قادة العالم يواصلون هجومهم على المصرفيين في دافوس
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
إعداد أشرف أبوجلالة، وكالات: تخيّم على أجواء المنتدى الإقتصادي العالمي في دافوس أجواء من السيناريوهات المحتملة لمصير الأزمة المالية والإقتصادية العالمية، لاسيما بعد هجوم الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الحاد على الرأسمالية والعولمة. وفي الإطار نفسه، وجّهت رئيسة مجلس الحكم الاتحادي السويسري دوريس لويتهارد انتقادات للأقوال التي لا تتبعها الأفعال وعدم تطبيق ما يتم الاتفاق عليه، ليتفق الرئيسان في الهجوم على رجال البنوك الذين يتشبثون بمكافآت ورواتب ضخمة.
المشكلة كما يراها المحللون هي أن الاقتصاد يحتاج البنوك لتمويل المشروعات والمعاملات التجارية، وبالتالي لا يمكنهم مناصبتهم العداء، بينما يصر رجال البنوك على حرية مطلقة في تعاملاتهم من دون قيود على حركة السيولة النقدية أو تحديد نسب المخاطر بالمقارنة مع رأس مال المؤسسة المالية. في حين يرى الساسة والأكاديميون أن استمرار عمل المؤسسات المالية، كما كان الأمر عليه قبل الأزمة، هو أمر غير ممكن، بل مستحيل، لأن تلك الاستراتيجية هي التي أدت إلى الأزمة المالية وما أعقبها من ركود اقتصادي.
وفي مثل تلك الحالة من عدم التوافق، فإن عدم الاستقرار الاقتصادي يؤدي إلى توتر سياسي وعدم توازن في اتخاذ القرارات، لتفقد معادلة العلاقة المتكافئة بين السياسة والاقتصاد مرحلة من الخلل التي يحاول فيها الطرفان البحث عن مقومات جديدة لإعادة ترتيب الأوراق مجدداً، ولكن وفق قواعد مختلفة عما كان سائداً، وهو ما لا يرغب رجال البنوك في سماعه. في المقابل، لا يمكن للحكومات وفق قواعد الإقتصاد الحر أن تواصل دعمها للمؤسسات الصناعة والاقتصادية، حيث سيؤدي هذا إلى مزيد من الدين العام ما يرسي دعائم أزمة جديدة من ديون هائلة ستؤدي حتماً إلى زيادة معدلات التضخم.
وقال أستاذ الاقتصاد في جامعة هارفارد الأميركية البروفسور كين روغوف "إن الأزمات المالية الحادة تنشأ عادة من تفاقم الدين العام"، وشرح تلك العلاقة بأنها "نتيجة حرص الحكومات على تمويل المؤسسات الإقتصادية كحل آني للحيلولة دون انهيارها.
وهذا الأمر يبدو واقعياً على المدى القصير، لكن الدول التي تلجأ إلى تلك الطريقة ليست مستعدة لمواصلة هذا الدور، إذا ما كانت الأزمة عميقة، ولذا يتوقع رغوف تدخل صندوق النقد الدولي لإنقاذ بعض الدول الأوروبية.
في المقابل، يشير النائب الديمقراطي الأميركي بارني فرانك إلى ضرورة ترشيد الإنفاق وتقليل ميزانيات الإنفاق العسكري وأبحاث الفضاء والدعم الحكومي في بعض المجالات، بل ذهبت بعض الأصوات إلى مطالبة الدول الصناعية الكبرى المتضررة من الأزمة
بضرورة تطبيق الأسلوب نفسه الذي كانت تفرضه على الدول النامية والأكثر فقراً. وتبحث الأجواء السائدة في أروقة المنتدى هذا العام عن سيناريوهات ترضي جميع الأطراف، مثل إرضاء طموحات البنوك والمؤسسات المالية كي تتمكن من أداء دورها في جذب الإستثمارات، وتوفير الأموال اللازمة لتمويل المشروعات الاقتصادية، في مقابل احترام هيبة الدولة التي تريد استعادة دور الرقيب المهذب على المشهد الاقتصادي، من دون استخدام أدوات الاشتراكية المهيمنة أو ترك الحبل على الغارب للمؤسسات المالية تتحرك على الساحة كيفما تشاء، وعندما تقع تهب الحكومات لنجدتها بأموال دافعي الضرائب.
وبين الطرفين، تقف مجتمعات تريد استقراراً معيشياً وتعليماً وصحة وخدمات، ولسان حالها يقول صناعة المال تطالبنا بإنقاذها من خلال أموال الضرائب عن أخطاء لم نرتكبها، بينما تتجاهلنا تلك المؤسسات عندما تحقق أرباحاً بمئات الآلاف من المليارات.
سويسرا وفرنسا تتوصلان لحل حول بيانات بنكية مسروقة
إلى ذلك، أعلن وزير المالية السويسري هانز رودلف ميرتس اليوم الخميس عن توصل سويسرا وفرنسا إلى ما وصفه بتفاهم حول حل جيد لطي صفحة الخلاف بين البلدين، التي نشبت بسبب سرقة بيانات مودعين لدى فرع بنك "اتش اس بي سي" في جنيف و تسليمها إلى السلطات الفرنسية. وقال ميرتس للصحافيين عقب اجتماعه مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بحضور وزيرة الاقتصاد السويسرية دوريس لويتهارد، على هامش فعاليات المنتدى الاقتصادي العالمي، إن البلدين اتفقا على استعادة سويسرا لتلك البيانات المسروقة، مع حق فرنسا الاحتفاظ بصورة منها.
وأكد أن البلدين اتفقا أيضاً على أن يلتزم الطرف الفرنسي بعدم تسريب تلك البيانات إلى دولة أخرى، إلا بعد إحاطة سويسرا علماً وعدم استخدام المعلومات الواردة في تلك البيانات المسروقة كمبرر لطلب دعم قانوني أو قضائي سويسري بموجب الاتفاقيات الثنائية بين البلدين، أو بين سويسرا وأي بلد آخر.
وأوضح أنه من المنتظر أن تسلّم فرنسا تلك البنود المتفق عليها كتابياً إلى سويسرا، واستعادة البيانات المسروقة، قبل أن تنظر سويسرا في مصير اتفاقية الازدواج الضريبي بين البلدين، والتي علّق مجلس الحكم الاتحادي في ديسمبر/كانون الأول الماضي التصديق عليها، بعد اكتشاف سرقة تلك البيانات وظهورها في فرنسا. واعتبر أن ما تم الاتفاق عليه مع الطرف الفرنسي يمكن أن يكون مثالاً يحتذى به في تعامل سويسرا مع بيانات الحسابات المصرفية التي يمكن سرقتها وتسليمها إلى دول أخرى.
يذكر أن قواعد منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية تنص على أن يتضمن طلب المساعدة القضائية في ملفات التهرب الضريبي ضرورة تحديد اسم المشتبه فيه والبنك الذي يتعامل معه، وبموجب تصريحات وزير المالية السويسري فلن تتمكن فرنسا الاستفادة من البيانات التي حصلت عليها.
رئيس كوريا الجنوبية يوضح تحديات مجموعة العشرين
في المقابل، حدد رئيس كوريا الجنوبية لي ميونغ باك معالم وتوجهات مجموعة العشرين خلال العام الحالي، المتمثلة في مواجهة التحديات التي فرضتها الأزمة المالية والاقتصادية العالمية على المجتمع الدولي، وذلك في كلمته أمام المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس. وقال في أول مشاركة لرئيس من كوريا الجنوبية في المنتدى الاقتصادي العالمي "إنني أشعر كرئيس لمجموعة العشرين بالمسؤولية تجاه دعم وتقوية مساعي التقارب بين الآراء وصولاً إلى نمو اقتصادي متوازن، والاتفاق على استراتيجية الخروج من الدعم الحكومي للاقتصاد، من خلال مرحلة انتقالية إلى الاقتصاد العادي في إطار بعيد المدى".
وأيّد في الوقت عينه "اتخاذ خطوات إصلاحية في أسواق المال، على غرار ما يطالب به الرئيس الأميركي باراك أوباما" داعماً الأصوات التي طالبت بدور للأخلاقيات في إعادة هيكلة النظام المالي، كما أكد أن "دور البنوك يحتاج توازناً جديداً وإطاراً مناسباً "رافضاً الإفصاح عن تفاصيل النصائح التي يجب توجيهها إلى رجال البنوك" لوجود نقاط عديدة تحيط بهذا الملف". لكنه اعترف في الوقت نفسه بـ "ضرورة البحث عن حلول لمشكلة المؤسسات المالية التي توصف بأنها أكبر من السماح بسقوطها، إلى جانب البحث عن ثغرات ونقاط الضعف التي قادت إلى الأزمة المالية والاقتصادية العالية، وآليات الإنذار المبكر التي يمكن الاعتماد عليها، قبل الانهيار، للحيلولة دون تكرار الأزمة". لكنه ربط كل تلك الأهداف بضرورة "وجود قيادات جيدة وحكومات واعية، حيث أصبح انتقال المشكلات من دولة إلى أخرى أو منطقة إلى أخرى أمراً سهلاً".
ورغم كل التحديات والبرنامج الحافل الذي ستقوم به مجموعة العشرين هذا العام، إلا أنه أشار إلى وجود بوادر استقرار وتحسن وتطور في العلاقات الدولية، لاسيما بين دول مجموعة العشرين، والخطوات التي تم الاتفاق عليها لإنقاذ الاقتصاد الدولي، ووضع رؤية جديدة لمستقبل الحالة الاقتصادية.
رئيس وزراء اليونان: بلادنا تواجه مشكلة
وخلال المنتدى، اعترف رئيس الوزراء اليوناني جورج باباندريو اليوم بأن بلاده تواجه مشكلة كبيرة تتعلق بالمالية العامة، مؤكداً أن حكومته تتخذ التدابير اللازمة لاستعادة الثقة الدولية في اقتصادها. ونفى باباندريو في ندوة المنتدى الاقتصادي العالمي بعنوان "إعادة النظر في منطقة اليورو" أن اليونان سعت أو تسعى إلى رفع القروض، سواء من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي أو من الصين للمساعدة في تلبية احتياجاتها التمويلية.
وقال إن "هناك فجوة في المصداقية، والتغلب عليها هو التحدي الأول الذي نواجهه"، مضيفاً أنه ينبغي عدم النظر إلى الأزمة باعتبارها تحدياً، ولكن أيضاً باعتبارها فرصة. وألمح إلى أن اليونان وضع سلسلة تغييرات هيكلية تتراوح بين الأجور والضرائب وإصلاح نظام معاشات التقاعد لخفض العجز في القطاع العام بنسبة 4 % هذا العام وتعزيز الثقة الدولية.
ثاباتيرو يستبعد تفكك منطقة اليورو
من جانبه، استبعد رئيس الوزراء الأسباني خوسيه لويس ثاباتيرو اليوم فرضية تفكك منطقة اليورو تأثراً بالأزمة المالية العالمية التي اجتاحت أسواق المال في مختلف أنحاء العالم. جاء ذلك في ندوة اقتصادية مشتركة عقدت على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس بعنوان "مستقبل منظومة اليورو" ترأسها ثاباتيرو مع نظيره اليوناني جورج باباندريو. وقال رئيس الوزراء الأسباني إن "منظومة اليورو ساعدت الدول الأعضاء على تجاوز الأزمة المالية التي اجتاحت مختلف دول العالم"، نافياً في هذا الصدد تقارير أشارت إلى وجود توجه لدى بعض الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي الانسحاب من منطقة اليورو.
وأكد ثاباتيرو في هذا السياق أن "لا أحد يتجه لمغادرة منطقة اليورو، مثلما لا تعتزم أي دولة عضو في منظومة الاتحاد الأوروبي الانسحاب. وهذا أكبر دليل على نجاحنا". بيد أن رئيس الوزراء الأسباني اتفق مع نظيره اليوناني على أهمية التنسيق بين الدول الأعضاء بشأن التدابير الاقتصادية "لا سيما ما يتعلق سياسة الضرائب وقوانين العمل". وأكد ثاباتيرو أن "هناك إجماعاً لدى دول المنظومة الأوروبية حول الحاجة لأن تصبح أكثر قدرة على المنافسة دون التخلي عن سياساتها الجوهرية".
تريشيه: اقتصاد أوروبا تحت ضغوطات
من جهته قال رئيس البنك المركزي الأوروبي جان كلود تريشيه إن اقتصاد منطقة اليورو "لا يزال يرزح تحت ضغوطات اقتصادية ومالية كبيرة". وحث تريشيه البنك المركزي الأوروبي على توفير أقصى قدر من الشفافية في تعاملاته "وهو ما سيؤثر بالتأكيد إيجاباً على سياسات الائتمان لدى دول الاتحاد الأوروبي". ودعا في هذا السياق إلى "تطوير دعائم الاقتصاد في منطقة اليورو واستخدام الأرباح لتعزيز الميزانية العمومية بدلاً من زيادة الأجور".
خبراء آسيويون يتوقعون زيادة نفوذ الصين والهند
على صعيد آخر، أعرب خبراء آسيويون اليوم في الجلسة المخصصة لدراسة النمو الآسيوي في منتدى الاقتصادي العالمي في دافوس عن ثقتهم بأن الهند والصين لن تصبحا فقط محركاً للنمو العالمي، بل ستتمكنان من الحصول على نفوذ متزايد على بقية دول العالم. واستند الخبراء في توقعاتهم إلى مواصلة الدولتين لنموهما الاقتصادي، الذي بلغ في الهند 6.7 % خلال العام الماضي. ومن المتوقع أن يرتفع إلى 8 % هذا العام، في حين قفز نمو الصين الاقتصادي بنسبة 10 %، في الوقت الذي شهدت العديد من دول الاقتصادات المتقدمة تراجعاً نتيجة الأزمة العالمية.
وكان مدير معهد "غلوبال سيكيوريتي" للبحوث الأمنية في جامعة اليابان هيزو تاكيناكا قد أشار في مداخلة سابقة له في المنتدى إلى أن الناتج المحلي الإجمالي للصين سيتجاوز نظيره في اليابان في عام 2010، كما توقع أن يشهد انتعاش الاقتصاد العالمي تذبذباً في الصعود والهبوط، بينما ستبقى الصين والاقتصاديات الناشئة الأخرى مساهماً أساسياً في تعافي النمو الإقتصادي مجدداً.
قادة الأعمال يطالبون باتفاق تجارة في 2010
وكان قادة الأعمال في دافوس طالبوا الحكومات الخميس بالوفاء بالتزامهم باستكمال محادثات تحرير التجارة المتعثرة خلال العام الحالي ودعم الاقتصادي العالمي. لكن المفاوضين التجاريين متشككون في الإرادة السياسية للتغلب على الخلافات بين الولايات المتحدة وأسواق ناشئة رئيسة، والتي أحبطت التوصل إلى اتفاق في عام 2008، قبل اندلاع الأزمة المالية العالمية، التي أدخلت غالبية مناطق العالم في حالة ركود. وتعد انتخابات التجديد النصفي للكونغرس الأميركي، المقررة في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل والانتخابات الرئاسية في البرازيل من بين العقبات السياسية أمام التوصل إلى اتفاق.
ودعا مجلس الأعمال العالمي في المنتدى الاقتصادي العالمي في منتجع دافوس السويسري زعماء العالم إلى الوفاء بتعهدهم، الذي قطعوه في قمة مجموعة العشرين في بيتسبرغ في سبتمبر/ أيلول الماضي بالتوصل إلى اتفاق خلال 2010. وأوضح المجلس في بيان أنه "حان الوقت لأن تظهر حكومات العالم التزامها بالنظام الذي ساعد على تحقيق النمو والتنمية على مدى 60 عاماً مضت".
وتعهد لي ميونج باك رئيس كوريا الجنوبية، الذي يرأس مجموعة العشرين للاقتصادات الكبرى هذا العام، في كلمة ألقاها في دافوس، بجعل هذا الأمر على رأس أولويات قمة مجموعة العشرين، التي سيستضيفها في سول في نوفمبر/ تشرين الثاني. وقال عن مفاوضات منظمة التجارة العالمية، التي بدأت في عام 2001 في العاصمة القطرية، "ستولى الأولوية القصوى لاستكمال جدول أعمال التنمية الخاص بمحادثات الدوحة قبل نهاية العام".
وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما أكد في خطاب حالة الاتحاد الأربعاء أنه سيدفع من أجل التوصل لاتفاق للتجارة العالمية، يفتح أسواق العالم، لكنه لم يذكر الموعد المستهدف في 2010، الذي حددته مجموعة العشرين.
الهجوم على المصرفيين يتواصل
انضم الرئيس الكوري الجنوبي لي ميونغ-بانك اليوم الخميس إلى زعماء العالم في هجومهم على رؤساء البنوك، قائلاً إن عليهم عدم معارضة الإصلاحات المالية، بعد الأزمة المالية العالمية. وزاد لي من الهجوم على كبار المصرفيين، الذين يقومون بحملة ضد فرض عدد أكبر من القيود على النظام المالي في المنتدى الاقتصادي العالمي، بعدما أعرب الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي والملياردير جورج سوروس عن تأييدهما القوي للتغيير.
وقال لي، بعد كلمة ألقاها أمام النخبة السياسية والاقتصادية في منتدى دافوس، إنه "يجب على المصرفيين عدم معارضة هذه الإجراءات الجديدة، بل يجب عليهم أن يبادروا إليها". وأضاف "نحن بحاجة إلى إحداث تغيرات منطقية وصحية للنظام المالي الدولي". وقد هيمنت إصلاحات عمليات البنوك، التي اقترحها الرئيس الأميركي باراك أوباما وغيره من قادة العالم، على النقاش في دافوس. وجاءت تصريحات لي، بعدما قال ساركوزي إن العولمة "خرجت عن السيطرة"، وانتقد دفع المكافآت "غير الأخلاقي" في القطاع المالي".
واعتبر ساركوزي في خطاب افتتح به منتدى دافوس الاقتصادي أن "مهنة المصرفي ليست القيام بمضاربات، بل تمويل التنمية والاقتصاد". مؤكداً أنه "متوافق مع الرئيس أوباما، حين يرى أنه من الضروري منع البنوك من المضاربة لمصلحتها، ومن تمويل صناديق للمضاربات". وأضاف "من اللحظة التي قبلنا فيها فكرة أن السوق دائماً على حق، وأنه يجب عدم الأخذ في الاعتبار أية عوامل أخرى، خرجت العولمة عن السيطرة". وتابع "يوجد سلوك غير أخلاقي، لم يعد من الممكن أن يتحمله الرأي العام في أي بلد من بلدان العالم". مشيراً إلى أنه "توجد أرباح مفرطة، لا يمكن قبولها بعد الآن، لأنها غير قادرة على خلق الثروة والوظائف".
وأكد أن "هناك مكافآت لن يتم احتمالها بعد الآن، لأنه ليس لها علاقة بالأداء"، مضيفاً أنه "لا يمكن الدفاع أخلاقياً" عن الأشخاص الذي يدمرون الوظائف والثروة لكسب الكثير من المال. وأيّد أسطورة المال ساوريوس خطة أوباما لتقييد البنوك، إلا أنه قال إن خطته مبكرة جداً، وليست قوية كفاية.
وحذّر العديد من القادة كذلك من أن العالم لم يعد آمناً من العودة إلى الركود أو الدخول في أزمات مالية جديدة. إلا أن الرئيس الكوري الجنوبي، الذي ترأس بلاده مجموعة العشرين هذا العام، قال إن الوقت قد حان لوضع "أجندة لما بعد الأزمة". وأضاف أن كوريا الجنوبية ستسعى إلى الاتفاق على وضع نظام إنذار مبكر دولي "أكثر قوة" للأزمات الاقتصادية، وكذلك اتخاذ "خطوات ملموسة" لإصلاح النظام المالي العالمي. ومع بروز مؤشرات على تحسن الأزمة الاقتصادية العالمية، قال لي "حان الوقت لكي تضع مجموعة العشرين أجندة لما بعد الأزمة، وإقامة أرضية تضمن النمو المستدام والمتوازن لاقتصاد العالم في الأشهر والسنوات المقبلة". وأضاف أن "الأزمة المالية الأخيرة والتباطؤ الاقتصادي زادا من الضغوط للجوء إلى الحمائية".
ونبّه إلى ضرورة الحذر من النزعة الحمائية، ولكن "في الوقت نفسه علينا أن ننتبه للتأثيرات الجانبية للعولمة، التي تغذّي العداء لاندماج عالمي أكبر". وستعقد قمة لقادة مجموعة العشرين في كندا في حزيران/يونيو المقبل، إلا أن القمة السنوية الأساسية ستعقد في سيول في تشرين الثاني/نوفمبر. وقد اجتذب الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون الأضواء في منتدى دافوس، عندما ناشد قادة الأعمال توفير التمويل الخاص للمساعدة على إعادة بناء هايتي التي دمرها الزلزال. وقال إن سكان هايتي يستحقون الفرصة "للفرار من ماضيهم وبناء مستقبل أفضل"، فيما دعا إلى تقديم مئات ملايين الدولارات لإعادة الإعمار.
ونظم المنتدى الاقتصادي العديد من الجلسات الخاصة في دافوس، تركز على الدمار الذي لحق بهايتي، التي قتل فيها 150 ألف شخص على الأقل في الزلزال. وألغى الرئيس البرازيلي لويز أيناسيو لولا دا سيلفا زيارته إلى دافوس لإصابته بوعكة صحية، بينما كان على متن طائرة الرئاسة، بعد دقائق من إقلاعها متوجهة إلى سويسرا.
دبي تتفادى دائرة الضوء في دافوس
حظي الغياب الذي تأكد يوم أمس لدبي عن حضور الدورة الأربعين لأعمال منتدى دافوس الاقتصادي باهتمام عدد من وسائل الإعلام، فبينما بدأت فعاليات المنتدى بحضور العشرات من القادة ورؤساء الحكومات، جاء غياب قادة دبي لافتاً. وقالت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية إن حكام الإمارة تغيبوا على نطاق كبير عن منتدى هذا العام، في الوقت الذي بلغت فيه المفاوضات المتعلقة بإعادة هيكلة ديون قدرها 22 مليار دولار مستحقة على شركات مملوكة جزئياً لدبي من منعطف وصفته بالحاسم.
كما رجحت الصحيفة أن يكون من أبرز الغائبين محمد القرقاوي، رئيس دبي القابضة، وسلطان بن سليم، رئيس دبي العالمية. في حين لم يرد المتحدث باسم دبي العالمية على استفسارات متعلقة بحضور أي من مسؤولي الشركة لفعاليات هذا المنتدى من عدمه. وتلفت الصحيفة في هذا السياق إلى أن القرقاوي وسليم تعرضا خلال الآونة الأخيرة لضغوطات، بينما بدأت الإمارة مرحلة من النضال الشاق في التعامل مع أزمة الديون. وتنقل الصحيفة في هذا الشأن عن كريستوفر دافيدسون، أستاذ السياسات الشرق أوسطية في جامعة دورهام في المملكة المتحدة ومؤلف كتاب "دبي: من الضعف إلى النجاح" قوله "يرغب ممثلو دبي في الابتعاد عن خط المواجهة النارية في منتدى دولي مثل دافوس، وسيقعون خلاله بصورة أكثر من اللازم داخل دائرة الضوء".
ثم تمضي الصحيفة لتؤكد أن دبي عادة ما كانت تقوم باستغلال المنتدى في سابق السنوات في تسويق نفسها أمام العالم كاقتصاد خيار عربي متحرر للمستثمرين الدوليين ووسائل الإعلام. وتوقعت الصحيفة كذلك غياب محمد علي الهاشمي، الذي اختير عام 2008 كأحد أصغر القادة العالميين في منتدى دافوس الاقتصادي. وتلفت إلى أن الاختيار قد وقع عليه نهاية العام الماضي لرئاسة شركة زعبيل للاستثمار، المملوكة لحكومة دبي، لكن تعذر الوصول إليه للتعقيب على قراره الذي اتخذه بعدم حضور المنتدى.
أما شركة "طيران الإمارات" المملوكة كذلك لحكومة دبي، فأعلنت أنها لن تشارك في فعاليات الدورة الحالية، بعد عدم تجديد عضوية شركتها. ومضت الصحيفة هنا لتنقل عن موريس فلاناغان، النائب التنفيذي لرئيس الشركة، الذي ألغى خططه لحضور المنتدى في آخر اللحظات، قوله " لقد فقد المنتدى شيئاً من أهميته". في حين لم تفلح الصحيفة في الوصول إلى أحمد الشيخ، رئيس وحدة شؤون وسائط الإعلام الجديدة، التي أنشئت مطلع هذا الشهر، لتنسيق إستراتيجية التواصل الخاصة بالإمارة مع الصحافة، ولم يُجِب كذلك على الرسائل النصية التي كانت تصله على هاتفه المحمول.
هذا وقد أكدت يوم أمس كذلك لوسي جاي كينيدي، المسؤولة الإعلامية في المنتدى، لموقع "ذا ميديا لاين" الأميركي المهتم بالشأن الشرق أوسطي، خبر غياب الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم عن حضور فعاليات الدورة الحالية. وكما نقل الموقع عن وسائل إعلام خليجية محلية، فإن قرار عدم الحضور هذا لم يكن إلا محاولة لتجنب موجة غير مرغوب فيها من الاهتمام، في وقت يبدو فيه وضع دبي الاقتصادي قاتماً بشكل متزايد.