السويدي: الأزمة تخفض آفاق النمو والمخصصات تقلص أرباح البنوك
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
دبي: أكد سلطان بن ناصر السويدي محافظ مصرف الإمارات المركزي ان الأزمة المالية العالمية الحالية سوف تخفض آفاق النمو الاقتصادي لدولة الإمارات في عام ،2009 من معدل نمو معبر عنه برقم أحادي مرتفع، إلى معدل نمو منخفض أو حتى ربما يكون بالسالب، وان السياسة النقدية لدولة الإمارات سوف تظل موجهة نحو الإبقاء على أسعار فائدة رسمية عند مستويات منخفضة كي يتسنى الحفاظ على بعض النمو الاقتصادي الإيجابي خلال السنوات القليلة القادمة، وستركز السياسة الائتمانية والمصرفية على ضمان توسع ائتماني معقول بمعدلات منخفضة، وتوسع بنكي مقيد .
جاء ذلك خلال اختتام المجلس الرمضاني الثاني لمنتدى الشارقة للتطوير، الذي نظمه منتدى الشارقة للتطوير، بحضور سلطان ناصر السويدي محافظ البنك المركزي مساء أمس الاول في قاعة الدرة بمبنى غرفة التجارة والصناعة بالشارقة، في حضور عدد من المسؤولين في مصرف الإمارات المركزي، وأحمد المدفع رئيس مجلس إدارة غرفة التجارة والصناعة وعدد من الضيوف وتحدث خلاله عن سياسة الدولة النقدية والأزمة الاقتصادية العالمية وتأثيرها في دولة الإمارات وكيفية تعامل الدولة مع الأزمة .
ورحب حسين المحمودي رئيس مجلس إدارة منتدى الشارقة للتطوير في كلمته الافتتاحية بمحافظ مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي ومجلس إدارة غرفة التجارة والصناعة بالشارقة والضيوف والحضور، وقدم ملخصاً عن رسالة وأهداف المنتدى وأنشطته في الفترة الراهنة، ونبذة عن السيرة الذاتية للمحافظ .
كذلك شكر أحمد المدفع رئيس مجلس إدارة غرفة التجارة والصناعة المنتدى لتنظيم هذا المجلس ولحضور سلطان بن ناصر السويدي محافظ البنك المركزي وشدد على اهمية التواصل بين المسؤولين والعاملين في القطاعين الحكومي والخاص .
ورجح سلطان السويدي ldquo;أن تؤثر الأزمة المالية العالمية الحالية في عولمة الخدمات المالية والأنظمة الرقابية للأسواق المحلية، فالأرجح أن تتباطأ عولمة الخدمات المالية، إذ ستعمد الكثير من الدول إلى وضع بعض القيود مما يجعلنا نضع قيوداً مقابلة، وسوف يكون هنالك توجه يستهدف وضع أنظمة رقابية موحدة ضمن البنوك المركزية، كما نتوقع أن نرى التزاما أكثر صرامة بالنسب الاحترازية التي تحددها البنوك المركزية، وتوجهاً نحو فرض غرامات أكبر قيمة على أي تجاوزات للنسب الاحترازية المحددة، وسيكون هنالك توجه لخلق أنظمة مصرفية تعتمد على التمويل المحلي بنسبة عالية، الأمر الذي من شأنه أن يمنح امتيازا أكبر للبنوك التجارية التقليدية على البنوك الاستثمارية الابتكاريةrdquo; .
وأضاف ldquo;هناك عدة أسباب أدت إلى الأزمة المالية العالمية، وهذه الأسباب يمكن تلخيصها بما يلي قيام البنوك المركزية وبالأخص بنك الاحتياط الفيدرالي في الولايات المتحدة الأمريكية بتخفيض أسعار الفائدة إلى مستويات متدنية منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول ،2001 مما أدى إلى توفر القروض المصرفية بأسعار مغرية، وتوفر القروض أدى إلى استغلالها في أسواق الأسهم بشكلٍ مفرط وهذا أدى إلى رفع القيم في أسواق الأسهم إلى أعلى من المستويات الحقيقية، كذلك توفر القروض أدى إلى حركة نشطة لشراء الوحدات السكنية وهذا أدى إلى ارتفاع قيمها إلى أعلى من المعدل المعقول، مما أدى إلى نشوء ما يسمى بفقاعة في القيم سواءً قيم الأسهم أو قيم العقارات . وقد ساعد أيضاً وجود مؤسسات مالية خارج نظام الرقابة للبنوك المركزية على تفاقم الوضع، وثانيا وجود مؤسسات خارج الرقابة المصرفية كصناديق التحوط وصناديق المنتجات المركبة Synthetic Instruments أدى إلى خلق أذرع إضافية مكنت من زيادة حجم الإقراض، وذلك عن طريق توريق القروض العقارية وأدوات مقابلة مخاطر القروض العقارية وغيرها من القروض . وهذه الأدوات والمؤسسات كانت تقع خارج نطاق الرقابة المصرفية التي تنطبق على البنوك والمؤسسات المالية الأخرى التي تمارس نشاط الإقراض، والذي زاد الطين بلة هو قيام البنوك التجارية بشراء هذه الأدوات .
وأشار الى ان ldquo;السبب الثالث هو الانفتاح الشديد وتطبيق مبدأ الرقابة الذاتية (Self Regulating) الذي تم التأكيد عليه في الولايات المتحدة عدة مرات من قبل رئيس نظام بنك الاحتياط الفيدرالي السابق الدكتور آلان جرينسبان، وهذا أوجد مؤسسات أخذت مخاطر بشكلٍ مباشر أو غير مباشر فاقت النسب المعتادة، وبما أن هذه المؤسسات لم تكن تخضع للرقابة فقد تجرأت على أخذ مخاطر كبيرة في مرحلة معينة، فأدى ذلك إلى فشلها في بداية الأزمة إذ إن موجوداتها خارج الميزانية وبسبب عدم القدرة على بيعها في الأسواق، تحولت إلى موجودات داخل الميزانية مما جعل الأطراف المتعاملة مع هذه المؤسسات تثير الشكوك حول مدى قدرتها وقدرة مؤسسات مشابهة على السداد، ومن ثم الامتناع عن التعامل معها مما وضع بعضها في موضع الإفلاس، ومن هنا بدأ مسلسل الشك وفقدان الثقةrdquo; .
وقال محافظ مصرف الإمارات المركزي ldquo;بدأت الأزمة المالية العالمية في التأثير في النظام المصرفي في دولة الإمارات خلال أشهر الصيف الماضي، خاصة خلال شهر أغسطس/ آب ،2008 عندما ظهرت دلائل على نقص في السيولة لدى البنوك . وللتعامل مع هذه التطورات، قام المصرف المركزي في نهاية شهر سبتمبر 2008 بتوفير التسهيلات التالية: 50 مليار درهم للسحب على المكشوف تم توفيرها للبنوك من خلال حساباتها الجارية لدى المصرف المركزي، وتسهيلات مقايضة مقابل 100% من ممتلكات البنوك من شهادات إيداع المصرف المركزي، وتسهيلات بخصم سندات وأدوات دين الحكومات المحلية ومؤسساتها .
وقال: ldquo;لاحظنا أن هذه الإجراءات، بجانب الإجراءات الأخرى التي اتخذتها الحكومة الاتحادية، والتي تمثلت بضمان الودائع لدى كافة البنوك التي لديها عمليات كبيرة في دولة الإمارات، إضافة إلى توفير تسهيلات لدعم السيولة بقيمة 70 مليار درهم، قد أدت إلى تحسين وضع السيولة لدى البنوك، كما تم الاحتفاظ بالسياسة النقدية لدولة الإمارات في صيغة توسعية تركز على تحقيق نمو اقتصادي متزن، وتبدو السيولة مستقرة الآن لدى البنوك، إذ لا يقوم أي بنك حاليا بالسحب على المكشوف من حسابه الجاري لدى المصرف المركزي بقدر يتجاوز احتياطياته الإلزامية . كما انخفضت أسعار الفائدة على الودائع ما بين البنوكrdquo; .
وأضاف السويدي ldquo;اتخذ المصرف المركزي مؤخراً سلسلة من التدابير هدفها خفض أسعار الفائدة على الودائع ما بين البنوك، منها، تأسيس سعر ldquo;إيبورrdquo; رسمي تشترك فيه (11) بنكاً في الدولة، و إزالة شرط المدة الباقية والمحددة ب 14 يوماً كحد أدنى لخصم شهادات الإيداع الصادرة من المصرف المركزي والتي تمتلكها البنوك وتمديد فترات استحقاق عمليات الريبو (REPO) من أسبوع واحد إلى شهر بالسعر الرسمي 1%، و تخفيض سعر الخصم الرسمي للمصرف المركزي من 5 .2% إلى 5 .1%rdquo; .
وقال ldquo;أظهرت الميزانية المجمعة للبنوك لشهر يوليو/ تموز 2009 زيادة في القروض والسلف مقارنة بما كانت عليه في ديسمبر/ كانون الأول ،2008 أي من 987 مليار درهم في نهاية السنة الماضية إلى تريليون درهم تقريباً كما في 31 يوليو ،2009 الأمر الذي يعني أن البنوك لا تزال تمنح القروض لمختلف قطاعات الأعمال، على الرغم من أن نمو هذه القروض بقي ضمن نسب متدنية، وفي المقابل، فقد ظلت القروض والسلف، على أساس إجمالي، أكبر من ودائع العملاء بحوالي 37 مليار درهم كما في 31 يوليو ،2009 ولكن ذلك فيه تحسن كبير مقارنة بالفجوة كما في نهاية شهر يناير/ كانون الثاني 2009 التي بلغت في ذلك التاريخ 116 مليار درهم، وقد تم تجسير هذه الفجوة لدى البنوك باستخدام جزء من رؤوس الأموال والاحتياطيات التي تبلغ حوالي 224 مليار درهم الآنrdquo; .
وتابع ldquo;فيما يتعلق بنتائج البنوك المتوقعة لسنة ،2009 فنتوقع أن تكون أقل من أرباح سنة 2008 بسبب المخصصات التي ستضعها بعض البنوك لمقابلة قروض مجموعة القصيبي ومجموعة معن الصانع في السعودية، لم تدخل بنوكنا في مجال المنتجات المركبة، ومنتجات البنوك الاستثمارية الابتكارية المشابهة، ومن ثم فإن أصولها وبنود أصولها خارج الميزانية واضحة وسهلة القراءة، غير أنه وحتى إذا كانت أصول البنوك من نوعية جيدة، فإن البنوك تحتاج عادة في أوقات الأزمات إلى وضع مخصصات لاستثماراتها التي انخفضت قيمها . كما ستكون البنوك بحاجة إلى وضع مخصصات مقابل القروض الممنوحة إلى قطاعات الأعمال التي يرجح أن تتأثر تدفقاتها النقدية سلباً نتيجة الأزمة المالية العالمية، أو التي تأثرت نتيجة لارتفاع تكلفة التمويلrdquo; .
وقال السويدي: أما فيما يتعلق بالقروض العقارية، فإن بعض التصحيح سوف يستمر في التأثير في هذا القطاع، غير أن ذلك سيعتمد على مستويات الإيجارات، والتي يتوقع أن تنخفض على نحو تدريجي، وهذا سيؤدي إلى استمرار أسعار العقارات في الانخفاض بسبب توقعات البائعين والمشترين، بجانب عدم توفر القروض البنكية في بعض الأحيان .
وقال محافظ مصرف الإمارات المركزي ldquo;نتوقع أن يتأثر القطاع العقاري، غير أنه يجب علينا أن نتذكر أن هذا القطاع يتسم بقدر كبير من عدم المرونة، ويتفاعل على نحو مختلف نوعا ما عن سوق الأوراق المالية، وذلك لأن جزءا كبيرا من هذا القطاع مملوك لأفراد لديهم قدر من الثراء، وبمقدورهم تحمل معدلات خلو وحدات مستأجرة بنسب عالية كما سبق أن شهدنا في أزمات سابقة، كما يتعين علينا عند تحليل التأثير المحتمل للقروض العقارية في البنوك أن نقارن أرقامنا مع أرقام دول أخرى . إذ تبلغ كافة القروض العقارية لدى بنوك دولة الإمارات، أي: القروض مقابل الرهن العقاري، والقروض الممنوحة لمؤسسات الأعمال، والقروض الممنوحة للمطورين العقاريين، ما يعادل 182 مليار درهم كما في 31 ديسمبر ،2008 وهو رقم يقل عن إجمالي رأسمال واحتياطات البنوك الذي يبلغ الآن 224 مليار درهمrdquo; .
وأضاف ldquo;كما أننا إذا قارنا حجم القروض العقارية للنظام المصرفي محتسبة كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي في بعض الدول، فإننا نجد أن القروض العقارية تعادل 101% من الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة الأمريكية، و3 .86% من الناتج المحلي الإجمالي للملكة المتحدة، مقارنة فقط ب 5 .19% من الناتج المحلي الإجمالي لدولة الإماراتrdquo; .
وقال ldquo;علاوة على ذلك، فإذا قمنا بتحليل للأمور كي نفهم لماذا تأثر النظام المصرفي في دولة الإمارات بالأزمة، نجد أن السبب الرئيسي هو أننا تقبلنا النظام المالي العالمي كأمر مسلم به، عندما كانت به كثير من العيوب . وبسبب إدراك أنظمة الرقابة المصرفية على المستوى العالمي أن الأنظمة المالية في بعض الدول فيها الكثير من العيوب فإن ذلك سيجعلها تضع قيوداً كثيرة وتحد من حرية تعامل نظامها المالي مع الأنظمة المالية الأخرى، أو عزلها بالقدر الذي يضمن تفادي المخاطر المرتبطة بالاندماج الكامل في النظام العالمي . يجب علينا أن نتذكر أننا نعمل في دولة الإمارات، في بيئة تخلو من أي قيود على التدفقات النقدية، وتعمل فيها أنظمة دفع بالغة التطور، وتحكمها حزمة من أنظمة منفتحة على الخارج، وفوق ذلك، تتدفق المعلومات في أسواقنا بسرعة عالية، وجزء من هذه المعلومات خاطئ أو مضلل، يسعى النظام المصرفي في دولة الإمارات حاليا إلى توطين التزامات البنوك، أي يقوم بالتخلص من ودائع ما بين البنوك الأجنبية، كما يقوم بإعادة سداد القروض المشتركة، وأدوات الدين متوسطة الأجل، والأوراق التجارية الأوروبية، وذلك في مسعى يهدف إلى خفض مخاطر عدم تجديد هذه الالتزامات في الأوقات غير المناسبةrdquo; .
وفي ختام الجلسة التي حضرها سعيد الحامز المدير التنفيذي الرئيسي لدائرة الرقابة والتفتيش على المصارف، وسيف الشامسي المدير التنفيذي الرئيسي لدائرة الخزانة وعدد من مسوؤلي المصرف المركزي، والعقيد الدكتور عبدالله بن ساحوه مدير عام إدارة الجنسية والإقامة بالشارقة، وأحمد عبدالله المدير التنفيذي لمصرف الشارقة الإسلامي، ومحمد عبدالله بوخاطر نائب رئيس مجلس إدارة منتدى الشارقة للتطوير، ومحمد الشاعر المدير الإقليمي للشارقة والإمارات الشمالية، مصرف الإمارات الإسلامي، شكر حسين المحمودي وأحمد المدفع رئيس مجلس إدارة غرفة التجارة والصناعة بالشارقة المحافظ والفريق المرافق له على وقتهم واهتمامهم بالمشاركة في هذه الفعالية، وقدم المحمودي درعاً تذكارية من منتدى الشارقة للتطوير الى سلطان السويدي .