غلوبل: الأوقات العصيبة قادمة على المصارف الإماراتية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
الكويت ـ إيلاف: كان القطاع المصرفى فى الإمارات ينمو بصورة ملحوظة حتى وقت قريب وذلك نتيجة لانخفاض أسعار الفائدة نسبيا وارتفاع أسعار النفطوازدهار الاقتصاد الإماراتي بشكل عام. وفى ظل ارتفاع معدلات نمو الناتج المحلى الاجمالى المحققة فى الأعوام الماضية وارتفاع أسعار النفط، نما القطاع بمعدل سنوي مركب بلغت نسبته 32.2 في المائة على مدار الفترة الممتدة من العام 2003 - 2008. وقد استقر إجمالي الموجودات للبنوك الإماراتية عند مستوى 1,480.5 مليار درهم إماراتي، وهو الأكبر بين دول مجلس التعاون الخليجى. ويتشكل القطاع المصرفي في الإمارات من عدد 24 بنكا وطنيا باجمالى شبكة فروع تصل إلى 638 فرع، و28 بنكا أجنبيا باجمالى شبكة فروع تصل إلى 82 فرع. ويعد وجود 52 بنك لخدمة السكان البالغ عددهم 4.7 مليون نسمة عدد مرتفع نسبيا، ما يجعل الامارات أحد أعلى دول مجلس التعاون الخليجي من منظور الاختراق المصرفي.
جاء ذلك في تقرير بيت الاستثمار العالمي "غلوبل" حول الإستراتيجية الاقتصادية والرؤية المستقبلية للإمارات في القطاع المصرفي.
وبالنظر إلى الموجودات، شهدت النقدية والودائع لدى البنك المركزى انخفاضا سنويا بنسبة 47.4 فى المائة لتبلغ 124.6 مليار درهم اماراتى في شهر سبتمبر 2008، مقابل 236.9 مليار درهم اماراتى فى نهاية العام 2007. ويرجع الانخفاض فى النقدية والودائع لدى البنك المركزى بشكل كبير لقصور الأموال عن مواجهة ارتفاع الطلب على الائتمان فى الدولة. وقد جاء هذا الانخفاض فى أعقاب النمو السنوى الحاد بمعدل 273.5 فى المائة فى نهاية العام 2007. كذلك استقرت الموجودات الأجنبية لكافة البنوك فى الامارات فى نهاية شهر سبتمبر 2008 عند مستوى 223.4 مليار درهم إماراتي، مسجلة نموا نسبته 13.5 في المائة عن مستواها البالغ 196.9 مليار درهم اماراتى فى نهاية العام 2007.
وبالرغم من ذلك، سجلت الموجودات الأجنبية نموا سنويا سلبيا بمعدل 15.1 فى المائة فى العام 2007. وواصلت المطالبات على القطاع الخاص اظهار نموا مرتفعا خلال الشهور التسعة الأولى من العام 2008، حيث سجلت نموا بمعدل 42.0 فى المائة بالغة 727.7 مليار درهم اماراتى، بالمقارنة مع مستواها البالغ 512.3 مليار درهم اماراتى فى نهاية العام 2007. كما سجلت معدل نمو سنوى مركب نسبته 23.3 فى المائة على مدار الفترة الممتدة ما بين العامين 2000 - 2007.
وعلى صعيد المطلوبات، واصلت الودائع النقدية نموها السريع. لتنمو خلال الشهور التسعة الأولى من العام 2008 بنسبة 28.7 في المائة بالغة 200.4 مليار درهم اماراتى، مقارنة بمستواها البالغ 155.7 مليار درهم اماراتى في نهاية العام 2007.
وقد جاء هذا النمو المرتفع فى أعقاب النمو المرتفع والبالغة نسبته 58.6 فى المائة فى العام 2007 مقارنة بمستوى العام 2006. وسجلت ودائع شبه النقد نموا سنويا معتدلا بلغت نسبته 16.2 فى المائة ليبلغ 446.1 مليار درهم اماراتى فى نهاية شهر سبتمبر 2008 وذلك مقارنة بمستواها فى نهاية العام 2007 .
أدت الزيادة في الاقتراض الأجنبي للبنوك في الإمارات إلى زيادة حادة فى المطلوبات الأجنبية فى الآونة الأخيرة. حيث نمت المطلوبات الأجنبية لكافة البنوك العاملة فى الامارات بمعدل سنوي مركب نسبته 42.7 في المائة وذلك مقارنة بمستوى العام 2006-2007. وقد لوحظ هذا الاتجاه التصاعدي في معدلات النمو حتى العام 2007، حيث سجل نموا بمعدل 80.6 فى المائة ليبلغ 321.0 مليار درهم اماراتى، مقابل 177.7 مليار درهم اماراتى فى نهاية العام 2006. ومع ذلك، فخلال العام 2008، سجلت المطلوبات الأجنبية لكافة البنوك نموا هامشيا بنسبة 1.6 في المائة لتبلغ 326.3 مليار درهم اماراتى وذلك في نهاية شهر سبتمبر من العام 2008. ويعزى ذلك إلى التحرك الكبير الذي شهده البنك المركزى خلال الشهور التسعة الأولى من العام 2008، من 94 مليون درهم اماراتى فقط فى نهاية العام 2007 إلى 35.0 مليار درهم اماراتي. ونتيجة لانكماش الائتمان، اعتمدت أغلب البنوك على الاقتراض من البنك المركزي بدرجة كبيرة، حيث أجبرت الانخفاضات الحادة فى معدل الريبو في الآونة الأخيرة، من أقصى ارتفاع لها بمعدل 5 فى المائة إلى مستواها الحالى البالغ 1 في المائة، البنوك على الاقتراض من خلال شهادات الإيداع من البنك المركزي.
من المتوقع أن يتباطأ نمو الائتمان
أدى كلا من النمو الحاد فى الأنشطة التجارية، ارتفاع عدد السكان ونمو الودائع المصرفية إلى ارتفاع معدل نمو الائتمان خلال الأعوام القليلة الماضية. كما أدى كلا من نمو التجارة وتزايد أنشطة التشييد على وجه الخصوص في كلا من أبو ظبي ودبى خلال فترة التسعة أشهر الأولى مقترنا بالنمو الحاد فى عدد السكان وانخفاض أسعار الفائدة إلى توسع الائتمان. فقد نما الائتمان المصرفى الممنوح للمقيمين فى الإمارات بمعدل نمو سنوي مركب نسبته 24.7 في المائة على مدار الفترة الممتدة من العام 2000-2007. وقد استمر هذا الازدهار في العام 2007 و 9 شهور من العام 2008 حيث اتسع الائتمان المصرفى بمعدل 36.6 في المائة (سنويا) و40.4 (حتى تاريخه) على التوالى. ويعزى النمو فى الائتمان الممنوح للمقيمين فى الآونة الأخيرة إلى توسيع الائتمان الممنوح للقطاع الخاص. وقد أدى هذا النمو المفرط فى القروض إلى زيادة الضغط على السيولة.
كذلك، نما الائتمان المصرفى الممنوح لغير المقيمين بصورة حادة، مسجلا معدل نمو سنوي مركب نسبته 22.6 فى المائة على مدار الفترة الممتدة من العام 2000 إلى العام 2007. وقادت كل من القروض والسلف والسحب على المكشوف التي نمت بمعدل نمو سنوي مركب نسبته 21.4 في المائة، النمو المرتفع فى الائتمان الممنوح لغير المقيمين على مدار نفس الفترة. وبالرغم من ذلك، فقد نما الائتمان المصرفى الممنوح لغير المقيمين بمعدل متواضع بلغ 11.6 فى المائة بالغا 70.6 مليار درهم إماراتي في العام 2007 مقارنة بمستواه البالغ 63.3 مليار درهم اماراتى فى نهاية العام 2006. علاوة على ذلك، فقد سجل انخفاضا (حتى تاريخه) بمعدل 1.4 فى المائة بالغا 69.6 مليار درهم اماراتى فى نهاية شهر سبتمبر 2008 .
نما الائتمان الموجه لقروض الرهن العقارى بمعدل سنوي مركب نسبته 77.1 فى المائة خلال الفترة الممتدة من العام 2004 إلى العام2007 وبمعدل 89.9 في المائة في العام 2007. وفى نهاية شهر سبتمبر من العام 2008، استقر اجمالى الائتمان الموجه لقروض الرهن العقارى عند مستوى 118.5 مليون درهم اماراتى، بما يمثل ضعف مستوى العام 2007 تقريبا والبالغ 59.8 مليون درهم اماراتى.
التوزيع القطاعى للائتمان المصرفى
أدى الازدهار في الأنشطة الاقتصادية خلال الأعوام الأخيرة إلى زيادة متطلبات الائتمان لكافة القطاعات فى الدولة. وخلال الشهور التسعة الأولى من العام 2008، شهدت أغلب القطاعات الاقتصادية نموا فى مبالغ الائتمان المصرفى المستلمة. وشهد الائتمان الموجه لقطاع المؤسسات المالية (باستبعاد البنوك) نموا مرتفعا فى توسع الائتمان خلال التسعة أشهر الأولى من العام 2008 ، حيث شهد نموا من بداية العام وحتى تاريخه بمعدل بلغت نسبته 84.4 في المائة وصولا إلى 68.1 مليار درهم اماراتى.
أداء البنوك الاماراتية
الربحية المصرفية المتحققة في العام 2008 ، لا تدل على حدوث تدهور كبير في الربحية فى ظل انخفاض اجمالى الربح للبنوك الـ 19 المدرجة فى كل من سوقي أبوظبى للأوراق المالية ودبي المالي بنسبة 4.2 فى المائة عن مستوى العام 2007. حيث حقق أكبر بنك في الإمارات، بنك الإمارات دبي الوطني، انخفاضا في صافى الربح بنسبة 7 فى المائة عن مستوى العام 2007، بالغا 3.7 مليار درهم إماراتي.
كما سجل بنك أبو ظبي التجاري، انخفاضا بنسبة 35 فى المائة في أرباح العام 2008 التي استقرت عند 1.4 مليار درهم اماراتى. وشهدت أرباح بنك المشرق للعام بأكمله انخفاضا بنسبة 13.6 في المائة. في حين شهد بنك دبي الاسلامى انخفاض ربحيته بنسبة 31.2 فى المائة.
ومع ذلك ، فإننا إذا ما نظرنا إلى نتائج العام 2008 بمفرده، تتشوه الصورة الحقيقية للانخفاض، حيث حققت أغلب البنوك قفزة ملموسة فى ربحيتها خلال النصف الأول عندما لامست أسعار النفط ارتفاعات قياسية. ولم تتأثر اقتصاديات مجلس التعاون الخليجى نسبيا بالضرر الناجم عن حالة التشاؤم العالمية.ويمكننا مشاهدة الأثر الحقيقي عندما ننظر لربحية الربع الرابع لهذه البنوك، عندما تأثرت البيئة الاقتصادية العالمية الصعبة بشكل سلبي، على الرغم من أن شدة التأثير تختلف حسب القطاع. حيث انخفض اجمالى الربح في الربع الرابع من العام 2008 بنسبة 82.8 في المائة، مقارنة بالعام 2007 ، حيث سجلت أغلب البنوك خسائر ملموسة.
وباستثناء بنك الخليج الأول، وبنك رأس الخيمة الوطني، والبنك العربى المتحد، تلقت ربحية الربع الرابع لكافة البنوك ضربة عنيفة. حيث شهد بنك دبي الوطني الاماراتى، تراجعا في أرباحه خلال الربع الرابع من العام 2008 بنسبة 98.8 في المائة، حيث سجل ربحا بمقدار 14.0 مليون درهم اماراتى، مقابل 1.2 مليار درهم اماراتى خلال نفس الفترة من العام السابق. كما سجل بنك أبو ظبي التجاري خسائر بلغت قيمتها 262 مليون درهم اماراتى في الربع الرابع من العام 2008 مقابل أرباحا بنحو 502 مليون درهم اماراتى خلال الربع الرابع من العام 2007 .
الطريق نحو المستقبل ...
وتعد أزمة السيولة الكبيرة، وانهيار أسواق الأسهم، وتدهور تقييمات العقارات، وارتفاع القروض الرديئة، فى ظل انخفاض أسعار النفط والذى اقترن بتخفيضات الإنتاج، بمثابة مشاكل ستضعف قوة نمو موجودات البنوك فى الامارات. ونتيجة لذلك، ستواجه الامارات على الأرجح فى عام 2009 بيئة اقتصادية مليئة بالتحديات، حيث ستظهر الآثار السلبية لانخفاض أسعار النفط والأزمة المالية العالمية.وخلال العام المالي 2009 نتوقع للقطاع المصرفى أن يشهد نموا سلبيا في الأرباح، علاوة على الانكماش الحاد فى نمو القروض، وذلك بالنسبة لما تم تحقيقه على مدار العامين الماضيين. ومن المتوقع أن تستمر الضغوط التمويلية للقطاع نتيجة لعجز النمو الاجمالى للودائع في مجاراة القروض المدفوعة.