اقتصاد

الأردن: الوضع الاقتصادي في 2010 لن يكون سهلاً

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

لا يزال الأردنيواجه العديد من التحديات التي أصبحت أكثر تعقيدًا نتيجة للأزمة المالية العالمية، والتي كان لها آثار سلبية في عام 2009، ومن المتوقع أن تستمر في العام 2010، فالوضع الاقتصادي لن يكون سهلاً، وبالتالي فإن تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص وجذب الاستثمارات أمور في غاية الأهمية لتخطي هذا الوضع الاقتصادي.وأعدت الحكومة برنامج عمل كامل في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والتنمية البشرية سيتم عرضها على الملك بعد مرور60 يومًا على تشكيل الحكومة لتحقيق النمو الاقتصادي وتحقيق أهداف السياسة الاقتصادية العليا وهو التكامل بين السياسات الاقتصادية والمالية والنقدية.

عمّان: بدأت الحكومة الأردنيةفي قراءة مشروعي قانون ضريبة الدخل والمبيعات، ليتم إقرارهما قبل نهاية العام الحالي،ويصار إلىتطبيقهما العام المقبل، نظرًاإلى أن قانون الموازنة الموقت تم إعداده بناء على هذين القانونين الذين يهدفان إلى تحفيز الاقتصاد الوطني، مما يؤدي إلى زيادة الدخل المتأتي من الضرائب نتيجة للنمو. ولتحقيق ذلك، بدأ يؤكد المسؤولون أنه لتحقيق النمو الاقتصادي وتحقيق أهداف السياسة الاقتصادية العليايجب التكامل بين السياسات الاقتصادية والمالية والنقدية. وكان للأوضاع الإقليمية والدولية آثارها السلبية على أوضاع الاقتصادية، حيث عصفت بالاقتصاد الوطني خلال العام 2009عقبات وتحديات عدة،نتيجة تبعات هذه الأزمة، وواجه الأردن واحدة من أخطر الأزمات الاقتصادية في تاريخ المملكة.

ولمواجهة تحديات الأزمة،تحرّكت الحكومة الأردنية بشكل سريع لتشكيل لجنة عليا وزارية يرأسها رئيس الوزراء لدراسة المؤشرات الاقتصادية واتخذت العديد من الإجراءات المالية والنقدية الوقائية للمساعدة في التخفيف من آثار هذه الأزمة، منها إعلان ضمان الودائع لدى البنوك في الأردن حتى نهاية عام 2009، إضافة إلى تخفيضات ضريبية في العديد من القطاعات، منها السياحة والشقق السكنية، واتخاذ خطوات جادة لتسريع وتطوير بيئة الأعمال عبر مجموعة من البرامج الإصلاحية التي تكفل وجود الحكومة كمسهّل ومنظم للتجارة والاستثمار وتعزيز دور القطاع الخاص في هذا المجال.

لكن الاقتصاد الأردني شهد خلال العام 2009 تراجعًا في الصادرات والحوالات والاستثمار الأجنبي المباشر، إضافة إلى تراجع إيرادات السياحة، حيث أشارت إعادة تقدير موازنة 2009 إلى أن الإيرادات المحلية ستتراجع بنسبة 13% مع نهاية العام، كما من المتوقع أن يتوسع عجز الموازنة بعد المنح بنسبة 5.9%، ليصل إلى 6.8% من الناتج المحلي الإجمالي.

وكانت دراسة أعدها البنك الدولي قد أوضحت أن الاضطراب في الأسواق المالية العالمية سيكون له نتائج سلبية على النمو الاقتصادي في الأردن، حيث من المتوقع له وفقًا للدراسة أن ينخفض في العام 2009 والعام الجديد بأكثر من 50% عن المستويات المخطط لها. وتأثر القطاع التجاري والخدماتي في الأردن بتداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية، خصوصًا بعد مرور عام على بدء هذه الأزمة. وقالت ريم بدران عضو مجلس إدارة غرفة تجارة عمّانإن "الأردن تأثربتداعيات الأزمة، فبعضهم أكد أن لا تأثير لها، وآخرون بالعكس أشاروا إلى أنها ستكون مفيدة، في حين رأى البعض أن نتائجها السلبية ستكون ضئيلة".

وأضافت "شعرنا جميعًا بوطأة هذه الأزمة مع بداية هذا العام 2009، حيث أبدت البنوك كثيرًا من التحفظ في منح التسهيلات، وهو ما أثر على تراجع العمليات التشغيلية لها، وأثر سلبًا على النشاطات الاقتصادية، ابتداء من شراء الأسهم ومرورًا بالإنتاج والاستيراد، وانتهاء بالنشاط العقاري وتمويل شراء المساكن".

وأوضحت أحدث البيانات الرسمية الصادرة من دائرة الإحصاءات العامة تراجع معدل النمو الحقيقي للناتج المحلي الإجمالي خلال الربع الأول من عام 2009 بنسبة 5.4 نقطه مئوية، حيث حقق الناتج المحلي الإجمالي نموًا حقيقيًا بلغت نسبته 3.2% خلال الربع الأول من عام 2009 مقابل نمو بنسبة 8.6% خلال الربع نفسهمن عام 2008، الأمر الذي يشير إلى دخول الاقتصاد الوطني في حالة من التباطؤ.

وسجلت الإيرادات الحكومية تراجعًا كبيرًا للعام الجاري بحوالي 400 مليون دينار، نتيجة انخفاض إيرادات ضريبة المبيعات وإيرادات دائرة الأراضي بسبب التباطؤ الاقتصادي، الأمر الذي أدى إلى زيادة عجز الموازنة، إضافة إلى انخفاض عدد الشركات المسجلة لدى وزارة الصناعة والتجارة بحوالي 674 شركة،وفي الوقتعينه،إنخفضت أحجام رؤوس أموال الشركات المسجلة بحوالي 155.2 مليون دينار، وحصول ارتفاع غير مسبوق في قيمة الدين العام الداخلي والخارجي الحكومي والمكفول إلى 9.3 مليار دينار، وهو الأعلى كقيمة مطلقة في تاريخ المالية العامة للدولة.

كما تراجع حجم التداول في بورصة عمّان خلال النصف الأول من عام 2009 بحوالي 6266.6 مليون دينار. وتراجع مؤشر بورصة عمّان بدرجة حادة في النصف الأول للعام الحالي بنسبة 42% مقارنة بالفترة عينها من العام الماضي. وحسب آخر الإحصاءات أيضًا، فقد شهد الأردن كذلك انخفاضًا في حجم التدفقات الاستثمارية الأجنبية المباشرة خلال عام 2009 بحوالي 497.7 مليون دينار، وتراجعت الصادرات، إذ انخفض عدد البواخر الآتية إلى ميناء العقبة بحوالي 117 باخرة، وتراجعت أعداد البضائع المصدرة والواردة عبر ميناء العقبة بحوالي 1144.2 ألف طن.

وشهد القطاع الصناعي تباطؤًا في الإنتاج منذ بداية العام، متأثرًا بتداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية، حيث يشير تقرير رسمي إلى انخفاض الرقم القياسي العام لكميات الإنتاج الصناعي بنسبة 2% للنصف الأول من عام 2009 مقارنة بالفترة نفسها من عام 2008، كما انخفض التداول في القطاع العقاري بنسبة 38% منذ بداية العام الحالي 2009 وحتى نهاية شهر آب، على الرغم من الإجراءات التي اتخذتها الحكومة لتنشيط هذا القطاع بخفض رسوم التنازل 2.5 %.

ترتيب الأولويات
الحكومة بدأت بترتيب أولوياتها في السنة المالية المقبلة 2010، فالعجز لم يعد أولوية. كان مقلقًا في السنوات السابقة نعم. لكن تحقيق النمو الاقتصادي هو التحدي الأكبر، ويجب أن يرتقي إلى أول أولويات الحكومة، فالنمو هو الذي يعالج البطالة، ويوفر فرص العمل الجديدة، وهو الذي يعالج العجز على المدى المتوسط والبعيد، ويجب أن نتغاضى عن العجز، ونعالج أسباب تباطؤ النمو الذي وصل إلى 2.8% للنصف الأول من العام. ويشهد الاقتصاد الأردني جراء تداعيات الأزمة المالية العالمية تباطؤًا ملحوظًا، حيث لا يتوقع أن تتجاوز نسبة النمو بنهاية العام الجاري 3%، وهي أقل نسبة منذ سنوات عدة.

ولمعالجة تباطؤ النمو الاقتصادي يحتاج الأردن إلى تخفيض الضرائب وزيادة الإنفاق الحكومي، خصوصًا في ظل محدودية مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي التي من المتوقع أن تتراجع بسبب التشدد في منح التسهيلات من البنوك. وتراجعت حوالات الأردنيين العاملين في الخارج بنسبة 8.5% خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الجاري، مقارنة بالفترة نفسهامن العام 2008، حيث بلغت 2.1 مليار دينار (2.96 مليار دولار).

ويرى خبراء أن نسب الفقر والبطالة ارتفعت خلال العام 2009 رغم عدم إجراء أي مسوح جديدة تتعلق بهذه المؤشرات على المستوى الرسمي خلال العام 2009.

وأظهر استطلاع للرأي أجراه مركز الدراسات الإستراتيجية في الجامعة الأردنية مطلع الشهر الجاري عدم رضا غالبية الأردنيين عن علاج الحكومة المنصرفة لمشكلتي الفقر والبطالة. وأظهرت النتائج أن أكثر من ثلثي الأردنيين لا يرون أن الحكومة السابقة قامت بإجراءات للتخفيف من مشكلتي الفقر والبطالة، حيث يتراوح معدل البطالة بين 13 و15% حسب الأرقام الرسمية، وهي أرقام تعتبرها مصادر مستقلة تقل عن المعدل الحقيقي.

وبرأي المحلل الاقتصادي سلامة الدرعاوي فإن الحكومة الحالية ترث واحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية في تاريخ الأردن. ويضيف إلى الأرقام السابقة، أن التدفقات الاستثمارية تراجعت خلال عام 2009 بنسبة 65%، كما تراجع الدخل السياحي بنسبة 2%. واعتبر أن وجود شخصيات محافظة اقتصاديًا يدفع إلى التفاؤل أكثر، مضيفًا "نحن اليوم أحوج ما نكون للمدرسة المحافظة، خاصة في مجالات الإنفاق، حيث إننا نعيش أزمة خطرة وغير مسبوقة".

وارتفعت المديونية إلى مستويات مقلقة وزادت على 9.7 مليار دينار منها 5.7 مليار دينار دين داخلي, وهذا يتطلب من الحكومة الجديدة الالتزام بقانون الدين العام، وأن لا تتجاوز نسبته الـ 60 %من الناتج المحلي، والتوقف عن الاقتراض لسداد تنامي النفقات، فالخطورة اليوم في هذا الشأن هو عدم وجود موارد تمكن الحكومة من بيعها لسداد المديونية، بعدما جرى استخدام عوائد التخاصية لشراء جزء من ديون نادي باريس ثبت فعليًا أنه إجراء كان خاطئًا من الناحية الاقتصادية.

كما إن عجز الموازنة الذي ارتفع إلى حوالي 1.17 مليار دينار في الوقت الذي كان مقدرًا له أن يكون في موازنة 2009 ما مقداره 689 مليون دينار، حيث إن المطلوب في هذا الشأن أن تلتزم الحكومة بقانون الموازنة العامة وعدم تجاوزها بالملاحق التي ترفع من الإنفاق وتزيد من المديونية ومن ثم العجز، ومن هنا نقول إن الحكومة الجديدة التي ورثت موازنة 2010 مطالبة اليوم بتعديلها أو تنفيذها.

وتراجع بعض المؤشرات التنموية المهمة، مثل الصادرات وهبوط الحوالات والتدفقات الاستثمارية والمساعدات الخارجية وتنامي البطالة تدريجيًا، كلها مؤشرات مرتبطة أساسًا بنقطتين، إحداهما بتحسن الاقتصاد الإقليمي وازدياد الطلب العالمي، والأخرى تتعلق بالحوار مع القطاع الخاص والتباحث حول مشاكله والخروج برؤية واضحة المعالم لتحفيز نشاطه وتعزيز الثقة بالاقتصاد الأردني من قبل المستهلكين والمنتجين والمستثمرين معًا.

وجذب الاستثمار الأجنبي سيكون هو التحدي الأبرز أمام الحكومة الجديدة، بسبب الظرف الاقتصادي الراهن، الذي تمر به المنطقة عامة، ودول الخليج خاصة، حيث تعتمد المملكة على الاستثمار الخليجي، فأزمة دبي وتداعيات الأزمة العالمية تفرض على الشركات الاستثمارية بإعادة النظر في مشاريعها وخططها المستقبلية، بسبب الخسائر الكبيرة التي لحقت بها في أسواق المال، وتراجع الطلب على منتجاتها مصحوبًا بشح السيولة، مما أدخل الكثير من القطاعات الاقتصادية في حالة تباطؤ شديدة، وأثر سلبًا على المناخ الاستثماري بشكل عام، والمملكة بشكل خاص.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف