اقتصاد

اللا ثقة وشبح التحايلات يحجّمان التصريف الآلي في الجزائر

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

رغم انقضاء سنوات طويلة على بدء التعاملات المالية عبر أجهزة التصريف الآلي في الجزائر، إلاّ أنّ التجربة لا تزال متعثرة بأعين مدراء بنوك ومراكز بريد وخبراء تحدثوا لـ"إيلاف"، حيث إنّ قطاعا واسعا من السكان المحليين لا يتعاطون بحماس مع هذه الصيغة في استخراج أموالهم، ويفضلون طريقة الشيكات لاعتبارات متداخلة.

الجزائر: تشير بيانات حديثة إلى وجود ما لا يقلّ عن 680 جهاز تصريف آلي عبر المحافظات الجزائرية الـ48، بينما تحصى نحو ثلاثمائة موزع آلي للمصارف تتركّز غالبيتها في المدن الجزائرية الكبرى، ويُشار إليها بلافتات منيرة على مستوى وكالات 17 بنكا. وإذا كانت السلطات تتباهى بتكريسها التحويلات الإلكترونية عبر البطاقات المغناطيسية، إلاّ أنّ الخبير "سمير عودية" يجزم بعدم صحة ذلك، ويؤكد أنّ النظام المالي المحلي لا يزال تقليديا، مركّزا على الأعطال والاختلالات التي تطبع النظام المحلي للتصريف الآلي، وافتقاد عديد الأجهزة المتوزعة على مراكز البريد والبنوك، للسيولة اللازمة.

ويدرج الأستاذ "مفتاح بخوش" جملة من المآخذ التي جعلت من مواطنيه يتعاطون بتحفظ مع أجهزة التصريف الآلي، حيث باتت الأخيرة بحسبه عنوانا للرداءة بحكم عدم ديمومة جاهزيتها وما يلفّها من إهمال وضعف الصيانة، قائلا:"القضية الأساسية التي تشغل بال الجزائريين: هل هذه الأجهزة متاحة للخدمة باستمرار؟ تبعا للأعطال الكثيرة التي تصيب مُستعملي البطاقات المغناطيسية بالفتور، رغم أنّه يُفترض أنّ هذه البطاقة تسمح لمستعمليها بالقيام بعمليات السحب طوال أيام الأسبوع وبنظام 24 ساعة على 24 ساعة. كما يركّز بخوش على أنّ الشارع المحلي يلوك بكثرة أمثلة لعديد الأشخاص الذين كانوا عُرضة للاحتيال غداة استخدامهم أجهزة التصريف الآلي، مقحما أيضا عدم تواجد الكثير من تلك الأجهزة في مراكز غير مؤمنّة، بجانب ثقل الإدارة المحلية وبيروقراطيتها، ويستدل بحادثة حصلت له شخصيا، إذ ضاعت منه بطاقته المغناطيسية وكان لزاما عليه انتظار سنتين لكي يحصل على أخرى.

بالمقابل، يقدّر الأستاذ "أنيس بن مختار" أنّه ليست هناك تهديدات ذات بال، طالما أنّ أجهزة التصريف الآلي، غير مربوطة بشبكة الإنترنت، إضافة إلى عدم التعامل بها على مستوى الأسواق ومختلف المتاجر والصيدليات ومحطات البنزين وسائر المرافق الخدماتية. ويذهب بن مختار إلى غياب ثقافة أجهزة الصراف الآلي في الجزائر، ونظرة الكثير من الزبائن بعين الريبة إلى هذه الأجهزة، لا سيما بعد أنباء عن أخطاء طالت بعض الناس، ما جعل الغالبية يفضلون قطع عشرات الكيلومترات لسحب أموالهم بواسطة الصكوك، بدلا من سحب أموالهم بالبطاقات المغناطيسية.وتكشف بيانات حديثة حصلت "إيلاف" على نسخة منها، أنّ هناك 6.6 ملايين بطاقة جرى توزيعها في بلد عدد سكانه 36 مليون نسمة، بيد أنّ بضعة آلاف فقط من يستعملون هذه البطاقات، تماما مثل بطاقات الدفع البنكي علما أنّ بطاقة السحب والدفع البنكي شرع في العمل بها شهر مارس من العام 2005.

على طرف نقيض، يشدّد " الحاج علوان " المدير العام للشركة الجزائرية لتألية العمليات المصرفية، على أنّ واقع منظومة التصريف الآلي في الجزائر ليس بالسوء الذي يحاول البعض التسويق له، كاشفا عن بلوغ وتيرة النشاط النقدي في الجزائر عبر هذه الأجهزة، معدل ثلاثة آلاف عملية إلكترونية مالية في اليوم، وهو معطى يرتفع إلى الضعف في الأعياد والمناسبات.ويذكر علوان أنّ هناك حاليا نحو ثمانمائة تاجر لهم صلات بالشبكة المذكورة، منهم حوالى 350 تاجرا متوفرا على جهاز الدفع الإلكتروني، مشيرا إلى رغبة مؤسسته في تركيب مئات الأجهزة الإضافية لسحب الأموال في غضون الفترة القادمة، بهدف تكريس الدفع الإلكتروني كممارسة. بدوره، يتوقع "عبد الرحمن بن خالفة" رئيس الجمعية الجزائرية للبنوك والمؤسسات المالية، إقامة 30 إلى 40 ألف ماكينة للصرف الآلي في السنوات الخمس المقبلة، متوقعا أن يصل عدد مالكي البطاقات الالكترونية إلى 2.5 مليون خلال تلك الفترة.

وإذا كانت مزايا وسائل الدفع الحديثة لا تحتاج إلى تأكيد حسب الأخصائيين فإنه يعتقد أن هناك عملا كبيرا يجب القيام به في مجال الاتصال، في ظل عدم امتلاك الجزائريين ثقافة التعامل بالبطاقات الالكترونية، إذ صرح كثير من السكان المحليين، أنهم لا يعلمون بوجود بطاقة الدفع في الجزائر في حين أن البعض لا يفرق بينها وبين بطاقة الائتمان، أو يقدّر أنّ لا جدوى منها بالمرّة، حيث صرّح أحدهم "لا أرى جدوى لبطاقة لا تسمح بالسحب عندما لا يكون هناك رصيد"، معربا عن رغبته في الاستفادة من بطاقة ائتمان فحسب.بينما يعلّق زبون آخر قائلا "في الجزائر لا يعتمد حتى الصك البنكي في سائر التعاملات، ومن غير الطبيعي أن نتنقل دفعة واحدة من وسيلة الدفع نقدا إلى بطاقة الدفع البنكية المشتركة"، في وقت لا تزال الطوابير الطويلة والوقت الضائع في مؤسسات الصرف المختلفة، كما أنّ معظم المؤسسات الكبرى لا تزال تتعامل بالشيكات من باب الضمان، رغم أنّ البطاقات الالكترونية أكثر أمانا عشر مرات من الشيكات، في وقت تحبذ وكالات بيع السيارات على سبيل المثال لا الحصر، التعامل مع زبائنها وفق طريقة الشيكات البنكية لتفادي أي تزوير على حد تصورها.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف