اقتصاد

خبير لـ"إيلاف": التشريعات التونسية ملائمة للاستثمار واستفادة كبرى من المشاريع الخليجية

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

إسماعيل دبارة من تونس: أعلنت عدد المؤسسات الاستثمارية الخليجية في تونس في الآونة الأخيرة عزمها المضي قدما في انجاز مشاريعها التي أعلنت عنها سابقا وتعطل تنفيذها بسبب اندلاع الأزمة المالية العالمية.

وجددت تلك المؤسسات الاستثمارية العربية التزامها بتنفيذ مشاريعها التي أعلنت عنها منذ العام 2006 ومعظمها استثمارات سعودية وكويتية وإماراتية تشتعل في مجالات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات و القطاع المعرفي و القطاع العقاري ،مواصلة تنفيذ ما عزمت عليه على الرغم من تواصل تداعيات الكساد الكبير.

وستواصل مجموعة "سما دبي" انجاز مشروع مدينة "بوابة المتوسط" ، أما "بيت التمويل الخليجي " فسيشرف على إنشاء "مرفأ تونس المالي" فيما تنفّذ "مجموعة أبو خاطر " مدينة تونس الرياضية".

المؤسسات الخليجية لم تنف ثقتها في مناخ الاستثمار في تونس والذي وصفه مسئولون بالمؤسسات المذكورة بـ"الإيجابي".

وعلى الرغم من أنّ الأمر لا يقتصر على مؤسسات خليجية فحسب فان عددا أخر من الشركات الأوروبية أعلنت هي الأخرى استعدادها تنفيذ مشاريع جديدة في تونس خلال السنة الحالية ، الأمر الذي اعتبره محللون وخبراء في الاقتصاد " نجاحا للمقاربة التونسية التي انتهجت لاحتواء الأزمة العالمية والحد من تداعياتها".

وتوجهت تونس منذ بداية الأزمة إلى المستثمرين الكبار لطمأنتهم والتأكيد على أنها "تحرص على تأمين كل أسباب النجاح والنجاعة للاستثمار في ظل المتغيّرات".

يقول الباحث الاقتصادي التونسي في معهد الدراسات العليا في العلوم الاجتماعية بباريس محمود البارودي إن تونس أعلنت منذ شهر أكتوبر 2008، عن إحداث لجنة وطنية مهمتها متابعة تطوّرات الأزمة العالمية الراهنة والتحسّب من تأثيراتها الممكنة على اقتصاد البلاد وتقديم المقترحات لتجاوزها وتم في هذا السياق إقرار إحداث مركز للبحوث والدراسات المالية والنقدية صلب البنك المركزي التونسي يتولى متابعة التطوّرات العالمية وإنجاز الدراسات والبحوث وتحليل تأثيراتها على الاقتصاد الوطني وتقديم المقترحات البديلة".

ويرى البارودي الذي تحدث لـ"إيلاف" عن مناخ الاستثمار في تونس أنّ عدة معطيات تشير إلى أنّ تونس بالفعل أضحت قبلة جيدة للمستثمرين الخليجيين على الرغم من خطورة الاستثمار في هذا الظرف العالمي المتأزم ، ومن تلك الإشارات المصادقة على اتفاقية الاستثمار بين الحكومة التونسية وبيت التمويل الخليجي في أواخر شهر يوليو 2008 إذ قام بيت التمويل الخليجي بتشكيل شركة خاصة بتطوير المرفأ المالي بتونس الذي يعد أحد المشاريع الكبرى لبيت التمويل والهادف إلى تطوير البنية التحتية الاقتصادية.علاوة على اعتزام المجموعة الخليجية "تحالف فيزيون 3" انجاز المشروع الاستثماري الكبير "مدينة تونس للاتصالات" والذي قدرت تكاليفه بحوالي 3 مليارات دولار والذي سيساهم في بعث 26 ألف موطن شغل على الأقلّ".

وسينشئ هذا المشروع جامعة دولية للاتصالات وبورصة عالمية للاتصالات ومجمع لتطوير وتنمية التكنولوجيات ومنطقة تبادل حرّ للأعمال وقطب تكنولوجي في مجال الملتميديا وصناعة المحتوى.

ومن أهداف هذا المشروع كذلك دعم الاستثمار وتوفير فرص عمل لا سيما لحاملي الشهادات العليا وتنمية المبادلات في هذا القطاع و توفير بنية أساسية متطوّرة للتعليم في مجال التكنولوجيات الحديثة.

وتوقع البارودي أن يبلغ مقدار تلك الاستثمارات الخليجية خلال الخمسة عشر سنة القادمة أكثر من خمسين مليار دينار تونسي أي ما يقارب الخمسة وثلاثين مليار دولار ويعتبر أهمها تلك المتعلقة بالبنية التحتية ومشاريع التطوير العقاري و السياحي و التي تستحوذ على النصيب الأكبر من الأموال المستثمرة في تونس.

ويضلّ أهم مشروع خليجي في تونس سما دبي (25 مليون دولار) وهو احد فروع مجموعة دبي القابضة و سيقوم بإنشاء مجمع عقاري على الشاطئ الجنوبي لبحيرة تونس.

واستنادا إلى البارودي فإن للتشريعات والقوانين التونسية في المجال الاقتصادي دور كبير في جلب المشاريع الاستثمارية ويقول :" القوانين التونسية تبدو ملائمة للاستثمار الأجنبي و جذابة له ،فقد سن المشرّع التونسي عدة قوانين وأعلن عن عدة إصلاحات في هذا الصدد ومن ذلك انه يحق للمستثمر الأجنبي امتلاك ما نسبته مائة بالمائة من رأسمال المشروع وفي كل القطاعات تقريبا وبدون أية رخصة".

ويخوّل القانون التونسي أيضا للمستثمر الأجنبي تحويل العائدات و الأرباح ورؤوس الأموال المستثمرة بالعملة الأجنبية إلى موطنه الأصليّ.

وفي يناير 1994 دخل قانون "تحفيز الاستثمار" حيز التنفيذ وهو قانون هام للغاية - استنادا إلى البارودي - ويضمن حرية الاستثمار في اغلب القطاعات و يعزز انفتاح الاقتصاد التونسي على الخارج عبر الإعفاءات الضريبية ومنح استثمار.

كما نجد ما يسمى الحوافز العامة " المتعلقة بالإعفاء من الرسوم الجمركية على السلع التي لا تصنع محليا و تعليق العمل بضريبة القيمة المضافة على السلع المصنعة خارج البلاد خصوصا تلك التي تستخدم فيما بعد لإرساء المشاريع الاستثمارية.

أما الحوافز الخاصة فيمكن الإشارة على سبيل الذكر لا الحصر الإعفاء التام على الضريبة المتأتية من عمليات التصدير و لمدة عشر سنوات كاملة". و يتابع البارودي : لا ننسى أن الهياكل المرافقة لإنشاء المؤسسات ودعم الاستثمارات الأجنبية كالإدارة و البنوك و المؤسسات المالية المقرضة أضحت أكثر فاعلية وحسّنت من خدماتها في السنوات الأخيرة".

وبخصوص العوامل التي يمكن أن تؤثر في سير انجاز المشاريع مستقبلا يرى البارودي أن الاستثمارات الخليجية الكبرى في تونس يمكن أن تتأثر بعاملين اثنين هما مدة الانجاز أو التنفيذ الذي يمكن أن يؤثر على مردوديّة المشروع وكذلك ما يسمى بضارب الانجاز إذ عادة ما تُنجز المشاريع العملاقة على عدة مراحل و يمكن للظرفية الاقتصادية أو العوامل الخارجية أن تتغير خلال تنفيذ المشروع وهو ما يمكن أن يؤدي إلى تداعيات خطيرة على تلك المشاريع، وكلما طالت فترة انجاز المشروع فانه عمليا لن يسير وفق المخطط الأول الذي سُطّر له فسما دبي مثلا سيُنجز على 14 مرحلة وهي مدة طويلة باعتبار انه هنالك إمكانية لحدوث تقلبات كبرى في الميدان الاقتصادي على غرار أزمة الرّهون العقارية ،كما أن حاجة هذه المشاريع إلى قطاعات متعددة مثل القروض والبنوك والإدارات، يجعلها مرتبطة شديد الارتباط بما يطرأ على هذه القطاعات من مشاكل".

ويخلص الباحث الاقتصادي البارودي إلى القول أنه وفي صورة انجاز جميع هذه المشاريع في الجدول الزمني المخصص لها فإن الاستثمار الخارجي المباشر سيتضاعف في تونس خلال الثلاث سنوات المقبلة وهو ما يعني نجاحا للحكومة التونسية في حلّ معضلة بطالة أصحاب الشّهائد العليا".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف