ساركوزي يضغط على شركائه لإعادة تنظيم أسواق المال
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
باريس، واشنطن - وكالات: عزز الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الثلاثاء الضغط على شركائه عشية قمة مجموعة العشرين في لندن، مؤكداً تصميمه على انتزاع نتائج عملية حول تنظيم أسواق المال، وقال إنه مستعد لمغادرة قمة لا تسفر عن نتائج مرضية. وكانت وزيرة الاقتصاد الفرنسية كريستين لاغارد صرّحت في مقابلة مع هيئة الإاذاعة البريطانية "بي بي سي" أن الرئيس ساركوزي مصمم على مغادرة قمة رؤساء دول وحكومات مجموعة العشرين، إذا لم يكن راضياً عن أعمالها.
وشدد الرئيس الفرنسي على أهمية الاجتماع في لندن، لكنه لم يكن على الدرجة نفسها من الوضوح التي كانت عليها وزيرة الاقتصاد. ورأى أنه "يجب التوصل إلى نتائج. وكرر ساركوزي الأربعاء تحذيره في مقال نشرته وسائل إعلام دولية عدة. "أننا لا نستطيع تغيير كل شيء في يوم واحد، وأننا نحتاج على الأرجح لقاءات أخرى بعد لقاء لندن لإنجاز الإصلاحات المطلوبة". وأضاف "لكن ما أستطيع تأكيده هو أن من واجبنا التوصل إلى نتائج ملموسة، ابتداء من هذا الخميس في لندن".
وتابع ساركوزي في المقال الذي نشرته صحف "إنترناشونال هيرالد تريبيون" و"واشنطن بوست" و"ال بايس" و"يوميوري شيمبون" أن "الفشل ممنوع، والعالم لن يفهم ذلك، والتاريخ لن يغفره لنا". مؤكداً أن "ما ينتظره العالم منا هو الإسراع في إصلاح النظام المالي الدولي، وبناء رأسمالية متجددة، تتسم بمزيد من الأخلاق ومزيد من التضامن". وحاول رئيس الوزراء البريطاني غوردن براون الذي يستضيف القمة تخفيف حدة التوتر بإعلانه الثلاثاء أن مكافآت رجال المصارف ستخضع لضبط دولي، ملبياً بذلك أحد المطالب الرئيسة للفرنسيين.
وللهدف نفسه، قال مسؤول في مجلس الأمن القومي الأميركي مايك فرومان إن مجموعة العشرين "ستتبنى سلسلة من الإجراءات التي تتمع بالمصداقية والشرعية في شقي الانعاش (الاقتصاد) وإصلاح ضبط الأسواق. وعلى الرغم من هذه التأكيدات، يتوقع المقربون من ساركوزي "مناقشة معقدة" في لندن بين الأوروبيين الذين يريدون "إعادة تعريف قواعد لعبة الغد فوراً"، والأميركيين الذين "لا يميلون إلى قبول مفهوم الضبط العالمي تلقائياً". ويريد ساركوزي الذي يهاجم "المضاربين" منذ حملته الانتخابية، أن يكون اليوم أحد رواد إضفاء طابع أخلاقي على الرأسمالية المالية. ويقول المحيطون به إنه كان أول من اقترح إعادة بناء هذا النظام منذ المؤشرات الأولى للأزمة المالية في اسبتمبر 2008.
بيد أن القمة الأولى لمجموعة العشرين التي عُقدت في واشنطن في نوفمبر الماضي لم تسفر سوى عن إعلانات نوايا حول ضرورة إنعاش الاقتصاد أو السيطرة بشكل أفضل على أسواق المال. لذلك ومنذ بداية 2009، بذل ساركوزي جهوداً كبيرة لإقناع شركائه الأوروبيين، خصوصاً المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، بضرورة المطالبة بنتائج عملية، بدءاً من اجتماع لندن. وأورد ساركوزي في مقاله الأربعاء أن مجموعة العشرين يجب أن "تحدد بدقة" الجنات الضريبية" والتغييرات التي ننتظرها منها والعواقب التي يؤدي إليها رفضها الامتثال" لهذه التغييرات. وصرح مصدر في الإليزيه أن "الخطر ليس في فشل المؤتمر بقدر ما هو في نجاح كاذب، أي اتفاق على جمل رنانة، ولكنها لا تؤدي إلى شىء في الواقع، موضحاً أن ذلك سيؤدي إلى "إحباط اسوأ مما يمكن أن يسببه فشل".
وفي تصريحات لإذاعة "أوروبا-1" ، رأى ساركوزي أن مشروعات القرارات المضمنة البيان الختامي لقمة العشرين التي بحثها مستشارو قادة الدول والحكومات "لا تناسب ألمانيا ولا فرنسا"، موضحاً أن المشاورات الأخيرة بين المستشارين حول البيان الختامي لم تفض "إلى إقرار أي اتفاق". وأكد أن باريس وبرلين "تتبنيان موقفاً موحداً" قبل القمة. علماً أن الرئيس الفرنسي كان أعلن الثلاثاء أنه مستعد لمغادرة القمة، إذا لم تأت نتائجها على مستوى طموحاته.
من جانبه، أوصى الأمين العام للاتحاد غي ريدر قمة العشرين ألا تكتفي "بتغييرات مهمة في نظام غارق في انعدام الثقة"، بل طالب بإجراء مراجعة كاملة لطريقة إدارة الاقتصاد". ويرى الاتحاد (ويضم 312 منظمة، تمثل 170 مليون عضو في 157 بلداً ومنطقة) أن الأزمة "التي تسبب فيها الجشع للكسب وعدم الكفاءة في القطاع المالي" كان سببها "سياسات التخصيص والتحرير وغياب نظام لسوق العمل في العقود الأخيرة".
لذلك، ورغم العديد من الخلافات فإن الاتحاد انضم إلى معارضي العولمة وخبراء اقتصاديين، مثل حائز جائزة نوبل بول كروغمان، للمطالبة بتأميم البنوك العاجزة. وبالنسبة إلى الاقتصاد الأميركي فيرى أن "على الدولة التدخل. وإذا كانت تضخ كل هذه الأموال في البنوك فيتعين عليها الإشراف على هذه المصارف، وإلا فإن دافع الضرائب هو الذي يتحمل مرة أخرى المخاطر في حين يكتفي اقتصاد السوق بجني الأرباح".
وقال ائتلاف يضم منظمات مثل "اتاك-سويسرا" أو لجنة إلغاء ديون العالم الثالث "في السنوات الثلاثين الماضية تم تحويل القسم الأهم من الثروة المنتجة عن تلبية حاجات غالبية السكان لوضعها في محافظ حفنة من المساهمين".
وأضاف أن "هذه الرساميل التي تعاظمت، وأصبح من الصعب جعلها مجزية، هي أحد أسباب الأزمة" معرباً عن مخاوفه من أن يكون اجتماع مجموعة العشرين في خدمة تنسيق سياسات "مساعدة البنوك والمساهمين" و"إطلاق الربح على حساب العمال، ومع إهمال البيئة". وعشية قمة لندن، أعربت مجموعة خبراء دوليين برئاسة الخبير الاقتصادي الأميركي جوزف ستيغليتز عن شكوكها بشأن قدرة مجموعة العشرين على مواجهة الأزمة.
وصوّرت الأمم المتحدة في بيان أن "مجموعة الثماني ومجموعة العشرين بدتا غير قادرتين على تصحيح خلل الأطر الاقتصادية والتنظيمية". واقترح الخبراء إقامة مؤسسات تحظى بالشرعية السياسية والفعلية من سكان العالم كافة، ما يعني عقد عالمي جديد أو مجموعة الـ 192 تعمل تحت إشراف الأمم المتحدة".
إلى ذلك، يتوقع أن يحصل صندوق النقد الدولي من قمة العشرين الخميس في لندن على زيادة مهمة في موارده، في حين تبدو الفرص ضئيلة في إصلاح إدارة الصندوق لزيادة دور الدول الناشئة فيه. وخلال اجتماع تحضيري في 14 مارس، اتفق كبار المانحين في مجموعة العشرين على مضاعفة موارد صندوق النقد مرة، وربما مرتين، وذلك لتمكينه من إقراض العديد من الدول المتضررة من الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية.
واعتبر المدير العام للصندوق دومينيك ستروس كان أن ذلك يشكل الحد الأدنى لتمكين المؤسسة من تلبية طلبات المساعدة التي تعددت منذ خريف 2008. وبعدما قدم الأعضاء مقترحات مرقمة بهذا الشأن، سيكون على القمة حسم قيمة الدعم. وأبدى الاتحاد الأوروبي، الذي يرغب في مضاعفة موارد صندوق النقد، استعداده لتقديم 75 مليار يورو (نحو 100 مليار دولار) للصندوق.
أما الولايات المتحدة فتريد مضاعفة موارد الصندوق مرتين، من خلال رفع "اتفاقات الإقراض الجديدة" إلى 500 مليار دولار من دون توضيح المبلغ الذي تقدمه واشنطن. وأقرّت أميركا في نوفمبر أنه عليها متخلدات للصندوق. وأعربت البرازيل وروسيا والهند والصين عن موافقتها المبدئية على زيادة موارد صندوق النقد من دون اقتراح أرقام محددة.
وأعلنت النروج السبت أنها تعتزم تقديم 4.5 مليارات دولار للصندوق. وفي فبراير، وقّعت اليابان اتفاقاً مع صندوق النقد الدولي لمنحه ما يصل إلى مئة مليار دولار. وتشكّل قمة لندن فرصة للدول الصناعية والناشئة لإعلان تضامنها مع صندوق النقد الدولي الذي كثيراً ما تعرض للنقد، غير أنه بدا عامل استقرار في الأيام الصعبة من هذه الأزمة.
وسيتيح هذا الالتزام طمس انقسامات بشأن قضية أخرى أشد حساسية، تبحثها القمة. وإعلان النوايا الحسنة أمر أُدرج لتكريس مشروعية صندوق النقد الدولي، عبر تعزيز حضور اقتصادات الدول الناشئة الكبرى غير الممثلة جيداً فيه. فبلجيكا مثلاً، تملك في مجلس إدارة صندوق النقد الدولي ثقلاً يزيد 50 % عن البرازيل. كما إن ثقل فرنسا فيه يزد بـ 32 % عن الصين.
غير أن الإصلاحات في هذا المجال لم تتم. وجرت مناقشة حقوق التصويت لسنوات عدة، وتم تبنيها من قبل 185 دولة عضو في صندوق النقد الدولي في إبريل 2008، غير أن شيئاً لم ينفذ. ويتطلب ذلك اعتمادها من قبل برلمانات بلدان تمثل 85 % من حقوق التصويت في الصندوق.
وتملك الولايات المتحدة وحدها 16.8 % من حقوق التصويت، وهي تؤيد إتمام الإصلاح قبل يناير 2011، غير أنه لم تتم إحالة الأمر على الكونغرس حتى الآن. وحول سير المسائل في باقي العالم، أشار صندوق النقد الدولي إلى أن عملية الإصلاح "بانتظار تصديق البرلمانات، بما فيها برلمانات الدول ذات الاقتصادات المتطورة" من دون مزيد من التوضيح حول هذه الدول.
منتقدو المؤسسة، وبينهم دان بيتون من مركز البحوث السياسية والاقتصادية في واشنطن، يقولون "إن على قمة العشرين التفكير ملياً قبل زيادة تمويل صندوق النقد الدولي دون الإصلاحات". وأضاف أن صندوق النقد ارتكب هفوات في إدارة الأزمات، "ولئن أكد أنه تعلم بعض الدروس، وغير سياسته، فإن الكثير من المؤشرات لا تدل على ذلك". وتابع أن "هناك 9 اتفاقيات وقّعها مع الدول منذ سبتمبر، مثل تلك الموقّعة مع دول أوروبا الشرقية، والسلفادور، وباكستان، تحتوي على عناصر سياسات حازمة".
التعليقات
خطوة جيدة ..
ebdaa. -قرارات ساركوزي تعجبني الى حد ما ..!!