اقتصاد

أوطان الاستثمار تتشبث بالضمانات رغم أحداث 11 سبتمبر

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك


أيمن بن التهامي من الدار البيضاء: تأثر الاقتصاد الدولي سلبًا بفعل هجمات 11 أيلول/سبتمبر 2001، وكان منطقيًا أن تطال الخسارة محيط عالم المال والأعمال، بعد استهداف برجي التجارة في نيويورك. وألقت هذه الأحداث بظلالها الثقيلة على أعمال آلاف الشركات الاقتصادية، وتسببت بهزّ البورصة، كما أنّها أجبرت الإدارة الأميركية على أن تنتهج سياسة جديدة في العالم، تعتمد بالأساس على تعزيز الأمن، لضمان مناخات مستقرة للاستثمار في عدد من الدول.

وكما كانت لهذه السياسات الأمنية إيجابيات، كانت لها سلبيات كثيرة، إذ تآكل المخزون المالي الفيدرالي لأميركا، وقلصت الفائض المالي، كما أثرت بشكل سلبي على الاستثمارات داخل أميركا نفسها، حيث أحجم الكثير من أصحاب رؤوس الأموال عن إقامة مشاريع اقتصادية.

هذا التحول الاقتصادي، الذي لم يكن متوقعًا، إلى جانب تحمّل بعض الدول الكبرى فاتورة الحرب في العراق وأفغانستان، والخسائر المترتبة عنها، دفعت العديد من المستثمرين إلى تغيير وجهاتهم، ونقل استثماراهم، إما لدولهم الأصلية أو الدول العربية التي فتحت أسواقها، بعد اعتماد مجموعة من الإصلاحات في عدد من القطاعات.

غير أن هذا التغيير في وجهة البوصلة المالية لرجال المال والأعمال، يراه بعضهم بأنه لم يكن بحجم كبير أو مثير، وأن الأمور ظلت عادية، خاصة أن آفاق الاستثمار في الدول العربية تبقى غير واضحة، إلى جانب أن بعضها يفتقد إلى ضمانات قوية، يمكنها أن تعبّد الطريق أمام المستثمرين العرب والأجانب.

ومن المتبنين لهذه النظرية، الخبير الاقتصادي المغربي محمد سؤال، الذي قال إن "الرأس مال ليس له وطن، وليس لديه إحساس، إذ إنه يذهب أينما كان هناك رواج مالي، وعندما يكون هناك استقرار وضمانات أمنية".
وأوضح سؤال، في تصريح لـ "إيلاف"، أن "مواطن الاستثمارات الكبرى ظلت على حالها، ولم يكن هناك تغيير كبير، أو ما يمكن أن نطلق عليه هجرة رؤوس الأموال"، مضيفًا أن "المنطقة العربية لا تتوافر فيها ضمانات، تساهم في جلب أكبر نسبة من الاستثمارات".

وذكر الخبير المغربي أن "ما يعزز هذه النظرية هو أنه عندما وقعت الأزمة المالية العاليمة، تبين أن المحاولات لإنقاذ البنوك الكبرى كانت من الاستثمارات العربية"، مشيرًا إلى أن "بقاء الاستثمارات العربية في وطنها رهين بتوفير ضمانات أمنية وقانونية، وتحريك عجلة الإصلاحات، والتقدم في مسار الديمقراطية".

وأضاف أنه "كانت هناك ترتيبات أمنية واقتصادية، قبل أحداث 11 سبتمبر على المستوى الدولي، أي منذ فترة الرئيس ريغين والليبرالية المتوحشة، والمنظمة العالمية للتجارة، وجدار برلين"، وذلك بقيادة الولايات المتحدة الأميركية".

ووسط هذه الترتيبات، يشرح سؤال، كانت معادلة مهمة تنبني على منطقة الشرق الأوسط، حيث تتمركز الثروة النفطية، مبرزًا أن الدول المنتجة للبترول راكمت ثروات مهمة كانت تذهب في استثمارات في الخارج، خاصة في الولايات المتحدة الأميركية، وما زالت.

واعتبر أن رؤوس الأموال العربية تستثمر في الخارج فيما هو موجود أصلاً، أي بشراء أسهم في بعض الشركات الكبرى، وهذه هي الاستراتيجية التي يجب أن نعتمدها في دولنا العربية.

أما بالنسبة إلى المغرب، فيقول الخبير الاقتصادي، "المملكة تعيش، منذ 15 سنة، على إيقاع ورشات إصلاح مهمة وجوهرية، خاصة على المستوى القانوني، وهناك فرص مهمة، يجب أن تترتب عنها استثمارات يحجم كبير".
وسجل الاقتصاد المغربي خلال السنوات العشر الأخيرة نموًا بلغت نسبته 4.8 %، بعدما سجل في السنوات العشر السابقة نحو 3 % فقط.

وبلغت الاستثمارات المباشرة الأجنبية مستوى جيدا، إذ وصلت إلى 32.5 مليار درهم سنة 2008. وتأكدت هذه العودة القوية للاستثمار الأجنبي، من خلال مشاريع عديدة، أطلقتها في المغرب مجموعات اقتصادية ذات صيت عالمي.

وسجلت المملكة دينامية غير مسبوقة في مجال الاستثمارات العمومية، التي بلغت سنة 2008 أكثر من 116 مليار درهم، مقابل 43 مليار فقط سنة 2002. وساهمت المقاولات العمومية في هذا المجهود بـ 60 مليار درهم سنة 2008، مقابل 18 مليار فقط سنة 1999.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف