اقتصاد

رئيس« أرامكو السعودية: ننفذ مشاريع تكاملية ونبني لها أكبر مجمّع في العالم

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

باريس - رندة تقي الدين: حاورت "الحياة" رئيس شركة "أرامكو السعودية"، كبير إدارييها التنفيذيين، المهندس خالد بن عبد العزيز الفالح، خلال زيارة عمل إلى باريس التقى على هامشها رئيس شركة "توتال" الفرنسية للنفط، كريستوف دوما رجوري. وأجرت "الحياة" مع الفالح حديثاً موسعاً، هو الأول لصحيفة عربية منذ توليه رئاسة الشركة.

وأعلن المهندس الفالح أن أرامكو السعودية وصلت في حزيران (يونيو) الماضي طاقةً إنتاجية قدرها 12 مليون برميل في اليوم، وأشار إلى أن الاستراتيجية السعودية هي المحافظة على طاقة إنتاجية فائضة بمعدل 1.5 إلى 2 مليون برميل يومياً، ورأى أن انخفاض الطلب على النفط موقّت، وأن النمو سيعود على المدى الطويل.

وتحدّث عن خفض تكلفة عقود بناء مصفاة "أرامكو السعودية - توتال" المشتركة (ساتورب) بنحو 3 بلايين دولار، وأمِلََ في أن تُخفّض أيضاً عقود بناء مصفاة "أرامكو السعودية - كونوكو فيليبس" المشتركة. وقال إن أرامكو السعودية تركز الآن على إنتاج الغاز غير المصاحب ليشكّل أكثر من نصف إجمالي استهلاك الطاقة في السعودية، ويلبّي نمو الاستهلاك في المملكة وكان بمعدل 6.3 في المئة سنوياً خلال السنوات الخمس الماضية وتشير توقعات إلى بلوغه 6.5 في المئة سنوياً خلال السنوات الخمس المقبلة. واعتبر المهندس الفالح أن أسعار برميل النفط الراهنة تتيح استمرارية في الاستثمار في مجال البترول في العالم..

وهنا نص المقابلة:

أجريتم لقاءً مع رئيس شركة "توتال" الفرنسية للنفط فعمَّ دار اللقاء؟
- "توتال" من أكبر عملاء أرامكو السعودية في أوروبا، علاقتنا بها قوية منذ سنوات. ناقشنا التعاون المشترك، فعلى سبيل المثال أرسيت عقود المصفاة المشتركة مع "توتال" وعددها 13، وخفضنا تكاليفها بنحو 3 بلايين دولار، من 13 بليوناً إلى 9.6 بليون.

- كيف تتأثر خطط تطوير إنتاج حقول أرامكو السعودية من انخفاض الطلب على النفط؟
- نحن في أرامكو السعودية نخطط دائماً للمدى البعيد. صحيح أن الطلب على النفط هبط السنة الماضية والسنة الحالية، لكننا لا نزال نعتقد، على المدى البعيد، أن الطلب على النفط سيتحسن. علماً بأننا أعلنا أن طاقة الشركة الإنتاجية ستبلغ 12 مليون برميل يومياً، حققناها في حزيران (يونيو) عندما بدأ الإنتاج من ثلاثة حقول: هي "النعيّم" بمئة ألف برميل من الزيت العربي الخفيف الممتاز، و "خريص" بمليون ومئتي ألف برميل من الزيت العربي الخفيف، وتوسعة "الشيبة" بـ250 ألف برميل من الزيت العربي الخفيف جداً. فبلغت القدرة الإنتاجية 12 مليون برميل يومياً، وكنا حققنا توسعة حقل الخرسانية آخر السنة الماضية لينتج نصف مليون برميل من النفط العربي الخفيف، ما يؤمن لـ أرامكو السعودية مرونة في الإنتاج والتعامل مع معطيات السوق. وقدرتنا الإنتاجية 12 مليون برميل تتيح لنا في أوضاع الإنتاج الحالية، فائضاً قوياً يجعلنا نقلص بعض الشيء من أعمال القطاع الإنتاجي للنفط وعمليات الحفر الخاصة به. وسمح لنا ذلك أن نضاعف أعمالنا في إنتاج الغاز غير المصاحب، ولدينا برامج قوية لذلك، إذ نقلنا منصات حفر كثيرة من الزيت إلى الغاز غير المصاحب. فنحن نطوّر الآن حقولا عدة للغاز غير المصاحب.

- كم عدد منصات الحفر في مجال النفط حالياً في أرامكو السعودية؟
بلغ عددها العام الماضي 130 في التنقيب والتطوير للزيت والغاز في البر والبحر. وانخفض حالياً إلى 104 منصات. لكننا بدأنا نركز أكثر على الغاز لأن لدينا، كما ذكرت، طاقة إنتاج فائضة من الزيت. وأعتقد أن الانخفاض الذي حصل في الطلب لا يؤثر على أرامكو السعودية كما يؤثر على غيرها لأن تكلفة إنتاجها قليلة مقارنة بغيرها، كما أننا أنجزنا استثماراتنا في القطاع الإنتاجي.

-هل فكرتم بالإبقاء على طاقة إنتاجية فائضة غير مستخدمة بأربعة ملايين برميل/يوم، وما مدى تأثير ذلك؟
نحن حققنا الطاقة الإنتاجية الفائضة عندما كان مفروضاً أن يزيد إنتاجنا عن 10 ملايين برميل/يوم. فللمملكة استراتيجية بترولية معلنة تقضي بالاحتفاظ بطاقة إنتاج فائضة بين 1.5 مليون ومليوني برميل/يوم. وعندما رفعنا طاقة 12 مليون برميل/يوم، كانت مبنية على إنتاج أكثر من 10 ملايين برميل. لكن انخفض الإنتاج، نتيجة تراجع الطلب العالمي، ونعتقد أنه انخفاض مؤقت، ولو ارتفع الطلب على النفط بسرعة، وشهدت دولٌ منتجة انخفاضاً في إنتاجها، نستخدم جزءاً من الطاقة الفائضة حالياً بسرعة. لذا تعتبر طاقة أرامكو السعودية الإنتاجية وطاقة السعودية الإنتاجية عامل استقرار للسوق تعوض عن أي انقطاع محتمل لإمدادات النفط من بعض الدول المنتجة. وسوف يعود إنتاج الشركة إلى المستوى المخطط له عند انتعاش السوق العالمية وعودة المخزون العالمي إلى مستواه الطبيعي.

-ماذا عن التنقيب في مجال الغاز وعن موقع الشركات العالمية في السعودية؟
لم تنته فترة التنقيب. فشركة "لوك أويل" الروسية، التي تشارك أرامكو السعودية في شركة "لوكسار" حصلت على امتياز للتنقيب في منطقة معينة. وتبيّن أن بئرين من الآبار السبعة التي حفرتها لوكسار واعدتان، وأشارت "لوك أويل" إلى وجود اكتشافين، حقل "مشيعيب" وحقل "طخمان". وحصلت الشركة أيضاً على إذنٍ لاستكمال الحفر لتقويم حجم الاحتياطات الموجودة في الحقلين، وإمكان إنتاجهما تجارياً. أما شركة "شل" فتشارك أرامكو السعودية في شركة "سراك" التي حفرت أربعة آبار دون أن تسفر عن نتيجة، لكنها حفرت حقلاً اسمه "كِدِن" قريب من حقل "الشيبه"، الذي سبق لأرامكو السعودية اكتشافه. ونحن نعلم منذ البداية أنه يحتوي على احتياطات من الغاز المر، بكميات مرتفعة من ثاني "كبريتيد الهايدروجين"، كما يحتوي الحقل على سوائل يمكن استغلالها، لكن تتطلب معالجة وإزالة للكبريت. فنتيجة الحفر مشجعة بالنسبة إلى "شل" وأرامكو السعودية، لأن إنتاج الآبار التي حفرناها في "كدِن" عالٍ ويبقى إعداد خطة لتطويرها اقتصادياً، على رغم أن ذلك يتطلب إزالة الكبريت. وتجرى الآن دراسات من قبل "شل" وأرامكو السعودية لتقديم عرض إلى الجهة المختصة بهدف تطوير هذا الحقل. أما المشروعان المشتركان الآخران فهما مع شركة "ساينوبك" الصينية وتحالف "إيني - ربسول" الإيطالية الإسبانية، ولدى تلك الشركات أيضاً أفكار مشجعة. كما اكتشفت أرامكو السعودية بالقرب من مناطق امتياز تلك الشركات الغاز في مكامن قليلة النفاذية يتطلب استخراجها تقنيات خاصة.

- ما نسبة النفط الخفيف من إنتاج السعودية الآن؟
الحقول الأخيرة التي طورناها كلها من النفط الخفيف و"الخفيف جداً" في حقلي "خريص" و"الشيبه"، و"الخفيف الممتاز" في حقل "النعيّم" وهو أخف النفوط. أما الحقل الكبير الذي سنطوره فهو "منيفة" الذي يحتوي على النفط الثقيل وينتج 900 ألف برميل/ يوم. وعلى أية حال، فإلى الآن نحو 80 في المئة من طاقة السعودية هي من النفوط الخفيفة.

- ما خطط "أرامكو السعودية" الجديدة تحت إدارتكم؟
أعتقد أن متطلبات المرحلة التي تمر بها الشركة هي التي تفرض سياسات جديدة عليها كما في برنامجها الاستثماري. وتتميّز أرامكو السعودية بأنها مؤسساتية ذات سياسات راسخة ولديها نهج إداري يتميز بالاعتماد على المهنية والدراسة المتأنية للأمور قبل أن يتخذ فيها القرار. لكن يمكن القول أن لدى الشركة في المرحلة الحالية خطوات استراتيجية في اتجاهين، أولاً من الناحية المثلى لتلبية الطلب المحلي على الطاقة، حيث نسعى إلى تطوير احتياطات الغاز غير المصاحب، فبدلاً من أن نستخدم النفط الخام وزيت الوقود، نستخدم الغاز لكفاءته العالية في إنتاج الكهرباء والماء، كما أنه يتيح الفرصة لزيادات صادرات الزيت. وفي 2006 اكتشفنا في المنطقة المغمورة حقلاً جديداً هو حقل "كران"، وبدأنا نطوّره، والحفر مستمر فيه وأرسينا، بداية السنة الحالية، عقود إنشاء معمل كبير لمعالجة الغاز، كما توصلنا في العام الماضي إلى اكتشافات في حقول "العربية" و"الربيب" و"حصباه" في المناطق المغمورة، تُضاف إلى اكتشافات أخرى على البر في "نجيمان" و"مدركه" لتأكد سلامة توجه برامج الغاز غير المصاحب. إذا أضيف هذا إلى استثماراتنا في المصافي فسينتج عنها جميعاً تكامل في صناعات التكرير والتوزيع.

أما التوجه الاستراتيجي الثاني فهو المساهمة في التحوّل المعرفي للمملكة. إذ شَرُفت الشركة بأن تسهم في توجه معرفي رائد في تاريخ المملكة، كان حلماً من أحلام خادم الحرمين الشريفين، الملك عبد الله بن عبد العزيز، إذ إننا نوشك الآن أن ننتهي من بناء واحدة من أحدث الجامعات في العالم، تتخصص في الدراسات العليا في المجالات العلمية والهندسية، وتركز على البحث العلمي، وهي جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، ويرأس مجلس إدارتها معالي وزير البترول والثروة المعدنية، المهندس علي بن إبراهيم النعيمي. وسيتم افتتاح الجامعة في اليوم الوطني السعودي، بحيث رغب خادم الحرمين الشريفين، الملك عبد الله بن عبد العزيز، في أن يفتتح مشروع الجامعة في هذا اليوم، تعبيراً عن مدى اهتمامه بالجامعة، وما تمثله لوطننا الغالي.

- هل لديكم خطة لاستبدال النفط بالغاز في استهلاك الطاقة في السعودية؟
إذا حققنا 50 في المئة من مجمل الطاقة التي تستهلكها المملكة من الغاز سيكون الأمر جيداً. يشكل الغاز نحو46 في المئة من مجمل الطاقة المستهلكة ونهدف إلى أن يشكل الغاز نصف استهلاك السعودية من الطاقة الإجمالية.

ومن ناحية أخرى تريد أرامكو السعودية الاستمرار في التكامل بين عمليات التكرير والبتروكيميائيات، ولديها مشروع كبير يؤمن أكبر قيمة مضافة من النفط الذي تنتجه. فـ"لدينا مشاريع عملاقة للمصافي أحدها بالشراكة مع توتال". ونسعى الآن إلى خفض تكاليف مشروع مصفاة ينبع مع "كونوكو فيلبس" من خلال إنشاء مصفاة يخطط لها تكرير 400 ألف برميل/ يوم، مع المحافظة على هذه الطاقة.

-هل مشاريع المصافي مجدية في الأوقات الراهنة؟
نتوقع أن يساعد الانخفاض الذي نشهده على طلب المنتجات والصعوبات التي يواجهها قطاع المصافي على الترشيد في إنشاء المصافي، وتجنب إنشاء مصافٍ صغيرة كثيرة تبعد عن مصادر النفط والأسواق، ما يزيد الجدوى الاقتصادية للمشاريع ذات القدرات الجيدة. كما أن توقعاتنا، على المدى الطويل، تشير إلى أن سوق النفط ستشهد عودة إلى النمو.

- ما هي الفترة المتوقعة لعودة النمو إلى سوق النفط؟
عندما تكتمل مشاريعنا في مجال التكرير خلال ثلاث أو أربع سنوات، سيكون النمو قد عاد إلى سوق النفط، وعلى المدى البعيد ستكون تلك المشاريع في وضع أفضل مما لو استمر الاقتصاد العالمي على ما كان عليه قبل حصول الأزمة المالية والاقتصادية. ففي العام الماضي كنا قلقين، الكل كان يسعى إلى بناء مصاف، تغيّرت هذه النظرة، خصوصاً بسبب الصعوبة في الحصول على قروض وسيولة مالية، وأصبح الاستثمار في المصافي أكثر حصافة. وتسعى أرامكو السعودية إلى إنجاز مشاريع مكملة للتكرير، هي مشاريع البتروكيميائيات. ونجحنا في بناء مجمع صناعي بتروكيميائي تكاملي كبير في "رابغ" مع شركة "سوميتومو" اليابانية بتكلفة 10 بلايين دولار، وهو أول مشروع في السعودية لإنتاج بتروكيميائيات من مصفاة. ونحو 70 في المئة من البتروكيميائيات التي تنتج في "رابغ" مصدرها الرئيس الزيت وليس الغاز، ما يعطي هذا المجمع الصناعي تنوّعاً في الإنتاج، وتم أخيراً التوقيع مع "سوميتومو" على مذكرة التفاهم الخاصة بالمرحلة الثانية للمجمع الصناعي في "رابغ". كما أننا في صدد تنفيذ مشروع كبير آخر بالاشتراك مع شركة "داو" الأميركية في رأس تنورة. ومتى أنجز المشروع يشكل أكبر مشروع في تاريخ صناعة البتروكيميائيات ويشمل 35 مجمعاً. واتفقنا مع "داو" على إنفاق بليون ومئتي مليون دولار في أعمال هندسة المشروع، ووقعنا مذكرة تفاهم في 2007 وننوي اتخاذ القرار الاستثماري في 2010.

فالمشاريع التي أشرت إليها الآن ليست تقليدية بالنسبة إلى أرامكو السعودية، في ضوء ما سبق ومنذ انطلاقها قبل ما يزيد عن 75 عاماً. وامتدت هذه المشاريع إلى مجالات خارج نشاط قطاعي الزيت والغاز.

-هل مستوى أسعار النفط الحالية يشجع على الاستثمار في مجال النفط عالمياً؟
إن العالم على المدى الطويل في حاجة إلى المزيد من النفط. فإذا لم يستثمر العالم في صناعة النفط ستنخفض الطاقة الإنتاجية، ما يتسبب في ارتفاع مفاجئ في الأسعار وبأزمة نفط واقتصاد. وكنا قلقين عندما انخفضت الأسعار إلى 30 و40 دولاراً، خشية أن يتوقف الاستثمار، فيجب أن يكون معدل الأسعار متوازياً مع تكاليف الاستثمارات المطلوبة وحجمها لضمان استقرار السوق، وقدرة المنتجين على مقابلة النمو في الاقتصاد، عندما يتعافى العالم من أزمته الاقتصادية.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف