معايير الإفصاح في البحرين تطبّق... ولن تنعش الإقتصاد في لبنان
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
نزيهة سعيد من المنامة وريما زهار من بيروت: من بين الاتفاقات لقادة دول مجموعة العشرين التي ضمت الدول العشرين الصناعية الكبرى وذات الاقتصادات الناشئة، كان اتفاق إلغاء السرية المصرفية وذلك دعمًا للاقتصاد العالمي الذي واجه انهيارات كثيرة في الآونة الاخيرة. والسؤال الذي يُطرح في هذا الصدد ما مدى تأثير رفع السرية المصرفية على انتعاش الاقتصاد عالميًا؟ هل ستعمل المصارف بهذا القانون؟ ومع ظهور نتائج الربع الأول من العام التي عكست تراجعًا اقتصاديًا، هل ستنقذها قوانين رفع السرية المصرفية؟
عن كل هذه التساؤلات أجاب الخبير في الشؤون الاقتصادية الدكتور لويس حبيقة من بيروت، والدكتور الإقتصادي جاسم العجمي من المنامة.
فقال الدكتور حبيقة لـ"إيلاف" إن لبنان ليس على اللائحة التي وضعت في القمة، إذ وضعوا 3 لوائح، منها من لا يتعاون ومن يتعاون جيدًا، ومن لم يتعاون بما هو مناسب. وبالنسبة إلى لبنان فالسرية المصرفية ضرورية وأساسية، ولا ضغط علينا نتيجة القمة العشرين، والأمر لا يعود إلى عدم تأثّر لبنان بالأزمة الاقتصادية العالمية، ولبنان تجاوب في الماضي مع التخفيف من قوانين السرية المصرفية، ولم يعد هناك مشاكل في ما خص لبنان بهذا الإطار، وما يهم الدول الغربية في هذا المجال بعض الدول الصغيرة التي يتم تهريب الضرائب إليها كي يستطيعوا ضبط الأمر، ولا تهريب إلى لبنان مبدئيًا في هذا المجال، وبالتالي لبنان لا يشكّل مشكلة بالنسبة إليهم، ولم يكن لبنان موضوع اتهام في القمة الأخيرة.
ويتابع: "السرية المصرفية باقية في لبنان، ولكنها لم تعد كما كانت، وبتعريفه للسرية المصرفية يقول حبيقة: "تعني السرية المصرفية ألا أحد يستطيع أن يعرف ماذا يملك أي شخص من رصيد وودائع في البنك، والأمر لا يشمل الديون، وهناك حسابات تخضع لأرقام، ولا يتم تقديم الأسماء، بل الأرقام. ويعرف الشخص تجاه المصرف برقمه، وهذه تعتبر السرية المصرفية المطلقة، وهي لم تعد كذلك في لبنان وقلت عن الماضي، ومن يأتي لتقديم حسابه من خلال رقم فقط يصبح موضوع شبهة، وخوف من تبييض أموال. والسرية المصرفية في لبنان تغطي حسابات المودعين 100%، وأصبحت السهولة اليوم في حال وجود موضوع قضائي، فيصبح رفعها أسهل مما كان عليه في الماضي، من هنا العالم الخارجي والغربي لا مشكلة لديه اليوم مع لبنان".
أما الدكتور جاسم العجمي فقال: "التوصيات التي خرجت بها القمة رغم أنها عامة وليست تفصيلية، وبالتالي من الصعب الالتزام بها، ولكن المؤسسات المالية بدأت بالالتزام ببعض التغييرات التي تمت على معايير المحاسبة، ومن شأن جزء كبير منها أن يعطي معلومات كانت توفرها في السابق، ولكن تمت تغييرها بطريقة إفصاح تلفت نظر القارئ للبيانات المالية أكثر من السابق".
ويضيف: "فعلى سبيل صار في تغيير في إعداد قائمة الأرباح والخسائر وتغيير مسماها إلى قائمة الدخل الشامل، وهذه التعديلات تمت نهاية العام الماضي وتقرر الالتزام بها بدءاً من مطلع عام 2009، وهذه المؤسسات المالية بدأت في تطبيقها والالتزام بها قبل قرارات قمة العشرين، وأصدرت الشركات والمؤسسات المالية تقاريرها الفصلية الربع سنوية ملتزمة فيها بالقوانين الجديدة".
وأشار الدكتور العجمي إلى أن التحدث عن هذا المستوى بالإفصاح سيؤثر إيجابياً على حركة السوق، فهو سيمنح المستثمرين والمقرضين فرصة الحصول على المزيد من المعلومات مما كان عليه في السابق، وتساءل: ولكنه هل يوفر للمستثمرين معلومات كافية لإتخاذ قراراتهم؟ لا تزال هناك تحديات للتغلب عليها، فالبحرين تعتمد معايير المحاسبة الدولية، والآن وبعد تغييرها أضطرت المؤسسات المالية المدرجة وغير المدرجة الالتزام بهذه القرارات.
ولدى سؤاله ما مدى تأثير رفع السرية المصرفية في الدول الأخرى على انتعاش الاقتصاد العالمي؟ يجيب حبيقة: "أنا ضد هذا القرار على هذه الدول ولأسباب عدة، لأن هذه الدول متهمة بأن الأشخاص الذين يهربون ضرائبهم من الغرب تلتجئ إليها والدول الغربية لا تستطيع ضبطهم، وبالنسبة إلي فالمشكلة ليست لدى الدول المستقطبة لرؤوس الأموال، بل لدى الدول التي تجعل الأموال تهرب منها، واليوم يجب تحديد أسباب هروب الأموال، والسبب الرئيس هو النظام الضرائبي في الغرب وهو جائر في معظم الأحيان. وهذا ما يدفع الأشخاص إلى تهريب أموالهم إلى الخارج، ولا تجب معاقبة الدولة التي تستقطب رؤوس الأموال تلك، بل يجب معالجة وإصلاح النظام الضرائبي في الدول الغربية كأميركا والسكندنافية والأوروبية، وجعلها أكثر إنسانية وهكذا لا يتم التهريب إلى دول أخرى تتمتع بالسرية المصرفية، وهذه الدول تعيش من سريتها المصرفية، وهي ليست صناعية ولا زراعية، ويتم ضربها اليوم بالأمر الوحيد التي تملكه، وهو أمر غير عادل أبدًا".
ولدى سؤاله هل ستعمل المصارف اللبنانية بهذا القانون؟ يجيب: "هي مجبرة، وسيتم متابعة الموضوع، والدول الغربية مشكلتها أنها تعاقب الدول الصغيرة ذات السرية المصرفية وهي عبارة عن جزر مغلقة. وهنا يتم معالجة النتيجة وليس السبب ويجب العمل بالعكس من ذلك.
وعن تأثير قوانين السرية المصرفية وإلغائها على الاقتصاد العالمي؟ يقول حبيقة: "موضوع انتعاش الاقتصاد العام غير مرتبط بالسرية المصرفية اليوم، بل هو بمثابة "فشة خلق" لا أكثر، لأن الدول الغربية وضعها متعثر وبخاصة في أميركا، لذلك يتم "فش خلقهم" بالدول الصغيرة التي تستقطب رؤوس الأموال.
فيما يرى الدكتور جاسم العجمي أنه بمتابعة تاريخ الأزمات المالية والاقتصادية التي مر بها العالم فإنه عادة ما تعقبها خطوات تعطي المزيد من الصلاحيات الرقابية للحكومة والمقرضين والمستثمرين".
وأضاف: "أحد أسباب الأزمة المالية والإقتصادية هو الضعف الرقابي والشفافية في توفير المعلومات، ولتجنب المزيد من الغرق في الأزمة فإن الإفصاح عن المعلومات، وإعطاء دور أكبر للجهات الرقابية والمستثمرين والمقرضين هو أمر مهم وضروري، لما سيوفر من معلومات لهذه الجهات لممارسة دورهم الرقابي والتزام ادارات المؤسسات بالمعايير المهنية ذات معايير الإقراض".
واختتم الدكتور العجمي حديثه: "لو كانت هذه المعلومات متوافرة لحدت من آثار الأزمة المالية ولوفرت قدرة على اتخاذ قرارات لا تؤثر بشكل سلبي على أداء هذه المؤسسات".