اقتصاد

الشرق الأوسط الغني بالغاز تعاني أسواقه من شح في إمداداتها المحلية

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

كشف تقرير اقتصادي "حصلت إيلاف على نسخة منه" أن أسواق الشرق الأوسط الغني بالغاز تواجه شحاً في الإمدادات المحلية بسبب النمو الاقتصادي المتسارع في الدول مما أدى إلى تفوق حجم الطلب على الغاز الطبيعي على حجم إنتاجه في دول المنطقة، وجاء هذا التطور في وقت تسود فيه أعلى درجات عدم التيقن منذ عقود، آفاق مستقبل حجم الطلب العالمي على الغاز.

الظهران: كشف تقرير "الغاز الطبيعي و مواجهة التحديات" الجديد الصادر عن إرنست ويونغ الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، أن حالة عدم التيقن هذه قد تؤدي إلى عدم كفاية الإمدادات لتلبية النمو المتوقع في حجم الطلب، ورغم أن وكالة الطاقة الدولية تتوقع أن ينمو الطلب العالمي على الغاز بنسبة 1.5% سنوياً حتى عام 2030، إلا أن الحجم الفعلي للطلب سوف يتأثر بعدد من العوامل التي لا يمكن توقعها.

وقال مسؤول خدمات استشارات النفط والغاز في إرنست ويونغ الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ديفيد بارّينجر، أنه وبالرغم من أن استراتيجيات الطاقة التي تنتهجها بعض دول الشرق الأوسط قد تسهم في تعزيز استقلاليتها في مجال الطاقة على المدى البعيد، إلا أنه لا مناص من تلبية احتياجات المنطقة على المدى القصير عبر استيراد الغاز.

وقال التقرير أن فجوة الطلب و العرض تزداد اتساعاً حيث ارتفع إنتاج الغاز في المنطقة بنسبة 95% خلال السنوات العشر الماضية، لكنه لا يزال يشكل نحو 12% فقط من إجمالي الإنتاج العالمي في الوقت الراهن. في المقابل، ارتفع طلب أسواق الشرق الأوسط على الغاز بنسبة تقارب 7% سنوياً، ليتفوق على الزيادة المحققة في إنتاج الغاز في دول المنطقة ، ومن أبرز أسباب ارتفاع الطلب المحلي على الغاز في دول المنطقة، النمو الاقتصادي وانخفاض أسعار الغاز والتحول من استخدام النفط إلى الغاز في توليد الطاقة الكهربائية، وحقن الغاز في مكامن النفط الجوفية لزيادة إنتاجها النفطي. يضاف إلى ذلك، توقع تزايد الاعتماد على الغاز وقوداً لتوليد الكهرباء في دول المنطقة، بمعدل 3.6% سنوياً حتى عام 2030.

وأشار التقرير أن حدة الجدل الدائر في الشرق الأوسط تزداد حول منح الأولوية في الغاز المنتج لتلبية احتياجات الأسواق المحلية أو لزيادة عائدات الدول المنتجة عبر إبرام اتفاقيات لتصديره إلى الخارج. ورغم أن 41% من احتياطيات الغاز العالمية المؤكدة (التقليدية) تقع في المنطقة، إلا أنها تتركز بصورة رئيسية وبنسبة 73% في دولتين فقط هما إيران وقطر. وتعتبر قطر أكبر منتجي ومصدري الغاز الطبيعي المسال في العالم، إلا أنها أجَّلَت إبرام أية اتفاقيات جديدة لتطوير إنتاج حقل غاز الشمال أو بيع الغاز حتى عام 2014.

وبعيداً عن إيران وقطر، تتمثل حصة مهمة من احتياطيات الغاز في المنطقة في مكامن الغاز المصاحب للنفط، ما يعني أن إنتاج الغاز من المكامن النفطية التي تحتوي على غاز مصاحب لا يتمتع بالمرونة اللازمة لزيادته أو تخفيضه عند الحاجة. كما أن معظم الغاز الموجود في المنطقة غاز "حامض" تخالطه نسبة عالية من الكبريت، ما يزيد من صعوبة وتكلفة استخراجه ومعالجته. وقد تحتاج أسعار بيع الغاز في الأسواق المحلية والمدعومة حكومياً بنسب متفاوتة، إلى الارتفاع لتغطية النفقات الإضافية للمعالجة وتوفير الاستثمارات اللازمة للبنى التحتية لمنشآت الغاز.

وعن أسباب شح الإمدادات الإقليمية ذكر التقرير أن مزيج من الدعم السعري الحكومي والخلافات السياسية وإغراءات أرباح للتصدير أدى إلى تخفيض حجم الغاز المنتج في الشرق الأوسط والمخصص لتلبية احتياجات أسواق المنطقة. ونتيجة لذلك، تتميز البنى التحتية الإقليمية لنقل الغاز الطبيعي بين دول المنطقة بالمحدودية. وقامت كل من دول المنطقة بتطوير استراتيجيات مستقلة لتلبية احتياجاتها المتنامية من الغاز الطبيعي.

ونوه التقرير أن السعودية تتطلع من ناحيتها، إلى زيادة إنتاجها من الغاز بشكل كبير لتلبية احتياجاتها المحلية المتنامية، بينما راحت إمارة أبوظبي تبحث عن مكامن غاز غير تقليدية في الوقت الذي يزداد فيه استخدام الإمارة للغاز المصاحب في إعادة حقنه في مكامن النفط لتعزيز إنتاجية آبار النفط بالضغط الطبيعي. كما دفع تسارع النمو الاقتصادي والدعم الحكومي الكبير لأسعار الطاقة، إمارة أبوظبي إلى اتخاذ إجراءات بديلة لتلبية الطلب المستقبلي على الغاز.

و تتراجع احتمالات تأسيس منظمة لمصدري الغاز- بحسب التقرير- على غرار منظمة أوبك في المستقبل المنظور باستمرار. ومن المرجح أن تشعر الدول المصدرة كل على حدة، بالتوتر حيال تخفيض الإنتاج إذا لم تخفض سائر الدول المصدرة إنتاجها بالمثل. كما أن شركات النفط والغاز استثمرت مليارات الدولارات في مشاريع إسالة الغاز الطبيعي وهي بحاجة لتشغيلها بطاقاتها القصوى لتحقيق عائدٍ مرضٍ على استثماراتها. وإضافة إلى ذلك، لم يتم تصميم العديد من مصانع إسالة الغاز الطبيعي بأسلوب يتيح لها تخفيض أو زيادة إنتاجها بسرعة ملائمة، استجابة لتقلبات سعرية على المدى القصير. وطبقاً لتوقعات العديد من المحللين، فإنه إذا لم تتحقق وعود إنتاج الغاز من طبقات الصخور الطَّفَلية بكميات تكفي لتغيير قواعد اللعبة، فسوف يؤدي ذلك إلى الإخلال بتوازن القوى النسبي القائم بين الحكومات في أسواق الطاقة. وسوف يشكل ذلك عائقاً إضافياً أمام تشكيل منظمة للدول المصدرة للغاز على غرار منظمة أوبك.

ورجح التقرير تمركز معظم الزيادة في الطلب على الغاز في الدول غير الأعضاء في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية OECD، وخاصة في الصين والهند ودول الشرق الأوسط، رغم هيمنة الكثير من عدم التيقن على مدى نمو طلب الغاز في الصين وسائر دول آسيا ، وحيث أن أية زيادة في الطاقة الإنتاجية للغاز الطبيعي المسال قد لا تجد مشترين جاهزين لها بالكامل، فسوف يؤدي ذلك إلى حدوث فائض في الغاز غير المتعاقد على بيعه واحتمال اللجوء إلى بيعه في الأسواق الفورية. إلا أن معظم الغاز الطبيعي المسال الذي يتم إنتاجه حالياً، لا يزال يباع بموجب عقود طويلة الأمد ترتبط أسعارها بأسعار أنواع الوقود المنافسة الأخرى. ولن تقوم سوق عالمية حقيقية للغاز إلى أن يتحقق المزيد من المرونة في إمدادات الغاز وتتطور البنى التحتية اللازمة لنقله بين مختلف مناطق العالم وتزداد بالتالي المنافسة بين المصدرين.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف