اقتصاد

العمال اليمنيون بين استغلال الشركات وغياب القانون

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

بعد غرق بعضهم

العمال اليمنيون بين استغلال الشركات وغياب القانون

صنعاء - سبأنت: بعد ثلاثة أشهر سيرى أول أبنائه النور, لكن للأسف غادر الحياة في مارس\ آذار الماضي تاركا الجنين في يُتْم مبكر وهو في بطن أمه. محمد منصور صالح لم يمر على زواجه سوى أشهر حتى لاحت فرصة للهروب من واقع معيشي صعب فودع عروسه وانطلق نحو العمل في أعالي البحار، على متن سفينة أجنبية غرق هو وثلاثة من زملائه وهم يبحثون عن أرزاقهم. ليس الأسوأ هنا حظ هؤلاء العمال الذين وجدوا أعمالهم بصعوبة وبعد وساطات، لكن الأسوأ أن مسئولي بلادهم لم يؤمّنوا أعمالهم، ولم يلقوا بالا حتى بعودة جثثهم.في العاشر من مارس الماضي، كانت سفينة شحن تحمل علم "سانت كيتس" الواقعة على جزر البحر الكاريبي بين الأميركيتين تنطلق من ميناء الأدبية بميناء السويس المصري، متجهة إلى ميناء الشارقة بدولة الإمارات، هذه السفينة التي تحمل اسم "ابن بطوطة"، شوهدت وهي تغرق في المياه المصرية على بُعد 35 ميلا بحريا من ميناء سفاجا، وعلى متنها 26 عاملا بينهم أربعة يمنيون.

بعد مرور أسبوع على غرقها، علمت بالنبأ أسر محمد يوسف عامر حسن من التواهي، ومحمد منصور صالح من المنصورة، وسليم يوسف إسماعيل بخشن من المعلا، وهذا الأخير متزوج اثنتين. لقد علمت عدن كلها أن ثلاثة من أبنائها غرقوا في رحلة البحث عن لقمة العيش، بيد أن أسرة الضحية الرابع سالم عبدالله سالم سنان، وهو من سكان المخاء في تعز، لم يُعرف لها قريب، فهي إلى اليوم ما تزال تنتظر عودة غائبها. وزارة الخارجية اليمنية والسفارة المصرية بصنعاء وقنصليتها في عدن لم تلقِ بالا بالحادثة ولم ترد على رسائل الجهات المعنية. كانت سفينة "ابن بطوطة" وهي إحدى سفن الشحن التابعة لشركة "بلاتنيوم دبي" تحمل على ظهرها 6500 طن من الرمال التي تستخدم في صناعة الزجاج، وهي في طريقها من ميناء السويس إلى ميناء الشارقة. أرسلت السفينة، التي يتخذ صاحبها (مطلق خلف) من إمارة دبي مقرا لشركته، إشارة استغاثة في السادسة والنصف من صباح الاثنين، العاشر من مارس 2009، واستقبلها راديو تابع للبحرية المصرية، مفادها بأن "المركب يتعرض للغرق بسبب سوء الأحوال الجوية".

وحسب مسئولين بميناء سفاجا المصري، شرعت ثلاثة زوارق وطائرة للبحث والإنقاذ، وتم إنقاذ عشرة أفراد من طاقم السفينة، وانتشال جثتين، وفُقد بقية طاقمها الـ26، الذين ينتمي ثمانية منهم إلى الصومال، وأربعة من اليمن، وأربعة من ميانمار، وثلاثة من العراق، وثلاثة من بنغلاديش، واثنان من إثيوبية، وواحد من الهندي، وسوداني أيضا.

تضاربت الأسباب الحقيقية للغرق، فتصريحات الشرطة المصرية تقول إنها بسبب "سوء الأحوال الجويّة"، أما تصريحات من تم إنقاذهم أنهم "شعروا بضربة قويّة في جسم السفينة حوالي الساعة الرابعة والنصف قبل الفجر"، وهو ما جعلهم يرجحون أن سفينة ضخمة اصطدمت بهم، والقول الأخير عززه حديث المسئول المصري محمد مجدى قبيصى، محافظ البحر الأحمر، في تصريح نشرته "وكالة الصحافة العربية"، حين قال "إن الأحوال الجوية ليست السبب الرئيسي والمباشر في غرق سفينة ابن بطوطة، وهناك سبب لم يعرف بعد، حتى هذه اللحظة".

نيابة الغردقة في مصر قررت انتداب لجنة هندسية لتحديد سبب الكارثة.

محمد يوسف عامر حسن (أب لثلاثة أولاد وبنت) كان بحارا ويعيش ظروفا قاسية جعلته يتردد على إحدى الشركات الخاصة بالملاحة في مديرية التواهي، لطلب عمل، وهو ما وجده عند سفينة "ابن بطوطة" عبر شركة "العولقي" للملاحة. تفاجأ قبل سفره بعدم وجود عقود عمل، وهو ما جعله يتردد، إلا أن الشركة أكدت له أنها أعدت عقودا على السفينة ليسافر في 9 فبراير 2009 تاركا خلفه أبناءه الأربعة على أمل العودة إليهم. منتصر (صهر الضحية محمد) يقول: "لم نعرف بالحدث إلا بالصدفة من خلال صديق قديم كان يعمل في شركة ملاحية بمديرية صيرة وهو يعرف محمد أنه يعمل على متن السفينة التي غرقت. يضيف: "ذهبنا إلى شركة العولقي للملاحة لسؤالها عن صحة الخبر، لكن القائم بأعمالها نفى لنا صحة ما سمعناه، وقال لنا: هذه الأخبار هي أساليب تعتمدها الشركات المنافسة التي تسعى إلى تشويه سمعة شركتنا، بعدها توجهنا إلى نائب مدير عام الشؤون البحرية الذي طلب منا الانتظار حتى التأكد وإخبارنا، وأبلغنا فعلا أن السفينة غرقت في البحر الأحمر في المياه الدولية بتاريخ 10 مارس".

يؤكد منتصر "أن شركة العولقي للملاحة بعدها اعترفت بوفاة العاملين اليمنيين، لكن صاحب الشركة أنكر وجود عقود، وبعدها تواصلنا مع مدير إدارة الشؤون البحرية فيصل مرعي الذي تعاون معنا في التواصل مع الجهات المعنية لمعرفة الحقيقة الكاملة". ويقول صهر الضحية إن مالك الشركة المشغلة للسفينة "لم يعرنا أي اهتمام عند ما اتصلنا به، لكن وكيل الشركة في إمارة دبي طمأنا على التأمين، وقال لنا إنه سيتم إرسال الرواتب إلى الشركة الملاحية بعدن بعد يومين، وهو ما لم يحصل حتى الآن، ويماطلنا باستمرار مدعيا أن شهادة الوفاة لا تخرج من جمهورية مصر العربية إلا بعد مرور ستة أشهر، أما وكيل الشركة في مصر فلا يجيب على اتصالاتنا الهاتفية".

وحول التأمين يضيف: "تم إعطاؤنا تلفون أحد المسؤولين في نادي الحماية في بريطانيا، وهو المسؤول عن التعويضات المادية عن ضحايا الغرق، والذي تواصلنا معه فكان رده أنه لا يعرف الجهة التي ستتكفل بدفع التأمين الخاص بالأربعة اليمنيين المفقودين".

ويؤكد منتصر أن مدير عام الشؤون البحرية أرسل رسالة إلى قيادة الشؤون البحرية بصنعاء لرفع رسالة خطية لوزارة الخارجية اليمنية التي ستخاطب السفارة المصرية لمعرفة سبب تأخر شهادة الوفاة، وإعطائنا تفاصيل حول الحادث".

في أحد العقود التي حصلنا عليها وهو خاص بعمّال شركة العولقي للملاحة، أكد لنا مختصون "أن بنود العقد مخالفة تماما لقانون العمل النافذ، وأنها شكلية"، لكنهم تساءلوا "كيف يتم خروج العمّال من ميناء عدن عن طريق إدارة الشؤون البحرية بدون أن يتم التدقيق في العقود العمالية؟". ولم يعرف حتى الآن أية عقوبة نزلت بحق الشركات الملاحية المخالفة. عضو المكتب التنفيذي في الاتحاد العام لنقابات عمال اليمن ومسؤول فض نزاعات العمل جلال البيضاني، (جار أحد الضحايا) انتدب لمتابعة القضية، يقول: "لقد أكد لي رئيس الاتحاد العام لنقابات عمّال اليمن بعدن، عثمان كاكو، أنه لا بُد على الأهالي رفع دعوى إلى اللجنة التحكيمية التي تتكون من وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل والغرفة التجارية واتحاد العمال وتسمى أطراف الإنتاج".

ويشير هنا إلى أن المشكلة ليست الدعوى، وإنما في العقود التي وقعّت مع العمال للتعاقد مع الشركة الملاحية ووكيلها في اليمن، حيث لم يكن لدينا هذه العقود ولا حتى الأهالي، ولا مكتب الشؤون الاجتماعية والعمل، ولكننا تأكدنا أن العقود متواجدة في إدارة الشؤون البحرية التي رفضت إعطاء ذوي الأهالي أية صورة منها.

ويضيف: "الأهالي شكوا من صحة العقود، وأنها غير مختومة من وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، وذلك وفقا لقانون العمل رقم 5 لسنة 95 النافذ، والذي يقر بضرورة الإشراف من قبل وزارة العمل على عقود العمل في القطاع الخاص. تواصلنا مع الشركة الملاحية بعدن ونطالب حاليا بأسماء وأماكن العمّال الآخرين الذين لم يتم التواصل معهم، الأمر الذي زاد من الشكوك حول صحة العقود؛ كونها لا تحتوي على البيانات الأساسية كاملة. ويقول: "مالك السفينة والوكلاء في دبي ومصر إلى جانب القيادة المصرية لا يعيرون الموضوع أي اهتمام بالعمال اليمنيين، فعند الاتصال بمالك السفينة يتهرّب ويترك الوكيل في دبي ليماطل الأهالي حتى الآن، كما أن العتاب على وسائل الإعلام التي لم تشر إلى الموضوع، وكأنها في سبات".

شركة العولقي للملاحة الوكيل الملاحي لشركة (الراشد) التي تعاقدت مع اليمنيين الأربعة المفقودين في حادث غرق السفينة (ابن بطوطة) هي الجهة المسؤولة عن متابعة مستحقاتهم المالية. يقول مدير الشركة علي العولقي: إن توظيف العمال الأربعة "جاء بعد طلبات شخصية للعمل في إحدى السفن، وباعتبار الشركة هي وكيل شركة الراشد في عدن طلب منّا توفير أربعة عمال لسفينة ابن بطوطة". وعن صحة العقود يقول "إذا كانت العقود غير صحيحة فكيف يكون هناك عقود موجودة في إدارة الشؤون البحرية بعدن، ومختومة وموقّعة من الهجرة والجوازات وضابط الميناء والإدارة إلى جانب أخذ الرسوم المقررة وهي10 دولارات، وذلك وفق القانون البحري للمنظمة البحرية الدولية (آي.إم.أو)".

وعن احتفاظ الشركة بنسخ من العقود، يضيف العولقي: "لا نحتفظ بنسخ عقود العمّال، فكلها متواجدة في إدارة الشؤون البحرية؛ باعتبارها الجهة المسؤولة عن صعودهم إلى متن السفن، وقد تم التواصل مع الوكيل الملاحي للشركة في دبي، وأرسل إلينا رواتب العمّال الأربعة، وتم توزيعها على ذويهم، وعن التأمين البحري فنادي الحماية البحرية هو شركة تأمين بحرية، وهو الجهة المسؤولة عن دفع التأمين لذوي العمّال، ولكن هناك شرط ضروري خروج شهادة الوفاة من قبل السلطات المصرية، ولا نعرف ما سبب تأخرها، لأنه من المعروف أن المفقود في البحر بعد 15 يوما، ولا يوجد له دليل يعتبر في عداد الموتىويستخرج له شهادة وفاة من الدولة التي وقع فيها الحادث". ويؤكد أن مالك السفينة طلب عناوين العمال الأربعة وذويهم من أجل التواصل معهم "لكن الأهالي لم يعطونا أي عناوين حتى الآن من أجل تسليمها إلى مالك السفينة".

ترفض الشؤون البحرية الحديث عن العقود وتكتفي بالتواصل مع المصريين إدارة الشؤون البحرية بمحافظة عدن ترفض مقابلة أهالي الضحايا -حسب ما يقولون. فأهالي الضحايا يرون أن الشؤون البحرية تراجعت عن أداء مهامها وأنها تسرد أسبابا وحججا غير منطقية في أن المسؤولية تقع على عاتق الشركة الملاحية ولا تتحمل هي أية مسؤولية. الغريب هنا أن هذه الإدارة قالت، في وقت سابق، إنها مسئولة عن متابعة القضية، وهو ما يطرح تساؤلات كثيرة، من بينها إن كان مسئولو الشؤون البحرية يتهربون من أداء مهامهم، أم أن أطرافا أخرى لها مصلحة في تجميد هذه القضية، والأهم هنا أن الأهالي ينوون رفع دعوى للجنة التحكيمية الخاصة بقضايا العمال من أجل الوصول إلى نتيجة مع الجهات الأخرى المعنية بمتابعة حقوق العمال المفقودين.

الإدارة القانونية التابعة لإدارة الشؤون البحرية بعدن وبعد رفضها الرد المباشر على تساؤلات "التحقيقات الصحفية بوكالة سبأ" أكدت من خلال رسالة رسمية مختومة من مدير عام فرع الهيئة في عدن فيصل مرعي أن حادثة غرق سفينة "ابن بطوطة" بالقرب من ميناء سفاجا المصري فُقد فيها اليمنيون الأربعة.وحول الجهود المبذولة من قبل الهيئة العامة للشؤون البحرية لمعرفة مصيرهم، جاء في الرسالة الرسمية "تم التواصل من قبلنا لأكثر من مرة -تلفونيا ورسميا- مع ملاّك السفينة (شركة الراشد للملاحة) ومندوبيها في دبي ومصر لمعرفة ظروف وملابسات الحادث ومصير البحارة اليمنيين، وتم تأكيد المعلومات حول غرق السفينة "ابن بطوطة"، وأن البحارة اليمنيين العاملين على متنها ما زالوا في عداد المفقودين ولا أثر لهم، ثم تم توجيه مذكرة رسمية إلى هيئة السلامة البحرية في جمهورية مصر العربية بتاريخ 14 مارس 2009، للاستفسار حول مصير البحارة اليمنيين، ولم يتم الحصول على أية إفادة، وتمت محاولة التخاطب مع القنصلية العامة لجمهورية مصر العربية حول الحادث، ولم يمكن الاستدلال على مكانها وتلفوناتها، وعليه تم توجيه مذكرة رسمية إلى السفارة المصرية في صنعاء بتاريخ 7 أبريل 2009؛ للحصول على معلومات حول البحارة اليمنيين الذين كانوا على متن السفينة الغارقة، وكذا طبيعة الحادث، ولم يتم إفادتنا بالمعلومات المطلوبة حتى تاريخه، وما زلنا بصدد متابعة السفارة المصرية تلفونيا للحصول على إفادات رسمية حول مصير البحارة اليمنيين الأربعة، العاملين على متن السفينة الغارقة (ابن بطوطة).

لكن الشؤون البحرية لم ترد على أهم التساؤلات التي حملتها بعض الجهات المعنية من خلالها المسؤولية، كقضية العقود الخاصة بالعمال الأربعة، وهل هي سليمة وموقعة من قبل مكتب الشؤون الاجتماعية والعمل؟ ولماذا لم يتم وضع نسخ من هذه العقود في مكتب الشؤون الاجتماعية والعمل والإتحاد العام لنقابات عمّال اليمن بعدن؟ وهل السفينة الغارقة مسجّلة من قبل المنظمة البحرية الدولية (ي. إم. أو)؟ وكيف تم التعامل مع ذوي الضحايا؟ ليست قصة البحّارة اليمنيين على متن "ابن بطوطة" الوحيدة التي اختلط فيها غياب القانون واستغلال الشركات وإهمال المسئولين، فهناك شكاوى كثيرة لصيادين. فالشاب لويس عوض سعيد مبارك الوعر (30 عاما) توفي على ظهر سفينة في ميناء المعلا منتصف أبريل الماضي.

لم يكن سبب الوفاة عاديا، فالشاب لويس كان يعمل على ظهر سفينة تحمل شحنة أسمدة كيميائية تُقدر بنحو ألفي طن، ووقتها أشرفت إدارة وقاية النباتات بعدن التابعة لوزارة الزراعة على تفريغها. ظروف عمل هذا الشاب لا تتوفر فيها شروط السلامة المهنية، وهو ما اعتبر خرقا للتشريعات المنظمة لقانون العمل النافذ -حسب المادة رقم 114 والخاصة بسلامة مكان العمل.

وتعد هذه الحادثة امتدادا لحوادث كثيرة يعاني منها عمال الشركات الملاحية التي تعمل في محافظة عدن. يقول مسؤول مطّلع على أوضاع البحّارة والعمال اليمنيين في الشركات الملاحية -رفض ذكر اسمه- "إن العمال في الشركات الملاحية سواء في الاصطياد أم غيرها من الأعمال البحرية يعانون من معاملات ظالمة في حقهم سواء في الرواتب التي تصرف لهم أو ساعات العمل أو التلاعب ببنود العقود التي يوقعونها مع الشركات الملاحية، فالظروف الاقتصادية تلعب دورا في عدم التدقيق ببنود العقود فهم يبحثون عن لقمة العيش، لكن في المقابل هناك رقابة ضائعة من قبل الجهات المسؤولة في تأمين حقوق العمال في القطاع الخاص". ومثل الشركات الملاحية وشركات الاصطياد، هناك كثير من الشركات الخاصة التي لا تؤمّن للعامل أدنى حقوقه. وجاء في شكوى عمال أحد أكبر الأسواق في عدن أنهم يعانون تعسفات من قبل إدارتهم من خلال عدم تطبيق بعض مواد قانون العمل رقم 5 النافذ لسنة 1995.

ورفع هؤلاء العمال الشكوى إلى وكيل وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، وقالوا فيها: إن تجاوزات الإدارة كانت للمواد القانونية رقم 47 الخاصة بعمل النساء، و71 حول عدد ساعات العمل، و69 الخاصة بتوفير وسائل النقل، و30 الخاصة بعقود العمل، و55 بشأن تحديد الحد الأدنى للأجور، و61 بشأن عدم الجواز لصاحب العمل دفع الأجر لحد أقصى اليوم السادس من الشهر التالي، و32 الفقرة الأولى والثانية التي تلزم صاحب العمل بمفاوضة ممثل العمّال وتوقيعه على العقود الجماعية مع صاحب العمل". بعد حصولنا على عقود أحد العمال من الذين وقعّت معهم شركة "العولقي" للملاحة، توجهنا إلى رئيس الاتحاد العام لنقابات عمّال اليمن، عثمان كاكو، لنسأله حول عقود العمّال ومسؤولية وزارات الشؤون الاجتماعية والعمل، والخارجية، والخدمة المدنية، ومسؤولية القضاء التجاري وإدارة الشؤون البحرية:

* أين وصلت قضية العمال المفقودين في حادث غرق سفينة "ابن بطوطة"؟

- أتمنى أن يكون هناك حرص من قبل المسؤولين؛ لأن دستور الجمهورية اليمنية وحسب تشريعاته القانونية يؤكد على احترام حقوق العمّال وحمايتهم، وبالتالي هذه القضية تشكل بحد ذاتها حالة من حالات الاستياء العمالي النقابي الوطني والشعبي بشكل عام وكل مؤسسات المجتمع اليمني في اليمن. لا بُد أن ترتقي السلطات بالإنسان اليمني فهو الأداة الذي تتأسس عليه المؤسسة الديمقراطية بشكل عام.

*هل هناك من يتابع القضية؟

- عدم جدية المتابعة من قبل المسؤولين يعكس صورة سيئة على مستوى السلطات وعلى مستوى القضاء وعلى المستوى الدبلوماسي، والقضية هي مسؤولية وزارة الخارجية التي تقع على عاتقها مسؤولية كبيرة جدا في متابعة مصير هؤلاء العمال الذين فقدوا في الحادث.

*هل هناك جهات أخرى مسؤولة؟

- أنا واثق كل الثقة بأنه من خلال وسائل الإعلام ومن خلال الاتحاد العام لنقابات العمال وخاصة في الجانب التحكيمي منه سواء اليمني أم العربي أم الدولي ستأخذ هذه القضية مجراها الطبيعي، ومن أجل أن تعتبر أي شركة تعمل في دولة عربية أو عالمية، ولتعرف أن هناك تشريعات عادلة.

*أنتم في الاتحاد، ماذا تستطيعون فعله؟

نحن في الاتحاد نبذل جهودا من خلال الجهات النقابية المعنية بهذا الصدد لمتابعة القضية وإيصال الحق العُمالي إلى ذوي المفقودين. وهناك نقابات لا يمكن أن تفرّط في حقوق العمال، وسوف تستخدم كل الوسائل الممكنة لمحاسبة من يقف وراء جريمة إخفاء وطمس الحقيقة.

*وماذا عن عقود العمل؟

- القانون اليمني ضمن للعامل حقه وحماه، سواء بعقد مع صاحب الشركة أم لا، حيث تنص المواد على "أن العامل بعد ستة أشهر من عمله في المنشآت يكون رسميا تابعا لها"، ولكن ما يحصل الآن مع العمال من استغلال بعض الشركات لظروفهم المادية والمعيشية يعد نصبا واحتيالا. التشريعات اليمنية والمعايير الدولية أعطت العامل حقا مثلما أعطت صاحب العمل، ويعتبر صاحب العمل مسئولا عن العمال مسؤولية مباشرة تماما، باعتباره عاملا رسميا لديه.

* ومن المسئول عن تنظيم عقود العمال؟

- للأسف الشديد، المسئول هنا مكتب الشؤون الاجتماعية والعمل، باعتبارها الجهة المسئولة عن إعطاء التصريحات لعقود العمل ولأي نشاط سواء جوي أم بحري أم بري، ولا يمكن أن يتم هذا النشاط والعمل إلا عبر مكتب الشؤون الاجتماعية والعمل، ولا يمكن هنا أن تعطى لك تصريحات عمل إلا بعقد مختوم من الوزارة نفسها.

*لكن المكتب ينفي اختصاصه؟

- لا أحد ينكر أن مكتب الشؤون الاجتماعية والعمل مسئول عن شركات العمل الخاصة، ولكن لا بُد أن تُعطى صلاحيات في مثل كهذا حالات؛ باعتباره المسئول عن مزاولة المهن، ويكون أيضا مسئولا عن كل الإختلالات المرتبطة

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف