اقتصاد

الأرز ضحية القيود على استخدام مياه النيل في مصر

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

أدت القيود التي فرضتها مصر لخفض استهلاكها من مياه النيل تحت ضغط دول الحوض إلى منع المزارعين من زراعة الأرز.

كفر الشيخ (مصر): المزارعون في محافظة كفر الشيخ المصرية الواقعة في دلتا النيل، كانوا يتوقعون "موسمًا جيدًا"، لكن القيود التي فرضتها مصر لخفض استهلاكها من مياه النهر تحت ضغط دول حوض النيل أدت إلى منعهم من زراعة الأرز.

وينظر هؤلاء المزارعون بحسرة إلى حقولهم التي كانوا يزرعونها ويقولون "كنا نتوقع موسمًا جيدًا، لكن بسبب نقص المياه باتوا يمنعوننا من زراعة الأرز، وبالتالي لم يعد لدينا عمل".

ويقول محمد، وهو فلاح مصري في كفر الشيخ، "يفترض أننا في ذروة موسم العمل. إننا ننتظر هذا الوقت طوال العام". ويضيف في العادة بعد حصاد الأرز، نعمل ليل نهار، لكن الآن بعد منع زراعة الأرز في مناطق عدة لتوفير المياه لم يعد لدينا عمل".

ويوضح عضو الغرفة التجارية لكفر الشيخ أحمد نصر أن "العديد من المهن تتوقف على زراعة الأرز. فهناك صوامع معالجة المحصول وعمال النقل البري، وكذلك المهن المرتبطة بتصديره".

واضطرت مصر لخفض استهلاكها من مياه النيل تحت ضغط الدول الأفريقية. لذلك قررت الحد بنسبة كبيرة من زراعة الأرز، وهو محصول يستهلك كمية كبيرة من المياه. وقد يؤدي هذا الخفض إلى انعكاسات سلبية عديدة على توافر هذه السلعة الأساسية وعلى أسعارها، وكذلك على الصادرات والعمال الزراعيين.

غير أن الحفاظ على موارد المياه أصبح ضروريًا بالنسبة إلى مصر، خصوصًا بعد مطالبة دول منابع النيل، مثل أثيوبيا وأوغندا ورواندا وكينيا وتنزانيا، بنصيبها من مياه النيل.

وتمنح اتفاقيتان تعودان إلى 1929 و1959 مصر الحق في الحصول على 55.5 مليار متر مكعب من مياه النيل، وتمنح السودان حصة قدرها 18.5 مليار مكعب، أي إن هذين البلدين يحصلان مجتمعين على 87% من إيرادات النهر. وتستهلك زراعة الأرز قرابة 20% من حصة مصر من مياه النيل. لذلك تفرض السلطات قواعد صارمة على هذا النشاط، فتمنعه في الصعيد، وتسمح بزراعة الأرز فقط في بعض مناطق الدلتا، التي تعتبر تقليديًا مخزن حبوب مصر.

ونظرًا إلى القيود المفروضة، تقلصت مساحة زراعة الأرز بنسبة تزيد على النصف عما كانت عليه منذ عامين، إذ غطت حقول الأرز آنذاك 25 ألف هكتار. وينتظر أن ينخفض الإنتاج، الذي بلغ 3.8 مليون طن عام 2009، بشكل كبير هذا العام. ولم ترتفع أسعار الأرز المطروح للبيع للمستهلكين خلال الشهور الأخيرة، لكن احتمال زيادتها وارد، خصوصًا أن المصريين يعانون زيادة كبيرة في سعر السلع الغذائية، وعلى رأسها اللحوم والخضر.

وتواجه مصر، وأكبر مستورد للقمح في العالم، مشكلة توقف صادرات القمح من موردها الأول - روسيا - التي ضربها جفاف، مما اضطر الحكومة المصرية إلى شراء ملايين الأطنان بكلفة عالية من الأسواق الدولية. وللحد من آثار خفض مساحات زراعة الأرز على الاستهلاك الداخلي، قررت الحكومة منذ حزيران/يونيو الماضي وقف صادرات الأرز المصري، ولكن هذا القرار كان له كذلك سلبيات.

ويشكو أحمد نصر من أن مصر "ستفقد أسواقًا اكتسبتها بصعوبة. وبدلاً من أن تربح عملات الأجنبية سوف تضطر إلى الاستيراد وإنفاق عملات أجنبية".

وينتقد البعض اختيار مصر توجيه زراعتها إلى منتجات التصدير ذات القيمة المضافة المرتفعة على حساب إنتاج السلع التي تلبّي الاحتياجات الأساسية لشعبها (80 مليون نسمة).

ويتساءل الأستاذ في الجامعة الأميركية الخبير في مجال إدارة المياه حبيب آيب "لماذا يتم تقليص مساحات زراعة الأرز، رغم أنها سلعة أساسية، فتتم زراعة الفراولة، التي يتم تصديرها، وتستهلك زراعة الكيلوغرام الواحد منها ألفي متر مكعب من المياه".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف