برج دبي.. تاريخ يعانق سماء الإمارة

أعلن حاكم دبي افتتاح برج دبي رسمياً مطلقاً عليه اسم "برج خليفة"، معتبراً أن البرج هدية إلى البشرية جمعاء، وأن الإمارات رسمت الليلة نقطة ضوء جديدة على خارطة العالم. وكانت دبي أعلنت في يناير 2004، أعلنت دبي عن برجها العملاق، ووعدت العالم بأنه سيكون صرحاً عمرانياً لا مثيل له. واليوم، وبعد مرور ست سنوات، تحول هذا الوعد إلى واقع حقيقي. وخلال فترة وجيزة، سيصبح "برج دبي" مجتمعاً حيوياً يضج بالآلاف من المقيمين والموظفين ونزلاء الفنادق والسياح، حيث سيحتضن هذا الصرح ما يصل إلى 12 ألف شخص ممن سيتوافدون للعيش أو العمل أو الترفيه في أطول ناطحة سحاب في العالم.

الرياض - إيلاف: يشكل "برج دبي" عماد مشروع "وسط برج دبي" الضخم، الذي يمتد على مساحة 500 فدان، ويعرف على نطاق واسع بأنه أرقى كيلومتر مربع على سطح الأرض. ويمثل "برج دبي" بكل تفاصيله صرحاً هو الأول من نوعه في العالم، حيث تخطى بتصميمه آفاق الهندسة المعمارية في العالم.

وقد انطلقت أعمال الحفر في برج دبي خلال فترة وجيزة من إطلاقه، حيث باشر أكثر من 60 مقاولاً ومستشاراً من مختلف أنحاء العالم، العمل في الموقع يداً بيد في تحالف لم يسبق له مثيل. وعندما وصلت أعمال البناء إلى ذروتها، كان موقع البرج يضم يومياً ما يزيد على 12 ألف عامل، يمثلون أكثر من 100 جنسية، وبشكل إجمالي، استغرق تشييد "برج دبي" 22 مليون ساعة عمل.

وأوضح محمد علي العبار، رئيس مجلس إدارة شركة "إعمار العقارية"، أن برج دبي يشكل نموذجاً رائعاً لتعاون عالمي حقيقي، وقال "يمثل برج دبي ما يمكن تحقيقه، عندما يتحد أناس من مختلف أنحاء العالم من أجل تحقيق هدف مشترك".

أساسات متينة
تم دعم الهيكل الأساسي لـ"برج دبي"، الذي يشمخ على ارتفاع أكثر من 800 متر (2625 قدماً)، بقاعدة إسمنتية كبيرة مدعومة بدورها بركائز إسمنتية قوية. وجرى استخدام أكثر من 45 ألف متر مكعب (1.59 مليون قدم مكعبة) من الأسمنت، يصل وزنها إلى أكثر من 110 آلاف طن، مع 192 ركيزة تم وضعها على عمق أكثر من 50 متر (164 قدماً).

تصميم من وحي الطبيعة
بوشر العمل في الهيكل الفوقي لبرج دبي في مارس 2005، بعدما استغرق إنجاز الأساسات أكثر من 12 شهراً. وقد استلهم "برج دبي" تصميمه من زهرة الصحراء "هايمنوكاليس". وبدأ العمل في هيكل برج دبي بعد اختبارات واسعة لقنوات الرياح رافقها تحليل لآثار الزلازل. وتتيح اختبارات قنوات الرياح للبرج مقاومة تأثيرات الرياح حول البرج، إضافة إلى تغيرات الضغط الجوي بين قاعدة البرج وقمته. أما المادة الأساسية التي تم استخدامها في بناء برج دبي هي الأسمنت المسلح، التي تم تصميمها بشكل خاص لتقاوم الضغط الكبير المتوقع لأطول مبنى في العالم.

بشكل إجمالي، فقد حطم برج دبي رقماً قياسياً في كمية الأسمنت المستخدمة، والتي وصلت إلى 330 ألف متر مكعب (11.6 مليون قدم مكعبة)؛ إضافة إلى 39 ألف طن متري من الفولاذ الصلب؛ و103 متر مربع (1.1 مليون قدم مربعة) من الزجاج المزدوج؛ و15500 متر مربع (166800 قدم مربعة) من فولاذ الستانلس ستيل المقاوم للصدأ.

الصعود نحو الأعالي
انطلق برج دبي صعوداً بسرعة ملفتة، حيث تم إنجاز بناء أول 100 طبقة خلال 1093 يوم فقط منذ انطلاق أعمال الحفر. واستمرات الأعمال الإنشائية عبر إنجاز طبقة جديدة كل ثلاثة أيام، وصولاً إلى الطبقات العليا. وفي نوفمبر 2007، تم ضخ الأسمنت المسلح إلى ارتفاع 601 متر (1978 قدم)، ليحطم "برج دبي" بذلك الرقم القياسي السابق الذي كان مسجلاً باسم "برج تايبيه 101"، ووصل ضغط الكتلة الأسمنتية خلال عملية الضخ إلى ما يقارب الـ200 بار.

الإكساء الخارجي
بدأت أعمال الإكساءات الخارجية في مايو 2007، وتم الانتهاء منها في سبتمبر 2009، بمشاركة نحو 400 مهندس وخبير تقني. وفي المرحلة الأولى، كان يجري تركيب 20 إلى 30 لوح في اليوم، ولتصل في المراحل الأخيرة إلى نحو 175 لوحاً يومياً. كما سجل "برج دبي" رقماً قياسياً لأعلى ألواح الألمنيوم والزجاج، التي يتم تركيبها ضمن أي مبنى في العالم، وذلك على ارتفاع 512 متراً.

وبلغ عدد ألواح الإكساء المستخدمة في الواجهة الخارجية لـ"برج دبي" 24.348 لوحاً بمساحة تصل إلى 132.190 متر مربع، وتتميز هذه الألواح بكونها مصممة للحد من انبعاث الحرارة وخفض استهلاك الطاقة. كما تمثل السارية التلسكوبية تتويجاً لقمة "برج دبي"، وتتألف من أكثر من 4 آلاف طن من الفولاذ الهيكلي. وتعتبر السارية جزءاً رئيساً من التصميم العام للبرج، وتضم أيضاً العديد من معدات الاتصالات.

مجمتع متكامل
يبلغ إجمالي المساحة المبنية في "برج دبي"، نحو 6 ملايين قدم مربعة، ويضم نحو مليوني قدم مربعة من المساحات المخصصة للوحدات السكنية، وأكثر من 300 ألف قدم مربعة من المكاتب الفاخرة، إضافة إلى احتضانه لـ"فندق أرماني دبي" و"أرماني للشقق الفندقية". ويزدان برج دبي ومنطقة "إعمار بوليفارد" المحيطة به بالكثير من المنحوتات والمجسمات التي قام بتصميمها نخبة من أبرز الفنانين من الشرق الأوسط والعالم.

إضافة إلى ذلك، يضم "برج دبي" 57 مصعداً و8 سلالم متحركة، وكلها في خدمة المقيمين في البرج من سكان وموظفين وزوار. كما يضم البرج أيضاً 4 أحواض للسباحة ونادي السيجار وردهة اجتماعية خاصة للسكان ومرافق للياقة البدنية ومطعم "أتموسفير" الفاخر. وتوفر منصة المراقبة "قمة البرج، برج دبي" الكائنة في الطبقة 124، إطلالات رائعة على مدينة دبي بزاوية 360 درجة، وهي مفتوحة للجميع.

كما يضم مجمع البرج مبنى المكاتب الملحق المؤلف من 12 طبقة؛ و"النادي"، مركز اللياقة البدنية المؤلف من 4 طبقات؛ و"أرماني بافيليون"، الوجهة الترفيهية الخارجية التي تطل على بحيرة برج دبي و"دبي فاونتن"، أطول النوافير الاستعراضية في العالم.

قلباً وقالباً
إن أسطورة برج دبي لها قصتها الخاصة التي تنبعث من روح هذه الأيقونة العالمية الجديدة في عالم الهندسة المعمارية. وسيتمكن زوار منصة المراقبة "قمة البرج، برج دبي" من قراءة أسطورة دبي حالما يصلون إلى منطقة "من الأرض إلى السماء".

وتوضح مقدمة هذه الأسطورة أن برج دبي هو مفخرة للعالم، حيث يشمخ عالياً متجاوزاً كل التوقعات؛ لقد نهض هذا البرج من قلب الصحراء، مانحاً هذه المدينة إنجازاً جديداً يضاف إلى سجل أمجادها. فهو تجسيد حي لتحالف قوى الهندسة والفن، وهو ما يتجلى في كل تفاصيله التي بنيت بعناية وإتقان لا مثيل لهما. إنه القلب الجديد للمدينة وأهلها، ورمز لطموحات إعمار وأحلام دبي اللامتناهية، وهو أيضاً مصدر وحي للأجيال المقبلة. وتتيح منطقة "من الأرض إلى السماء" رؤية الطبقة 124 وقمة برج دبي، من زاوية عمودية قريبة.

وتولى تصميم "برج دبي" شركة "سكيدمور أوينجز وميريل" التي تتخذ من شيكاغو في الولايات المتحدة الأميركية مقراً لها، في حين تولى تنفيذ الأعمال الإنشائية شركة "سامسونغ" من كوريا الجنوبية، وتتولى شركة "تيرنر كونستركشن إنترناشيونال"، التي تتخذ من نيويورك مقراً لها، إدارة المشروع والإعمال الإنشائية فيه. وتم تطوير "برج دبي" باعتماد أفضل الحلول والأنظمة الهندسية والإنشائية وباستخدام أفضل المواد والمعدات ذات الجودة العالمية.

وطورت شركة إعمار -برج دبي- أطول مبنى وهيكل قائم بذاته في العالم. كما افتتحت "دبي مول"، أحد أهم وأكبر وجهات التسوق والترفيه في العالم. وتقوم الشركة أيضاً في المملكة العربية السعودية بتطوير مشروع "مدينة الملك عبدالله الاقتصادية"، أكبر مشاريع القطاع الخاص في المنطقة، والذي يتألف من ست مناطق هي الميناء البحري وحي الأعمال المركزي والوادي الصناعي والمنطقة التعليمية والأحياء السكنية والمنتجعات.

كما تحالفت الشركة أيضاً مع "جورجيو أرماني" لتعزيز حضورها في قطاع الضيافة. وقامت الشركة أيضاً بافتتاح مؤسسات تعليمية ومراكز صحية في جنوب آسيا والشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشبة القارة الهندية. وتملك إعمار 30% من أسهم بنك دبي وحصة غالبية في أسهم شركة أملاك للتمويل العقاري، الشركة الأولى المتخصصة في خدمات التمويل العقارية الإسلامية في الإمارات.