بوابة بيروت» مشروع خليجي ينفذه بيت أبوظبي بـ 700 مليون دولار
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
نزيهة سعيد من بيروت: قال صندوق النقد الدولي في أبريل (نيسان) الماضي إن الاقتصاد اللبناني يجتاز بنجاح أزمة الائتمان العالمية ويدافع بشكل صحيح عن قيمة عملته، وقال الصندوق في مراجعة اقتصادية دورية "رحب مديرو صندوق النقد بالصمود الجدير بالملاحظة للاقتصاد اللبناني في مواجهة الأزمة المالية العالمية، وأثنوا على السلطات لانضباط سياستها للاقتصاد الكلي وإشرافها الصارم على النظام المالي". وقال الصندوق: "ساند المديرون السياسة النقدية للسلطات والتي تهدف إلى حماية سعر الصرف وتسهيل المضي في زيادة الاحتياطيات الأجنبية"، وأضاف "بالنظر إلى تفاقم المخاطر القريبة الأجل اتفق المديرون على أن الفرصة غير مواتية لخفض أسعار الفائدة في الشهور المقبلة". كما أن مرور الانتخابات النيابية التي عقدت في السابع من يونيو (حزيران) بسلام، ومن دون صدامات أو أحداث أمنية، والتي فازت فيها الموالاة بالأغلبية، والتي كانت طرحت عددا من الخطط للإصلاح السياسي في الحكومة السابقة. فلبنان اليوم وعبر مؤسساته التي تعني بالاقتصاد والاستثمار والخصخصة يسعى لتطوير القطاعات الاقتصادية والتنموية لرفع الناتج الاقتصادي ومستوى دخل الفرد وتوفير الوظائف. وبينت الإحصائيات أن القطاع المالي شهد في عزّ الأزمة المالية العالمية تدفقات مالية من الخارج فاقت قيمتها حتى الساعة الـ 1.5 مليار دولار أميركي (567 مليون دينار)، كما نجح مصرف لبنان في تعزيز محفظته من العملات الصعبة حيث قارب احتياطييه من العملات عتبة الـ 20 مليار دولار أميركي (7.6 مليارات دينار). يقول وزير المالية البناني محمد شطح"المجال مفتوح لتحسين وإصلاح البنى التحتية التي تخدم الحركة الاقتصادية اللبنانية بكل عناصرها كالكهرباء والاتصالات والمواصلات، وهو طموح الحكومة السابقة التي عملت على إصلاح المناخ الإداري والسياسي وسلطة الدولة، والأمل في الحكومة الجديدة لإطلاق عملية الإصلاح واتخاذ القرارات".
الخصخصة تشكل البنية التحتية أهم عناصر رفد الاقتصاد اللبناني، وبهذا يشكل الاستثمار في هذا القطاع أمرا ضروريا ومربحا بالنسبة إلى الدولة والقطاع الخاص، فلبنان يعاني من عدد من العوائق كوفرة الكهرباء، وقطاع الاتصالات، بالإضافة إلى مد شبكات الطرق والجسور والتي ما زالت تستهلك الكثير من ميزانيته. ويعمل المجلس الأعلى للخصخصة التابع لرئاسة مجلس الوزراء اللبناني على تحويل بعض المشروعات العامة كليا أو جزئيا للقطاع الخاص، من خلال شراكة أو تلزيم أو تحويل ملكية. وأكد الأمين العام للمجلس زياد حايك في لقاء خاص بـ"أسواق" أن القطاعات التي يركز عليها المجلس في الوقت الحالي هي الكهرباء والاتصالات، كما يعمل على الطيران المدني والنقل والمرافق والأصول المتعلقة بالمرافق وقطاع النفط والغاز بوتيرة أقل. ويرى حايك أن الإنجاز الذي حققه المجلس منذ تأسيسه 2000 هو رفع مستوى التعاطي والدراسات بعدد من القطاعات، كما عمل المجلس على رفع مستوى التدقيق الاقتصادي، الحسابي والقانوني لعدد من القطاعات، بحيث أصبحت جاهزة لإطلاق عملية الخصخصة في الوقت الذي تعلن فيه الحكومة اللبنانية ذلك.
ورغم أن معدل عمر الحكومات في لبنان منذ تأسيس المجلس لا يتعدى السنة والنصف والمجلس بحاجة إلى مزيد من الوقت لتفعيل خطته للخصخصة، وبهذا الشأن قال حايك: "نتمنى أن تدعم سياسة الحكومة الجديدة المقرر تشكيلها قريبا مبادرات الخصخصة، وهناك تفاؤل على وجه الخصوص في خصخصة قطاع الكهرباء والذي يعتبر من أكبر التحديات والذي له تأثير على الاقتصاد الوطني إنتاجيا، وحياتيا، وسياحيا، واستثماريا". وعن تخصيص قطاع الاتصالات أوضح حايك أن الأمر أخذ وقتا طويلا لعدة اعتبارات منها تقييم الأصول والشركات الذي يأخذ وقتا طويلا، بالإضافة إلى الوقت الذي يأخذه صياغة القانون، وأمل زياد حايك أن يتم خصخصة القطاع بحيث يصبح القطاع العام شريكا، ويعمل القطاعان معا لتحسين تكنولوجيا المعلومات والخدمات المقدمة كالجيلين الثالث والرابع وغيرها مع تخفيض الأسعار، وخلق فرص عمل جديدة، "تكنولوجيا المعلومات والاتصالات تجذب الكثير من رواد الأعمال للعمل فيها، وهذا ما يعني خلق فرص عمل جديدة وتأسيس شركات جديدة، وطرح أسهم جديدة في السوق وفي البورصة مما ينشط الاقتصاد على أكثر من صعيد" والحديث لحايك. وبيّن حايك أن شركة البحرين للاتصالات السلكية واللاسلكية (بتلكو) دخلت إحدى المزايدات منذ فترة، ولكن تم توقيف المشروع، كما أن عددا من المصارف البحرينية عملت على تمويل عدد من المشاريع التنموية في لبنان. وتمنى حايك أن تتبع الدول العربية حذو جمهورية مصر العربية و الاردن في مجال الخصخصة، حيث تم تحويل العديد من القطاعات إلى القطاع الخاص، كالشراكة في إنتاج الطاقة الكهربية، كما أن الخصخصة خلقت فرص عمل كثيرة في الأردن ومصر. جذب الاستثمارات الأوضاع الأمنية والسياسية خلال الأعوام الماضية وعلى رأسها حرب تموز(يوليو) 2006 لم تكن مواتية لجذب استثمارات أجنبية للأراضي اللبنانية، ورغم ذلك تم الإعلان عن أكثر من مشروع خليجي يقام هناك، سواء على المستوى السياحي، أو العقاري أو التجاري.
وفي تقرير نشرته صحيفة الرياض فبراير (شباط) الماضي فإن الاستثمارات السعودية في لبنان بلغت أكثر من 6 مليارات دولار (2.3 مليار دينار) وتركزت في قطاعات الزراعة والعقار خلال العام 2008. كما أكد التقرير أن إقبال السياح الخليجيين بشكل عام، والسعوديين بشكل خاص على لبنان لم يتأثر بأي ظروف اقتصادية أو سياسية، مشيرا إلى أن بيروت كانت وجهة سياحية مفضلة للسعوديين على مدار فصول السنة في الأعوام الأخيرة. ومن أجل تشجيع الاستثمارات الأجنبية في لبنان أنشئت المؤسسة العامة لتشجيع الاستثمارات في لبنان (إيدال) العام 1994، وعملت منذ ذلك الوقت على تشجيع الاستثمارات وتسهيل عمل المستثمرين داخل لبنان، جاء ذلك على لسان المدير العام للمؤسسة نبيل عيتاني . وأضاف عيتاني: "نعمل على جذب الاستثمارات بهدف رفع المستوى الاقتصادي ونسب النمو وخلق فرص عمل جديدة، وذلك من خلال الترويج والتسويق للمنتجات اللبنانية وتشجيع وتسهيل وترويج وتسويق المناخ الاستثماري وجذب رؤوس الأموال، من خلال عدة برامج أهمها "الشباك الواحد" أو النافذة الواحدة لإصدار التراخيص وتوفير الحوافز الضريبية التي قد تصل إلى عشر سنوات". وأشار عيتاني إلى أن الاستثمار في لبنان مشجع لعدة أسباب منها أن نظام الاقتصاد حر، والنظام المصرفي مميز، وحرية تحويل العملات الأجنبية من وإلى لبنان، وعدم وجود أي قيود على الرساميل، فالقانون اللبناني لا يميز بين المستثمرين اللبنانيين والأجانب، بالإضافة إلى عمل المؤسسة على تسهيل تواصل المستثمرين مع المواد الأولية، الأسواق الاستهلاكية، القوى البشرية اللازمة، الموقع الجغرافي. وكان مجلس الأعمال السعودي - اللبناني قد نشر في مطلع العام الحالي إحصائيات حول الاستثمارات الخليجية جاء فيه: "هناك إقبال ملحوظ من قبل المستثمرين السعوديين كما الخليجيين على الاستثمار في القطاعات الاقتصادية اللبنانية وبشكل خاص قطاع العقارات، وبحسب إحصاءات 2008 فقد حلت استثمارات الخليجيين وفي مقدمتهم السعوديون في المرتبة الثانية بعد استثمارات المغتربين اللبنانيين من ذوي الدخل المرتفع في سوق العقارات اللبنانية".
ومن أبرز المشاريع الخليجية التي تنفذ في بيروت اليوم مشروع "بوابة بيروت" الذي ينفذه بيت أبوظبي للاستثمار في وسط بيروت التجاري والذي تبلغ كلفته التقديرية نحو 700 مليون دولار (265 مليون دينار) ومشروع "القرية الفينيقية" الذي تنفذه "ليفانت القابضة" الكويتية وتصل قيمته إلى أكثر من مليار و400 مليون دولار (530 مليون دينار). وفي تقريره السنوي حول الوضع الاقتصادي للعام الماضي، حدد مصرف "عوده" القطاع العقاري اللبناني بالاستثمار أكثر أماناً في لبنان وأكد أن المستثمرين العرب والخليجيين يتطلعون إلى المزيد من الاستثمار في العام 2009 على الرغم من احتمال انخفاض أسعار العقارات وذلك لسبب أساسي هو بقاء الطلب قوياً على العقار وغياب العرض العقاري، مما يجعل آفاق هذا القطاع على الأمدين الطويل والمتوسط إيجابية. وكشف عيتاني عن نسبة الاستثمارات العربية مقارنة بإجمالي الاستثمارات والتي تبلغ 92% تتوزع على القطاع السياحي، والمصرفي وبعض الصناعات، إلا أنها تتركز في القطاع العقاري. وعن تأثيرات الأزمة الاقتصادية العالمية يوضح نبيل عيتاني رئيس "إيدال" أن العام 2008، شهد تراجعا في الاستثمارات مقارنة بـ2007، لتزامن الأزمة الاقتصادية العالمية وتأخر انتخاب الرئيس اللبناني مما حد من توسع المستثمرين وضخ أموالهم في الاقتصاد اللبناني، "فقد لمسنا بعض التأثيرات على مستوى الصناديق الاستثمارية، إلا أن الأمور بدأت بالعودة إلى نطاقها الطبيعي، كما تبين أن السياسة التي اتبعتها المصارف اللبنانية مع الودائع والقروض حكيمة وعادلة منعت من تأثرنا بالأزمة بشكل كبير" والحديث لعيتاني. وصنف عيتاني المستثمرين الذين تسعى المؤسسة لاجتذابهم للبنان، وهم اللبنانيون المغتربون، أبناء الدول العربية والخليج خاصة، كما تستخدم المؤسسة عدة أدوات لتسويق مناخها الاستثماري منها الإعلام والإعلان والعلاقات العامة.
وأكد نبيل عيتاني أن المؤسسة تعمل على توفير المعلومة الدقيقة والمحدثة للمستثمر حول جميع الأمور المتعلقة بالاستثمار بدءا من المعلومات الاجتماعية، وخريجي الجامعات وتوفير الأيدي العاملة والمعلومات النقدية وانتهاء بأسعار العملات وحدود الصادرات. يذكر أن عددا من المراسيم التي صدرت في لبنان حددت القطاعات الأساسية التي تحصل على إعفاءات ضريبية وهي السياحة والتصنيع الغذائي، والصناعة والزراعة، وتكنولوجيا المعلومات والإعلام. ويرى عيتاني أن هناك عددا من القطاعات الواعدة التي من الممكن الاستثمار فيها وهي السياحة الاستشفائية والتكنولوجيا والإعلام وصناعة الأفلام والمجوهرات والمواد الغذائية. يبقى لبنان، أو كما يطلق عليه البعض سويسرا العرب، المصيف الأول في الوطن العربي لانفتاحه ولمجالات الترفية الواسعة فيه، بالإضافة إلى كونه مركزا ماليا عريقا في المنطقة، ومجالات الاستثمار فيه واسعة رغم أوضاعه السياسية التي لا تفتأ أن تعود من جديد إلى الحدة والخطورة ما يجعل رأس المال يهرب من جديد.