السعودية: الاستثمار أولاً والدفاع والأمن والحرس بالحبر السري
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
في تحرك ليس بالغريب على وزارة المالية السعودية، خلا بيانها المتضمن الميزانية المعتمدة لكل وزارة أو مؤسسة حكومية من الميزانيات التقديرية لأهم ثلاث وزارات سعودية (الدفاع والطيران، والداخلية، والحرس الوطني) التي لم تعلن السعودية عن ميزانياتهم منذ تأسيس الدولة السعودية، فيما قال خبراء اقتصاديون لإيلاف إن الميزانية السعودية اتسمت بالانفاق الاستثماري الذي بلغ 48% من مجملها، وهو ماقد يفسر شروعاً نحو تطوير البنى التحتية والإنشاءات، خصوصاً بعد ماعرف بـ"كارثة جدة" والقرى الحديثة التي دخلت حيز التنفيذ في جيزان على أثر العمليات العسكرية السعودية على حدودها الجنوبية هناك مع الحوثيين.
الرياض: قال أستاذ الاقتصاد في جامعة الملك سعود الدكتور زايد الحصان في اتصال مع "إيلاف" إن الحكومة السعودية تضع الميزانية دائمًا بشكل متحفظ، بمعنى أن سعر برميل النفط للسنة المقبلة يجب ألا يكون مبالغًا فيه، ويوضع عند أقل أو أكثر قليلاً من سعر 40 دولارًا، حسب الظروف الاقتصادية العالمية.
لافتًا إلى أنه وبالنظر إلى تصريح وزير النفط السعودي المهندس علي النعيمي، الذي قال فيه إن السعودية تفضّل أن يكون سعر النفط ما بين 70 و 80 دولارًا للبرميل، ووفقًا للدكتور الحصان، فهذا يعني أن أسعار النفط خلال 2010 يجب ألا تكون أقل من متوسط 70 دولارًا للبرميل، باعتبار أن السعودية من أكبر المنتجين والمؤثرين في سوق النفط الدولية.
وتابع الدكتور الحصان أن الميزانية تحفظية، وفقًا للظروف الاقتصادية التي تحيط بالاقتصاد العالمي خلال 2010، والتي يتوقع كثير من المحللين والمراقبين أن تكون أفضل حالاً، ابتداء من النصف الثاني من العام المقبل، بخروج الاقتصاد الأميركي والاقتصادات الأخرى المتقدمة من نفق الكساد، مشيرًا إلى أن ذلك سينعكس بشكل إيجابي على أسعار النفط الخام، مما يعني أن أسعار النفط من المتوقع لها أن تتجاوز ال 100 دولار للبرميل في النصف الثاني من 2010.
تراجع قيمة الإكتتابات في السعودية في 2009 بنحو 89 %
العساف: السعودية تأمل في تحقيق نمو
ارتفاع الإنفاق الحكومي السعودي في 2009 إلى 550 مليار ريال
السعودية تعلن ميزانيتها الأضخم في تاريخها
السعودية تتوقع عجزاً في ميزانية 2010 مع زيادة الإنفاق
وأكد أن ميزانية العام المقبل واصلت تأكيدها في التركيز على هدف الحكومة الاستراتيجي في تحويل الاقتصاد السعودي من اقتصاد قائم على النفط إلى اقتصاد يعتمد على المعرفة، ويظهر ذلك من خلال تخصيص الجزء الأكبر من الميزانية على أحد أهم ركائز الاقتصاد المعرفي، وهو التعليم والتدريب وتطوير العنصر البشري. وعلى الرغم من ذلك، يرى الحصان أن الحكومة زادت من حجم إنفاقها الاستثماري في تعزيز النشاط الاقتصادي المحلي وتوفير السيولة الكافية لقطاعات الاقتصاد المختلفة.
ويعتبر الخبير الاقتصادي الدكتور عبدالوهاب أبو داهش أن حجم الإنفاق في ميزانية السعودية في 2010 يعطي دلالة على أن الحكومة تتوقع أسعار نفط أقوى وأعلى مما كانت عليه في 2009 من ناحية، ومن ناحية أخرى أن إنتاجًا من النفط الخام سيكون عند 8 ملايين برميل يوميًا.
ويوضح، في حديث مع "إيلاف"، أن عجز الميزانية السعودية في العام المقبل سيكون أقل بكثير من 70 مليار ريال لسببين: أحدهما أن الإنفاق الحكومي، على الرغم من الحالات الطارئة التي مرت بها السعودية، كان منضبطًا، ولم تتجاوز الزيادة السنوية في الإنفاق الفعلي عن الإنفاق التقديري 16 %، بما يعادل 60 مليار ريال، مشيرًا إلى أنه وفقًا لسلوك الحكومة التاريخي، فإن حجم الإنفاق في نهاية 2010 سيبلغ 600 مليار ريال، بزيادة 60 مليار عما هو مقدر في الميزانية، مشيرًا إلى أن الإيرادات المعلنة في الميزانية متحفظة جدًا، ولذلك فإن العجز في نهاية العام أقل بكثير من المتوقع.
وأشار أبو داهش إلى أن الإنفاق المعلن في الميزانية إنفاق استثماري بالدرجة الأولى، حيث استأثر بنحو 48 % من حجم النفقات، لافتًا إلى أن ذلك عند مقارنته بالميزانية يعتبر إيجابيًّا جدًّا، لكون معظم الميزانية في السابق كانت تصرف على بند الرواتب، إضافة إلى ذلك، سيؤدي إلى نمو في قطاع البناء والتشييد، لوجود تركيز على مشاريع البنية التحتية، مما يعني مواصلة قطاع المقاولات نموّه في العام المقبل.
وألمح إلى أن فاتورة المرتبات والأجور مرتفعة جدًّا، وتحتاج إعادة نظر واضحة، إضافة إلى الضريبة المفروضة على المستثمر الأجنبي هي الأخرى تحتاج إعادة دارسة. وأوضح أبو داهش أن هناك مشاريع حكومية يمكن طرحها للتخصيص في المستقبل، مثل مشروع رأس الزور وسكة الحديد، لكنه أكد أنها تحتاج ست أو سبع سنوات، حتى تكون لديها قابلية للطرح، ولكنه يأمل ألا تطرح هذه المشاريع الكبيرة حتى تبدأ بتحقيق الربحية.
وكانت ميزانية الدولة السعودية، التي تعد أعلى ميزانية في تاريخ المملكة، والتي أقرها مجلس الوزراء السعودي في جلسته الأثنين، قد ركّزت على منح قطاع تطوير الموارد البشرية وتطوير مشاريع البنية التحتية النصيب الأكبر من ميزانية الدولة السعودية، حيث نال هذان القطاعان أكثر من 400 مليار ريال من حجم الميزانية، المقدرة بنحو 540 مليار ريال.
ونال قطاع تطوير الموارد البشرية (التعليم والتدريب والتطوير) أكثر من 25 % من نفقات الميزانية الجديدة، بما يصل إلى 137.6 مليار ريال، وبزيادة نسبتها 13% عما تم تخصيصه في ميزانية العام 2009، شاملة الاستمرار في مشروع الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتطوير التعليم، وإنشاء 1200 مدرسة جديدة، وإنشاء أربع جامعات جديدة.
ومنحت الحكومة مشاريع البنية التحتية اهتمامًا كبيرًا، بما يتفق مع تصريحات وزير المالية أمام قمة العشرين بأن السعودية ستنفق نحو 400 مليار دولار على مشاريع البنية التحتية خلال السنوات الخمس المقبلة، حيث تضمنت الميزانية برامج ومشاريع جديدة ومراحل إضافية لبعض المشاريع التي سبق اعتمادها، تزيد تكاليفها الإجمالية عن 260 مليار ريال، بزيادة 16 % مقارنة بتكاليف المشاريع في ميزانية 2009 والبالغة 225 مليار ريال.
وخصص لقطاع الخدمات البلدية، الذي يشمل وزارة الشؤون البلدية والقروية والأمانات والبلديات حوالي 21.7 مليار ريال، بزيادة نسبتها 15% عن ما تم تخصيصه في ميزانية العام المالي الحالي، منها ما يزيد عن 2.9 مليار ريال مموّلة من الإيرادات المباشرة للأمانات والبلديات، فيما بلغت مخصصات قطاع النقل والاتصالات حوالي 23.9 مليار ريال، بزيادة نسبتها 24 % عن ما تم تخصيصه في ميزانية 2009.
وبلغ ما خصص لقطاعات الخدمات الصحية والتنمية الاجتماعية حوالى 61.2 مليار، بزيادة نسبتها 17 % عن ما تم تخصيصه في ميزانية العام المالي الحالي. وفي مجال الخدمات الاجتماعية، تضمنت الميزانية مشاريع جديدة لإنشاء أندية ومدن رياضية ودور للرعاية والملاحظة الاجتماعية والتأهيل، ومبان لمكاتب العمل، ودعم إمكانات وزارة العمل ووزارة الشؤون الاجتماعية لتحقيق أهداف التنمية الاجتماعية، إضافة إلى الاعتمادات اللازمة لدعم برامج معالجة الفقر والصندوق الخيري الوطني، بهدف اختصار الإطار الزمني للقضاء على الفقر والاستمرار في رصده، بناءً على التوجيهات الملكية الكريمة، والمخصصات السنوية المتعلقة بالأيتام وذوي الاحتياجات الخاصة ومخصصات الضمان الاجتماعي.
وتضمنت الميزانية مشاريع جديدة وإضافات للمشاريع المعتمدة سابقاًً للطرق والموانئ والخطوط الحديدية والمطارات والخدمات البريدية، تبلغ التكاليف التقديرية لتنفيذها ما يزيد عن 31 مليار ريال. ففي مجال الموانئ، شملت الميزانية تحديث البنية التحتية لبعض الموانئ وإنشاء أرصفة في ميناء رأس الزور. وفي مجال الطرق، اعتمد مشاريع جديدة لتنفيذ طرق سريعة ومزدوجة ومفردة مجموع أطوالها 6400 كيلو متر، تبلغ التكاليف التقديرية لتنفيذها ما يقارب 10.8 مليارات ريال.
في الجانب الآخر، لا تزال السعودية مستمرة في تخصيص قطاعين من أكبر القطاعات الحيوية، وهما مؤسسة تحلية المياه المالحة والخطوط الجوية السعودية، واللتين قطعتا شوطًا مهمًّا في إجراءات التخصيص، حيث رفعت مؤسسة التحلية خطتها لإجراءات التخصيص إلى مجلس الوزراء، بانتظار الموافقة عليها، فيما خصصت الخطوط السعودية بعض وحداتها، والأخرى في طريقها للتخصيص.