اقتصاد

إفلاس جنرال موتورز يضع صناعة السيارات العالمية على المحك

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
الحكومة الأميركية أقحمت نفسها بهذا القرار في حقل ألغام سياسية
إفلاس جنرال موتورز يضع صناعة السيارات العالمية على المحك
أشرف أبوجلالة من القاهرة: فيما اعتبره كثيرون تطورًا يمكن أن يندرج تحت لائحة الكوارث الكبرى التي ستلحق أضرارًا بالغة بقطاع السيارات والصناعة بشكل عام في الولايات المتحدة، جاء الخبر الذي تناقلته اليوم وكالات الأنباء عن حقيقة اعتزام شركة "جنرال موتورز" رفع دعوى إفلاس للحماية من الدائنين اليوم الاثنين من أجل استكمال عملية إعادة الهيكلة، ليلقي بظلاله القاتمة على واقع اقتصادي كئيب بالأساس، لأن هذا الإجراء سيجعل "جنرال موتورز" أحد أكبر ضحايا الأزمة المالية والاقتصادية التي أجمع الخبراء على أنها الأسوأ منذ الكساد العظيم في ثلاثينات القرن الماضي. ونظرًا لما يحتويه الموقف من تداعيات متباينة على مختلف الأصعدة بالولايات المتحدة، كان الاهتمام الإعلامي حاضرًا لتغطية الأزمة وتحليلها ورصد أبعادها الحالية والمستقبلية أيضًا. فقد أفردت اليوم مختلف الصحف الأميركية مساحات واسعة في صدر صفحاتها للحديث عن دعوى الإفلاس، وإن اتفق معظمها على عدم اتضاح الرؤية المستقبلية لواقع الشركة بشكل خاص والصناعة بشكل عام. من جانبها، أشارت في البداية صحيفة "النيويورك تايمز" إلى ما قالته الشركة عن أنها تمتلك أصول بقيمة 82.3 مليار دولار، أما ديونها فتقدر بـ 172.8 مليار دولار. كما أن قرار الإفلاس الذي اتخذته الشركة فيبدو في حد ذاته قرار منحدر، على حد قول الصحيفة. فهو إجراء بسيط ويحدث كل يوم الآلاف من المرات في جميع أنحاء البلاد، من جانب الأفراد أو الشركات التجارية على حد سواء. لكن لا يكون عادة ً، كما في تلك الحالة، من جانب شركات في حجم جنرال موتورز التي نجحت في دمج نفسها بداخل نسيج الثقافة الأميركية. وتشير الصحيفة في الوقت ذاته إلى أن الشركة اضطرت لإشهار إفلاسها على يد الرئيس باراك أوباما الذي يراهن على أنه سينجح من خلال الاعتماد على التأمين الموقت للرمز السابق للرأسمالية الأميركية، في إنقاذ إحدى شركات صناعة السيارات المتراجعة بعد أن كانت تعمل في إطار تنافسي. وقالت الصحيفة إن جنرال موتورز لحقت من خلال تلك الدعوى بمنافستها الرئيسة كرايسلر في دعاوى إشهار الإفلاس. وتأمل جنرال موتورز أن تتمكن من العودة سريعًا بغرض إعادة الهيكلة. أما صحيفة "وول ستريت جورنال" فقالت إن دعوى الإفلاس التي تم رفعها صباح اليوم تُجسد حالة الإذلال التي تعرضت لها تلك الشركة التي كانت تُعد في السابق رمزًا أميركيًا مهيمنًا على صناعة السيارات حول العالم، كما أنها تُشكِّل مقامرة شديدة المخاطر بالنسبة إلى دافعي الضرائب الأميركية. كما تؤكد الصحيفة على أن تلك الدعوى التي رُفعت في محكمة الإفلاس الأميركية بحي مانهاتن الشهير في نيويورك، تُمثل الذروة لمسلسل النقاشات الطويلة حول مستقبل الشركة بعد أن سعت جاهدة ً للحصول على خطة إنقاذ من الحكومة الأميركية في شهر كانون أول / ديسمبر الماضي بغرض الصمود أمام الأزمة. وفي نهاية الأمر، لم تستطع إكمال خطط إعادة هيكلتها بعيدا ً عن ساحات القضاء، ما دفعها لرفع دعوى الإفلاس الحمائية بهدف الحصول على مليارات الدولارات في صورة مساعدات إضافية من دافعي الضرائب الأميركيين.

لكن السؤال الذي يطرح نفسه الآن أمام 56 ألف شخص من العاملين في قطاع السيارات، و 3600 من المتعاملين مع الشركة، وكذلك مسؤولي الإدارة الأميركية، وفقا ً للصحيفة، هو :( هل سيؤول هذا الإجراء إلى نتائج إيجابية ؟ ) --- ووسط حالة من الغموض، تؤكد الصحيفة أن عملية إعادة الهيكلة التي تحاول جنرال موتورز تطبيقها خلال هذه الأثناء تواجه مخاطر لا تعد ولا تحصى، تتراوح ما بين التحديات القانونية وعدم وضوح الرؤية بخصوص الموعد الذي سيشهد انتعاشة جديدة بشأن تزايد إقبال المستهلكين على شراء سيارات جديدة. وأشارت الصحيفة أيضا ً إلى أن تنصيب الحكومة الأميركية نفسها مالكاً جديدا ً للشركة، بمثابة الخطوة التي أقحمتها في أرض شاسعة وغير مطروقة تمتلئ بحقول من الألغام السياسية، ولا سيما في ظل إمكانية التدخل من جانب الكونغرس في العمليات اليومية والخطط التجارية للشركة.

بينما خصصت صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" تقريرًا أسهبت من خلاله في الحديث عن التداعيات المنتظرة لهذا القرار على الولايات المتحدة. ورأت الصحيفة أن آثار قرار إفلاس أكبر الشركات المصنعة للسيارات في الولايات المتحدة سوف تتوالى في جميع أنحاء البلاد - وبطرق غير متوقعة. وقد تكون إحدى هذه الآثار نشوب مساومات لا تحدث إلا مرة واحدة فقط في العمر على بعض سيارات جنرال موتورز الجديدة. بينما يقول محللون أن حالة إفلاس شركة جنرال موتورز الراهنة ليست حالة إفلاس عادية، كما أنها ليست بالتأكيد حالة بيع تصفية ضخمة لجنرال موتورز. ونقلت الصحيفة عن جيرمي أنوايل، المدير التنفيذي لشركة معلومات المحركات Edmunds.com قوله " حتى الآن، تسير خطط جنرال موتورز الخاصة بتقليص شبكة تعاملاتها بمعدلات بطيئة. ومن المحتمل أن يتغير ذلك بمجرد إعلان الشركة إفلاسها. وما يبدو واضحًا الآن هو أن حالة التراجع العالمي جعلت جميع شركات السيارات في حالة نهم شديد للمستهلكين. والآن هو أفضل توقيت لشراء أي سيارة". وعن تداعيات دعوى إفلاس جنرال موتورز على الاقتصاد الأميركي، قالت الصحيفة إن هذا قد يجبر الشركة - شأنها شأن كرايسلر - على تقليص حجم تعاملاتهما وتخفيض عدد الموظفين. أما الإقدام على إعادة هيكلة الشركات أثناء مرورها بتلك الظرف، فسوف يأخذ صور عدة. وقد تتعرض لحالة من الانهيار الفوضوي إذا لم تتلقَ إعانات مالية من الحكومة. ويرى فريق من المحللين أن حدوث موجة من الفشل بين الموردين قد يؤدي إلى تعرض شركات السيارات الأخرى مثل تويوتا وفورد لمجموعة من الآثار غير المباشرة.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف