اقتصاد

كوسوفو تريد دخول الأمم المتحدة من شباك صندوق النقد الدولي

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

قسم الترجمة-ايلاف: أعلنت حكومة كوسوفو يوم الثلاثاء الماضي أن قبولها عضوا في صندوق النقد الدولي خطوة نحو الانضمام الى الأسرة الدولية مثلها مثل سائر الدول المعترف بها. لكن العقبة الرئيسية التي تعترض هذا الطريق هي تعذر الاعتراف بكوسوفو في المنظمات الدولية التي تنص أنظمتها على شرط الإجماع طالما أن صربيا وروسيا ترفضان الاعتراف بأصغر دول العالم سنا. وكانت روسيا وصربيا عارضتا قبول كوسوفو في صندوق النقد الدولي. ولكن حقوق التصويت في هذه المؤسسة المالية الدولية تُمنح على أساس المساهمات النقدية للدول الأعضاء ، وبالتالي فان قواعد التصويت فيها تميل لصالح الدول الغربية التي أيدت غالبيتها العظمى استقلال كوسوفو عن صربيا. غني عن القول إن حكومة كوسوفو سعت إلى توظيف كل كلمة من قرار صندوق النقد الدولي قبول عضويتها فيه ، معلنة أن انضمامها إلى مؤسسة دولية مهمة كهذه يعبد درب الاعتراف بها من جانب المجتمع الدولي عموما. ولكن مراقبين يرجحون أن تكون العضوية خطوة نحو الحصول على رزمة قروض من صندوق النقد الدولي ، وربما مقعد في البنك الدولي ، وهو ما أعلنت حكومة بريشتينا أنها تطمح إلى تحقيقه بحلول حزيران/يونيو المقبل. في غضون ذلك يبقى الاعتراف بكوسوفو على نطاق أوسع متعذرا في المنظمات الدولية التي تقتضي توافقا والتي تمنح كل عضو حقا متساويا في الفيتو. ومن المتوقع أن يستمر هذا الوضع ما دامت روسيا وصربيا تصران بعناد على معارضة استقلال كوسوفو وما دامت دول مهمة في الاتحاد الأوروبي وحلف شمالي الأطلسي (على الأخص أسبانيا ورومانيا واليونان) ترفض الاعتراف بها.

منذ إعلان كوسوفو استقلالها عن صربيا من جانب واحد في شباط/فبراير 2008 ، انطلقت لعبة غير معلنة من المناورات الدبلوماسية بين بلغراد وبريشتينا هدفها إضعاف أحداهما الأخرى. وتستطيع كوسوفو أن تتباهى في هذه الحلبة بكسب غالبية العالم الغربي الى جانبها ما عدا اليونان ونيوزيلندا ورومانيا واسبانيا وسلوفاكيا رغم أن اليونان أيدت عضوية كوسوفو في صندوق النقد الدولي في الوقت الذي ما زالت تعارض استقلالها! صربيا من جهتها تستطيع ان تستعرض الحقيقة الماثلة في أن 134 دولة من الدول الـ 192 الأعضاء في الأمم المتحدة حجبت اعترافها عن كوسوفو حتى الآن. وتلاحظ مؤسسة ستراتيجي فوركاست Strategy Forecast للأبحاث أن صربيا أفلحت أيضا في الطعن بشرعية استقلال كوسوفو لدى محكمة العدل الدولية معتبرة أن إيصال القضية إلى المحكمة بحد ذاته يشكل نجاحا دبلوماسيا كبيرا إذا أخذنا في الحسبان أن مقترح إحالة القضية إلى المحكمة يجب أن ينال تأييد الأغلبية في الجمعية العامة للأمم المتحدة.

تنطوي عضوية كوسوفو في صندوق النقد الدولي على إبعاد تتعلق بتداعيات الأزمة الاقتصادية ، ولا تقل أهمية عن تطلعات بريشتينا إلى نيل الاعتراف الدولي بها. فالدول الغربية الأعضاء في الصندوق ، لا سيما دول الاتحاد الأوروبي ، تخشى من أن إبقاء كوسوفو تنتظر على باب الصندوق سيؤدي في نهاية المطاف إلى تكفل الاتحاد الأوروبي وحده بمهمة إنقاذ الاقتصاد الكوسوفي. لذا فان قرار قبولها مدفوع بحسابات الأزمة الاقتصادية الحالية التي تطاول أوروبا ـ وبالتالي منطقة غرب البلقان ـ بقدر ما هو مدفوع برغبة الغرب في رؤية مزيد من الاعتراف بالدولة الجديدة. والدول الغربية لا تريد إنقاذ كوسوفو من براثن الأزمة الاقتصادية دون أن يتحمل صندوق النقد الدولي قسطا من المسؤولية ، عن طريق القروض التي يمكن أن يمنحها إلى كوسوفو.

القضية المطروحة الآن هي ما إذا كانت عضوية كوسوفو في صندوق النقد الدولي تشكل سابقة لقبولها في مؤسسات دولية أخرى. ولكن فيما يتعلق بعضوية الأمم المتحدة فهي ليست واردة نظرا لحق النقض (الفيتو) الذي تتمتع به روسيا في مجلس الأمن الدولي. وليس مؤكدا أن تتمكن كوسوفو من نيل تأييد الأغلبية حتى في الجمعية العامة حيث لا تعترف بها رسميا إلا 53 دولة. وترى مؤسسة "ستراتيجي فوركاست" أن اعتراف الأمم المتحدة خطوة رمزية تعبر عن قبول المجتمع الدولي دون منافع حقيقية تُذكر. وان هناك منافع أكبر يمكن ان تجنيها كوسوفو من العضوية في صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ، لا سيما وأنها مقبلة على إجراء تعديلات بنيوية جذرية ، ليس اقلها بيع مؤسسات الدولة للقطاع الخاص ، والارتقاء إلى المعايير الأوروبية في مجال سيادة القانون وبناء المؤسسات. ومن المنظمات التي تبقى أبوابها مغلقة أمام كوسوفو بسبب الإجماع الذي تنص عليه أنظمتها وعضوية صربيا فيها منظمة الأمن والتعاون في أوروبا والمجلس الأوروبي في حين أن العضوية ممكنة لكنها ليست سهلة في الشرطة الدولية (الانتروبل) التي تشترط تأييد ثلثي أعضائها الـ 187.

المنظمة التي حقا تطمح كوسوفو في دخولها هي حلف شمالي الأطلسي (الناتو) بوصفها الإطار الوحيد الذي يضمن أمنها ضد أي مخططات قد تبيتها صربيا. بيد أن الناتو أيضا يشترط إجماع الأعضاء وسيبقى بعيدا عن متناول بريشتينا طالما أن دولا أعضاء مثل اسبانيا ورومانيا واليونان وسلوفاكيا تعارض عضوية كوسوفو.

عبد المجيد النعيمي

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف