اقتصاد

الجزائر تبدي رفضاً لشروط منظمة التجارة العالمية

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك


كامل الشيرازي من الجزائر: قال مسؤول حكومي جزائري، اليوم، إنّ بلاده لن تقبل شروطاً غير تلك التي نصت عليها قواعد منظمة التجارة العالمية، في تصريح أظهرت من خلاله الجزائر التوكيد على أنّها لن "ترضخ" لضغوط قوى مؤثرة داخل المنظمة المذكورة، وبما يفيد أنّ انضمام الجزائر إلى حظيرة التجارة العالمية قد يتأخر إلى وقت إضافي، بعدما ظلّ رهينة شدّ وجذب على مدار أحد عشر سنة.
وصرح كبير المفاوضين الجزائريين، سعيد جلاب، أنّه بداعي الحفاظ على مصالحها الوطنية، فإنّ الجزائر لا تنوي الاستجابة إلى شروط إضافية، وكشف المفاوض أنّ أعضاء من منظمة التجارة العالمية يحاولون "فرض أشياء على الجزائر"، في إشارة قوية إلى قضية أسعار الطاقة المثيرة للجدل بين الجزائر وعرّابي منظمة التجارة، واصطدام الجانب الجزائري بإرادات أعضاء نافذين لا يشاطرون المنظور الجزائري لإيجاد مخرج لمعضلة الطاقة والخدمات التي تركت مسار الانضمام معلّقا منذ سنة 1998.
وفيما لم يتحدد تاريخ إجراء الجولة الحادية عشر للمفاوضات، وأضاف المسؤول المذكور في تصريحات صحافية، أنّ الجزائر تريد أخذ كل وقتها للتفاوض بشكل جيد، موضحاً أنّ ليس لديها أي مشكل في ما يتعلق بمسألة التطابق مع اتفاقات منظمة التجارة العالمية، مشدداً أنّه كل ما زاد عن بنود الاتفاق "غير مقبول".
وتردّد في أعقاب الزيارة الأخيرة لـ"بيتر مندلسون" المحافظ الأوروبي للتجارة للجزائر، أنّ القوى الكبرى في المنظمة العالمية للتجارة، لن تسمح بانضمام الجزائر إلى الأخيرة، ما لم (يذعن) الطرف الجزائري إلى الضغوط التي يفرضها الأعضاء سيما المجموعة الأوروبية بشأن تحرير قطاع الخدمات وإقرار تسعيرة مغايرة للمواد الطاقوية، من خلال إيجاد حلول لعبور سائر المنتجات على الأسواق الأوروبية، وكذا مشكلة الازدواج الضريبي والوحدة السعرية الموظفة في تسويق المحروقات برفع سعر الغاز في الجزائر، وهو تصور ترك الانطباع أنّ الطريق لا يزال طويلاً أمام الجزائر لبلوغ هدف تكافح لأجله منذ فترة ليست بالقصيرة.
وتبدي دول كبرى تشدداً مع الجزائر، بهدف دفعها إلى "تقديم تنازلات" للدول العضوة في المنظمة، إذا "كانت ترغب في الانضمام إلى هذا التكتل التجاري" لكون الحكومة الجزائرية - بحسب مسؤولين دوليين- ستجد نفسها معزولة أمام 140 دولة عضوة في المنظمة، رافضاً منح "استثناء" خاص بالجزائر التي يتوجب عليها أن "تدفع ثمن الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية" على حد تعبيره، حاثًا السلطات الجزائرية على الرضوخ للقواعد المعمول بها التي طبقت على الدول كافة التي تسعى إلى الانضمام بينها روسيا والصين.

وعلّق سعيد جلاب الذي يترأس مديرية المبادلات في وزارة التجارة الجزائرية، بشأن تأخر انضمام الجزائر، أنّ الخطوة لا ينبغي أن تأتي بشكل متعارض وغير منسجم مع تطلعات الجزائر ورغبتها لإعطاء جرعة نوعية لاقتصادها على المدى القصير والمتوسط والطويل، ودافع جلاب عن وجهة نظر بلاده، بأنّه من غير المعقول القبول بـ(إملاءات) ستضرّ حتماً بالقطاعين الصناعي والزراعي في الجزائر، علماً أنّ حكومات الدول التي تريد أن تنضم لمنظمة التجارة العالمية، تكون مطالبة بإمضاء 30 اتفاقاً يطلق عليها عادة اسم "القواعد التجارية"، وهي تخص حركية البضائع والخدمات والملكية الفكرية.
وتبدي الجزائر ارتياحاً بخصوص ما جرى التوصل إليه في الشق الخاص بمفاوضات قطاع الزراعة، هذا الأخير حظي بإعانات تربو عن 2 %، في وقت ترتقب فيه منظمة التجارة العالمية تقديم إعانات بنحو 10 % لهذا القطاع بالنسبة إلى الدول النامية.
ورغم كل ما يتردد بشأن تعثر انضمام الجزائر الذي كان مقرراً العام 2004، قبل أن يتم إرجاؤه عشرات المرات على مدار السنوات الخمس الأخيرة، إلاّ أنّ الحكومة هناك لا تظهر قلقاً للمسألة، في مقابل ما تضمنه التقرير الأخير لمجموعة العمل الخاصة بانضمام الجزائر إلى منظمة التجارة العالمية الذي أشار إلى حساسية بذل الجزائر المزيد من الجهود للانضمام إلى المنظمة، وهو كلام ترفضه الجزائر. وتقول على لسان "سعيد جلاب" أنّ بلاده لا تشاطر هذا الرأي، لأنّها -بحسبه- أنجزت كل ما يجب فعله لتجسيد انضمامها، مشيراً إلى التقدم الذي حققته الجزائر بخصوص إصلاح نظامها التجاري حتى يكون مكيفاً كلياً مع قواعد المنظمة العالمية للتجارة، إلى جانب قيامها بكثير من الإصلاحات المتعلقة بالمنظومة الجمركية والقانونية، من حيث إقدامها على إلغاء وتحديث وتعديل جوانب متعددة في منظومتها التسييرية على درب تكييفها مع مقومات الانخراط في منظمة التجارة العالمية، وأبدت الجزائر التزامها بضمان التنافسية وإقرار تسعيرة موحدة للطاقة بالنسبة إلى السوق المحلية والخارجية.
وجاء في تقرير مجموعة العمل المُشار إليها، أنّه يتعين على الجزائر القيام بالكثير من الأمور في شتى المجالات، على غرار أسعار المحروقات (الغاز) وحقوق التسويق والحضور التجاري والنظام الجبائي (الرسم على القيمة المضافة والتسعيرات الأخرى الخاصة بالاستهلاك)، إضافة إلى المساعدات الموجهة للتصدير والإجراءات الصحية والصحة النباتية والعراقيل التقنية التي تعترض التجارة، إضافة إلى الملكية الفكرية.
وعلى الرغم من الحسم في نقاط متعلقة بحرية تنقل لحوم الغنم والحليب، إضافة إلى أنشطة الاتصالات الموجهة للمؤسسات، بيد أنّ تحفظات عمداء المنظمة العالمية للتجارة لا تزال مستمرة بشأن ملف استيراد السيارات القديمة، ومشاكل أخرى تمسّ الحقوق الجمركية على الحليب، وهذا الشق أبرزه وزير تجارة نيوزيلاندا الجديدة، هون فيل جوف، عندما كشف أخيراً أنّ المفاوضات تبقى عالقة بسبب سؤال حول تخفيض التعريفة الجمركية المفروضة على المواد الأولية لإنتاج الحليب ومشتقاته، علمًا أنّ هذه المنتجات أهم ما تستورده الجزائر.
ويقول العارفون بالشأن الاقتصادي الجزائري، إنّ السلطات هناك على الرغم من أنّها ''تضع الانضمام أولى أولوياتها في المرحلة القادمة لتطوير اقتصادها''، إلاّ أنّها تعارض تقديم مزيدٍ من التنازلات، إذ ليست مستعدة -على الأقل في الوقت الراهن- للتخلي عن التسعير المزدوج للطاقة في الأسواق المحلية والدولية، كما لا تريد إقرار نمط آخر لمنظومة الخدمات، تبعًا للمصاعب التي تواجهها البلاد جراء تحديث وتحرير الخدمات، في وقت تتعالى الأصوات المنتقدة لما يشهده القطاع المذكور، بحكم ما ينتابه من تقدم بطيء، واستمرار ما يلف المصارف المحلية ومحدودية استثماراتها وعوائدها.
وترى الجزائر أنّ انضمامها لمنظمة التجارة، يشكل أنسب إطار للدفاع عن المصالح التجارية الجزائرية، بيد أنّها ترفض أن يكون تجسيد الخطوة لقاء القبول بقواعد يراد بعض الأعضاء فرضها على الجزائر، لذا أصرّت منذ استئنافها المفاوضات العام 1998، على الدفاع عن مصالحها وتجنب أكبر قدر من الشروط الأميركية والأوروبية، والمشكل الرئيس، يبقى بحسب الجانب الجزائري، في عجز أعضاء المنظمة عن فهم إجابات الجزائر كما يعاني الجزائريون عوائق موضوعية لفهم أسئلة مفاوضيهم بخصوص التفاصيل المتعلقة بالمقاييس التجارية والإجراءzwnj;ات الصحية ورخص الاستيراد.
وبعدما ردّت الجزائر على 1500 سؤال وطلب قدمتها الدول الأعضاء، وتحديدها في آخر جولة من المفاوضات مع المنظمة العالمية للتجارة، شروطًا لدخول الممولين الأجانب 87 قطاعًا فرعيًا للخدمات، من بين 161 قطاعًا فرعيًا تشكل حاليًا محاور محادثات، تلقت الجزائر عريضة من المنظمة العالمية من أجل فتح خدمات التوزيع، لكنها استثنت عملية توزيع تجارة التجزئة والجملة والمنتجات الطاقوية كافة على غرار زيت الوقود والغاز، كما تمحورت العرائض التي تقدمت بها المنظمة حول النقل البحري الذي يتضمن نقل المحروقات، وهي النقطة التي لم يتم اتخاذ أي التزام بشأنها بعد، فيما صرّح كبير المفاوضين الجزائريين "شريف زعاف" أنّ بلاده قطعت نحو 95 % من أشواط انضمامها إلى المنظمة العالمية للتجارة، وتترقب تتويج انضمامها إلى المنظمة المذكورة قبل نهاية العام الجاري، بيد أنّ الرهان لم يتحقق وقد يتأجل لسنتين إضافيتين.

ويتفاءل مراقبون بانضمام الجزائر إلى منظمة التجارة العالمية، خاصة وأنّ نقاط الاختلاف مع الدول الأعضاء في المنظمة تقلصت من 150 العام قبل الماضي إلى 12 فقط، أخذت طابع "الاستفسارات" في الربع الأول من السنة الجارية، علمًا أنّ الجزائر وقعت في الفترة القليلة الماضية على اتفاقيات ثنائية مع 6 دول ويتعلق الأمر بالأوروغواي والبرازيل وكوبا وفنزويلا وسويسرا وأستراليا، وسط توكيد من وزير التجارة الجزائري "الهاشمي جعبوب" على أنّه لا يوجد أي من البلدان العضوة في المنظمة العالمية للتجارة "يعارض انضمام الجزائر إلى هذه المنظمة الدولية"، وكشف الوزير الجزائري أنّ 31 دولة من مجموع 35 دولة عضوة، منحت دعمًا إضافيًا لانضمام الجزائر لمنظمة التجارة.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف