النفط حجر أساس الشراكة وتساؤلات عن مطامع عسكرية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
ركزت دراسة أجراها عبد العزيز عثمان بن صقر مؤسس ورئيس مركز أبحاث الخليج مع جفري كيمب مدير البرامج الإقليمية في مركز نيكسون، تحت عنوان "العلاقات الصينية ومجلس التعاون الخليجي: التطلع إلى ما وراء النفط - المخاطر والمنافع" على العلاقات الصينية الخليجية ومكامن القوة والضعف فيها استناداً إلى العلاقات النفطية بين الجانبين.
الصين في الخليج
بدأت مظاهر تنامي الوجود الصيني في منطقة الخليج تأخذ عدة أشكال بما فيها قدوم البعثات التجارية والسياح والزيادة المنتظمة للاستثمارات في مجال الصناعات الخليجية وخصوصا في الصناعة البتروكيميائية. يأتي هذا التفاعل بفضل الحاجة المتزايدة للصين لوقود الشرق الأوسط الأحفوري. ومثلما تشير الدراسات المقدمة في ورشة العمل، فإنه في الوقت الذي يدور الحديث فيه عن النتائج ذات الأمد البعيد لموطئ القدم الصيني المتزايد في المنطقة فإن عواقب نشاطات الصين على الشرق الأوسط ضمن المدى البعيد ما زالت أقل وضوحا. إذ ليس هناك سوى عدد قليل من الباحثين يرون أن للصين طموحات عسكرية على المدى البعيد للحلول محل الوجود الأميركي. وإذا كان للصين مصلحة فعالة في منطقة الخليج لضمان مصالحها الاستراتيجية بما فيها أمن "الخطوط البحرية للتواصل" والتي بفضلها يتم نقل مواد النفط والغاز والمعادن الحيوية.
إذا كان واضحا أن الصين تشارك الولايات المتحدة ودول الخليج في مخاوفها من برنامج إيران النووي، فإن الحكومة الصينية ظلت متقاعسة عن دعم أي عقوبات فعالة ضد واحدة من أهم شريكاتها التجارية. لكنها أصبحت الآن اكثر استعدادا لدعم رزمة جديدة العقوبات الدولية ضد إيران، ولم يأت ذلك إلا بعد موافقة الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا على تخفيف اللغة الأكثر صرامة التي استخدمت في مسودة البيان الأصلية.
العلاقات مع الصين متشعبة
لا يزال السؤال المتعلق بالكيفية التي طوّرت الصين علاقاتها السياسية مع دول الخليج والشرق الأوسط مفتوحا. وحتى الآن، نجحت الصين وبشكل لافت في الحفاظ على علاقات مع أكثر بلدان المنطقة بما فيها إسرائيل والفلسطينيون، وإذا استمر موطئ القدم الصيني وتطور وأصبحت التزاماته الاقتصادية أكثر أهمية، فإنه لا محالة أن يلعب عاجلا أو آجلا دورا أكثر فاعلية. والسؤال الذي ناقشته ورشة العمل لكنها لم تقدم إجابة كاملة عليه هو ما إذا كان هذا سيتحقق بشكل توافقي وتعاوني مع دول المنطقة والقوى العظمى الخارجية بما فيها الولايات المتحدة والهند، أو أنه سيكون هناك مبادرات فردية صينية أخرى. ورأى المنظمون لهذا الملتقى أن الدراسات التي قدمت فيه تعطي خلفية مفيدة للخبراء المعنيين في هذا الموضوع فيستطيعون إكمال ما تم تحقيقه في هذا المؤتمر.
كانت الدراسة ثمرة تعاون عبد العزيز عثمان بن صقر مؤسس ورئيس مركز أبحاث الخليج مع جفري كيمب مدير البرامج الإقليمية في مركز نيكسون، وحملت عنوان "العلاقات الصينية ومجلس التعاون الخليجي: التطلع إلى ما وراء النفط - المخاطر والمنافع".
تحولات اقتصادية بغياب النفط
في مقدمتهما سلط الباحثان الضوء على التحولات الاقتصادية التي شهدتها الصين خلال العقود الأخيرة من القرن الماضي، مقابل كمية النفط المحدودة الموجودة تحت باطن الأرض الصينية. فقد ظلت الصين تعتمد على مواردها من النفط المحلي الذي تم اكتشافه عام 1959، لكن برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي قدم خلال السبعينات من القرن الماضي جعل الصين بلدا مستوردا بشكل كامل للنفط مع حلول عام 1993.
وإذا كانت علاقة الصين مع العالم الثالث قد ظلت قبل ذلك محصورة بالأيديولوجية الماوية والتوجهات اليسارية، فإن الإصلاحات الاقتصادية وما رافقها من طفرة اقتصادية جعلت الصين ثالث بلد مستورد للنفط في العالم، فهي تستهلك 10% من طاقة العالم ويأتي نصفه من الخارج، وتحتل السعودية الموقع الأول في التصدير للصين بنسبة 20% مما تستورده من الخارج. وتتوقع وكالة الطاقة الدولية أن يتسارع استيراد الغاز في الصين من صفر عام 2000 إلى ما بين 20 و25 مليون متر مكعب قبل انتهاء عام 2015. واستهلكت الصين عام 2009 ما مقدار 77.9 مليار متر مكعب من الغاز بينما لم يكن الانتاج المحلي سوى 77.5 مليار متر مكعب.
النفط... عرض وطلب
لذلك فإنه من الممكن القول إن حاجة الصين المتزايدة للطاقة كانت وراء إجبارها للتوجه إلى دول الخليج، كذلك الأمر كان النفط أيضا وراء توجه دول مجلس التعاون الخليج لتتعاون مع الصين. فثلثا احتياطي العالم من النفط موجود في منطقة الخليج في حين تغطي الصادرات النفطية لهذه الدول ثلث المطلوب عالميا. فآسيا تستورد نفطاً خاما أكثر من أي منطقة في العالم وهي سوق منفردة لكنها تشكل سوقا مهما لدول الخليج المنتجة للنفط.
والأكثر أهمية هو أن نصف الزيادة في الطلب على النفط ستأتي من آسيا مع التنامي السريع للاقتصاد فيها. أما بالنسبة إلى الصين فإنه لا شك في استمرار تنامي اقتصادها بأكثر من 9% سنويا، وهذا ما يجعلها تحتاج لضمان تجهيزات كافية من النفط تلبي المتطلبات المتزايدة للطاقة لذلك فهي بحاجة إلى ضمان سوق نفط على المدى البعيد، كذلك هو الحال مع دول مجلس التعاون الخليجي التي تحتاج إلى أسواق نفط مستوردة على المدى البعيد، طالما أن المصدر الأساسي للثروة هو الوقود الأحفوري لديها.
وتشكل إيران والسعودية حاليا أكبر مصدّرين للنفط للصين حيث يصل عدد ما تصدره السعودية من نفط يوميا إلى الصين 725 ألف برميل، بينما تصدر إيران 425 ألف برميل في اليوم وفقاً للأرقام الخاصة بعام 2008. وتحتل السعودية الموقع الأول في مجال تصدير النفط للصين بينما تحتل إيران الموقع الثالث.
أهداف مشتركة
فتحت السعودية أسواقها المحلية أمام الاستثمارات الصينية وسمحت للصين بالاستثمار في مجال التنقيب واستخراج النفط داخل أراضيها، في حين بدأت الشركات السعودية المشاركة في الاستثمار بمجال بناء مصافي النفط في الصين. ومن وجهة نظر مجلس التعاون الخليجي، فإن هناك هدفاً مشتركاً يتمثل في تطوير عقود تجارية لتحقيق مشاريع استثمار مشتركة بين الطرفين في مجال البحث عن النفط وتصفيته وفي مجال الصناعات الكيميائية ومشاريع البنية التحتية. وظلت دول مجلس التعاون الخليجي تطمح منذ فترة طويلة إلى أن تحقق مستويات عالية من التنوع في اقتصاداتها وهي ترى الصين باعتبارها نموذجا للوصول إلى هذا الهدف.
في الوقت نفسه، يرى الباحثان، أن بكين قد بنت آمالها على حقيقة أن تمويل دول مجلس التعاون الخليجي قابلة لأن تساعد في تطوير مصافيها النفطية. فالنفط حاليا له أسبقية في الصين على الأسمال والتكنولوجيا باعتباره معيارا لاختيار الطرف الأجنبي في المسائل المتعلقة بالاستثمار. لهذا السبب تقربت الصين من السعودية لتشارك في الاستثمار بمجال توسيع المصافي داخل الصين، مراهنة بذلك على توفر النفط الخام بشكل مستقر. وكانت شركة التصفية الصينية "تشاينا بتروليوم" التي تعد الأبرز في هذا المجال، عقدت محادثات مع نظيرتها السعودية أرامكو لأخذ مشاريع تصفية النفط تصل إلى قيمة 1.2 مليار دولار في كينغداو الصينية. وشارك الطرفان بعد ذلك في مشروع تبلغ قيمته 3.5 مليارات دولار في اقليم فوجيان.
مؤشرات التبادل التجاري
أصبحت السعودية الشريك رقم واحد للصين في الشرق الأوسط، وارتفع التبادل التجاري بينهما إلى 41.8 مليار دولار من 5 مليارات دولار في عام 2002. كذلك هو الحال مع الإمارات حيث وصلت صادرات الصين إلى 28 مليار دولار مع انتهاء عام 2008، وكان غالبية ما استورد للتصدير من جديد إلى بلدان أخرى والبقية غطت احتياجات الأسواق المحلية. أما الكويت والبحرين فقد وصل ما استوردته كل منهما من الصين إلى 7 مليارات دولار، واستوردت عمان سلعا قيمتها وصلت إلى 7.2 مليارات دولار في عام 2007 وآخر البلدان في قائمة المستوردين تأتي قطر حيث بلغت وارداتها من الصين 2.38 مليار دولار، ومن المتوقع أن يأخذ معدل الواردات مسارا متصاعدا.
الامارات محطة لإعادة التصدير
تحتل في مقدمة قائمة صادرات الصين لدول الخليج السيارات المصنعة في الصين والأنسجة والأطعمة المعالجة والمعلبة والأدوات الصناعية الثقيلة والمنتجات الكهربائية. ولأن الإمارات قريبة من حوالى مليوني مستهلك في الشرق الأوسط والهند وروسيا الاتحادية وأفريقيا، فإن المصانع الصينية تستخدم بشكل متزايد الإمارات كنقطة انطلاق لتوزيع صادراتها.
وفي منطقة جبل علي الحرة في الامارات هناك 500 شركة صينية، ويعتبر "تنين مارت" واحدا من المشاريع الريادية التي تحققت بفضل التعاون بين الإمارات والصين. وتم تطوير ذلك المشروع على يد شركة نخيل وشركة استثمار الشرق الأوسط الصينية ومركز الترويج التجاري. كما يعيش في دبي قرابة 200 ألف صيني وهم بذلك يشكلون أكبر جالية صينية تقيم بشكل دائم في الخارج.
علاقات غير مسيّسة
يرى الباحثان أن سياسة الباب المفتوح التي تتبعها الصين تستند إلى علاقات ممتازة تجاريا وغير مسيَّسة. ونتيجة لذلك فإنها تمكنت من توظيف استثمارات بلغت قيمتها مليارات الدولارات وجلبت أيضا تعاملا تجاريا منصفا للاستثمار الخليجي على أرضها. فلدول مجلس التعاون الخليجي استثمارات تصل إلى 1.5 تريليون دولار في الخارج، والنتيجة أن الشرق أصبح السوق المفضلة لدول الخليج للإستثمار لا باعتباره مكانا آمنا بل للإمكانيات الهائلة المتوفرة فيه للاستثمار.
كذلك فإن التعاون التجاري قد تعزز أكثر كنتيجة غير مباشرة لأحداث 11 سبتمبر 2001 حيث أصبح المستثمرون الخليجيون موضع رقابة وشكوك في الغرب، وهذا أصبح عائقا أمام القيام بالأعمال في الوقت الذي لا يوجد هذا العائق بالدرجة نفسها في آسيا.
ما وراء الروابط الاقتصادية
يجد الباحثان أن كلا من مجلس التعاون الخليجي والصين يفضلان التسريع في الاقتصاد أكثر من أي تسريع في الإصلاح السياسي، وهو مؤشر على أن الأوليات ضمن العلاقة التي تجمع الطرفين موجهة بشكل واضح نحو الجانب الاقتصادي. مع ذلك فإن هناك إدراكا وفهما متزايدين لدى دول مجلس التعاون الخليجي بأن توسيعا لحصتها في أسواق الصين لا يمكن أن يكون على أساسس اقتصادي.
لذلك فإن دوافع مجلس التعاون الخليجي يجب أن تكون مزيجا من أهداف اقتصادية وسياسية معا. والتأكيد على أن تعاملات الصين للحصول على الطاقة متأتية من مصالح اقتصادية ثنائية فقط لا تكفي وحدها من دون أن تكتمل بحقيقة أن التعاملات التجارية تنبع من استراتيجيات جديدة في دول مجلس التعاون الخليجي وفي بكين. وما يدعم كل هذا هو الإدراك أن تطور علاقة نافعة للطرفين لا تستطيع أن تكتمل على أساس الطاقة فقط.
وضمن هذا السياق عبر عبد الرحمن العطية الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عن أمله في أن يسرّع الطرفان عملية المفاوضات لإقامة منطقة تجارية حرة تجمع الصين ودول مجلس التعاون الخليجي. كذلك عبر عن أمنيته أن يرى انطلاق آلية حوار ثنائي استراتيجي في أقرب وقت ممكن وهذا سيعزز بشكل شامل العلاقات بين الطرفين.
يمكن القول إن ما تحقق من تطور سريع للعلاقات بين الطرفين وراءها أسباب سياسية. فانتقاد الصينيين حملة الولايات المتحدة على الإرهاب وخططها لنشر الديمقراطية في المنطقة، كان له قبول بين دول الخليج. وإجمالا، فإن العلاقات بين الطرفين قد تطورت بشكل سهل لأن الصين لا تقدم دروسا لدول الخليج حول الجو السياسي المحلي بما فيها الحاجة إلى الديمقراطية أو حقوق الانسان، وبهذا الشكل فإن الصين تتبع سياسة عدم تدخل صارمة في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى.
ولخص سيد فهد بين محمد السعيد نائب رئيس الوزراء العماني موقف دول مجلس التعاون الخليجي من الصين حينما عبر عن إعجابه بالنموذج الصيني في قدرته على "تحقيق التوازن في التطوير الاقتصادي وتحديث الدولة والسيطرة السياسية، وهذا لاقى إعجابا لدى البلدان التي تريد أن تدير اقتصادها وتحولها السياسي".
كل ذلك جعل زيارة العاهل السعودي الملك عبد الله الأخيرة للصين نقطة "تحول استراتيجي" في نظر بعض المعلقين و"مرحلة جديدة" بالنسبة إلى السعودية.
ما هو واضح، أن توسيع الأواصر مع الصين يأتي متوافقا مع الاستراتيجية العامة لدول مجلس التعاون الخليجي في تنويع علاقاتها الدولية والتقليل من الاعتماد على القوى الغربية، وخصوصا الولايات المتحدة. ومع الصين ليست هناك "محاضرات سياسية" وليس هناك خوف من أن الصين من خلال أفعالها ستدفع بالمنطقة إلى مأزق (مثلما حدث بعد احتلال العراق على يد الولايات المتحدة وحليفتها بريطانيا عام 2003)، كذلك ليس هناك رقابة على مسائل محلية، بما فيها شروط العمل أو مسائل البيئة. في الوقت نفسه تمثل الصين بديلا لكن ليس تعويضا عن الولايات المتحدة.
وفوق هذا كله، عززت الدوافع السياسية بفضل الاعتبارات الأمنية أيضا، فالصين من دون شك ستقوم بحماية طرق الطاقة المهمة للحفاظ على احتياجاتها المتزايدة. وفي الماضي أبدت الصين بعض الامتعاض لبيعها صواريخ باليستية وتكنولوجيا لإيران والعراق خلال فترة النزاع بينهما إضافة إلى بيع صواريخ سي أس أس 2 للسعودية. لكن مبيعات كهذه جرت خلال مناخ سياسي مختلف في الصين.
مع ذلك فإنه من المتوقع أن تنغمر الصين وبشكل متزايد في الحوار المتعلق بأمن المنطقة وستسعى لأن يكون لها صوت مسموع خصوصا بما يتعلق بأمن الطرق البحرية وأمن تجهيزات الطاقة اللذين يحتلان حيزا متناميا من الأهمية.
من علامات هذه المشاركة العسكرية في توفير الأمن، الزيارة التي قامت بها سفينتان حربيتان صينيتان الى الإمارات في مايو 2010 للتزود بالوقود. وكان ذلك بعد ستة أشهر على القيام بحماية الطرق البحرية من القراصنة الصوماليين.
بين الصين وإيران
تظل العلاقة القائمة الخاصة القائمة بين الصين وإيران موضع قلق لدى مجلس التعاون الخليجي. وهذا ما يجعل آفاق تطور علاقة استراتيجية حقيقية بين مجلس التعاون الخليجي والصين محدودة. ومع تمتع العلاقة التي تجمع الصين وإيران بمستوى عال وخاص من الأهمية فإن ذلك يعني أن الصين ستلعب دورا ثانويا حينما تكون شريكا استراتيجيا لدول مجلس التعاون الخليجي، وهذا صحيح على الأقل للمستقبل المنظور. طالما أن الصين تلعب مع الطرفين لعدم الإخلال بترتيبات اقتصادية تخدم مصالحها ولإبقاء خياراتها مفتوحة، فإن دول الخليج تجد أن عليها عدم تجاهل أن أمنها يبقى محددا بالولايات المتحدة باعتبارها الحامي لها. ففي الوقت الذي تفضل الصين الجلوس على الحياد ومتابعة ما يترتب من قصور في مساعي الولايات المتحدة لحل نزاعات الشرق الأوسط وإنفاق مليارات الدولارات فإن الصين غير مستعدة للتورط في ذلك وكشف نقاط ضعفها.
وفي هذا المجال هناك محدودية تفرض بما يتعلق بالأواصر الاقتصادية مع الصين. ومن دون أن تسعى الصين على سبيل المثال إلى فرض قدر من التأثير لاحتواء إيران من أسلوبها العدواني أو تجميد بعض الاتفاقات التجارية لها مع طهران فإن دول مجلس التعاون الخليجي ستعيد النظر في كل الأواصر الاقتصادية في الصين.
نتيجة لذلك يرى الباحثان أن العلاقات الاقتصادية جيدة حاليا لكن الاصطفاف الاستراتيجي ما زال بعيدا عن التحقق. وهذا ما سيجعل السياسة الصينية مع "قوة حميدة وأواصر عالمية" غير كافية.
استنتاجات
توصل الباحثان إلى استنتاجين أساسيين، الأول هو أن الامتياز الأساسي لدور الصين في الخليج هو فقدانه للبعد السياسي وهذا ناجم عن غيابه لأي طموحات سياسية. وهذا ما يجعل دول مجلس التعاون الخليجي راضية بالوضع الحالي للعلاقات التي تجمعها بالصين وهي متحمسة لاستكشاف طرق ووسائل لتوسيع أواصرها. في الوقت نفسه قد تكون أجندة الصين في الخليج محكومة بأجندة اقتصادية وبخلافاتها الآيديولوجية مع الولايات المتحدة. كذلك فإن استراتيجية دول مجلس التعاون الخليجي تنويع علاقاتها الدولية وبذلك تأتي أواصرها بالصين جزءا من رؤية أوسع وأكثر بعدا على المدى الطويل.
أما الاستنتاج الثاني فهو أنه قد يكون لتعامل الصين مع دول الخليج عوامل عدم استقرار للمنطقة، وهذا يأتي بالدرجة الأولى بسبب علاقاتها المتميزة مع إيران. ومع سعي الصين لإيجاد طرائق لتوسيع نفوذها الأمني كوسيلة لحماية طرق تجهيزات النفط، فإن الأواصر النامية مع إيران قد تقود إلى نمو خلافات لا بين دول الخليج بل مع الولايات المتحدة . لذلك فإن تأثير العلاقات بين الولايات المتحدة والصين قابل لأن يكون له نتائج على منطقة الخليج.
لكن لحد الآن ما زالت الأواصر ما بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي في طورها للتوسع أكثر مع تقديم فوائد جمة للطرفين.
آراء معارضة
مقابل هذا البحث جاءت بحوث الأكاديميين معارضة لفكرة أن الصين ستستخدم قوتها العسكرية للتوسع في منطقة الشرق الأوسط. كذلك كان هناك اتفاق على أن الصين لن تسمح لإيران بتطوير السلاح النووي، ولن تقوم بتزويدها بالأسلحة التي تهدد جيرانها. كذلك فإن الصين تفضل الدور التنافسي الخالي من العنف أو استخدام القوة في تحقيق ما تطمح إليه تجاريا. فهي قد خسرت ماديا عدة عقود كانت لها مع العراق بسبب الغزو الأميركي، لكنها تمكنت في النهاية من الحصول على عقد تشارك بموجبه في استكشاف حقول النفط في جنوب العراق من دون أن تكون طرفا في الحرب بل هي كانت ضدها دائما. كذلك أنكر الأساتذة الصينيون أن تكون الصين تسعى إلى بناء قوتها البحرية لفرض هيمنتها العسكرية لاحقا.
وقال البروفسور زهو فينغ من جامعة بكين في دراسته "صلة النفط أمام مشكلة الدبلوماسية" إنه ليس هناك أي "أواصر تعزيز عسكرية بين بكين وطهران على الرغم من نشاطات بكين التجارية مع طهران. ومقاربة الصين لإيران تتميز بالوضوح والشجاعة ضمن التعابير الاقتصادية. دبلوماسيا هي شديدة الحذر واستراتيجيا لا تريد أن تتسبب في إثارة إشكالات كبيرة بمنح إيران أسلحة أو تكنولوجيا متقدمة. كذلك فإن بيع الأسلحة التقليدية قد أنقص خلال السنوات الأخيرة كمؤشر على أن الصين تتعامل بحذر مع إيران. ومن المعلوم أن إيران خضعت للمطالب الغربية في دعم العقوبات الدولية ضد طهران مع حماية أواصرها الثنائية مع البلدان المستهدفة".
ولخص البروفسور النقاط التي اتفق عليها جميع المشاركين الصينيين في دراسته بأن الصين ستستمر في تفضيل دور "المتعاون" لتحقيق مطالبها في توفير أمن لطرق الملاحة البحرية من مضيق هرمز وحتى بحر الصين الجنوبي. كما أن علاقات الصين بالشرق الأوسط في طور التوسع وليس من السهل إزالة الجدل المثار حول سياستها. فالصين قلقة جدا بسبب التوتر القائم ما بين إيران والغرب، وهي ستعارض أي هجوم عسكري على إيران. ولا ترى الصين أي ضرورة تستحق المواجهة العسكرية طالما أنه ليس هناك أي دليل من أن إيران قريبة من تحقيق القدرة على صنع قنبلة نووية.
حل الملف النووي
سيكون أي هجوم عسكري كارثة اقتصادية للعالم وللصين أيضا. والسؤال هو هل أن إيران تستخدم خوفا كهذا للحصول على سلاح نووي؟
على إيران أن تتخلص من وهم اسمه "الورقة الصينية". وعلى الصين أن تكون واضحة جدا من أن الوصول إلى حل دبلوماسي للملف النووي الإيراني أفضل من المواجهة العسكرية.
إذا، لا يمكن لتفاعل الصين مع الشرق الأوسط أن يتجاهل استراتيجيتها الرئيسة. فمع صعود الصين انطلق نقاش دولي حول استراتيجية الصين الشاملة، وهذا لأن المقاربة الواقعية عادة تركز على قدرة ونية الدولة عشية إعادة توزيع القوى بعد حدوث تغيير فيها، فاختبار الاستراتيجية الشاملة وصلابتها ذو أهمية كبيرة لفهم مستقبل اتجاه السياسة الصينية المستقبلية. كان يجب أن يكون رد فعل الصين داخلياً للاستراتيجية الشاملة أكثر قوة. فالتغيرات السريعة في موقعها الدولي والتحولات السريعة للمحيط الدولي ثم توسع المطالب الداخلية للأمن والنفوذ، كلها دفعت بكين للتفكير بما هو مكافئ للصياغات الاستراتيجية. وأعطت أهمية كبيرة لإمكانية تحقق وتواجد الرغبة في تحقيق استراتيجية شاملة للصين وأن تكون قابلة للاستمرار. ومع استكشاف هذه الاستراتيجية تمكن مفهوم "التفكير الاستراتيجي" من فرض هيمنته.
استراتيجية الصين
برزت أسئلة عدة للسطح حول استراتيجية الصين الشاملة وهذه تتمثل في المكونات التي يجب أن تجسدها وكيف يمكن تنفيذها، وهذا السؤال ما زال بعيدا عن الإجابة. فقد جاء صعود الصين مع بدء القرن الواحد والعشرين، فإلى أي حد ستحدّ التغيرات في سياسات العالم من متابعة الصين لاستراتيجيتها الشاملة؟ وكيف ستساهم العوائق المحلية في الصين خاصة في خيارها الاستراتيجي بشكل يختلف عن القوى التي شاهدنا صعودها في التاريخ؟ والأكثر من ذلك، بأي طريقة ستلعب التجربة التاريخية التي مرت بها القوى العظمى في صياغة وتطبيق الاستراتيجية وكم سيبقى منها فعالا أو غير فعال؟
قد يكون من الافضل الإجابة على هذه الأسئلة قبل التركيز على استراتيجية الصين الشاملة. ومن الواضح أن التبرير المنطقي وراء نجاح أي استراتيجية كهذه لا يتآتى باستخدام القوة فقط أو الانتصار في حرب ما بل بلا شك من خلال كيفية التصرف لتحقيق "التعلم والابتكار".
التعليقات
المنتجات الصينية
مي -أنا ما أحب المنتجات الصينية أبتعد عنها
ساكن
من سكان العالم -تنامي ليس الوجود الصيني لكن العالمى اقتصاديا في الخليج على الأصعدة كافة فـ الصين بلد الاستثمارات الاجنبيه كل العالم تقريبا فاتح بها مصانع لـ عدد كبير من السكان هناك و مستوى اجتماعى و اسرائيل ايضا تمثل العالم و مصر فى تحرير الكويت من العراق كانت تمثل العالم