اقتصاد

محاربة الملاذات الضريبية في إيطاليا وهم خاسر!

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

طلال سلامة من روما: طالما اعتدنا على سماع أخبار تطمئن الجميع أن الحرب على شركات "أوفشور"، المحصورة أنشطتها في الخارج والتي يتم تأسيسها بكلفة رخيصة، يقودها رؤساء الوزراء ووزراء الاقتصاد الأوروبيون بنجاح. إنما يبدو أن هذه الحرب يلفها الضباب الكثيف ما يجعل فعاليتها تموت قبل أن تولد. بعد سلسلة طويلة من الخطابات "الجميلة"، الغائبة من أي تحويل عملي لكلماتها الى واقع، يبدي البروفيسور "دوناتو ماشاندارو"، مدير كلية الاقتصاد في جامعة "بوكوني" العريقة بميلانو تشكيكه بما برز من نوايا حسنة وقرارات "لماعة" من قمة الدول العشرين الأخيرة في لندن. في ما يلي نص الحوار الذي أجرته معه "إيلاف"من روما:

إيلاف: هل تعتقدون أن إعادة كتابة القوانين المالية الدولية تشهد الآن نورها؟

قبل كل شيء، فإن ما تحدث عنه زعماء الدول العشرين حول مصطلح "أوفشور" غير مفهوم أبداً. ثمة ثلاثة أنواع من هذا المصطلح، هي تجارية(شركات) وضريبية ومالية (تحتضن قلاع الأسرار المصرفية). إذًا لا تنتمي بعض الدول الى نوع واحد من مفهوم "أوفشور". على سبيل المثال، تنتمي ايرلندا، في الاتحاد الأوروبي، الى نوع "أوفشور" ضريبي. في حين تنتمي النمسا ولوكسمبورغ الى نوع "أوفشور" مالي. أما بين الملاذات الضريبية الخاضعة للمجهر الحكومي والقضائي معًا فهناك إمارة "ليشتنشتاين" و"ديلاوار" الأميركية.

إيلاف: إذًا، ضد من تستعد هذه الدول لخوض معاركها المستقبلية؟

في الحقيقة، فإن الطبقات السياسية للدول "الشاطرة" لا تناسبها للآن محاربة الدول "الشريرة" أم تلك التي تتمتع بقوانين تنظيمية مختلفة.

إيلاف: ما هو السبب؟

يشير تقويمهم إلى أن التكلفة الاقتصادية لهروب رؤوس الأموال يمكن التعويض عنها عبر منافع سياسية تخول بعض القطاعات الصناعية والمالية الاستفادة من آليات التحكيم الخبيثة التي تستغل التفاوت بين قوانين هذا البلد وذاك.

إيلاف: في حال قررت بعض الدول خوض مخاطر خسارة هذه المنافع السياسية. ماذا يحصل بالتالي؟

ستجد هذه الدول نفسها أمام معارضة شديدة اللهجة من دول أخرى، تستقبل الملاذات الضريبية على أراضيها، تستخرج جزءًا كبيراً من دخلها من وراء هروب رؤوس الأموال إليها. ان أغلب الدول التي تحتضن كيانات "أوفشور" لا تنتمي الى منظمات دولية وهي غير متأثرة بأي إجراءات بحقها. لقد تعرضت هذه الدول لشتى أنواع الحظر، ومن ضمنها تلك الغذائية، لكن مسألة عزلها مالياً لم يجر تطبيقه.. ولا يمكن تطبيقه أبداً.

إيلاف: لقد تم صوغ قائمة سوداء أدرجت الدول "الشريرة"، في الحقلين الضريبي والمصرفي، وأخرى ضالعة في تبييض الأموال.

هذا صحيح. بيد أن هذه القائمة تم إفراغها تدريجياً بعد أن جرى "حشوها" بأسماء عدة دول. فمن تم إدراجه في هذه القائمة، من دول، سرعان ما بادر رؤسائها الى تغيير قوانينها. مع ذلك، فانهم يواصلون تبني سياسة لم تتغير كثيراً مقارنة بالماضي. ان دول الملاذات الضريبية ليست مهتمة كثيراً بما يجري حولها! ولا تزال مكافحة تبييض الأموال تتخبط بين قرار جريء وآخر متناقض. ومن الصعب كذلك التوصل الى آلية تنسيق موحدة وإجراءات مضادة سريعة تستهدف التسوس الحاصل في قطاعي المال والضرائب.

إيلاف: كيف تفسرون الهجوم الواسع النطاق على هذه الملاذات الضريبية؟

أن الرأي العام الدولي يريد تحويل الانتباه الى كيانات سياسية ضعيفة، كما مراكز "أوفشور" وشركات التقويم الائتماني وصناديق التحوط "هيدج فاند". ويعود ذلك الى عدم الرغبة في عرض ألغاز تنظيمية معقدة، لا سيما عقب دخول الحكومات، وإذن السياسة، في الأنشطة المصرفية الدولية. أنا أعتقد أن معالجة الملاذات الضريبية يمكن تأجيلها الى إشعار آخر!

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف