وزراء مالية أوروبا يشيدون بإتفاق مجموعة العشرين
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
براغ، لندن - وكالات: شدد الرئيس الأميركي باراك أوباما، بعد انتهاء القمة، على أنها اتخذت خطوات إصلاحية كبرى ضد "نظام الرقابة المالية الفاشل" الذي قوّض الازدهار الاقتصادي في العالم، و"رفضت الحمائية التي من شأنها أن تساهم في تفاقم هذه الأزمة". بدوره، أعرب الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي عن ارتياحه للنتائج التي خلصت إليها القمة في ضبط النظام المالي الدولي، معتبرًا هذه النتائج "أكثر مما كان يمكن أن نتخيل". من ناحيتها، أعلنت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل أن القمة توصلت إلى "تسوية تاريخية لأزمة استثنائية". أما الرئيس الروسي ديمتري مدفيدف فرأى أن القمة خطت "خطوة إلى الأمام، معتبرًا إياها خطوة في الاتجاه الصحيح. وأضاف "كنت اتمنى لو كان بإمكاني أن أقول إنها (القمة) تشكل تحولاً، ولكن بوصفي رجلاً مسؤولاً لا يمكنني قول ذلك"، مؤكداًَ أنه "قبل 20 أو 25 عاماً لم يكن أحد ليتصور أن دولاً مختلفة إلى هذه الدرجة، ذات اقتصادات وذهنيات وتقاليد مختلفة، ستجلس على المائدة عينها وستتمكن من الاتفاق على العمل في ظروف صعبة، وبهكذا سرعة".
وأشاد وزراء مالية الاتحاد الأوروبي بقرار مجموعة العشرين زيادة موارد صندوق النقد الدولي إلى 3 أمثالها وإدخال إصلاحات رقابية، باعتبارها قرارات طموحة، متوقّعين المزيد من خفض الفائدة من جانب البنك المركزي الأوروبي. وقال وزير المالية الألماني بير شتاينبروك لدى وصوله لحضور اجتماع غير رسمي لوزراء مالية دول منطقة اليورو ومحافظي بنوكها المركزية في براغ "أعتقد أننا حققنا إنجازًا جيدًا، وأشعر برضى كبير". لكن خفض البنك المركزي الأوروبي للفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية فقط إلى 1.25 % الخميس فاجأ الأسواق التي كانت تتوقع خفضاً بمقدار 50 نقطة أساس، أي نصف نقطة مئوية مع احتدام الأزمة الاقتصادية. وصرّح وزير المالية القبرصي كاريلاوس ستافراكيس للصحافيين "أنا واثق أنها مسألة وقت، قبل أن يخفضوا الفائدة مرة أخرى".
وأشار رئيس البنك المركزي الأوروبي جان كلود تريشيه إلى أن البنك الذي خفض الفائدة 6 مرات بالفعل منذ أكتوبر الماضي قد يخفضها بمقدار 25 نقطة أساس أخرى في مايو المقبل. وسينضم بقية وزراء مالية الاتحاد الأوروبي إلى وزراء مالية مجموعة اليورو في وقت لاحق من اليوم لبحث قرارات مجموعة العشرين وعجز الميزانيات وخطط لإصلاحات الرقابة المالية في الاتحاد.
على صعيد آخر، نشرت منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية الخميس في أعقاب قمة مجموعة العشرين في لندن، لائحة سوداء بالدول "غير المتعاونة ضريبياً" تغيب عنها أكبر الجنات الضريبية التي عمدت تحت الضغوط الدولية الممارسة عليها في الأسابيع الأخيرة إلى تليين تشريعاتها. وتعهدت دول مجموعة العشرين في قمتها الخميس في لندن بـ"التصرف" ضد الدول غير المتعاونة، ومنها الجنات الضريبية، تاركة لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية أن تنشر لائحة الدول المعنية. وفي المساء أعلنت المنظمة "لائحة سوداء" لأربع دول لم تقطع أي تعهد بالامتثال للمعايير الدولية على الصعيد الضريبي، وهي كوستا ريكا وماليزيا والفلبين والأوروغواي.
أما البلدان التي تكون عادة في طليعة المستهدفين في إطار التهرب الضريبي، فأدرجت على لائحة ثانية لبلدان قطعت تعهدات لكنها لم تطبقها بشكل "جوهري" بعد. وتتضمن هذه "اللائحة الرمادية" بصورة خاصة موناكو وليشتنشتاين وسويسرا ولوكسمبورغ.
وعمدت دول عدة وجهت إليها الأسرة الدولية أصابع الاتهام بشأن التهرب الضريبي خلال الأسابيع الماضية إلى إعطاء ضمانات بحسن نواياها لتجنب أن تدرجها منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية على اللائحة "المحدثة" التي كانت الدول الكبرى تطالبها بإصدارها. وطرحت مسالة الجنات الضريبية الأشبه بـ"ثقوب سوداء في النظام المالي"، في نوفمبر 2008 في ذروة الأزمة المالية العالمية خلال اجتماع عقد في باريس بمبادرة من فرنسا وألمانيا وشاركت فيه 17 دولة. وطلبت الدول المشاركة من منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية أن "تحدث" بحلول منتصف 2009 "قائمتها السوداء" بالجنات الضريبية غير المتعاونة والتي طلبت برلين إضافة سويسرا إليها.
وكانت المنظمة قدنشرت لائحة سابقة في مطلع القرن، غير أنها لم تدرج فيها سوى 3 دول، كانت موناكو وأندورا وليشتنشتاين، وقد شطبت منها على مر السنين العديد من الدول بعدما تعهدت بلزوم الشفافية. وأعلنت بلجيكا والنمسا ولوكسمبورغ وسويسرا وكذلك ليشتنشتاين وأندورا الواحدة تلو الأخرى عن تليين تشريعاتها الوطنية حول السرية المصرفية، خشية إدراجها على القائمة"المحدثة". ووافقت لوكسمبورغ والنمسا على التعاون مع الدول الأخرى من خلال تبادل معلومات مصرفية في حال وجود شبهات بتهرب ضريبي. أما موناكو، فوافقت على التفاوض بشأن اتفاق تبادل معلومات ضريبية مع الاتحاد الأوروبي. سويسرا من جهتها أعلنت أنها ستلتزم بمعايير منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية.
ولفتت جمعية أوكسفام-فرنسا في بيان إلى أن "4 دول فقط مدرجة على اللائحة السوداء"، في حين أن اللائحة الرمادية "طويلة إلى حد مدهش"، مشيرة إلى أن "ضمانات الحد الأدنى التي أعطيت في الأسابيع الأخيرة كانت على ما يبدو كافية لإقناع قادة مجموعة العشرين".
وفور صدور اللائحة، رد رئيس البنك المركزي في الأوروغواي ماريو بيرجيرا بحدة، وقال خلال مؤتمر صحافي "إن الأوروغواي ليست جنة ضريبية". سويسرا من جهتها "أسفت" لإدراجها على اللائحة الرمادية، وأعلن وزير المالية هانس رودولف ميرتز أنه "لا يوافق على الآلية، والمعايير المعتمدة لوضع اللائحة"، مؤكداً أن بلاده "ليست جنة ضريبية". وتعتمد منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية عادة 4 معايير لاعتبار بلد ما جنة ضريبية، هي تدني الضرائب أو غيابها، وعدم الشفافية في النظام المالي، وعدم تبادل المعلومات الضريبية مع دول أخرى، واجتذاب شركات وهمية تشكل واجهة لنشاطات أخرى.
وكانت الأيام القليلة الماضية قد شهدت نزاعًا بين دول أوروبية تريد إيلاء الأولوية إلى إصلاح النظام المالي العالمي وبين الولايات المتحدة التي كانت تطالب شركاءها بتعهدات جديدة في مجال الإنعاش الاقتصادي، إلا أن هذه التباينات لم تظهر بتاتاً في البيان الختامي للقمة. من جانبه، رحّب براون بانبثاق "نظام عالمي جديد" من الأزمة الاقتصادية العالمية الراهنة، مشيداً بما اعتبره "يوم اتحد العالم بأسره لمحاربة الركود". وأبدى غالبية القادة المشاركين في القمة رضاهم عن نتائجها. وأكد الرئيس الأميركي باراك أوباما أن القمة كانت "مثمرة جداً" وتشكل "تحولاً" عبر اتخاذها "مجموعة جهود منسقة لا سابق لها". وأضاف "في هذا الوقت الذي ترتبط فيه اقتصاداتنا ببعضها بعضاً أكثر من أي وقت مضى، تعرض ضرب العالم بأسره هذا الركود المدمر. واليوم، رد زعماء العالم بمجموعة لا سابق لها من الإجراءات الشاملة والمنسقة".
وتابع الرئيس الأميركي "اليوم، تعلمنا دروس الماضي. وأعلم أنه خلال الأيام التي سبقت القمة، مزج البعض بين ما كان نقاشًا شريفًا ومفتوحًا وبين خلافات غير قابلة للحل. ولكن بعد أسابيع من المحادثات الحكيمة، اتفقنا على سلسلة إجراءات لا سابق لها لإعادة النمو، والحؤول دون حدوث أزمة مماثلة في المستقبل".
ورحبت منظمات أهلية بنتيجة قمة مجموعة العشرين، إلا أنها قالت إنه لا يزال يتعين اتخاذ مزيد من التحركات لإنقاذ الدول الفقيرة من أسوأ أزمة مالية. من جهة أخرى، أعلن براون أن مجموعة العشرين قررت عقد قمة جديدة خلال العام الجاري، أكد الرئيس الفرنسي أنها ستنعقد في نيويورك في سبتمبر، عقب اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، لتكون ثالث قمة من نوعها خلال سنة، بعد القمة الأولى التي عقدت في واشنطن في نوفمبر/تشرين الثانيالفائت.