البطالة شبح يطارد الموظفين.. "ولو في الصين"
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
وكالات: "كابوس" جديد أمسى يقضّ مضاجع العالم من أقصاه إلى أقصاه، ولم تعد البطالة مقتصرة على دولة أو مدينة أو قارة فقط، بل امتدت لتوحّد الشعوب، من منطلق أن المصيبة تجمع.
وخرجت البطالة من رحم انهيار الاقتصاد العالمي، "سرطاناً" يهدّد كل موظّف أينما كان، بعدما شهدت الأيام القليلة الماضية ظاهرة صرف الموظفين والعمال الجماعية، من شركات جمة، اضطرتها تقاريرها، وبخاصة تلك التي صدرت معلنة نتائج أرباح الربع الأخير من العام 2008، إلى اللجوء لتخفيف العمال والاستغناء عن قسم كبير منهم، في محاولة لتعويض ولو جزء يسير من خسائر فادحة تكبّدتها أخيراً، وتجنّباً لخسائر محتملة قد تكون "أعظم" وأكبر.
تمهل قليلاً قبل التوجّه إلى الصين قاصداً العمل "ولو فيها"، لأن مؤشّرات الساعة الأخيرة دلت على أنها لم تنجُ بدورها من البطالة التي تغلغلت في سكانها، لتكشف آخر الإحصائيات عن تسريح 20 مليون عامل فيها.
أميركياً، الرفاه في خطر، خصوصاً بعدما بلغ عدد الوظائف "المُقالة" في أسبوع واحد (الأسبوع الأخير) 100 ألف وظيفة.
حتى دول الخليج، ملاذ الأشقاء العرب في الحياة الكريمة والآمنة، ومحط أنظار موظفي العالم، يبدو أنها بدأت تتأثر بتداعيات الأزمة المالية العالمية، ما تجسد بدعوة أحد أمراء السعودية بتفضيل مواطني الخليج عن الوافدين إليه في ما يختص بالتوظيف وفرص العمل.
في واحد من أكثر الأسابيع وحشية على سوق العمل في الولايات المتحدة، بلغ عدد الوظائف التي تلاشت من القطاع خلال السبعة أيام الماضية أكثر من 100 ألف وظيفة.
وشهد اليوم الاثنين معظم تلك الخسائر بإعلان عدد من الشركات الأميركية الكبرى عن عمليات تسريح شملت 70 ألف وظيفة.
وقال كبير الاقتصاديين في "ستاندرد أند بورز"، ديفيد ويس، "الصورة مازالت قاتمة هنا"، مشيراً إلى يناير الجاري، كأسوأ أشهر العام على سوق العمل الأميركي عموماً، حيث درجت معظم الشركات الأميركية على خفض قواها العاملة في تلك الفترة.
وأعلنت "فايزر"، من أكبر شركات إنتاج العقاقير الطبية، و"كاتربيلر"، مصنّعي المعدات الصناعية الثقيلة، عن تسريح 20 ألف موظف، كأكبر خفض تجريه شركات أميركية في عدد قواها العاملة.
وقالت "فايزر" إن الخطوة الرامية إلى خفض النفقات ستتم على مرحلتين، قبيل وبعد الاندماج مع شركة "ويث" في نهاية العام الحالي.
وأورد تقرير حكومي أن 2.6 مليون وظيفة تلاشت من سوق العمل الأميركي خلال العام الفائت، تضمن 21،137 عملية تسريح جماعية، الأعلى منذ 7 سنوات. ويُعنى بالتسريح الجماعي الاستغناء عن 50 عامل أو أكثر في وقت واحد.
من جانبها، عزت "كاتربيلر" القرار إلى "التدهور السريع في الاقتصاد العالمي"، الذي أدى بالشركة للاستغناء عن أكثر من 22 ألف وظيفة.
وكانت "بوينغ" قد كشف الأربعاء عن عمليات تسريح واسعة بين قواها العاملة، قرر على إثرها عملاق صناعة الطائرات الأميركي، ومقره شيكاغو، تسريح 10 ألف عامل.
وتخيم توقعات متشائمة حول مستقبل سوق العمل الأميركي، حيث تكهنت السلطات بفقدان أكثر من مليوني وظيفة خلال العام الحالي.
وقال كبير الاقتصاديين في "موديي"جون لونسكي هناك من الأسباب القوية التي تؤدي للاعتقاد بأن حجم الدمار في سوق العمل سيواصل الارتفاع خلال شهري فبراير ومارس.
وفي السياق عينه، حذّرت منظمة العمل الدولية من أن الأزمة المالية الراهنة قد تؤدي إلى انعكاسات سلبية وخطرة على "الأمن الوظيفي العالمي"، حيث يتوقّع أن تتسبب في ارتفاع عدد العاطلين من العمل إلى ما يزيد على 230 مليون شخص.
وقالت المنظمة إن تأثير الأزمة المالية على الأمن الوظيفي مرتبط بفعالية جهود الإنعاش، مشيرة إلى أن نتائج استعراضها السنوي للعمالة العالمية، تظهر توقعات بأن يبلغ عدد العاطلين خلال العام 2009 الحالي، حوالي 198 مليون شخص.
وفي سياق متصل، عاد 20 مليون عامل من الصينيين المهاجرين من المناطق الريفية إلى الحضر إلى مناطقهم الأصلية، بعد فقدانهم أعمالهم، نتيجة للمصاعب التي يواجهها الاقتصاد الصيني من جراء الأزمة الاقتصادية العالمية.
أعلن ذلك مسؤول صيني، وذكر أن ذلك يشكل نحو 3ر15 % من مجموع الريفيين المهاجرين إلى المناطق الحضرية، وعددهم 130 مليوناً.
وجاء الكشف عن هذا التطور بعد يوم واحد من إصدار الحكومة المركزية في بكين ورقة حذّرت فيها من أن عام 2009 يمكن أن يكون" أكثر السنوات صرامة" منذ بداية القرن الحالي من حيث ضمان التنمية الاقتصادية، وحثت الحكومات المحلية على زيادة استثماراتها، والشركات على منح العمال الحرفيين المهاجرين معاملة مواتية.
واتجاهاً نحو الخليج، دعا مدير الاستخبارات السعودية السابق الأمير السعودي تركي الفيصل إلى إعطاء الأولوية لمواطني بلدان الخليج في ما يتعلق بالتشغيل.
وطالب الفيصل، الذي شغل كذلك منصب سفير بلده في واشنطن، بتفضيل المواطنين الخليجيين على الوافدين في سوق العمل، وباعتماد سياسات اقتصادية يستفيد منها المواطنون، وليس الاجانب، حسبما أوردت وكالة الأنباء الفرنسية.
ورفض الأمير السعودي أن يكون هناك عاطل واحد من أبناء الخليج في دول تستضيف ملايين العاملين الأجانب.
ودعا، في كلمة ألقاها أمام مؤتمر مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية في أبوظبي، مراجعة السياسات الاقتصادية بشكل جدي، ليكون هدفها بناء اقتصاديات وطنية، تعود فائدتها إلى "شعوبنا وليس الملايين الوافدة من العمالة الأجنبية".
وحذّر "اذا ما استمرت السياسات نفسها، فإننا لا شك سنكون أقليات في بلادنا، وبالتالي سيكون وجودنا نفسه عرضة للخطر".
ويشكّل الوافدون أكثر من 50 % من سوق العمل في دول مجلس التعاون الخليجي، وتصل هذه النسبة إلى 60 % في السعودية وإلى 92 % في الإمارات العربية المتحدة وقطر، بحسب الخبير البحريني باقر النجار الذي يشارك في المؤتمر السنوي للمركز.
وكأن بين طلب الأمير وعمال بريطانيين تخاطر في الأفكار والخطط الاقتصادية، إذ خرج مئات العمال من منشأة معالجة نووية بريطانية لينضموا إلى مجموعة من المتظاهرين احتجاجاً على الاستعانة بعمال أجانب، في وقت تشهد فيه بريطانيا حالة كساد وارتفاعاً في معدلات البطالة.
وخرج نحو 900 من العاملين المتعاقدين من منشأة سيلافيلد النووية، وانضموا إلى مئات من المتعاقدين الآخرين الذين أضربوا عن العمل في الأيام القليلة الماضية، بسبب تشغيل الأجانب الذين يقولون إنهم يتمتعون بفرص أكبر في الحصول على العمل.
ويبدو أن هذا الاحتجاج الصناعي الذي أثّر حتى الآن على منشآت الكهرباء والطاقة في شرق وشمال غرب بريطانيا يمتد مع تشجيع منتديات على الانترنت لاحتجاجات أخرى على مستوى البلاد للتضامن معهم.
وتعد الاحتجاجات انعكاساً للشعور بعدم الارتياح، مع دخول الاقتصاد البريطاني في حالة كساد شديدة وارتفاع معدلات البطالة. وهناك نحو مليوني بريطاني بلا عمل الآن، وارتفع معدل البطالة متجاوزاً 6 % ويواصل ارتفاعه.
ونفى منظمو الاحتجاجات أن يكون احتجاج عمال سيلافيلد معادياً للأجانب قائلين إنهم يطالبون بفرص متساوية لكل العاملين.
وقال أحد المنظمين بيل ايليبيك للصحافيين "لا نحاول وقف العمالة الأجنبية من الحضور إلى بريطانيا، بل نحاول منعهم من الحصول على أجور أقل منّا، وتضييع فرص عمل علينا".
وتابع "نحن حقيقة نطالب بحقوق متساوية ليس لنا فقط، بل للأجانب أيضاً".
وحذّر إذا لم تستمع الحكومة إليهم من تفاقم الوضع بدرجة أكبر، وحصول المزيد من الاضرابات، "وهو ما لا نريده أن يحدث".