الشركات العقارية في مصر يمكنها التربّح باستهداف الطبقة المتوسطة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
القاهرة: العدد الكبير من الشباب المصري الذي يواجه ضغوطاً ثقافية لامتلاك منزل قبل الإقدام على الزواج هو الهدف الواضح لشركات التنمية العقارية التي تسعى للمضي قدماً بعد الطفرة العقارية بين عامي 2004 و2008، والتي استهدفت الشريحة الأعلى من السوق.
كما قد تكون الطبقة الوسطى المتنامية، في أكبر دولة عربية من حيث عدد السكان، مخرجاً لشركات التنمية العقارية الإقليمية، عقب تهاوي القطاع في دبي. لكن الوضع في مصر له صعوباته الخاصة، وليس أقلها صغر حجم سوق القروض العقارية، التي يعوقها ارتفاع أسعار الفائدة والإجراءات المعقدة لتسجيل العقارات.
ويقول رجال أعمال ومحللون إن الدولة، التي تحرص على تشجيع القطاع الخاص لبناء مزيد من المنازل للسكان، البالغ عددهم 78 مليون نسمة، تحاول حل تلك المشاكل، وإن شركات التنمية العقارية بدأت في الآونة الأخيرة بناء منازل منخفضة الأسعار.
وقالت إيمان إسماعيل، رئيسة الشركة المصرية لإعادة التمويل العقاري، التي تقرض شركات التنمية العقارية وتراقب سوق العقارات في مصر، "إنها العوامل الاقتصادية والمنطق. فـ 90 % من السكان في مصر دخولهم متوسطة أو منخفضة".
ومن شأن بناء مزيد من المنازل للطبقة الوسطى أن يرفع الطلب بشكل كبير على الشركات العقارية، ويقلل حجم الإنشاءات التي لا تسجل، ويسهل الزواج بالنسبة إلى المصريين، وكل هذا مع تحقيق هامش ربح للشركات. وما لم تستطع الشركات القيام بذلك، فقد تتضرر إيراداتها.
وتجاهلت معظم الشركات هذه الطبقة من السكّان، خلال الطفرة العقارية في الفترة الأخيرة، بإطلاقها مشروعات بهوامش أرباح عالية للمشترين الأثرياء، الذين يتطلعون لمغادرة الأحياء المزدحمة في وسط القاهرة. وربحت معظم الشركات من وراء ذلك، لكن عدداً قليلاً فقط من المصريين هو الذي استطاع دفع ثمن تلك المنازل، التي وصل سعر بعضها إلى أكثر من 1.5 مليون جنيه مصري (273 ألف دولار). ويقول محللون إن شركات الإنشاءات ستحتاج للتحول إلى الإسكان الرخيص، مع تسليم كمية وافرة من الوحدات الفاخرة في 2011.
والحقيقة أن كثيراً من شركات التنمية العقارية المدرجة بدأت تبني وحدات أصغر، وتجرب بناء مساكن اقتصادية، وتستثمر في مسطحات فندقية وإدارية، بعد إشباع الطلب على المنازل الفاخرة. وبالاستناد إلى بيانات رسمية والطلب على التمويل العقاري، يتوقّع بنك الاستثمار نعيم أنه بمتوسط سعر يبلغ 570 ألف جنيه، سيشتري المصريون نحو 28 ألفاً و200 منزل سنوياً، وهو عدد أكبر بكثير مما تبنيه الشركات العقارية الخاصة في الوقت الحالي.
وأضاف نعيم أن الطلب السنوي على الوحدات، التي يبلغ متوسط سعرها 171 ألفاً و500 جنيه، يبلغ أكثر من مثلي ذلك. لكن البيع في هذا النطاق ليس سهلاً دائماً. والأهم من ذلك أن القروض العقارية لاتزال نادرة في الاقتصاد المصري، الذي يعتمد على النقد. وبدون المزيد منها، ستبقى القدرة على الشراء عقبة رئيسة في طريق مشتري المنازل من الطبقة الوسطى.
وساهم إجمالي القروض العقارية بأقل من نصف بالمئة في الناتج المحلي الإجمالي في مصر، بالمقارنة مع 14 % من الناتج المحلي الإجمالي في المغرب، وأكثر من 80 % في بريطانيا في 2008. وحتى يزيد هذا الرقم، يجب خفض أسعار الفائدة على القروض العقارية في مصر، والتي تدور عادة بين 13 و14 %، مقارنة مع 9.75 % لسعر فائدة الإقراض لليلة واحدة، الذي يحدده البنك المركزي.
وبحسب تقديرات بنك اتش.سي الاستثماري، فإنه عند سعر فائدة يبلغ 12 %، سينفق المشتري، الذي ينتمي إلى الطبقة الوسطى في مصر - والذي يعرف بأن دخله يبلغ 90 ألف جنيه سنوياً، ويسعى إلى شراء منزل قيمته 350 ألف جنيه - نصف دخله على سداد أقساط القرض. وقال محللون إن المدفوعات ينبغي أن تتراجع إلى ما لا يتجاوز 40 % من دخل المشترين من الطبقة الوسطى، كي يمكنهم سدادها.
ورأى أنكور خيتاوات، المحلل لدى اتش.سي، أن "سعر فائدة يبلغ 14 % ليس عملياً لإنماء القروض العقارية، حتى إذا كان دخلك يزيد بالنسبة نفسها، وهو ما لا يحدث في مصر. وينبغي أن يهبط إلى ما دون الـ 10 %". كما تحتاج مصر أيضاً التصدي للبيروقراطية. فالشركات العقارية تواجه في العادة صعوبة في تأمين حق بيع العقار، في حالة عجز المقترض عن السداد، بسبب صعوبة أو استحالة تسجيل الكثير من الوحدات.
وبالنسبة إلى البعض، تمثل أسعار الأراضي عائقاً آخر. ويقول محللون إن شركات، مثل إعمار العقارية، دفعت أسعاراً مبالغاً فيها للأراضي، التي تبني عليها مشروعاتها، لتجعل مشاريع إسكان متوسطي ومحدودي الدخل جذابة. ومما يثير غضب شركات أخرى أن البيع إلى عملاء من شريحة أقل ثراء.. من شأنه أن يضرّ بسمعتها التي بنتها بعناية، أو يدفع العملاء الذين ينتظرون استلام وحداتهم إلى إلغاء تعاقداتهم، سعياً إلى الحصول على عروض أفضل.
لكن من المتوقع أن تستفيد بعض الشركات. فمن المتوقع أن تسير مجموعة طلعت مصطفى، أكبر شركة للتنمية العقارية مدرجة في مصر، بشكل جيد، بفضل تعرضها الجيد للطبقة الوسطى، وبخاصة الشريحة العليا منها، وامتلاكها أراضي شاسعة قرب القاهرة، ونظم تمويل داخلي متقدمة.
وأكّدت دانية درويش، المحللة في المجموعة المالية-هيرميس، أن "مجموعة طلعت مصطفى هي الشركة الأفضل تنويعاً من حيث الإيرادات حالياً"، مشيرة إلى استثمارات الشركة في قطاع الفنادق. وأضافت "المجموعة لها ميزانية قوية، ويمكنها مواصلة بناء مشروعاتها خلال خمس سنوات أو نحو ذلك". ويشتري المصريون عادة المنازل الجديدة في مرحلة الإنشاء، وليس بعدما تبنى بالفعل.
وبدأت شركتا بالم هيلز والسادس من أكتوبر للتنمية والاستثمار، اللتان تركزان على العقارات الفاخرة، بناء وحدات أصغر بأسعار أقل. كما بدأت شركات أخرى بناء منازل أرخص. وأطلقت أوراسكوم القابضة للتنمية، ومقرها سويسرا، والتي اشتهرت بمنتجعاتها الفاخرة، مشروعاً للإسكان الاقتصادي قرب القاهرة، يشمل 50 ألف وحدة سكنية.
وتعمل أوراسكوم وغيرها من الشركات، مثل مدينة نصر للإسكان والتعمير، في إطار برنامج حكومي، يبيع الأراضي إلى شركات التنمية العقارية بسعر رخيص لبناء منازل اقتصادية. لكن مثل تلك المشروعات ذات الهامش المنخفض تتطلب نوعاً من الخبرة الفنية، تفتقدها معظم الشركات في مصر، ومن المرجح ألا تمثل سوى نسبة صغيرة من إيرادات تلك الشركات في المستقبل القريب.
وقال هشام أكرم الرئيس التنفيذي لشركة مدينة نصر للإسكان والتعمير "إنها سوق رائعة، لكنها تحمل مشاكلها الخاصة. فـ(بناء منازل منخفضة التكلفة) أشبه بالتصنيع".