جي- 20 تلتئم والأنظار تترقب بزوغ شمس التعافي
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
واشنطن: يجتمع زعماء أقوى اقتصادات العالم من الدول المتقدمة والنامية في مدينة بيتسبرغ الاميركيَّة يومي 24 و25 أيلول (سبتمبر) الجاري، في قمَّة دوليَّة كبرى لمجموعة العشرين، بهدف مراجعة أحوال الاقتصاد العالمي الهش وبحث مجالات العمل المشترك لإعادة تحريك عجلة النمو الاقتصادي العالمي.
وتشكّل البلدان العشرون الأعضاء في مجموعة جي- 20 ما بين 85 إلى 90 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي العالمي، وهو مؤشّر تقريبي لقياس نشاط العالم الاقتصادي وثروته. كما تمثل مجموعة العشرين حوالى ثلثي سكان العالم، ما يجعل القرارات الصادرة عن المنظمّة ذات أثر بالغ على الاقتصاد العالمي.
وفيما يسعى المجتمع الدولي الى العثور على افضل صيغة للتشاور حول القضايا الاقتصادية الكبرى، نجحت مجموعة العشرين في انتزاع مكانة لها بين مجموعة السبع ومجموعة الـ14. ويعتقد منظّمون أنَّ مجموعة السبع التي اسست في العام 1999 للرد على الأزمة الماليَّة الآسيويَّة والتي تضمّ البلدان الصناعيَّة الغربيَّة أساسًا لم تعد منبرًا وافيا لبحث القضايا العالميَّة المهمة، في عالم يشهد صعودًا متسارعًا للهند والصين وتحوّلا للدول الخليجيَّة إلى مستثمر كبير، بينما تغذّي البلدان الآسيوية المصدرة الاستهلاك العالميّ.
وقد دعت مجموعة البلدان السبع التي تضم الولايات المتحدة واليابان وكندا وايطاليا وفرنسا وبريطانيا والمانيا ثلاثة عشر بلدا آخر بينها الهند والصين للانضمام الى منبرها العالمي الذي يعمل على تفادي الأزمات والرد السريع عليها حين تنشأ.
وتعتبر المملكة العربيَّة السعوديَّة البلد العربي الوحيد في مجموعة العشرين. ولن يحضر العاهل السعودي الملك عبد الله
الذي شارك في اجتماعي مجموعة العشرين الأخيرين في واشنطن ولندن،
لن يحضر لقاء بيتسبرغ. وبالإضافة الى المملكة العربيَّة السعوديَّة، وهي البلد العربي الوحيد في مجموعة العشرين، تضمّ المجموعة أيضًا بلدين مسلمين هما إندونيسيا وتركيا.
وخلال اجتماع جي - 20 الأخير في لندن في نيسان (ابريل) الماضي،
انقشعت نذر العاصفة التي لاحت في أفق الاقتصاد العالمي وبزغ شعاع ضوء مكانها، لكن الشمس لم تشرق بعد على الاقتصاد العالمي.
وفي خطوة بالغة الأهميَّة، التزمت الدول الاعضاء في مجموعة العشرين ببرامج انفاق تحفيزية ضخمة لاستنهاض اقتصاداتها من جديد. واعتبرت الخطوة مهمَّة لانَّها جاءت لتعالج عجزًا ماليّا تعاني منه كافة البلدان الأعضاء في مجموعة العشرين باستثناء المملكة العربيَّة السعوديَّة التي حققت فائضًا في ميزانيتها. كما شرعت المملكة في تنفيذ ثاني أكبر برنامج من الانفاق التحفيزي يشكل نسبة من اقتصادها الوطني قدرها 3.5 في المئة من اجمال ناتجها المحلي. برنامج كوريا الجنوبية التحفيزي وحده الذي يفوقه حجما.
وفي سلسلة من المقابلات التلفزيونية في الولايات المتحدة، سلّط الرئيس الأميركي باراك اوباما الضوء على واحدة من أكبر المشاكل التي تواجه الاقتصاد العالمي، عندما لاحظ ان المستهلك الاميركي ظل فترة طويلة يحمل عبء الاقتصاد العالمي على عاتقه. وحث أوباما الصين وغيرها من دول مجموعة العشرين على تقديم حوافز لتشجيع زيادة الاستهلاك في بلدانها.
وينفق الأميركيون حاليا أكثر مما تسمح قدراتهم المالية وذلك عن طريق الاقتراض على البطاقة الائتمانية لشراء بضائع استهلاكية والحصول على سلف عقارية لشراء بيوت. وعندما ضربت الأزمة أميركا عمد المستهلك الاميركي الى خفض انفاقه فهبطت المبيعات العقارية، الامر الذي أسفر عن تباطؤ النمو العالمي لأن المستهلكين الاميركيين كانوا يبتاعون البضائع من بلدان أخرى، لا سيما من الصين.
ولكن كيف تصمد اميركا في وضع تنفق فيه الكثير ولا تتدخر إلا القليل؟ الجواب هو سندات الخزانة الاميركية. وتشتري بانتظام مصارف مركزية في عدة بلدان من الصين الى الهند ومن اليابان الى اوروبا والمملكة العربية السعودية سندات الخزانة الاميركية في اطار محفظة مدخراتها. وتساعد المشتريات في تمويل عجز اميركا وتنسج شبكة محكمة من العلاقات بين الولايات المتحدة والبلدان التي تشتري سنداتها.
وقد أبدت الصين بعض القلق بشأن سلامة البعض مما لديها من سندات قيمتها 800 مليار دولار، لكنها لم تبدِ ما يشير الى انها أخذت تقلل مشترياتها من هذه السندات.
السؤال الذي يدور في أذهان الكثيرين: هل يمكن للاقتصادات الناشئة ان تساعد النمو العالمي بزيادة استهلاكها؟
بلغ الانفاق الاستهلاكي في البرازيل وروسيا والهند والصين 2.5 ترليون دولار في العام الماضي، طبقا لحسابات راشيل زيمبا في مؤسسة روبيني غلوبال ايكونوميكس Roubini Global Economics. ويشكّل المبلغ أكثر بقليل من ربع ما تستهلكه أميركا.
تسربت الى هيئة الاذاعة البريطانية "بي بي سي" وثيقة من مجموعة العشرين قبل التئامها، تسعى الى معالجة مواطن الخلل هذه في الاقتصاد العالمي. وتقترح الوثيقة ان بلدانا غنية مستدينة مثل بريطانيا والولايات المتحدة ينبغي ان تزيد مدخراتها في حين ان بلدانا حذرة وذات توجه نحو الادخار مثل المانيا والصين ينبغي ان تزيد إنفاقها.
وقبيل اجتماع مجموعة العشرين، قال اوباما خلال مقابلة بثتها شبكة "سي ان ان" يوم الأحد "اننا لا يمكن ان نعود الى حقبة يكتفي فيها الصينيون أو الالمان أو بلدان أخرى ببيع كل شيء الينا، فنكدس الديون على البطاقات الائتمانية أو القروض العقارية لكننا لا نبيعهم شيئا في المقابل".
ولكن العجز الاميركي بلغ في عهد ادارة اوباما ذرى جديدة بانفاق مليارات الدولارات على تثبيت النظام المصرفي الاميركي وتحفيز الاقتصاد. ويقول مسؤولون في ادارة اوباما ان هذه كانت اثمانا لا بد منها لإعادة بناء الاقتصاد.
في هذه الاثناء أدى نمو الصين الدراماتيكي الى اصابتها بنوبة كبيرة من شراء المواد الأولية من افريقيا والعالم النامي محفزة على نشوء جيوب نمو جديدة. وفي حين كان المستهلك الاميركي يدفع عجلة النمو العالمي بزيادة الطلب كانت شركات قطاع الدولة الصينية تقوم بالمهمة نفسها.
في نهاية المطاف ستكون الصين والولايات المتحدة الاقتصادين الحاسمين اللذين ينبغي مراقبتهما للبحث عن بوادر تحسن في الاقتصاد العالمي، الأمر الذي يدفع بعض المراقبين الى القول إنَّ "مجموعة الاثنين" قد تفوق بالأهميَّة مجموعة العشرين!