نقي : عوائد أعضاء "أوبك" تراجعت 4 مليارات دولار بسبب "التخفيض"
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
الكويت: اكد الامين العام لمنظمة الاقطار العربية المصدرة للبترول "اوابك" عباس نقي في حواره معصحيفة "السياسة" الكويتية نشرته في عددها الصادر اليوم (الثلاثاء) ان سعر النفط المقبول لدى الدول المنتجة والمستهلكة له في ظل الظروف الاقتصادية العالمية الراهنة يتراوح ما بين ال 70 الى 85 دولارا للبرميل, مشيرا الى ان اسعار الذهب الاسود شهدت تراجعا حادا جراء صفعة الازمة المالية العالمية على الرغم من بلوغها مستويات قياسية خلال الربعين الثاني والثالث من .2008
وقال نقي الذي ترأس عدة مناصب نفطية بارزة على المستويين المحلي والعالمي ان احتياطيات البلدان العربية المؤكدة من النفط تمثل 57.5 في المئة من مجمل احتياطيات العالم العام ,2008 لافتا الى ان نصيب اقطار اوابك يمثل 56.6 في المئة من تلك الاحتياطيات, مشيرا الى ان احتياطات الغاز العربي تقدر بنحو 53.7 تريليون متر مكعب.
لافتا الى ان الاقطار العربية الاعضاء في اوبك خفضت انتاجها بنحو 2.6 مليون ب/ي تنفيذا لقرار اوبك بتخفيض امداداتها بمقدار 4.2 مليون ب/ي. ويتوقع ان تنخفض تلك العوائد بنحو 4.16 مليار دولار شهريا (138.7 مليون دولار يوميا).
وحول الازمة المالية والاقتصادية العالمية واثرها على ارجاء انشاء مصافي التكرير في البلدان العربية, افاد النقي بأن ارتفاع اسعار المواد الانشائية والشروط البيئية العالمية واحجام المستثمرين عن الدخول في مشاريع طويلة الامد تعد ابرز اسباب عدم انشاء مصاف جديدة في العالم العربي خلال .2008
ولفت الى ان تلك الازمة العاتية يمكن ان تحدث تحولات سلبية كبيرة في الاقتصاد الدولي حال استمرارها, ومنها التفكير في اقامة نظام اقتصادي عالمي جديد, وكذلك قيام القوى الاقتصادية الصاعدة مثل الصين والهند وروسيا التي يتزايد دورها في الاقتصاد العالمي بفضل ما لديها من موارد بدور اساسي في النظام الاقتصادي الجديد, مؤكدا ان المنطقة العربية يمكن ان تلعب دورا مهما ايضا بإقامة تكتل اقتصادي بين الاقطار العربية.
وشدد نقي على ان صناعة التكرير العربية تسعى الى انتاج مشتقات بترولية تتماشى مع المواصفات العالمية التي تهدف للحد من التلوث الناتج عن احتراق تلك المشتقات, اما في مجال الصناعة نفسها فإن لمصافي تعمل على ترشيد استهلاك الطاقة في جميع مراحل عمليات التكرير, والحد من انبعاث الغازات وتسرب النفط والغاز.
فيما يلي نص الحوار التي نشرته الصحيفة:
برأيك ما هو السعر المقبول للنفط في ظل الاوضاع الحالية وما يشهده العالم من انكماش اقتصادي?
في الظروف الحالية وما يدور في الاسواق العالمية وما يشهده العالم من ازمة مالية لاتزال تعصف بقطاعات الاقتصاد كافة وليس النفط فقط فإن مستوى النطاق السعري المقبول للنفط يتراوح بين 70 الى 85 دولارا للبرميل, وهذا السعر قد يكون مقبولا لدى معظم الاطراف سواء منتجين او مستهلكين للبترول على مستوى العالم.
برأيك ما ابرز انعكاسات الازمة المالية العالمية على صناعة البترول العربية?
شهد عام 2008 اسوأ ازمة مالية عرفها العالم منذ ثلاثينات القرن الماضي, ولاتزال هذه الازمة مستمرة رغم التدخلات الحكومية على مستوى العالم للتقليل منها, ولم تكن السوق النفطية بمنأى عن تلك الازمة, حيث تراجع الطلب العالمي على النفط, ومن ثم انعكس ذلك التراجع على اسعار النفط بشكل ملحوظ, لاسيما خلال الربع الرابع من ,2008 فبعد ان شهدت اسعار النفط مستويات قياسية خلال الربعين الثاني والثالث من ذلك العام, فإن تلك الاسعار شهدت جراء الازمة المالية والاقتصادية تراجعا حادا وملحوظا.
وقد نتج عن ذلك انخفاض حاد في قيمة الصادرات النفطية في الاقطار الاعضاء في منظمة اوابك, حيث بلغت خلال الربع الاخير من عام 2008 نحو 83.3 مليار دولار مقارنة مع 145.7 مليار دولار خلال الربع الاول من عام ,2008 اي بنسبة انخفاض بلغت 43 في المئة.
وما ابرز نتائج ذلك الانخفاض?
شهدت البلدان العربية خلال عام 2008 تباطؤا في معدلات الزيادة في استهلاك المنتجات البترولية, حيث بلغ معدل الزيادة 3.9 في المئة في عام ,2008 مقارنة مع 6.1 في المئة في عام ,2006 كما تراجعت حصة المنتجات البترولية في اجمالي استهلاك الطاقة في البلدان العربية حيث بلغت 53.9 في المئة خلال عام 2008 مقارنة مع 54.4 خلال عام ,2004 علما بأن اجمالي استهلاك الطاقة في البلدان العربية يمثل 4.7 في المئة من اجمالي استهلاك الطاقة في العالم.
وفي هذا السياق فإنني اود ان اشير الى دراسة الامانة العامة لمنظمة "اوابك" حول الازمة المالية العالمية وانعكاساتها المحتملة على صناعة البترول العربية, والتي اعتمدت ضمن وثائق القمة العربية الاقتصادية والتنموية والاجتماعية التي عقدت في الكويت في يناير ,2009 كما تسعى الامانة الى متابعة ورصد جميع تأثيرات الازمة على صناعة البترول العربية, ويمكن تلخيص اهم ما توصلت اليه الدراسة بأنه حدث انعكاس سلبي لانخفاض الطلب العالمي على النفط على العوائد البترولية العربية, وذلك بسبب تخفيض البلدان العربية الاعضاء في "اوبك" لإنتاجها نحو 2.6 مليون ب/ي تنفيذا لقرار اوبك بتخفيض امداداتها بمقدار 4.2 مليون ب/ي. ويتوقع ان تنخفض تلك العوائد بنحو 4.16 مليار دولار شهريا (138.7 مليون دولار يوميا), وذلك في حالة استقرار متوسط سعر برميل النفط ما بين 52 و53 دولارا. وقد يؤدي ذلك الى تزايد الضغوط على الموازنات الحكومية وتراجع الانفاق ومعدلات النمو واختلال موازين المدفوعات.
ماذا لو استمر الانخفاض على الطلب وتراجعت الاسعار على ما هي عليه الآن?
في حالة استمرار الانخفاض في الطلب على النفط وتراجع اسعاره, واضطرار اوبك الى خفض جديد في امداداتها لاستعادة التوازن في الاسواق, فإنه قد تستمر فيه امدادات البلدان المصدرة من خارج اوبك عند مستوياتها, وقد يترتب عن مثل هذه الحالة انخفاض نسبة مساهمة البلدان العربية في اجمالي الامدادات العالمية من النفط, وتحول استثماراتها خلال السنوات الاخيرة والاستثمارات الحالية الى طاقات انتاج احتياطية, الامر الذي ينأى بها عن الاستمرار في التوسع في طاقات انتاج غير مطلوبة في السوق, وهو ما يفسره توقف اغلب مشاريع الاستثمارات النفطية العربية التي لم يتم الشروع في تنفيذها فعليا عند بروز الازمة, حيث تشير تقديرات ابيكورب الى ان نسبة 20 في المئة من المشاريع المستهدفة في الخطة الاستثمارية 2009-2013 لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا قابلة للإلغاء أو التأجيل في ظل الظروف الراهنة.
ماذا عن الصعيد العالمي?
/ على الصعيد العالمي من الممكن أن تحدث تحولات كبيرة بفعل هذه الأزمة في حال استمرارها, ومنها التفكير في إقامة نظام اقتصادي عالمي جديد, وكذلك قيام القوى الاقتصادية الصاعدة مثل الصين والهند وروسيا التي يتزايد دورها في العالم بفضل مالديها من موارد بدور أساسي في النظام الاقتصادي الجديد, وهنا قد يكون لمنطقتنا العربية دور مه أيضا عبر قيام تكتل اقتصادي بين الأقطار العربية.
في ضوء حديثكم عن استهلاك النفط والطاقة في الدول العربية ما أبرز العوامل التي تؤثر على الاستهلاك?
/ كما هو معروف يتأثر استهلاك الطاقة في الدول العربية شأنها شأن بقية دول العالم بثلاثة متغيرات رئيسية, وهي الناتج المحلي الاجمالي وعدد السكان وأسعار الطاقة السائدة في الأسواق المحلية الى جانب متغيرات ثانوية اخرى.
تحديات الصناعة
تحدثت بعض وسائل الإعلام الأجنبية, عن تناقص الاحتياطات العالمية للنفط والغاز, فكيف تقيمون في هذا السياق وضع الدول العربية في مسألة الاحتياطات?
/ أود التأكيد على ان احتياطات النفط والغاز في الدول العربية في وضع مطئمن وايجابي, فعلى الرغم مما أشارت اليه بعض التقديرات العالمية حول انخفاض تقديرات احتياطات النفط خلال عام 2008 في بعض بلدان اوروبا وأميركا الشمالية, إلا أن هذا الانخفاض قابله ارتفاع في بعض البلدان من بينها بلدان عربية, وينطبق الأمر نفسه على الغاز الطبيعي الذي ارتفعت تقديراته في بعض الأقطار العربية مثل مصر وسورية, فيما انخفضت تقديراته في دول أخرى مثل كومنولث (الدول المستقلة بلدان الاتحاد السوفياتي السابق).
وأود الاشارة ايضا الى ان احتياطات البلدان العربية المؤكدة من النفط تمثل 57.5 في المئة من مجمل احتياطات العالم لعام ,2008 وتمثل احتياطات أقطار "أوبك" 56.6 في المئة من تلك الاحتياطات, وقد ارتفعت تقديرات الاحتياطي في الأقطار الأعضاء في منظمة "أوابك" لعام 2008 بنحو 0.4 في المئة عن تقديرات عام 2007 , وقد تم ذلك بفضل تحقيق الأقطار الأعضاء للكثير من الاكتشافات النفطية المهمة.
وبالنسبة لاحتياطات العاز الطبيعي في البلدان العربية فقد قدرت في نهاية عام 2008 بنحو 53.7 تريليون متر مكعب, بزيادة عن احتياطات عام 2007 تعادل نحو 0.2 في المئة, وتمثل تلك الاحتياطات نحو 29.4 في المئة من اجمالي احتياطي الغاز الطبيعي في العالم.
ما دور صناعة التكرير العربية في تخفيف حدة التلوث داخل البيئة العربية?
/ تسعى صناعة التكرير العربية الى انتاج مشتقات بترولية تتماشى مع المواصفات العالمية التي تهدف للحد من التلوث الناتج عن احتراق المشتقات.
أما في مجال الصناعة نفسها, فان المصافي تعمل على ترشيد استهلاك الطاقة في جميع مراحل عمليات التكرير, والحد من انبعاث الغازات, وتسرب النفط والغاز, ومعالجة المياه قبل تصريفها الى البحر أو مصارف المياه وهي بذلك تساهم في حماية البيئة على النطاقين المحلي والاقليمي, وهناك مشاريع كثيرة في كثير من الأقطار العربية تستهدف بناء مصاف ومعامل بتروكيماوية جديدة سترفع انتاج الغازولين والديزل والمشتقات الأخرى وكذلك المنتجات البتروكيماوية, ويراعى في هذه المنشآت الجانب البيئي بشكل صارم, ووفق المعايير العالمية, وصولاً إلى انتاج الوقود النظيف الخالي من الملوثات الضارة بالبيئة.
برأيك ما أبرز الأسباب التي أدت الى تعطيل مشاريع إنشاء مصافي النفط في الدول العربية في الآونة الأخيرة?
/واجهت مشاريع إنشاء مصافي جديدة بالفعل صعوبات كثيرة منذ عام 2008 والى يومنا هذا وذلك لأسباب عدة في مقدمتها الأزمة المالية والاقتصادية العالمية, وهناك أسباب اخرى أيضا, منها ارتفاع اسعار المواد الانشائية, وكلفة الطواقم المدربة, وتنامي مطالبات هيئات حماية البيئة المحلية الداعية الى عدم الاستمرار في إنشاء مشاريع مصاف جديدة ما لم تأخذ في الاعتبار جميع المعايير والشروط البيئية العالمية الموضوعة لهذا الغرض, كما أدى انخفاض أسعار النفط الخام في الأسواق العالمية خلال الربع الأخير من عام 2008 الى احجام المستثمرين عن الدخول في مشاريع طويلة الأمد ولو موقتاً, وفي المقابل فقد كانت مشاريع تطوير المصافي القائمة الأقل تأثراً نظراً لانخفاض كلفتها مقارنة بمشاريع إنشاء المصافي الجديدة وعلى الرغم من ذلك, فإن هناك بعض البلدان التي استمرت في تنفيذ خططها المتعلقة بإنشاء مصاف جديدة.
تعانى بعض الأقطار العربية من عجز في المشتقات النفطية, فيما يمتلك البعض الآخر فائضا منها, فما هي في نظركم افضل الحلول والاجراءات التي ينبغي اتخاذها لتحقيق التوازن المطلوب?
/ أعتقد انه يمكن تحقيق التوازن في تجارة المشتقات النفطية بين الأقطار العربية عبر تفعيل التعاون المشترك بين الأقطار التي لديها فائض في بعض المنتجات البترولية وعجز في البعض الآخر والعمل على تلبية تلك الاحتياجات عن طريق التجارة البيئية التي تأخذ في الاعتبار المصالح المشتركة فالأقطار التي تعاني عجزاً في بعض المنتجات ولديها فائض في البعض الآخر منها, يمكنها, ومن خلال عقود واتفاقيات ثنائية.
ما السياسات التي انتهجتها منظمة "أوابك" للحفاظ على روح التضامن والانسجام بين أعضائها?
/ تسير منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول على هدي اتفاقية إنشائها في يناير ,1968 التي تهدف الى توطيد وتدعيم أواصر التعاون بين الأقطار العربية المنتجة والمصدرة للبترول, وتوحيد جهودها لتحقيق أفضل السبل لتطوير الصناعة البترولية في شتى مجالاتها, من خلال الاستفادة من الخبرات الفنية المتراكمة, والعمل على تبادل تلك الخبرات بين الأقطار الاعضاء, واستغلال جميع الموارد المتاحة لخلق مشاريع اقتصادية مشتركة, وتدعيم ما هو قائم منها, وتعزيز حلقات الربط والتكامل بين الصناعات البترولية, متى وحيث كان ذلك متاحاً وممكنا.
ولأن المنظمة هي في نهاية المطاف هي محصلة لتوافق رؤى الاقطار الاعضاء فيها في الشأن البترولي, فإنها سعت ولا تزال تسعى, منذ انشائها وحتى الآن, لترجمة تلك الرؤى على أرض الواقع كلما كان ذلك ممكناً أخذه في الاعتبار الظروف المتغيرة التي تؤثر في بعض الأحيان على تحقيق الأهداف كاملة, ومع ذلك فقد تمكنت منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول منذ تأسيسها, من انجاز الكثير من أهدافها الواردة في اتفاقية انشائها, خصوصاً في مجال المشاريع العربية المشتركة, حيث تمكنت من إنشاء مجموعة من الشركات المنبثقة عنها في مجال النقل البحري, وبناء واصلاح السفن, والخدمات البترولية, والاستثمارات البترولية اضافة الى معهد النفط العربي للتدريب.