اقتصاد

الجزائر تستحدث "القرض الإيجاري" لدعم مزارعيها ومؤسساتها

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك



كامل الشيرازي من الجزائر: تستعد الجزائر عما قريب لإطلاق صيغة جديدة هي "القرض الإيجاري"، الذي يقوم على تمكين آلة الإنتاج المحلية من حوافز مالية وإعفاءات ضريبية. ويرى فيها مراقبون خطوة لتشجيع الإنتاج المحلي وخفض فاتورة الواردات، مع الاعتناء بدعم الزراعة والمؤسسات المصغّرة، في بلد ظلّ يعاني فيه المزارعون من محدودية الدعم، تماماً مثل المتعاملين المحليين الذين أسسّوا مؤسسات صغيرة ومتوسطة لأجل اقتناء التجهيزات.

وجاء في قانون الموازنة التكميلي للعام 2009، أنّ القروض الإيجارية ستكون موجهة بالأساس إلى اقتناء التجهيزات وعتاد الإنتاج "الوطني" المستعمل لأغراض زراعية كالعتاد الزراعي وتجهيزات الغرف الباردة وتجهيزات تحويل الحليب وزيت الزيتون وتجهيزات الري، ويتضمن القانون نفسه تقليصاً للضريبة على القيمة المضافة من قيمتها القصوى (17 %) إلى نسبة دنيا (7 %) بالنسبة إلى المواد والمشتقات (الأغنام والماعز والخيول والنباتات والمنتجات النباتية والغلاف البلاستيكي)، وكذا تعبئة الموارد الإضافية لتمويل أعمال حماية صحة الحيوانات وصحة النباتات، مع إمكانية حصول المزارع النموذجية على دعم مختلف صناديق التنمية الزراعية، بما يمكنها من لعب دور التدريب في التنمية التكنولوجية لأنظمة الإنتاج الزراعي وفروع البذور والشجيرات، على أن تدخل هذه التدابير حيز التنفيذ ابتداء من الموسم المقبل (2009 - 2010).

ويشير المختص "سليم لعجايلية" في مقابلة مع "إيلاف"، إلى أنّ المادة 104 من قانون النقد والقرض في الجزائر، كانت تمنع المصارف من تمويل فروعها أو المؤسسات التي تنتمي إليها تلك البنوك، على خلفية ما واكب تمويلات بنك الخليفة المصفى ومنحه قروضاً لفروعه قبل سنوات بأموال تبيّن لاحقاً أنها "مشبوهة"، وهو ما فرض نمطاً أكثر صرامة في التعاملات المالية على مدار السنوات الخمس الماضية، قبل أن يلتزم الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة في حملته الدعائية الربيع المنقضي، بفتح بنوك خاصة بالإيجار المالي تابعة للبنوك المملوكة للحكومة.

وبموجب هذا الاتجاه، جرى منح الحق لعموم المصارف المملوكة للحكومة بالمساهمة في رؤوس أموال فروع تابعة لها بنسبة 25 %، مع الإشارة إلى أنّ هذه المؤسسات المالية التابعة للبنوك تستطيع أيضاً دعم عمليات الإيجار المالي الموجهة لدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وكذا المزارعين، باعتبارهم مهتمين بالحصول على ماكينات عن طريق صيغة الإيجار المالي التي تسمح باقتناء عتاد بنظام التسديد المريح على مدار سنوات، إلى أن يتمكن المعني من امتلاكه نهائياً.

ويفيد الخبير "أنيس بن مختار" أنّ الخطة ستساعد السياحة والصيد البحري وتسمح بخلق مناصب شغل جديدة، فضلاً عن دعمها تنافسية الإنتاج الزراعي المحلي، ومنح الأولوية للمتعاملين الجزائريين، ويسجل بن مختار لـ"إيلاف" أنّه جرى التركيز على البنوك المملوكة للحكومة، لأنها هي من تحتكر أكبر قدر من السيولة في الجزائر، ومن المهم جداً أن تفتح فروعا لها، في حين أنّ البنوك الخاصة تمثل 15 % فقط من إجمالي الخدمات البنكية في الجزائر.

وأكد الوزير الجزائري للعمل والتشغيل والضمان الاجتماعي "الطيب لوح" على أهمية غلق أبواب الاستيراد القائم على حساب الاستثمار الوطني، وأوضح لوح أنّ تنامي الاستيراد اقتضى اتخاذ إجراءات تشريعية وسياسة واضحة تسمح بتقوية الإنتاج الوطني والاستثمار داخل الجزائر.
وجاءت القروض الايجارية لتتفادى نسق التمويلات الكلاسيكية "القروض المصرفية" التي ظلّ منحها صارماً، وهو ما يعاب على النظام البنكي في الجزائر، وستغدو القروض الايجارية وسيلة تمويل استراتيجية للمزارعين، تساعدهم على الاتجاه للبنوك العمومية لتمويل صفقاتهم التجارية السنوية وجلب البذور والماكينات، بكل ما ينطوي عليه الأمر من تسهيل للأعباء ومرونة أكبر، ويُرتقب أن تنظم لقاءات خلال شهر أغسطس-آب الجاري، مع الأطراف الفاعلة للفروع خاصة الحليب والحبوب وتربية الدواجن وكذلك مع مختلف الغرف الزراعية على مستوى المحافظات من أجل مدارسة التدابير الجديدة التي ستستفيد منها سائر الفروع الزراعية.

واحتكاماً إلى ما نصّ عليه قانون الموازنة التكميلي من اهتمام بتطوير أنظمة الضبط الزراعي ودعم النمو والتشغيل والزراعة الصناعية والصناعة الغذائية الوطنية، فإنّ الظاهر يوحي بأنّ الغاية من وراء الإجراءات، يروم أيضاً إلى إنعاش مصانع محلية لإنتاج الآلات الزراعية التي ظلت تعاني كساد منتجاتها، في صورة مشكلة تسويق عويصة لطالما واجهت مخزوناً هائلاً من المحركات والجرارات الزراعية في الجزائر، ما تسبّب في خسارة بنحو 28 مليون دولار جرّاء كساد مئات الجرارات.

وأدى مشكل عدم تسويق مخزون الجزائر من التجهيزات الزراعية إلى توقف سلسلة الإنتاج منذ يوليو/تموز 2007، كما تسبب في تكبيد إدارات المصانع المحلية المحركات والجرارات خسائر كبيرة زادت حدتها مع مزاعم قائلة إنّ المحركات المنتجة تجاوزها الزمن وتعاني من "التلوث"، رغم أنّ محركات مركب المحركات والجرارات ظلت تجهز لوقت طويل شاحنات الشركة الجزائرية للسيارات الصناعية وعتاد المؤسسة الجزائرية لعتاد الأشغال العامة.

وستكون القروض الإيجارية خير متنفس للمؤسسات المصغّرة والمتوسطة، بعدما ظلّ هؤلاء يشتكون من غلاء المواد الأولية ومعاناتهم المستمرة من الضرائب التي تثقل كواهلهم، ومن شأن القروض الايجارية أيضاً أن تفتح آفاقاً جديدة للتشغيل في بلد يبلغ معدل أعمار نصف سكانه -30 مليون نسمة-، أقل من 25 سنة، بيد أنّ البطالة تطوق 30 % ممن هم في سن العمل، بينهم الآلاف من حاملي الشهادات.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف