أميركا شريك مصر التجاري الأول
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
واشنطن: شهدت العلاقات الاقتصادية الأميركية ـ المصرية خلال السنوات القليلة الماضية تطورًا ونموًّا ملحوظًا بالرغم من حالات الشد والجذب في العلاقات والمواقف السياسية بين الدولتين، وخاصة خلال فترة رئاسة الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش والتي امتدت لثماني سنوات.وغَدَا الاقتصاد المصري الذي شهد عديدًا من الإصلاحات الاقتصادية والتجارية والذي أصبح أكثر انفتاحًا على العالم شريكًا رئيسًا للولايات المتحدة الأميركية في منطقة الشرق الأوسط وليس اقتصادًا تابعًا وقائمًا على المساعدات والمعونات الأميركية فحسب.
فالعلاقة بين الاقتصاد المصري والأميركي أصبحت قائمة على الشراكة وتبادل المصالح خاصة مع النمو الكبير في حجم التبادل التجاري بين الدولتين، والذي ارتفع من 3.7 مليار دولار عام 2003 إلى 8.4 مليار دولار عام 2008 طبقًا لإحصاءات مكتب الإحصاء الأميركي US Census Bureau.وقد اكتسبت العلاقات الاقتصادية بين الدولتين دفعة كبيرة مع زيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما Barak Obama للقاهرة خلال شهر يونيو 2009، فالبرغم من الأزمة المالية والانكماش الاقتصادي الذي يعاني منه الاقتصاد الأميركي إلا أن العلاقات الاقتصادية بين الدولتين استمرت بالنمو بمعدلات هائلة خلال عام 2008 والنصف الأول من عام 2009، وأصبحت الولايات المتحدة الأميركية الشريك التجاري الأول لمصر واستحوذت على 19% من إجمالي حجم التجارة الخارجية المصرية.وتتميز العلاقات الاقتصادية بين مصر والولايات المتحدة الأميركية بالتنوع لتشمل مجموعة كبيرة من القطاعات الاقتصادية ولا تعتمد فقط على قطاع النفط والغاز الطبيعي كما هو الوضع في العلاقات الاقتصادية بين الولايات المتحدة الأميركية وعدة دول في المنطقة: فالتعاون والتبادل بين الدولتين يشمل كثيرًا من القطاعات غير النفطية مثل القطاعات السلعية والصناعية والخدمات والاستثمارات المباشرة وغيرها من المجالات الاقتصادية الأخرى. والتقرير التالي يلقي الضوء على التطور في العلاقات الاقتصادية بين الدولتين وأهم مجالات التعاون الاقتصادي بين الدولتين.
شراكة تجارية بين مصر والولايات المتحدة الأميركية
بالرغم من عدم توقيع اتفاقية تجارة حرة بين مصر والولايات المتحدة الأميركية إلا أن العلاقات الاقتصادية بين الدولتين شهدت خلال السنوات القليلة الماضية تطورًا كبيرًا خاصة النمو الكبير في حجم التبادل التجاري ونمو حجم الاستثمارات الأميركية المباشرة وتحويلات العاملين المصريين في الولايات المتحدة الأميركية.فبالنسبة لمصر تُعد السوق الأميركية هي الشريك التجاري الأول بحجم تجارى يصل إلى 8.4 مليار دولار عام 2008 وبمتوسط نمو سنوي يصل إلى 15% خلال الفترة بين عامي 2003/2004، وعلى سبيل التكتلات الدولية تحتل الولايات المتحدة الأميركية المرتبة الثانية بعد الاتحاد الأوروبي كشريك تجاري لمصر .تطور حجم التبادل التجاري بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية (مليون دولار)
السنةالصادراتالوارداتالميزان التجاري
200311432606.71436.7-
20041283.83077.81793.9-
20052091.23159.31068-
20062395.840291633.2-
20072376.75259.32882.6-
20082370.46002.23631.8-
يناير/مايو 2009763.92111.31348.7-
Source: US Census Bureau
وتشير بيانات الجدول السابق إلى تطور حجم التبادل التجاري بين مصر والولايات المتحدة الأميركية خلال الفترة بين عامي 2003/2009 والتي اكتسبت دفعة كبيرة مع توقيع اتفاقية الكويز QIZ عام 2004، حيث ارتفع حجم التبادل التجاري بين البلدين من 3
7 مليار دولار عام 2003 ليصل إلى 8.4 مليار دولار عام 2008 أي بزيادة تصل إلى 140 % عن مستواها عام 2003.
وقد احتلت مصر المرتبة 36 ضمن قائمة الدول المستوردة من الولايات المتحدة الأميركية خلال عام 2008 حيث ارتفع حجم الواردات المصرية من الولايات المتحدة الأميركية ليصل إلى 6 مليار دولار عام 2008 وذلك من مستوى 2.6 مليار دولار عام 2003.
وتشمل الصادرات المصرية إلى الولايات المتحدة الأميركية النفط والغاز الطبيعي المسال والمنسوجات والملابس الجاهزة والأسمدة والسجاد ومواد تغطية الأرضيات والألومنيوم والأغذية. بينما تشمل الواردات المصرية من الولايات المتحدة الأميركية الحبوب الزراعية والآلات والمنتجات الكهربائية والإلكترونية والمنتجات البتروكيماوية وقطع غيار السيارات والحديد والصلب .ووفقًا لتقرير أصدرته بعثة طرق الأبواب الأميركية في واشنطن في مارس 2009 Doorknook Mission To Washington D.C حول العلاقات الاقتصادية المصرية الأميركية والذي أكد على أن الاقتصاد المصري يحتل المرتبة الرابعة لأكثر الدول التي تتلقى الصادرات الأميركية في منطقة الشرق الأوسط بنسبة 9% من إجمالي الصادرات الأميركية للمنطقة بعد الإمارات وإسرائيل والسعودية، في حين تحتلالمرتبة السابعة لأكثر الدول المصدرة للولايات المتحدة الأميركية في المنطقة بنسبة 3% من حجم صادرات المنطقة.وأكثر الولايات الأميركية تصديرًا لمصر ولاية لويزيانا Louisiana بإجمالي 25% من الصادرات الأميركية لمصر، ثم ولاية تكساس Texas بإجمالي 17%، ثم ولاية ماريلاند Maryland بإجمالي 8.1%. بينما أكثر الولايات الأميركية استيرادًا من مصر ولاية جورجيا بإجمالي 28% من الواردات الأميركية من مصر، ثم ولاية نيويورك New York بإجمالي 24.5%، ثم ولاية تكساس Texas بإجمالي 8.7%.
الاستثمارات الأميركية في مصر
تمثل الولايات المتحدة الأميركية المصدر الأول للاستثمارات الأجنبية في مصر، حيث تمثل استثماراتها 36.1% من إجمالي حجم الاستثمارات الأجنبية في مصر بقيمة وصلت إلى 8.8 مليار دولار عام 2008 وذلك ارتفاعًا من 3 مليار دولار عام 2000، وتحتل مصر بذلك المرتبة الثانية بعد إسرائيل في قائمة الاستثمارات الأميركية في منطقة الشرق الأوسط ، وتتركز الاستثمارات الأميركية في مصر في قطاعات النفط والغاز الطبيعي والقطاع الصناعي والسياحي والعقاري وسوق المال وصناعة البتروكيماويات والفنادق الكبرى .
فوفقًا لتقرير الاستثمار العالمي World Investment Report لعام 2008، فإن مصر تحتل المركز الأول في دول شمال أفريقيا لأكثر الدول جذبًا للاستثمارات الأميركية وتحتل المرتبة الثانية على المستوى الأفريقي.وتحتل شركة أباتشى الأميركية Apache Corporation المرتبة الأولى في أكثر الشركات الأميركية استثمارًا في مصر في مجال النفط والغاز الطبيعي وخاصة في منطقة الصحراء الغربية المصرية بإجمالي استثمارات بلغت 5.6 مليار دولار وتتولى إنتاج 14% من إجمالي إنتاج النفط والغاز الطبيعي في مصر.أيضًا بالنسبة لتحويلات العاملين المصريين بالخارج فإن الولايات المتحدة الأميركية تحتل المرتبة الأولى لأكثر التحويلات القادمة لمصر، فوفقًا لتقرير البنك المركزي المصري للربع الثالث من السنة المالية 2008/2009 فإن إجمالي التحويلات القادمة من الولايات المتحدة بلغت 544 مليون دولار وتليها الكويت بإجمالي 377 مليون دولار ثم الإمارات بإجمالي 298 مليون دولار ثم السعودية 196مليون دولار.
اتفاقية الكويز QIZ
وقَّعت مصر في 14 من ديسمبر 2004 بروتوكولاً في إطار ما يعرف بالمناطق الصناعية المؤهلة (كويز) Qualifying Industrial Zones (QIZ) مع كلٍّ من إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية ، والتي هدفت إلى فتح أسواق جديدة للصادرات المصرية خاصة المنسوجات والملابس الجاهزة إلى السوق الأمريكية التي تستوعب 40% من حجم الاستهلاك العالمي دون جمارك أو حصص إنتاج شريطة أن يتضمن المنتج نسبة 11.7% مكونًا إسرائيليًّا.وبالرغم ما لاقته هذه الاتفاقية من جدلٍ واسعٍ وانتقادات حول جدواها الاقتصادية على اعتبار أنها وسيلة للسيطرة الإسرائيلية على الصناعة المصرية، إلا أن الاتفاقية حققت عديدًا من المكاسب الاقتصادية لمصر من حيث تشجيع الصادرات وخلق فرص عمل جديدة وجذب الاستثمارات الأجنبية، فإجمالي الصادرات المصرية للصناعات المشتركة في الاتفاقية وصل إلى 37% من إجمالي الصادرات المصرية للولايات المتحدة الأميركية .وقد بلغت صادرات المنسوجات والملابس الجاهزة للولايات المتحدة الأميركية في إطار اتفاقية الكويز إلى 636 مليون دولار عام 2006 ثم ارتفعت إلى 743.7 مليون دولار عام 2008، كما ارتفع عدد الشركات والمصانع المدرجة في الاتفاقية إلى 733 شركة تستوعب أكثر من 100 ألف عامل.
المعونة الأميركية لمصر
تعتبر المعونات الأميركية لمصر من أكثر المجالات التي شهدت جدلاً كبيرًا في السنوات الماضية باعتبارها تتضمن في طياتها أبعادًا سياسية غير معلنة وشروطًا سرية وأجندة عمل تفرض على الجانب المصري .إلا أن عديدًا من الاقتصاديين قد قلل كثيرًا من أهمية هذه المعونات على اعتبار أن المعونة الأمريكية أصبحت لا تمثل سوى أقل من 2% من الدخل القومي الإجمالي المصري في الوقت الحالي بعد أن كانت تمثل أكثر من 10% عند بداية هذه المعونات عام 1979 بعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد مع الجانب الإسرائيلي. وتمثل المعونات الأميركية لمصر 57% من إجمالي ما تحصل عليه مصر من معونات ومنح دولية سواء من الاتحاد الأوروبي أو اليابان أو غيرها من الدول الأخرى .
وقد حددت المعونة الأميركية لمصر في بداية الثمانينيات من القرن الماضي بمبلغ 2.1 مليار دولار (تشمل 815 مليون دولار معونة اقتصادية و1 3 معونة عسكرية) إلا أنه منذ عام 1999 تقرر تخفيض المعونة الاقتصادية بنسبة 5% سنويًّا في إطار اتجاه الدول الصناعية الكبرى لتخفيض المعونات الاقتصادية للدول النامية والتحول نحو الشراكة والتجارة والاستثمار.
وقد شهدت المعونة الاقتصادية الأميركية لمصر انخفاضًا ملحوظًا خلال السنوات الأخيرة من 815 مليون دولار عام 1998 إلى 615 مليون دولار عام 2001 حتى وصلت إلى 407.5 مليون دولار عام 2008، وإن ظلت المعونة العسكرية ثابتة عند 1.3 مليار دولار. وتحت ضغط الأزمة المالية التي واجهت الولايات المتحدة الأميركية لجأت السلطات الأمريكية إلى ضغط برامج المساعدات الخارجية حيث تم تخفيض حجم المعونة الأميركية لمصر من 1.71 مليار دولار عام 2008 لتصل إلى 1.5 مليار دولار عام 2009 بنسبة انخفاض وصلت إلى 12%.
وقد تركزت المعونات الاقتصادية الأميركية لمصر على مشروعات البنية الأساسية (المياه والصرف الصحي والكهرباء والاتصالات والنقل) وعلى دعم الواردات السلعية المصرية من الولايات المتحدة الأميركية تحت بند الاستيراد السلعي، وعلى الخدمات الأساسية (الصحة والتعليم وتنظيم الأسرة والبيئة) والإصلاح الاقتصادي والهيكلي وبرامج المعونات الغذائية .وقد بلغ إجمالي حجم المعونات الأمريكية لمصر منذ عام 1979 حتى عام 2008 ما يقرب من66 مليار دولار، وتكون مصر بذلك ثاني أكثر الدول في العالم التي تلقت معونات أمريكية بعد إسرائيل .
ورغم الجدل الدائر حول الطابع السياسي للمعونات الأميركية لمصر وما تتضمنه من شروط سرية مجحفة، إلا أن هذه المعونات وخاصة المعونات الاقتصادية لعبت دورًا كبيرًا خلال السنوات الماضية في تطوير البنية الأساسية ورفع معدلات النمو الاقتصادي ودعم برامج التنمية المصرية.ويمكن القول بأنه بالرغم ما يشوب العلاقات السياسية بين مصر والولايات المتحدة الأميركية من حين لآخر من فترات تباعد وتقارب واختلافات جوهرية حول قضايا سياسية هامة تتعلق بالوضع في منطقة الشرق الأوسط، إلا أن العلاقات الاقتصادية بين الدولتين لم تتأثر بهذه الخلافات وشهدت تطورًا كبيرًا خلال السنوات الأخيرة