالغة، نظراً إلى أن ديون الدول كثيراً ما تُعتبر أكثر أماناً من ديون الشركات، لأن لدى الدول القدرة على جباية ضرائب وزيادة التعرفات لجمع المال من أجل تسديد ديونها. وقد يكون إقراض الدول "أكثر أماناً"، ولكن "أكثر أماناً" لا يعني أن إقراضها "مأمون"، وهو قطعاً ليس مكفولاً.
فهناك مخاطر في إقراض الدول، أو ما يسمى الديون السيادية، مثلها مثل أي أوراق مالية. وما تخلف الأرجنتين عن السداد في عام 2002، وروسيا في عام 1998، إلا أمثلة حديثة العهد في تاريخ مديد من التخلف عن سداد ديون سيادية يعود إلى زمن الأمبراطورية الأسبانية في أوائل القرن السابع عشر.
قلة من المستثمرين، يساورهم قلق جدي من تخلف أميركا أو بريطانيا الوشيك عن سداد ديونها. ولكن إزاء المخاوف التي أثارها عجز دبي عن سداد ديونها، وما أحدثه من هزّات في أسواق العالم خلال الأسابيع الأخيرة، فإن المستثمرين يتخذون موقف الحذر والتوجس، متساءلين أي بلدان أخرى قد تكون في ضائقة مالية.
وعلى سبيل المثال، فإن وكالة موديز للتصنيف الائتماني قالت يوم الثلاثاء الماضي إن السنة المقبلة يمكن أن تكون سنة صعبة للديون السيادية، وأصدرت تقريراً بعنوان يبعث على الاكتئاب: "شدوا أحزمتكم: مطبّات قوية أمامكم".
ويقول محللون إن المطلعين على آليات عمل قطاع المال والأعمال يعرفون أن الأفراد والمصارف والشركات والحكومات في كل أنحاء العالم يواجهون مشكلة خطرة، ولكن الجهود ما زالت مستمرة لتحديد حجم الخطورة. والأرجح أن الطريق ما زال طويلاً قبل أن تعود أيام أكثر إشراقاً.