اقتصاد

ناقوس البطالة يدقّ الخطر في المجتمع الأميركي

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك


نسرين حلس من واشنطن: تعيش الولايات المتحدة أسوأ حالة اقتصادية مرت بها منذ "الكساد الكبير" في ثلاثينيات القرن الماضي، إذ تمر بأسوأ ركود اقتصادي، ربما يجده المحللون والخبراء أنه الأسوأ على الإطلاق، لما نتج منه من فقدان الكثير لوظائفهم وزيادة معدلات البطالة. فقد وصلت معدلات البطالة أخيرًا إلى 9.6%، وهو الأعلى حتى الآن منذ ربع قرن. وتوقّعت وكالة "داو جونز" الإقتصادية الأميركية في آخر تقرير لها أن معدل البطالة في الولايات المتحدة قد يرتفع إلى 10% خلال العام ويصل إلى 10.1% نهاية هذا العام، وبذلك يصبح أعلى معدل للبطالة منذ 26 عامًا.

هذا، وكشفت أحدث الإحصائيات الأميركية، الصادرة، اليوم، من وزارة العمل، عن ارتفاع أرقام المطالبين بالحصول على إعانات البطالة في الولايات المتحدة ارتفاعًا قارب التوقعات الأسبوع الماضي، إلا أن البيانات شوّهها نمط غير معتاد من تسريحات العمال في قطاع السيارات. وأوضحت وزارة العمل الأميركية اليوم الخميس أن المطالبات الأولية للحصول على إعانات البطالة من الدولة ارتفعت بواقع 30 ألفًا، ليبلغ الرقم المعدل موسميًا 554 ألفًا خلال الأسبوع المنتهي في 18 يوليو/تمّوز.

وعلى الرغم من أن البنك المركزي قد رفع توقعاته بشأن النمو الإقتصادي للبلاد، إلا أنه أعرب عن تخوفه في الوقت عينه إزاء مستقبل سوق العمل داخل الولايات المتحدة الأميركية، وذلك بسبب ازدياد معدلات البطالة. وفي السياق نفسه، كانت منظمة التعاون الإقتصادي والتنمية قد توقعت أن يتم فقدان 30 مليون وظيفة في الدول المتقدمة. ويعيش الكثير من الناس حالة قلق وخوف، إما بسبب فقدان وظائفهم، أو بسبب الخوف من فقدان وظائفهم، خصوصًا بعدما صرّح الخبيران الإقتصاديان ريتشارد بيرنز وديفيد جرنيلو، من بنك مورجان ستانلي، في تقرير وزّع يوم الإثنين الماضي بتاريخ 2009-07-13 أنه "مما يبعث على الأسف أن الإنخفاضات في الوظائف لن ينتهي سريعاً".

وما زال مسلسل البحث عن وظائف مستمر، فيقول الشاب مارك غزال -22 سنة: "فقدت عملي منذ سنة، وما زلت حتى الآن أبحث عن عمل، ولا أجد. إيجاد وظيفة ليس بالشيء السهل. طرقت أبواب شركات عدة، ولكن لا من مجيب". أما منى الجوهري التي تعمل في شركة لتأجير السيارات فتقول "على الرغم من مرور سنة تقريباً، لا يزال مسلسل الإستغناء عن الموظفين في الشركة مستمر، وتم الإستغناء عن الكثير منا، والجزء المتبقي خفضت رواتبه للإستمرار، ومع ذلك ما زلنا قلقين". أما كريغ ماركوس، الذي يعمل في متاجر جي سي بيني، فيشرح "أعمل هنا منذ عامين عملاً لا أحبه، ولكني مضطر، لعدم وجود عمل جديد، مع أنني أملك شهادة عليا".

الخبير الإقتصادي الدولي الدكتور إميل خوري

ولتبيان الصورة وما ورائياتها بشكل علمي أكثر، قصدت "إيلاف" الخبير الإقتصادي الدولي الدكتور آميل خوري، الذي أكد من خلال حديثه معنا أن عوامل كثيرة ساعدت على ارتفاع معدلات البطالة، فالأزمة المالية العالمية وتداعياتها، شكلت دورًا كبيرًا في إفلاس الكثير من الشركات الكبرى، التي بإفلاسها، جرى الإستغناء عن الكثير من العمال والموظفين. إضافة إلى المتخرجين الجدد، الذين يبحثون عن عمل، وهذا ما فاقم المشكلة. ولا يسلم تراجع الدولار من مساهمته في ارتفاع معدلات البطالة، فيوضح خوري "بتراجع الدولار، تتراجع ثقة المستثمرين به، مما يؤدي إلى عزوفهم عن الخوض في استثمارات جديدة، وبالتالي يقلل من إمكانية توليد فرص عمل جديدة. وتراجع الدولار، يؤدي إلى خسائر في أرباح الشركات، نتيجة ارتفاع الكلف التشغيلية ( عمالة ومواد أولية ومحروقات) وارتفاع معدلات الإقتطاع الضريبي الحكومي، مما يضطرهم إلى تسريح بعض العمال".

هذا ومن الملاحظ أنه بزيادة معدلات البطالة ازدادت معدلات الفقر، وارتفعت نسب الإعانات الحكومية، ومما يجدر الإشارة إليه أن عدد مستحقي مخصصات البطالة آخذ في الإرتفاع. وقد بلغ عدد العاطلين من العمل، الذين طلبوا إعانات بطالة للمرة الأولى، أكثر من 15 ألفاً.

وارتفعت معدلات الجرائم (كالسرقات والنهب والسطو)، وقد سجلت ولاية ميتشغن أعلى معدل لها في البطالة بنسبة 14%. هذا وقد لوحظ أخيراً ظهور بعض المشاكل الناجمة من تفاقم مشكلة البطالة داخل المجتمع الأميركي، حيث سجلت مراكز الشرطة في ولاية أوكلاهوما ثلاث عمليات سطو مسلح لثلاثة بنوك (البنك الأميركي - بنك أوكلاهوم- وبنك ل بي سي). إضافة إلى حوادث السرقات المنزلية والقتل، التي وقعت في ولاية كاليفورنيا قبل أشهر عدة، وإن كانت ليست بكثيرة، والتي نجمت عن مشاكل مالية.

وهذا ما أشار إليه الدكتور خوري في حديثه، عندما لفت إلى أن الخوف الأكبر من تفاقم مشكلة البطالة هو حدوث اضطربات اجتماعية على المستوى العام، مما قد يفجر أزمات أخرى.
ومن وجهة نظره، فيرى خوري أنه لا بد من إيجاد حلول سريعة للخروج من هذه الأزمة، التي إن استمرت لمدة طويلة، فقد تؤدي إلى مشاكل جمة وأزمات
داخل المجتمع، لا يمكن حلها بسهولة، ويقترح بعضاً من هذه الحلول مستشهدًا على سبيل المثال "تحفيز الإستثمارات الخاصة على إنشاء مشاريع

تنموية، وخلق فرص عمل من خلال تنفيذ برامج حكومية (كبناء مدارس أو حدائق أو مرافق جديدة وترميم الطرق والجسور أو شبكات المياه والصرف الصحي) ومنح دعم مالي وغذائي للفقراء والعاطلين من العمل، وتسهيل عمليات القروض، كي تتوافر سيولة مالية لعامة الناس والمستثمرين، وبالتالي زيادة الإستهلاك والإنفاق والإستثمار".

وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما قد قدّم مبادرة جديدة في مجال التعليم لخلق المزيد من الوظائف المؤهلة، في محاولة منه لإيجاد حلول تساعد في التخفيف من عبء البطالة، وذلك بعدما أعلن الثلاثاء الماضي أن ارقام البطالة قد تستمر في الإرتفاع لأشهر إضافية أخرى. مع العلم أن ارتفاع معدلات البطالة قد ساهمت في انخفاض شعبية الرئيس باراك أوباما. فقد أظهرت نتائج استطلاع الرأي، التي أجرتها شبكة سي إن إن أخيرًا أن شعبية الرئيس أوباما تراجعت إلى أقل من 60%، جراء ارتفاع نسبة البطالة، والتعامل مع الأزمة الإقتصادية الحالية.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
غرائب التاريخ
احمد مردوخي -

ارى ان عهد اوباما يمكن ان يعتبر بداية النهاية للاسطورة الامريكية التي سادت الدنيا لامد طويل, تلك الاسطورة التي ستنتهي باسرع مما يمكن ان نتوقع او نتصور. وان وضع امريكا الراهن يذكرني بوضع الاتحاد السوفيتي و الدول الدائرة في فلكه في اوروبا الشرقية وذلك ابان عهد حكم غورباتشوف، ذلك العهد الذى شكل بداية النهاية العاجلة للاتحاد السوفيتي ولاسطورة الشيوعية التي اشغلت العالم معظم القرن العشرين. وعصرنا الحالي يخفي في رحمه الكثير من المفاجئات المذهلة التي تفوق حدود تصور اشد الناس ادراكا ونبوغا. ومن يعش سيشهد الكثير من الغرائب.