اقتصاد

تجارة "الألماس" بين مطرقة الأزمة الاقتصادية وتراجع الطلب

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

طلال سلامة من روما:تعاني التجارة العالمية بالألماس أزمة لا سابق لها، وتعتبر أولى الدول الأوروبية التي تشعر بهذا الاختناق بلجيكا، ولا سيما مدينة "أنفيرسا" حيث تراجعت المبيعات، في حيها المشهور بمتاجر بيع الألماس (Diamond Square Mile)، بنسبة تتراوح بين 30 و60 في المئة مقارنة بالعام الماضي. فالألمان لا يقصدون هذا الحي منذ أشهر عدة لشراء الألماس. إنما تبقى نسبة حضور متواضعة للمشترين الأميركيين والعرب والصينيين، ممّا يدفع تجار الألماس إلى الهجرة نحو تجارة الذهب أم الألماس المصنع. يذكر أن مدينة "أنفيرسا" البلجيكية تحتضن حوالى 1800 شركة متخصصة في بيع وشراء الألماس. بيد أن هذا العدد بدأ يتقلص شيئًا فشيئًا، ولا سيما في أوساط الشركات العاملة في تجارة الألماس الخام. فتحقيق الأرباح في هذه السوق أصبح مستحيلاً ومعقدًا. كما أن المصارف القائمة على تمويل تجار الألماس تطلب ضمانات صعبة المنال.

في الحقيقة، فإنّ حي الألماس بمدينة "أنفيرسا" يمر من خلاله 80 في المئة من الألماس الخام المتداول به عالميًا، و50 في المئة من الماس المصنع ما يولد حركة أعمال عالمية مقدرة بأكثر من 40 بليون يورو سنويًا، أي 5 في المئة من الناتج الإجمالي البلجيكي!
لكن أزمة الألماس العالمية تبدو للجميع شبحًا يتضخّم من دون سيطرة ليرعب التجار والمصارف معًا. وفي الأشهر الخمسة الأولى من العام، ومقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، تراجعت إيرادات وصادرات الألماس الخام البلجيكية 39 و50 في المئة على التوالي.
في حين تراجعت 27 و31 في المئة على التوالي في ما يتعلق بتجارة الألماس المصنع اعتمادًا على إحصائيات المركز العالمي للألماس (Hrd) بمدينة "أنفيرسا". علاوة على تجارة الألماس المشلولة والائتمان المقتول وخبراء في تقطيع الماس يبحثون اليوم عن عمل آخر ينبغي الأخذ في الاعتبار مدن أخرى تعاني من هذه الأزمة التجارية، كما مومباي (في الهند خسر 400 ألفاًً من أصل مليون عامل في قطاع تقطيع الماس وظيفتهم) وتل أبيب ونيويورك ودبي.

في هذا الصدد، فإن الأرقام العالمية واضحة كعين الشمس، وتشير الى ان الطلب العالمي على الألماس المقطع والمصقول، في الأشهر الأخيرة، تراجع 30 في المئة. أما الطلب العالمي على الألماس الخام فإنه هوى بنسبة60 في المئة. وعلى صعيد الإنتاج، فإنه يشهد بدوره تراجعًا مقلقًا. ها هي شركة "دي بيرز" الأفريقية الجنوبية تغلق جميع مناجمها تقريبًا وتقطع استخراج الألماس بنسبة 91 في المئة. وعلى الخطى نفسها، فلقد قامت شركة "ألروزا" الروسية بقطع إنتاجها 40 في المئة. على الرغم من العرض المحدود على الألماس، فإن الأسعار تواصل تراجعها مقارنة بالذروة التي سجلتها في شهر تموز(يوليو) من العام الماضي. وها هي تتراجع من 20 إلى 30 في المئة، في ما يتعلق بالأحجار الكريمة المقطعة، ومن 30 إلى 70 في المئة بالنسبة إلى الألماس الخام.

وتكمن أحد المشاكل الرئيسة في أن النظام الائتماني، الذي تنعشه المصارف العاملة في خدمات تمويل تجار الألماس، غير متجانس مع الأحوال المادية الراهنة لهؤلاء التجار. فهو لا يوافق اليوم على الضمانات التي يقدمها هؤلاء التجار بقدر المستطاع. مرة أخرى، على حكومات الدول التدخل، على غرار ما حصل مع المصارف، لتغيير البنى التحتية لهذا النظام الائتماني. هكذا، ستستطيع المصارف الأوروبية(على الأقل) الممولة لتجارة الألماس توزيع مبالغ ائتمانية ببلايين اليورو(بليون يورو على الأقل لتجار الماس البلجيكيين).

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف