اقتصاد

فقدان القدرة على التعبئة والاحتجاج أضاع حقوق العمال في المغرب

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

قبل نصف قرن كان المغرب على موعد مع ميلاد نقابة تأسست من قبل اليد العاملة التي جلبها المستعمر الفرنسي سنة 1930، والتي كان الإنتماء إليها مقتصراً على العمال الفرنسيين فقط. وفيما كانت المملكة تستعد لنيل استقلالها، جرى، في 20 مارس من سنة 1955، تأسيس أول مركزية نقابية مغربية (الإتحاد المغربي للشغل) تحت إشراف الجناح اليساري لحزب الإستقلال. ومنذ ذلك التاريخ إلى حدود اليوم ما زال المحجوب بن الصديق يتربع على عرش أول نقابة أسست في المغرب.

الدار البيضاء: لم يسلم المشهد النقابي في المغرب من الانقسامات والتشثث، ما أضعف قوى تلك النقابات، وبدأ الوهن يذب في أوصالها. وتعضّ القوى العاملة حالياً أصابعها ندماً وتحسراً على فترات الستينات والتسعينات، التي كانت تلعب فيها النقابات دوراً محورياً وفعالاً في الدفاع عن مطالبهم. وفتح التراجع الباب إلى تفجر احتجاجات عشوائية، بسبب فقد المغاربة الثقة في التنظيمات النقابية، خاصة مع توالي الزيادات الصاروخية في الأسعار، كما حدث في مدينة صفرو.

الدور التاريخي للنقابات، التي كانت في الماضي في عزّ قوتها، عندما كانت تهيمن عليها أحزاب سياسية تميزت بشدة معارضتها في تلك الفترة وقوة خطابها، يرقد حالياً في "غرفة الإنعاش"، بعدما فقد ميزة التواصل والتعبئة، وهو ما جعل الجيل الجديد إلى يبتكر أساليب جديدة في الاحتجاج، وتنظيم مسيرات ووقفات، قد تكون في بعض الأحيان عشوائية. وقال عبد القادر أزريع، فاعل ومختص في المجال النقابي والاجتماعي، "من المؤكد أنه يوجد هناك تراجع، وهو امتداد للتراجع المسجل على مستوى المؤسسات التأطيرية"، مضيفاً أن "أزمة النقابات هي أزمة مجتمع. فالمؤسسات التأطيرية لم تستطع تجديد السؤال التأطيري، وآلية وشكل الحركات الاحتجاجية، على عكس عدد من الدول، خاصة في أميركا اللاتينية".

وأشار عبد القادر أزريع، في تصريح لـ "إيلاف"، إلى أن من مميزات الحركة النقابية في المغرب أن كل القيادات المؤسسة ما زالت متشبثة بكراسيها، إذ إن المحجوب بنصديق ما زال مستمراً في قيادة الاتحاد المغربي للشغل، وهو ما ينطبق أيضاً على نوبير الأموي، الذي يقود حالياً الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، في حين أن عبد الرزاق أفيلال أزيح من قيادة الاتحاد العام للشغالين في المغرب بانقلاب، ولو لم تجر إزاحته، لظل متمسكاً بهذا الكرسي.

وأضاف المختص في المجال النقابي "نحن الآن نواجه سؤال الوجود، ما يفرض على النقابات أن تنفتح على الحركات الاجتماعية الجديدة، إلى جانب الانخراط في المنتديات الاجتماعية، من أجل استرداد العلاقة مع القوات الشعبية". من جهته، قال عبد الرحمن العزوزي، الكاتب العام للفيدرالية الديمقراطية للشغل، "هذه نظرة تشاؤمية. فعلاً هناك تراجع، لكن هذا ليس حكراً على المغرب، فهذه الوضعية تعيشها مختلف النقابات في دول العالم كافة"، مشيراً إلى أن "هذه المسألة عامة".

وذكر عبد الرحمن العزوزي، في تصريح لـ "إيلاف"، "نحن حالياً في المغرب نشعر بالعكس، إذ إنه بدأت تسجل انتعاشة أخرى في العمل النقابي"، مبرزاً أن "الحق النقابي موجود حالياً، كما إننا نجري سنوياً جسلتي حوار مع الحكومة، كما إن النضالات ما زالت مستمرة".وأضاف الكاتب العام للفيدرالية الديمقراطية للشغل "أعتقد أن هذا الشعور غير صحيح، والعمل النقابي ليس في غرفة الإنعاش. ففي سنة 2008 تمكنا من تحقيق عدد من المكتسبات للموظفين والعمال، لا يمكن لأحد أن ينكرها، رغم أنها ليست في المستوى المطلوب، لكنها تبقى إيجابية".

وبلغ عدد النزاعات الجماعية المصحوبة بإضرابات، سنة 2007، 182 نزاعاً جماعياً، تحولت إلى إضرابات، وهو ما يشكل نسبة 21.71 %، من مجموع نزاعات الشغل، وأكدت وثيقة رسمية أن هذه النزاعات مسّت 147 مؤسسة، وبلغ العدد الإجمالي للعمال 35 ألف و730 أجيراً، فيما وصل عدد العمال المضربين إلى 13 ألف و988 أجيراً، أي بنسبة مشاركة 14.39 %، في حين بلغ عدد أيام العمل الضائعة حوالي 77 ألف و277 يوم عمل.

وأكدت أن الإضرابات، التي دعت إليها المركزيات النقابية، تشكل نسبة 84.61 %، بما مجموعه 154 إضراباً، يأتي القطاع الفلاحي في مقدمة القطاعات المضربة، بتسجيل 39 إضراباً، بنسبة 21.42 %، متبوعاً بقطاع النسيج والألبسة والجلد، الذي شهد 21 إضراباً، بنسبة 11.53 %، ثم الصناعة الغذائية، بتسجيل 25 إضراباً، بنسبة 13.73 %.

وخلال الأشهر التسعة الأولى من العام الماضي، تمكنت أعوان تفتيش الشغل من تفادي خوض 466 إضراباً بـ`392 مؤسسة، تشغل ما مجموعه 55 ألف و966 أجيراً. ومكنت هذه الجهود، حسب ما أكده وزيرالتشغيل جمال أغماني أمام البرلمان، من ربح 55 ألف و966 يوم عمل، أي بمعدل يوم واحد لكل أجير. ولوحظ انخفاض على مستوى الإضرابات، التي جرى خوضها بنسبة 7.43 % خلال الأشهر التسعة الأولى من السنة الماضية، مقارنة مع الفترة نفسها من السنة ما قبل الماضية.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف